أحمد بهاء الدين شعبان - الأمين العام للحزب الإشتراكي المصري وأحد أبرز قيادات اليسار المصري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: قضايا اليسار في مصر والعالم العربي علي ضوء المتغيرات الجارية


أحمد بهاء الدين شعبان
الحوار المتمدن - العدد: 5521 - 2017 / 5 / 15 - 00:02
المحور: مقابلات و حوارات     


 
من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة، وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى، ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء، تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -202- سيكون مع الأستاذ  أحمد بهاء الدين شعبان - الأمين العام للحزب الإشتراكي المصري وأحد أبرز قيادات اليسار المصري  - حول:  قضايا اليسار في مصر والعالم العربي علي ضوء المتغيرات الجارية.

 

يمثل اليسار الاشتراكى، أحد المرجعيات الأساسية الأربع لمقومات الهوية الوطنية في أوطاننا، إلى جانب المرجعيات الثلاث الأخرى: الإسلامية، والليبرالية، والقومية، وهو أمر متشابه فى أغلب البلدان العربية، ودول عديدة أخرى فى المنطقة.
وقد أسهمت الأحزاب والمنظمات والجماعات والشخصيات الاشتراكية، إسهاماً عظيماً، فى مسيرة تطور أوطاننا وشعوبنا خلال عقود طويلة مضت، قدّمت خلالها تضحيات جسيمة، ودفعت أكلافاً غالية، من دماء شهدائها وعذاباتهم، فى السجون والمعتقلات والمنافى، حتى فى ظل الحكومات والنظم التى حملت الرايات (الوطنية)، وتلك التى ادّعت (الثورية)، وتزيّت بأزيائها، ورفعت شعاراتها!.

لكن رغم كل ماتقدّم، فإن الواقع يُشير، بوضوح، إلى عجز أحزاب الاشتراكية وتجمعاتها وقواها، المنحازة إلى الطبقات الشعبية ومصالحها، عن تحقيق غاياتها، وإنجاز مهماتها، ويرسم صورةً مأساويةً، عن تكرار تعرضها لمحن وأزمات وانقسامات مستمرة، أقعدتها عن التبلور، وحرمتها من استكمال عناصر القوة والتأثير، التى تقدمها كفاعل رئيسى، يلعب دوره المفترض، فى تقرير مستقبل أوطانها، وفى قيادة شعوبها إلى تحقيق ماتصبو إليه من أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية!.
وفى ظنّى أن هناك أسباباً موضوعية، وأخرى ذاتية. وهناك عناصر داخلية وأخرى خارجية، أدت إلى تعثُّر مسيرة هذه القوى الاشتراكية، الأمر الذى هيأ الوضع لانفراد الطبقات والقوى الأكثر رجعيةً وتخلفاً وتبعية، بل وعمالة للإمبريالية، بتقرير مصير شعوبنا وأوطاننا، وتسلّطها على ثروات ومقدرات بلادنا، الأمر الذى هوى بها من كارثةٍ إلى مأساة، أدت إلى فقدان الاستقلال الوطنى، ونهب الثروة العامة، وشيوع أوضاع الفقر، وتعاظم مظاهر التخلف، وسيطرة الأفكار الماضوية والتكفيرية، على ربوع منطقتنا، دون قدرة من الحركة الاشتراكية على تكوين حالة مجتمعية إيجابية، توقف هذا المسار المُخَرِّب، المضاد لمصالح الطبقات الشعبية والوطنية فى بلداننا، وتقاوم تداعياته المدمرة، على مختلف الأصعدة!.

إن مناقشة واضحة، وصريحة، وشجاعة، ومسئولة، وواقعية، وموضوعية، تتجنب اللدد فى الخصومة، وتترفع عن تسعير أسباب التشرذم والخلافات، وتبتعد عن الخوض فى الهوامش، وتتجاوز الشخصنة والذاتية، وتحاول أن تتجه بإصرار إلى طرح المقومات الفعلية للأزمة، وأبعادها الفلسفية والسياسية، والتاريخية والآنية، وتتلمس جوهر الإشكالية الحقيقية، التى تحول دون تحقيق حركاتنا الاشتراكية، ماتصبو إليه شعوبنا من آمال، أصبحت فرضاَ واجباَ، علينا إنجازه فى أسرع وقت، لأن تأخير ذلك، يؤجل إمكانية معالجة الخلل، ويُضاعف أسباب الضعف والتردى، ويُزيد من معاناة شعوبنا، وتهديد مستقبل أوطاننا.


ولعلى أقترح أربع مقاربات لمناقشة هذه القضية:

أولها: تشخيص واقعى، ومُركّز، لأبعاد الأزمة، ولحجم الأسباب العامة والخاصة، الذاتية والموضوعية، المتسببة فيها.

وثانيها: محاولة تبيان مكمن الأزمة: هل فى النظرية أم فى التطبيق؟!، فى بعض الأفكار التى تحتاج إلى إعادة نظر، أم فى قصور الفهم وميكانيكية الإدراك لهذه الأفكار؟!.
وبطرحٍ آخر: هل نحن بحاجة إلى "مصرنة"، أو "تعريب"، أو "تكريد" الأفكار الاشتراكية، حتى تكون "مقبولة" فى واقعنا بخصوصياته وملامحه، أم أنها كافية بحد ذاتها، كنظرية علمية متكاملة الأبعاد، للتواصل مع جماهيرنا، بحمولاتها التاريخية، والاجتماعية، والأيديولوجية؟!.

وثالثا: كيف نتعامل مع الواقع الاجتماعى والاقتصادى القائم فى بلادنا، بعلاقات الإنتاج المتخلفة فيه، وبالاقتصادات الريعية السائدة، وفى ظل غياب "الطبقة العاملة" بملامحها المعروفة، وبتشوهات جماهيرنا الثقافية المتعددة، وتغلغل الموروث الفكرى والعقيدى والطائفى، المغرق فى أبعاده الزمنية، وبتأثيراته المختلفة على وعى وإدراك قطاعات جماهيرية شعبية عريضة ؟!.

ورابعاً، وأخيراً: ماهى الاقتراحات الموضوعية، أو خطة العمل الممكنة، أو المسارات المقبولة، التى يمكن توافق أغلب المشاركين فى الحوار، حول وجوب البدء بالتحرك لتحقيقها، كمدخل للخروج من الداء العضال الذى تعانى منه الأحزاب والقوى الاشتراكية فى بلادنا، بعيداً عن الشطط فى التصورات، وطرح اقتراحات مستحيلة التطبيق، أو الاستغراق فى تمنيات وهمية عصيّة على الإنجاز، وفى ظل إدراك واعٍ للمؤثرات العالمية والإقليمية الميطة، وللتحديات والتهديدات القائمة، وحرج الظروف وصعوباتها.