سامي الذيب - مفكر وباحث أكاديمي - في حوار مفتوح حول: نشر القرآن وفقا للتسلسل التاريخي ومصادره اليهودية والمسيحية مع ذكر الهدف من وراء هذا الاقتراح.


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 3748 - 2012 / 6 / 4 - 14:42
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا - 80 - سيكون مع الاستاذ الدكتور سامي الذيب ابو ساحلية - مفكر وباحث أكاديمي ومدير مركز القانون العربي والاسلامي حول: نشر القرآن وفقا للتسلسل التاريخي ومصادره اليهودية والمسيحية مع ذكر الهدف من وراء هذا الاقتراح.



لماذا يهتم مسيحي شرقي بطباعة القرآن الكريم ؟


نقوم حاليا بطباعة القرآن بالتسلسل التاريخي (وتحمل السور رقمين: التسلسل التاريخي والتسلسل المتداول). ونحن نعتبر ان القرآن ليس حكرا على المسلمين وليس ملكا لأحد: "إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ" (7/81 : 27)؛ "وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ" (73/21 : 107). فيحق لغير المسلم، لا بل من واجبه أن يقرأه ويحاول فهمه، ليس بالضرورة كما يفهمه مشايخ المسلمين، بل كما يمليه عليه عقله، خاصة ان القرآن ذاته رفض كل سلطة دينية: "ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ" (113/9 : 31). كما يحق لغير المسلم، لا بل من واجبه أن يوصل هذا الكتاب الى غيره بالطريقة التي يراها أكثر ملاءمة. والقرآن هو جزء من الثقافة العربية لكل عربي مهما كانت ديانته وجزء من الثقافة الإنسانية لكل امرء مهما كانت قوميته. وعلى كل، نحن لا نفرض قراءة هذه الطبعة على أحد ولا نبتغي الربح من ورائها إذ اننا قمنا بإعدادها دون أي مقابل مالي ونضعها مجانا تحت تصرف القراء لوجه الله: "وَمَآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ" (47/26 : 109). ولا احد ينكر أن القرآن الكريم هو أكثر الكتب تأثيرا في العالم على المستوى السياسي والقانوني والاجتماعي ليس فقط فيما يخص المسلمين بل أيضا غير المسلمين. ولهذا السبب يحق لغير المسلمين النظر فيه لمعرفة المشاكل التي يطرحها القرآن وسبل معالجتها.

لهذه الطبعة الجديدة للقرآن الكريم الخصائص التالية:
-     تقدم نص القرآن الكريم بالرسم العثماني دون أي تغيير ولكن بالتسلسل التاريخي للنزول وفقا للأزهر.
-     تضيف الرسم الإملائي العادي الى الرسم العثماني لتسهيل القراءة وعملية البحث في النص.
-     تشير إلى اهم القراءات المختلفة والناسخ والمنسوخ وفقا للمصادر الإسلامية.
-     تشير إلى المراجع اليهودية والمسيحية المعترف بها والمنتحلة.
-     تشير إلى الصعوبات اللغوية والإنشائية التي يتضمنها القرآن وهو ما اطلقنا عليه غريب اللغة.
-     تتضمن فهرسا لجميع الأعلام وأهم المفاهيم في القرآن الكريم لتسهيل عملية البحث.


أهمية التسلسل التاريخي


اهتم الفقهاء المسلمون بمعرفة السور والآيات المكية والمدنية وتسلسل نزولها، خاصة لمعرفة مراحل الوحي والآيات الناسخة والمنسوخة، وهو علم ضروري لكل فقيه[1]. فظهرت في هذا الموضوع مؤلفات عدة. وقد لجؤوا لمعرفة ذلك الى اقوال الصحابة ومحتوى السور والآيات والأحداث التاريخية التي تشير اليها ووضعوا قواعد وضوابط استندوا عليها للتفريق بين ما هو مكي وما هو مدني[2]. ولكنهم غير متفقون على ترتيب واحد[3]، وقد اختلف المستشرقون أيضا فيما بينهم. وقد يكون من المستحيل الوصول الى ترتيب يتفق مع الحقيقة التاريخية[4].
ورغم اقرار رجال الدين والفقهاء المسلمين بأهمية التفريق بين المكي والمدني، إلا انه ليس هناك أي طبعة للقرآن الكريم باللغة العربية مرتبة وفقا للتسلسل التاريخي، علما بأن بعض المؤلفين في عصرنا قد اقترح القيام بهذا العمل لتسهيل فهم القرآن، نذكر منهم على سبيل المثال محمد احمد خلف الله[5] ونصر حامد أبو زيد[6]. وقد كرس محمد عابد الجابري عدة صفحات حول هذا الموضوع في كتاب له حول القرآن. [7] وقد جاء في مجلة الأزهر لشهر رمضان سنة 1370/1950م مجلد 22 ما يلي: "إن ترتيب القرآن في وضعه الحالي يبلبل الأفكار، ويضيع الفائدة من تنزيل القرآن، لأنه يخالف منهج التدرج التشريعي، الذي روعي في النزول، ويفسد نظام التسلسل الطبيعي للفكرة، لأن القارئ إذا انتقل من سورة مكية إلى سورة مدنية، اصطدم صدمة عنيفة، وانتقل بدون تمهيد، إلى جو غريب عن الجو الذي كان فيه، وصار كذلك ينتقل من درس في الحروف الأبجدية إلى درس في البلاغة"[8]. ولا يزال اقتراح المفكرين المسلمين ينتظر من يحققه، على ان يتم ذلك من قبل لجنة متخصصة مكونة من رجال الدين والعلماء المسلمين المتخصصين حتى يسمح بتداولها رسميا في العالم العربي والإسلامي. وفي انتظار تحقيق هذا الحلم، أخذنا على عاتقنا نشر هذه الطبعة.
وبما أن المسلمين ذاتهم غير متفقين على تريتب سور وآيات القرآن الكريم، اتبعنا في طبعتنا هذه الترتيب الذي يحوز على قبول واسع بين المسلمين وهو الذي اقترحته لجنة الأزهر التي اعدت مصحف الملك فؤاد الذي طبع في مصر عام 1923 بإشراف من الأزهر. وقد أشارت الى هذا الترتيب طبعات وترجمات كثيرة للقرآن ومن بينها تلك التي يصدرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. ويذكر مصحف الملك فؤاد تحت اسم السورة إن كانت مكية أم مدنية، ورقمها بالتسلسل التاريخي للنزول. ووفقا لمصحف الملك فؤاد، هناك 86 سورة مكية (أي نزلت قبل الهجرة) و 28 سورة مدنية نزلت بعد الهجرة. إلا ان 35 سورة مكية تتضمن آيات مدنية نزلت بعد الهجرة اشار اليها مصحف الملك فؤاد. ونحن لم نقم بتغيير ترتيب تلك الآيات ضمن تلك السور ولكن اشرنا اليها بحرف هـ باللون الأحمر، بينما اشرنا الى الآيات المكية بحرف م باللون الأسود.


اهمية المصادر اليهودية والمسيحية


كل اختراع أو كتاب يدين لما سبقه. فليس هناك اختراع أو كتاب يمكن ان نعتبره جديدا بالكامل. ولكن هذه البديهية تلاقي رفضا كاملا من قبل المسلمين الذين يعتبرون القرآن موحى من عند الله وأن النبي محمد كان اميا لم يكن بوسعه نقله عن الكتب التي سبقته، وأصل القرآن هو ام الكتاب (96/13 : 39) في اللوح المحفوظ عند الله (22/85 : 22). والقول انه نقله عن الكتب الأخرى يعني انه لم ينزل من عند الله. وهذا النقاش كان دائرا في زمن النبي محمد إذ اتهمه البعض بأنه نقله عن الأخرين أو ان آخرين كتبوه له وقد ذكر لنا القرآن هذا النقاش (أنظر مثلا الآيات 42/25 : 4-6 و 70/16 : 103). وكان خط الدفاع الذي تبناه هو التحدي بأن يأتوا بمثله (50/17 : 88) أو بعشر سور (52/11 : 13) أو بسورة واحدة (87/2 : 23-24 و 51/10 : 38) او حتى بحديث واحد (76/52 : 33-34). وهذا ما يعرف بأعجاز القرآن كبرهان على انه موحى من عند الله. ومن المعروف أن من يجرؤ فعل ذلك يتعرض للمخاطر ويُمنع كتابه، كما حدث مع كتاب أنيس شوروس المعنون "الفرقان الحق"[9].
هذا ويعرف المسلمون ان القرآن يتضمن قصص واسماء واحكام مذكورة في التوراة والإنجيل وغيرها من الكتب المعترف بها عند اتباعها او المنتحلة، ولكن يقولون بأن التشابه ليس سببه نقلها من تلك الكتب بل لأن مصدرها كلها هو الله، والنبي محمد لم يطلع عليها بل الله اوحاها له. وهو امر مرتبط بالعقيدة ولا يمكن لمسلم بأي حال من الأحوال الشك فيه وإلا ارتد عن دينه وتعرض لأكبر الأخطار. وما هو ملزم للمسلم المؤمن ليس ملزما للباحث. وقد اشرنا في هوامش طبعة القرآن التي نعدها الى المصادر اليهودية والمسيحية التي استقى منها مؤلف القرآن. ومن المعروف ان الوصول لتلك المراجع لم يكن متوفرا للجميع بل مقتصرا عامة على اتباع ملة هذه الكتب. وإذا اخذنا بالحسبان كل المراجع التي نُقِل عنها القرآن يمكن القول ان مؤلفه كان ذو ثقافة دينية يهودية واسعة، وقد يكون عالما يهوديا ممن ينتمون الى فرقة ما يدعون بالإبيونية وهم يهود تنصروا لهم اناجيلهم الخاصة واعتقاداتهم اللاهوتية المختلفة عن المسيحية[10]. فهم مثلا لا يعتقدون بألوهية المسيح، ومعتقدهم هذا هو الذي رشح من خلال النص القرآني، كما سنرى لاحقا في الهوامش مع ذكر المرجع. وليس من المستبعد ان يكون المشرف على كتابة القرآن لجنة كتلك اللجنة التي عينها الخليفة عثمان، إذ انه من الصعب تصور ان يقوم شخص واحد بمشروع مثل كتابة القرآن. وقد اشرنا في الهوامش الى تلك المراجع معتمدين على من سبقنا من الباحثين والمترجمين، علما باننا لا ندعي الشمول أو الكمال فيما قمنا به. وكل املنا ان تقوم لجنة من المتخصصين يفهمون اللغات الشرقية القديمة وآدابها الدينية بالبحث عن جميع المراجع التي اعتمد عليها مؤلفو القرآن بهدف التعرف على أوجه الشبه والإختلاف بينها. وبالإضافة الى هذا الجانب، ومثل هذا العمل يساعد على فهم النص القرآني ذاته، خاصة فيما جاء فيه مقتضبا أو ناقصا (أنظر مثلا هامش الآية 112/5 : 32).


ما هو القصد من هذه الطبعة الجديدة غير المألوفة؟


هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يتم فيها نشر القرآن الكريم باللغة العربية وفقا للتسلسل التاريخي، ناهيك عن ذكر المراجع اليهودية والمسيحية والناسخ والمنسوخ واختلاف القراءات وغريب اللغة. وكثيرا ما يتردد هذا السؤال على لسان القرَّاء المسلمين وغير المسلمين: "هل هناك دوافع خفية وراء هذه الطبعة؟"
نعم، نحن نتفهم تخوف المسلمين، أو على الأقل بعض منهم، من هذه الطبعة ومضمونها. ولذلك لا بد من الإشارة الى ان للإنسان موقفين: موقف المؤمن وموقف الباحث. فموقف المؤمن مبني على مبدأ "سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا" (87/2 : 285)؛ "رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَ‍َٔامَنَّا" (89/3 : 193)؛ "وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِ" (40/72 : 13). وهو يعتبر الوحي "كلام الله للبشر"، أي انه منزه عن كل عيب ومعصوم من أي خطأ. ورجال الدين في حالة تأهب مستمر لتكفير كل من يدُّعي غير ذلك. أما الباحث فهو يتعامل مع كل النصوص الدينية بلا استثناء كنصوص بشرية، ويعتبر الوحي "كلام البشرعن الله" وليس "كلام الله للبشر"، أي انه يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ باعتباره كلام بشر.
بالإضافة الى المساهمة في فهم القرآن ككتاب بشري ألفه حاخام يهودي، وليس كتابا منزلا كما يدعيه مشايخ المسلمين دون أي برهان عقلي، نقصد من وراء هذه الطبعة تطوير المجتمع العربي والاسلامي.
يعيش العالم العربي والإسلامي حالة من الفوران، وقد بدأت حركات اسلامية في الوصول الى سدة الحكم مطالبة بتطبيق الشريعة الاسلامية. وهناك معارضين لمثل هذا التطيبق معتبرين ان هذا التشريع لا يناسب زماننا. ولا تتسع هذه المقدمة لعرض اطروحات الأطراف المشاركين في هذا النقاش، فنقتصر على المفكر السوداني محمود محمد طه السابق الذكر والذي اعدمه شنقا النميري عام 1985. ففكر هذا المفكر مرتبط يهذا الكتاب بصورة وثيقة.
ففي كتابه "الرسالة الثانية من الإسلام"[11] يعتبر هذا المفكر ان القرآن المكي هو أصل الإسلام، أما القرآن المدني فهو قرآن سياسي يأخذ بالمعطيات المكانية والزمانية. وعليه فإنه يرى ان القرآن المكي ينسخ القرآن المدني وليس العكس. وهذا الموقف يحل معضلة التعامل مع النص القرآني، وهو أحد الدوافع التي جعلتنا أنشر القرآن بالتسلسل التاريخي. ووفقا لما نعرفه لم ينادي محمود محمد طه بنشر القرآن الكريم بالترتيب التاريخي، ولكن هذا الترتيب يساعد على فهم نظريته. فالقارئ يرى فيه بصورة واضحة مما يتكون كل من القرآن المكي والقرآن المدني ويستطيع أن يحكم بذاته كيف تم التحول من موقف متسامح دون تمييز الى قرآن مسيَّس، جهادي، يفرق بين اتباع النبي محمد والآخرين، وبين الرجل والمرأة. فمن الملاحظ أن الآيات المكية تستعمل عامة عبارة "يا أيها الناس"، بينما الآيات المدنية فقد استبدلتها بعبارة "يا ايها الذين آمنوا". ففرقت بين الناس على أساس الإيمان. قارن على سبيل المثال بين الآية: "قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا" (39/7 : 158) والآية: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ" (92/4 : 144). ولم يفرق القرآن المكي بين الرجل والمرأة، على العكس من القرآن المدني. قارن على سبيل المثال بين الآية: "مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ" (70/16 : 97) والآية: "ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا" (92/4 : 34). ويلاحظ في هذا المجال ان آيات الميرات التي تعطي للمرأة عامة نصف ما تعطي للرجل في الميراث (أنظر مثلا 92/4 : 11 و 176) والآية التي تجعل شهادة المرأة تساوي نصف شهادة الرجل (87/2 : 282)، وآيات القصاص والعقوبات قد جاءت في القرآن المدني. وكذلك آيات القتال، ومن ضمنها آية السيف الشهيرة (113/9 : 5) والتي أعتبرها الفقهاء المسلمون ناسخة لكل الآيات المتسامحة، بينما يرى محمود محمد طه عكس ذلك.
هذا موقف رجل مؤمن اعدمه النميري بتشجيع من رجال الدين المسلمين بسبب فكره النير. ولكننا نرى انه علينا الانتقال الى مرحلة جديدة من التفكير مفادها ان القرآن كتاب بشري مربوط بالقرن السابع من تأليف حاخام يهودي. وقد نعتبره مرحلة مهمة في تطور البشرية ولكن لا مكان له في عصرنا. فالنبي محمد خاتم الانبياء (90/33 : 40)، بما يعني ان البشرية ليست بحاجة الى انبياء جدد وعليها الاتكال على نفسها في وضع القوانين التي يجب ان تحكمها. ويمكن تشبيهها بالطفل الرضيع. فبعدما يكبر يتم فطامه ولا حاجة له لثدي امه للعيش، وهذا لا يمنع من احترام امه. نعم القرآن هو جزء من التراث البشري المهم جدا، ولكن يجب تركه في مكانه الجغرافي (الجزيرة العربية) والزماني (القرن السابع).


تحدي جديد امام المفكرين

طبعتي هذه للقرآن الكريم تبين ان مؤلف القرآن حاخام يهودي وليس منزلا من عند الله كما يدعي المسلمون ومشايخهم. أنه يقدم لثورة فكرية تفوق الربيع العربي والثورة الفرنسية وغيرها من الثورات التي عرفتها البشرية منذ بداية التاريخ الى الآن. ويمكن تحميل الطبعة الأولية للقرآن من هذا الرابط راجين القراء إبداء ملاحظاتهم على الشكل والموضوع‘ فأنا لا ادعي العصمة. وهذا الكتاب من القراء الى القراء:
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic   


[1] أنظر ما يقوله مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم حول فوائد معرفة المكي والمدني.
[2] أنظر ما يقوله مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم حول المكي والمدني.
[3] قام الحداد بوضع لائحة لترتيب سور القرآن وفقا لسبع مصادر اسلامية مضيفا اليها ترتيب المستشرقين نولدكه ورجيس بلاشير (أنظر يوسف درة الحداد: القرآن والكتاب ، المكتبة البولسية، بيروت، صفحة 298-316).
[4] نشير هنا الى احدى تلك الصعوبات: كيف نرتب الروايات المتكررة (مثل رواية نوح وابراهيم ولوط وموسى ويونس ويحيى وعيسى ومريم وغيرهم: أنظر فهرس الإسماء في آخر الكتاب تحت هذه الإسماء)؟ هل هذه الروايات نزلت متكررة ام انها نزلت مرة واحدة؟
[5] محمد أحمد خلف الـله: دراسات في النظم والتشريعات الإسلامية، مكتبة الأنجلوا المصرية، القاهرة، 1977، صفحة 245-257.
[6] أنظر اقتراحه في محاضرة القاها في الجامعة الأمريكية في بيروت في ابريل 2008.
[7] محمد عابد الجابري: مدخل الى القرآن الكريم، الجزء الأول في التعريف بالقرآن، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2006، صفحة 233-254.
[8] مقال النقد الفني لمشروع ترتيب القرآن الكريم حسب نزوله، عبد الله دراز، مجلة الأزهر، رئيس التحرير: محمد فريد وجدي بكّ، تحت إدارة ديوان الإدارة للأزهر، والمعاهد الدينية، بالقاهرة، مطبعة الأزهر 1950م، المجلد 22، ص: 784.
[9] يمكن قراءة هذا الكتاب بالعربية وترجمته بالإنكليزية في هذا الموقع. وقد تم منع قراءته من قبل الأزهر.
    http://web.archive.org/web/20080822045534/www.islam-exposed.org/furqan/contents.html    
[10] أنظر هامش الآية 872 : 62 حول الفرق بين النصارى الذين يتكلم عنهم القرآن والمسيحيين الذين لا يذكرهم البتة.
[11] تجد كتب واعمال هذا المفكر السوداني في هذا الموقع. أنظر خاصة كتابه الرسالة الثانية من الاسلام.
http://www.alfikra.org/books_a.php