مؤيد احمد - سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي - في حوار مفتوح مع القارئات و القراء حول : مأزق العراق ومنطقة الشرق الاوسط، التحول الثوري وتحقيق الاشتراكية هو الحل.


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 4688 - 2015 / 1 / 11 - 19:28
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -147 - سيكون مع الأستاذ  مؤيد احمد - سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي -  حول : مأزق العراق ومنطقة الشرق الاوسط، التحول الثوري وتحقيق الاشتراكية هو الحل..

 


بعد حوالي 12 سنة من حرب امريكا الامبريالية على العراق واحتلاله وسقوط النظام البعثي الفاشي و الدكتاتور صدام حسين على اثره، لا يزال يعيش العراق في خضم تراجيديا دموية كبيرة التي راحت بسببها ولحد الان حوالي مليون انسان، حسب بعض الاحصاءات، وتشرد الملايين من السكان من النازحين والمهاجرين واللاجئين في عموم العراق وكوردستان. اعطت امريكا حكم العراق ومنذ البدء الى الاحزاب والجماعات والتيارات الاسلامية والقومية البرجوازية الغارقة في الرجعية وتم بناء نظام سياسي برجوازي على اساس التقسميات الدينية والطائفية والاثنيية المسماة بـ "المكونات"، وباتت الحرب والصراعات بين هذه التيارات والجماعات والاحزب على تقسيم السلطة والثروات الخصيصته المتلازمة لهذا النظام الطائفي والقومي المحصصاتي والذي لا يربطه شئ بواقع المجتمع العراقي بوصفه مجتمع مدني وطبقي تعيش اكثرمن 70بالمائة من سكانه في المدن. وبالتالي لم يتم التعامل مع العراق على اساس كونه مجتمع كمجتمعات الراسمالية المعاصرة التي تتصارع فيها الطبقات الاجتماعية المختلفة لترسيم حياتها الاجتماعية والسياسية والفكرية، ليس هذا فحسب، بل تم سلب حق سكان العراق من بناء نظام سياسي علماني وغير قومي مبني على اساس المواطنة المتساوية للجميع بمعزل عن الانتماءات الدينية والطائفية والقومية لتهئية الارضية للتقدم الاجتماعي. ان اول ضحايا هذا النظام السياسي الذي ارسي في العراق هو الطبقة العاملة والكادحين ونصف سكان العراق اي المرأة التي اصبحت تواجه واقع كون العراق تحول الى سجن كبير لها تتنافس مختلف الجماعات الاسلامية والقومية الحاكمة وفي المعارضة لمزيد من استعبادها.


ان التفجيرات والمجازر اليومية وعلى مدى حوالي 12 سنة الماضية للعشرات واحيانا المئات يوميا من سكان العراق على ايدي مختلف الجماعات الارهابية الاسلامية من نمط القاعدة وداعش المدعومة بشكل فاضح من قبل السعودية وقطر وتركيا ومن نمط القوميين العرب - الاسلاميين ومن بقايا البعثيين ومن الارهابيين من تيارات الاسلام السياسي الشيعي المدعومين من ايران، حولت شوارع واحياء وكل محل تجمع للناس في العراق الى ميادين المعارك والتصفيات الجماعية والمجازر البشرية اليومية. ان السلطات الطائفية في العراق وخاصة في عهد حكومة المالكي باتت تمارس مختلف صنوف التميز الطائفي وتقمع بشكل فاضح سكان محافظات الانبار وسامراء والموصل والديالى التي تنشط فيها تيارات الاسلام السياسي السني والقوميين العرب من بقايا البعثيين. كما ان الصراعات بين حكومة المالكي وحكومة اقليم كوردستان وخاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني تؤجج نار التعصب القومي والشوفينية باستمرار. لقد اقدمت حكومة المالكي على اجراءات مناهضة للطبقة العاملة و الموظفين في كوردستان وذلك بقطع رواتبهم مستخدما ذلك كاداة ضغط بوجه مسعود البرزاني الذي استغل هو الاخر الازمة لترسيخ سيطرته على الجماهير في كوردستان.
دخل العراق وكوردستان اشد فصول هذه الدرامى التراجيدية في 10 حزيران 2014 مع سقوط الموصل بايدي قوى الخلافة الاسلامية ( داعش) ليحول العراق من جديد الى مركز الاحداث العالمية وكانه في سنة 2003 والعراق مقبل على الدخول في عقد او عقدين آخرين متماثلين من المآسي والدمار والمجازر والتراجع المادي والمعنوي. لقد بات الابواب مفتوحة امام امريكا والغرب كي تتدخل من جديد عسكريا وتفرض سيساتها واجندتها على السلطات في العراق وكوردستان ببساطة. لقد اصبحت كوردستان العراق، التي كانت آمنة ومستقرة نسبيا، مهددة من قبل هذه القوة الفاشية وقامت هذه القوى الارهابية الاسلامية التي لا تعرف قساوتها الحدود بارتكاب ابشع المجازر بحق سكان العراق وكوردستان قل مثيله في تاريخ الحديث. انها قامت بالتصفيات الجماعية لكل من يعتبرها خارج طائفته السينة لقد قتلت اللاف من السكان على اساس الانتماء الديني والطائفي والقومي اليزيدي والشبك والشيعي والمسيحي والكوردي في الموصل،سنجار،تلعفر ومدن محافظة صلاح الدين والقاعدة العسكرية سبايكر وآمرلي والضلعوية وغيرها من المدن وهربت مئات اللاف اللاف من المواطنين ليعيشوا كنازحين في المخيمات وفي المدن الاخرى اثر هجوم داعش على مدنهم وقراهم . كما وارتكبت هذه القوة الوحشية جريمة اختطاف 5 اللاف من النساء اليزيديات واختطاف اعداد كبيرة من النساء من اوساط الطوائف والاديان الاخرى من الشيعة والمسيحية وغيرها. هذا وارتكبت داعش مجازر كبيرة في الهيث والانبار والفلوجة والانبار ومناطق مختلفة في محافظة الديالى في العراق منذ الاشهر القليلة الماضية.


يمر العراق ومنطقة شرق الاوسط حاليا باحد اخطر مراحل تاريخها المعاصر وتبدو الاوضاع وكان البشرية تشهد وقائع حرب عالمية ثالثة في هذه البقعة من العالم . وبالفعل،ان امريكا واوروبا وزراعهم العسكري ناتو وبالتنسيق مع اسرائيل منخرطة على اوسع النطاق في التدخل العسكري والسياسي وهي منخرطة بادارة الحرب الجارية في هذه المنطقة وخاصة في العراق وسوريا. انها تنفذ خططها لترسيم الاوضاع السياسية والامنية في المنطقة حسب ستراتيجتها العالمية وتحاول ارساء نظام سياسي اقليمي يتطابق مع مصالحها الامبريالية وتريد تشديد قبضتها على هذه المنطقة كمنطقة نفوذ خاص بها ضمن الصراع الاقطاب اللامبريالية العالمية. كما ان روسيا وفي المرتبة الثانية الصين وبوصفهما قوى امبريالية منافسة لامريكا والغرب تسعى بشتى الطرق ترسيخ اقدامها سياسيا وعسكريا في هذه المنطقة وارساء مناطق نفوذ خاصة بها كما هو الحال في دفاعها المستميت عن جمهورية الاسلامية في ايران ونظام الاسد في سوريا. هذا وان المنطقة مقسمة ومستقطبة حول اشد اشكال الطائفية والاثنية وبشكل يتطابق مع المحاور والاقطاب الاقليمية . ان محور السعودي القطري التركي والذي يتطابق مصالحه مع امريكا والغرب يشكل قطبا اقليميا رئيسيا منخرط بقوة في ترسيم الخارطة السياسة والحياة الاجتماعية في الشرق الاوسط. كما ان الجمهورية الاسلامية في ايران على راس محور اخر وبالاربتاط مع نظام الاسد في سوريا وسلطات الاسلام السياسي الشيعي في العراق وحزب الـله في لبنان منخرط بشتى الاشكال في ترسيخ الانقسام الموجود والتحكم بالمسارات السياسية والامنية في المنطقة وتستند لتحقيق على روسيا والصين .


ان تيارات الاسلام السياسي على مختلف اشكالها وانماطها حركات سياسية برجوازية من حيث الاساس التي تتبنى الاسلام كايديوجيا لاعطاء الشرعية على حكمها كي تتحكم بمقدرات المجتمعات وخاصة في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط. انها حامية راس المال والنظام الراسمالي وعلاقات الملكية الراسمالية، في عهد راسمالية الاحتكارات اي عهد الامبريالية والرجعية السياسية للنظام الراسمالي الامبريالي، في البلدان الراسمالية على نمط بلدان الشرق الاوسط والعالم العربي. ان الظهور المجدد لهذه التيارات على مسرح الحياة السياسية في منطقة الشرق الاوسط وبعض البلدان الاخرى يعود بالاساس الى دورها بمثابة قوة مضادة للثورات ودورها المؤثر في خنق الثورات مثل ما حدثت في ايران ووظيفتها في سد الطريق امام وحدة الطبقة العاملة والجماهير المحرومة حول الافق الاشتراكي والشيوعي في هذه المجتمعات. ان فصائل مثل داعش والقاعدة وغيرها من الارهابيين الاسلاميين تمثل تلك لالوان المحددة ضمن طيف الاسلام السياسي التي تتبنى المجازر الجماعية والتفجيرات والبشاعات كستراتيجتها الريئسة في تحقيق اهدافها لارساء الخلافة الاسلامية. من الناحية التاريخية ومن حيث الوقائع العملية ان الدول الامبريالية في الغرب ساعدت وعملت على تنشئة وتقوية هذا المخزون الرجعي في المجتمعات في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط منذ عقود . انها مسؤولة مع حلفائها الدوليين من السعودية وقطر وتركيا حاليا في وضع المنطقة امام بشاعات داعش وجبهة النصرى وغيرها من الارهابيين. لا يمكن للاسلام السياسي ان يكون قوة في مجتمعات بلدان الشرق الاوسط والعالم العربي بدون دعم امريكا والغرب له. ان هذه الحقيقة البسيطة سر اعادة ظهور الاسلام السياسي ومختلف تياراتها الارهابية على المسرح السياسي في الشرق الاوسط.


ما يجري في العراق والمنطقة حاليا هو بمعنى ما تعبير عن ااخفاق التحركات الثورية الجماهيرية لسنة 2011 في منطقة الشرق الاوسط . انه بهذا المعنى لا ينفصل عن نتائج النهوض الثوري الجماهيري في تونس ومصر. ان هذا النهوض الثوري كان مظهر الاعتراض الاجتماعي بوجه النظام الراسمالي في هذين البلدين والذي حدث على شكل هذه التحركات الثورية للطبقة العاملة والجماهير المحرومة والتي ارادت ان تدك عرش الاستبداد البرجوازي القومي العربي وانظمته الدكتاتورية والغارقة في الفساد وان تحقق مطالبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العادلة. لقد وصلت آثار الموجة الثورية الي كثير من بلدان الشرق الاوسط بما فيها العراق وكوردستان. غير انه اجهز عليها في اكثرية البلدان وتحديدا اجهز على التحركات الجماهيرية الثورية في سوريا ومنذ البداية وبالتالي تحول سوريا الى ميدان الحرب بالوكالة التي تديرها مختلف الدول الامبريالية وحلفائها الاقليميين. ان المنطقة الان على بركان وفي مازق عميق وشامل، اذ ان المعضلات والقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية التي دفعتها الثورتان في تونس ومصر الى ان تظهر على السطح لم تحل بعد ولم تلقي الجواب وهي باقية في مكانها. ان النجاحات النسبية في تونس لا تغير من كنه هذا المازق. ان موقع ودور الارهاب الاسلام السياسي ودور التيارات الاسلامية بخصوص هذه المعركة الاجتماعية والطبقية هو دور وموقع الثورة المضادة ودورالفاشيين الذين يريدون اقحام صف الاعتراض الاجتماعي لتفكيكه وافشاله. ان داعش والقاعدة وغيرها من الارهابيين عصابات مسلحة برجوازية اسلامية يريدون احباط مساعي الطبقة العاملة والجماهير الثورية بالاساس من الخلاص من براثن الراسمالية وابقائهم بحكم السلاح والمجازر عبيد اجراء خاضعين لهذا النظام لااقتصادي والاجتماعي الجائر.


ان داعش قوة ارهابية غاية في الوحشية لذا يجب مقاوتها ودحرها عسكريا عن طريق المقاومة الجماهيرية المسلحة وعلى ايدي الرجال والنساء . ففي هذا الصدد من الضروري الاشادة بالمقاومة الجماهيرية المسلحة للرجال والنساء في مدنية كوباني واصدار كانتون الجزيرة لقانون تتبنى حريات المراة ومساواتها. ان كوننا لا نتفق سياسيا مع القوى السياسة التي تقود هذه المقاومة لا تغير من اهمية التاريخية للمقاومة الجماهيرية المسلحة للرجال والنساء ضد داعش والارهابيين. كما من الضروري الاشادة بدور المقاومة الجماهيرية في بعض مدن العراق مثل آمرلي والضلعوية التي اعطت نموذجا جيدا لمواجهة داعش والارهابيين. ان دحر داعش القاعدة وغيرها من الارهابيين الاسلاميين عسكريا عن طريق تنظيم المقاومة المسلحة الجماهيرية مهمة كل من يرى نفسه شريكا في تحقيق اجواء آمنة للمجتمع بعيدة عن الارهاب والارهابيين.


المازق الحالي في العراق وسوريا وكثير من بلدان منطقة الشرق الاوسط عميق وشامل وتتزايد وتشتد الصراعات الامبريالية والاقليمية حول تحديد مصير هذه المنطقة. لعبت مختلف اجنحة البرجوازية القومية العربية العلمانية ونصف العلمانية دورها على مر العقود ولم تجلب سوى الدكتاتورية والقمع ولم تكن في اجندتها، وبطبعة الحال، تحقيق التقدم الاجتماعي والامان والحرية والرفاهية للطبقة العاملة والجماهير. كما ان تيارات الاسلام السياسي المختلفة بمختلف طوائفها واجنحتها لم تجلب سوى البؤس والدمار والقمع والمجازر والاعدامات. ان العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط اليوم حلقة اساسية في الاقتصاد الراسمالي العالمي وموغلة في العولمة بشكل متزايد. ان سياسات الليبرالية الجديدة الاقتصادية رائجة وسائدة وهي التي تتحكم مثلها مثل بقية البلدان الراسمالية بحياة ومصير الطبقة العاملة والجماهير في هذه البلدان. ان تطبيق هذه السياسات الاقتصادية ازدادت من رقعة البطالة والبؤس الاجتماعي بدرجة هائلة واوجد الظروف المربحة لراس المال المحلي و راس المال الخليجي والعالمي للقيام باستثمارته الهائلة. ان البرجوازية بمختلف تياراتها واجنحتها لم تجلب سوى الدمارو البؤس والمجازر ان ما يطرحونه كبديل واحد اظلم من الاخر، ان السياسية الوحيدة التي تستطيع ان تقدم افقا تحرريا وانسانيا هي السياسة الطبقية العمالية والافق التحول الثوري الاشتراكي لهذه المجتمعات. اننا فصيلة اممية من فصائل الطبقة العاملة والحركة الشيوعية العمالية العالمية التي تناضل من اجل تحقيق مجتمعات تسودها الحرية والمساواة. نحن نناضل انطلاقا من هذا الافق الاشتراكي والاممي لانهاء المازق الحالي الذي يمر به العراق والمنطقة .