هشام حتاته – كاتب وباحث مصرى فى تاريخ الاديان والاسلام السياسى – فى حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: تطوير الخطاب الدينى واشكاليات علوم القرآن وقواعد الفقه


هشام حتاته
الحوار المتمدن - العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 18:47
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -152 - سيكون مع الاستاذ هشام حتاته – كاتب وباحث مصرى فى تاريخ الاديان والاسلام السياسى –حول: تطوير الخطاب الدينى واشكاليات علوم القرآن وقواعد الفقه.


مدخل :
- بغض النظر على قناعاتى الشخصية فى الاديان الابراهمية الثلاثة الا اننى مقتنع ايضا ان الدين لدى الكثيرمن المسلمين المعاصرين هوالمكون الرئيسى للهوية ـ بل ان الدين السلفى الوهابى المتشدد اصبح هو الاكثر انتشارا لاسباب كثيرة كتبت عنها مرارا فى هذا الموقع وفى كل كتبى الصادرة والتى تتلخص فى دعم المملكة العربية السعودية لهذا الفكربالبترودولار ليتسنى لها زعامة المنطقة العربية بعد فشل الانظمة التقدمية وهزيمتها فى حرب 1967
- واعرف ان حلم الخلود فى عالم آخر بعد الموت كان ردا على السؤال التأسيسى الاول للبدايات الاولى لتكوين العقل الانسانى: من اين / والى أين
- واعرف ان الانسان بطبيعته يتوق الى العدل ، فان لم يكن فى هذا العالم فليكن فى عالم آخر
ومن هنا جاءت البداية الاولى للاديان مستلهمه معظم اساطير الحضارة العراقية والمصرية
- وان كان المصرى القديم او من قال بعالم آخر بعد الموت يتم فيها الحساب والعقاب فى اسطورة ( ايزيس واوزيريس وحورس ) المعروفة والتى سارت عليها الاديان الابراهيمية الثلاثة فيما بعد
- وان كانت الاديان جاوبت على الشطر الاول من السؤال ( من اين ؟ ) اجابات وان كانت غير علمية الا انها لاتشكل مشكلة ، لييقى الشطر الثانى هو المشكلة .
- حلم الخلود فى عالم آخر مازال حلما يراود حتى اللادينيين ، ولكن الفارق بين الدينى واللادينى هو ان الاول ايقن فى حياة اخرى بعد الموت واللادينى يحاول بالعلم انه يجعل عمر الانسان على الارض اطول واكثرصحة
-اليقين مهم جدا للمتدين
- والعدل فى عالم آخر بعد الموت اكثر راحة للمتدين تعويضا له عن ظلم الدنيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اذن .. الدين فاعل بقوة ، ويشكل معظم روافد الهوية لدى غالبية المسلمين
ولهذا قامت منظومتى الفكرية على محورين
الاول : نقد الفكر الدينى
والثانى تطوير الخطاب الدينى


فاذا كان لابد من الدين فيكن دينا وسطيا متسامحا يقبل الاخر ويؤمن بمنظومة حقوق الانسان
وهذا ماوصل اليه الرئيس اوباما ، ولهذا رأينا دعمة لجماعة الاحوان المسلمين على اعتبار انها جماعه اسلامية وسطية تستطيع ان تحتوى الافكار المتشددة
فى كتابى الصادر فى يناير من العام الماضى بعنوان ( تطوير الخطاب الدينى واشكالية الناسخ والمنسوخ ) ناقشت فيه المراحل الاربعة التى مرت بها دعوة النبى محمد واختلاف آيات كل مرحلة عن المرحلة الآخرى مما سبب مشكلة لدى السلف عندما تصدوا لوضع الاحكام الشرعية
1 ) فترة الاستضعاف فى مكة : وتعبر عنها الآية التاليه تعبيرا دقيقا ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) الانعام
آية 68
2) فترة الهجرة الى المدينة والتاليف بين المسلمين واليهود والنصارى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة 62
3) فترة التمكين بعد انتصار بدر وفيها العديد من الايات التى بداية من ( واعدوا لهم ما استطعتم من وقوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، ثم ( ان الدين عند الله الاسلام )
4) فترة السيادة النهائية بعد فتح مكة وعام الوفود والتى تعبر عنها الايات الاولى من سورة التوبه حتى الاية رقم 30
(برَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ)
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) وهى المعروفة بآية السيف
(مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً)
(لاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً)
ثم : (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )

كان الفقهاء يعيشون لحظة الانتصار فى امبرطورية عربية كبيرة امتدت من الهند حتى الاندلس ، مما دعاهم الى تثبيت هذه الايات التى تتوافق مع هذه اللحظة فى احكامهم الشرعية فاخترعوا علم الناسخ والمنسوخ لنسخ كل آيات الفترة المكية وآيات دخول المدينة لصالح ايات الانتصار بعد انتصاربدر وفتح مكة ، واخترعوا علم العام والخاص ( العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب ) وان كان فيه بعض المنطق فى ان سبب نزول الاية لاتكون فى حادثة معينة ولكنها تكون عامة ، الا انهم مدوا الحبل على استقامته لتكون فعاليات هذه الآيات صالحة لكل زمان ومكان ، وهو ما اصطلح على تسميته فيما بعد ( الصلاحية لكل زمان ومكان ) وفى النهاية قالوا : ان من ينكر هذه العلوم يعتبر كافر لانه انكر معلوما من الدين بالضرورة
ثم وضعوا العديد من القواعد الفقهية وعلى راسها قاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ) والتى على اساسها يتم الى الان رفض كل جديد فـ ( كل بدعه ضلالة ، وكل ضلالة فى النار ) على اساس ان اى منتج حضارى يجلب المفسدة .

فى ظل هذه الاحكام السائدة فى هذا الزمان وضع الفقهاء احكامهم الشرعية والتنظيمية فكانوا ابناء عصرهم
ولكننا ابناء عصر آخر يعيش من حولنا ( وسيصل الينا حتما ورغما عنا ) عصر الديمقراطية ومجموعة القيم الليبرالية وحقوق الانسان ، الحكم فيه لصندوق الانتخابات والدستور فيه هو عقد اجتماعى بين الحاكم والمحكوم تتعدد فيه السلطات مابين تنفيذيه للحكومة والرئيس وتشريعية لمجلس الشعب المنتخب وقضائية لقضاء عادل نزيه يحكم بين الناس بقوانين هدفها النهائى هو تحقيق العداله بين الناس
الدستور فى هذا الزمان تحكمة مبادئ عامة مختلفه تماما ، متمثله فى قوة الحق ، قوة القانون ، حقوق المواطنة الكاملة لكل ابناء الوطن دون تفرقة بين لون وجنس وعرق ودين

هم رجال ابناء عصرهم وقوانينه الحاكمة ( قانون القوة – وحق الاعتداء )
ونحن رجال ابناء عصرنا وقوانينه الحاكمة المختلفة تماما ( قوة القانون و قوانين حقوق الانسان )
- هل تستطيع اى دولة الان ان تسمح بتجارة العبيد ؟
- هل تستطيع اى دولة الان ان تسمح بالتسرى بالاماءوبملك اليمين ؟ وهل هم موجوين اصلا ؟
- هل تستطيع اى دولة الان ان يقر دستورها الان الفتح والاحتلال والغنيمة وفرض الجزية ؟
- هل يقر دستور اى دولة قتل الاسرى ؟
نحن في حاجة إلي فكر جديد .. وفقه جديد يستوعب الزمن ولا يتصادم مع العالم ومنجزاته .. مع الحضارة الإنسانية عبر مراحل تطورها.

اذن .. كل هذه القيود التى وضعها الفقهاء مازالت تكبل العقل الاسلامى وتمنعه من التفكير والابداع وتتصادم مع العلم الحديث، والتى انتجت كل التراث الاسلامى الذى يكفر الاخر ويتصادم مع الحضارة ، والذى نراه فى داعش واخواتها من الجماعات الجهادية التكفيرية
الحل فى نظرى هو الغاء هذه العلوم التى وضعها بشر فى لحظة الانتصار، ليحل بدلا منها ما نسمية جدلية النص مع الواقع الذى انتجه ، وتاريخيته حسب الزمكان ( الزمان والمكان ) الذى انتج فيه

وهناك ايضا العديد من التساؤلات المطروحه على الساحة بين مؤيد ومعارض تتلخص فى :
- هل يمكن التوفيق بين الشريعه الاسلامية وبين الحداثة ؟
- هل التراث الاسلامى عائق امام التقدم ؟
- هل كان يوجد عصر ذهبى للاسلام ؟
- هل كانت هناك حضارة اسلامية ، وماهو مفهوم الحضارة لدى العرب ؟
- هل الجماعات الجهادية والتكفيرية والارهابية مثل داعش واخواتها تمثل الاسلام ؟
- ماهى الأليات المطلوبة لتطوير الخطاب الدينى ؟
وفى النهاية يتسائل الجميع
- ماهى آفاق المستقبل ؟
تحياتى ومودتى للجميع