ما ضاع من القرآن وفقًا للمصادر السنية


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 7684 - 2023 / 7 / 26 - 10:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

تسجيل هذا المقال في قناتي
https://youtube.com/live/vZl1_Pe4yU8
-----------------
يَتَّهِم المُسْلِمُون اليهود والنَّصَارَى بتحريف كتبهم، معتمدين على عِدَّة آيات من القُرْآن، منها الآيات هـ55-6: 91؛ هـ87-2: 75؛ هـ87-2: 79؛ هـ87-2: 159؛ هـ87-2: 174؛ هـ89-3: 78؛ هـ89-3: 199؛ هـ92-4: 46؛ هـ92-4: 154؛ هـ112-5: 13؛ هـ112-5: 41. أمَّا فيما يَخُص القُرْآن، فهم يَعْتَبِرونه الكِتَاب المُقَدَّس الوحيد الَّذي لَمْ يتم تحريفه، معتمدين على الآية التَّالِيَة:
م54-15: 9 إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
وجاء في تَفْسِير الأزهر :
وإنَّه لأجل أن تكون دعوة النَّبي بالحق قائمة إلى يوم القيامة، لَمْ نُنَزِّل الملائكة، بل أنْزَلنا القُرْآن المستمر تذكيره للناس، وإنَّا لحافظون له من كل تغيير وتبديل أو زيادة أو نُقصان حَتَّى تقوم القيامة.
ولكن ما صحة هذا الإدعاء؟
اعطيكم هنا ما ضاع من القرآن وفقًا للمصادر السنيِّة، وفي مقال لاحق سوف اذكر لكم ما ضاع من القرآن وفقًا للمصادر الشيعية
لحساسِيَّة الموضوع، سوف ألجأ إلى نقل فقرات من مصادر إسْلامِيَّة حَتَّى لا أتَّهم بالتَّلفيق.
-----------

جبريل يرفع ما نسخ
------------
جاء في موقع إسْلامِي ما يلي:
ثبت في البخاري (3426) من حديث عائشة عن فاطمة «أن النَّبي أسرَّ إليها أنَّ جبريل كان يعارضني القُرْآن كل سنة مَرَّة، وإنَّه عارضني العام مَرَّتَين، ولا أراه إِلَّا حضر أجلي». ويقول ابن كثير في «تفسيره» (1-51): «والمراد من معارضته له بالقُرْآن كل سنة مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي ويذهب ما نسخ توكيداً أو استثباتا وحفظًا، ولهذا عرضه في السَّنَّة الأخيرة من عمره على جبريل مَرَّتَين، وعارضه به جبريل كذلك». وقال ابن حجر في «الفتح» (9-5): «جبريل كان يعارض النَّبي بالقُرْآن في شهر رمضان، وفي ذلك حكمتان، إحداهما: تعاهده، والأُخْرَى تَبَقِّيه ما لَمْ يُنسَخ منه ورفع ما نُسِخ» .
اختفاء سور وأجزاء من سور وآيات

نقرأ في تفسير القرطبي :
---------------
روي عن أُبيّ بن كعب وعائشة أن سورة «الأحزاب» كانت تعدل سورة البقرة في الطول... وعن ٱبن شهاب قال: حدّثني أبو أمامة بن سهل ابن حُنيف في مجلس سعيد بن المسيّب أن رجلاً قام من الليل ليقرأ سورة من القرآن فلم يقدر على شيء منها، وقام آخر فلم يقدر على شيء منها، وقام آخر فلم يقدر على شيء منها فغدوا على رسول الله، فقال أحدهم: قمتُ الليلة يا رسول الله لأقرأ سورة من القرآن فلم أقدر على شيء منها فقام الآخر فقال: وأنا والله كذلك يا رسول الله فقام الآخر فقال: وأنا والله كذلك يا رسول الله فقال رسول الله: «إنها مما نَسخ الله البارحة».
وأشير هنا إلى أن عدد آيات سورة الأحزاب 73، وعدد آيات سورة البقرة 286. مما يعني ضياع 213 آية من سورة الأحزاب
وجاء في كِتَاب السُّيوطي «الإتقان في علوم القُرْآن» :
4117 - قال أبو عبيد حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال لا يقولن أحدكم قد أَخَذْت القُرْآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قُرْآن كثير ولكن ليقل قد أَخَذْت منه ما ظهر.
4118 - وقال حَدَّثَنَا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزُّبير عن عائشة قالت كانت سورة الأحزاب (السورة 33) تقرأ في زمن النَّبي مائتي آية فَلَمَّا كتب عُثْمَان المصاحف لَمْ يَقْدُر منها إِلَّا على ما هو الآن (73 آية).
4119 - وقال حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر عن المبارك بن فضالة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب كأي تعد سورة الأحزاب قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثة وسبعين آية قال إن كانت لتَعْدِل سورة البقرة (286 آية) وإن كُنَّا لنقرأ فيها آية الرَّجم. قلت وما آية الرَّجم قال إذا زنى الشَّيْخ والشَّيْخة فارجموهما البَتَّة نَكَالًا من الله والله عزيز حكيم
4120 - وقال حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح عن اللَّيث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عُثْمَان عن أبي أمامة بن سهل أن خَالَته قالت لَقَدْ أقْرَآنا رسول الله آية الرَّجم الشَّيْخ والشَّيْخة فارجموهما البَتَّة بما قضيا من اللَّذَّة.
4121 - وقال حَدَّثَنَا حجاج عن ابن جريج أخبرني ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس قالت قرأ عليّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مُصْحَف عائشة إن الله وملائكته يصلون على النَّبي يأيها الَّذِين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وعلى الَّذِين يصلون الصُّفوف الأول قالت قبل أن يُغَيِّر عُثْمَان المصاحف.
4122 - وقال حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد اللَّيثي قال كان رسول الله إذا أُوْحِي إليه أتيناه فعلمنا مِمَّا أُوْحِي إليه.
قال فجئت ذات يوم فقال إن الله يقول إنَّا أنزلنا المال لإقام الصَّلاة وإيتاء الزَّكاة ولو أن لابن آدم واديا لأحب أن يكون إليه الثَّانِي ولو كان له الثَّانِي لأحب أن يكون إليهما الثَّالِث ولا يملأ جوف ابن آدم إِلَّا التُّراب ويتوب الله على من تاب.
4123 - وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله إن الله أمرني أن أقرأ عليك القُرْآن فقرأ لَمْ يكن الَّذِين كفروا من أهل الكِتَاب والمشركين (هـ100-98: 1) ومن بقيتها لو أن ابن آدم سأل واديًا من مال فأُعْطِيه سأل ثانيًا وإن سأل ثانيًا فأُعْطِيه سأل ثالثًا ولا يملأ جوف ابن آدم إِلَّا التُّراب ويتوب الله على من تاب.
وإن ذات الدِّيْن عند الله الحنيفِيَّة غَيْر اليهودِيَّة ولا النَّصْرَانِيَّة ومن يعمل خيرًا فَلَنْ يكفره.
4124 - وقال أبو عبيد حَدَّثَنَا حجاج عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن أبي حرب ابن أبي الأسود عن أبي موسى الأشعري قال نزلت سورة نحو براءة (129 آية) ثُمَّ رُفِعَت وَحُفِظ منها أن الله سيُؤَيِّد هذا الدِّيْن بأقوام لا خَلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديًا ثالثًا ولا يملأ جوف ابن آدم إِلَّا التُّراب ويتوب الله على من تاب.
4125 - وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال كُنَّا نقرأ سورة نشبهها المسبحات فأنسيناها غَيْر أنَّي حَفِظْت منها يأيها الَّذِين آمنوا لا تقولوا مالا تفعلون فتُكتب شهادة في أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة.
4126 - وقال أبو عبيد حَدَّثَنَا حجاج عن سعيد عن الحكم بن عتيبة عن عدي بن عدي قال قال عمر كُنَّا نقرأ لا تَرْغَبوا عن آبائكم فإنَّه كُفْر بكم ثُمَّ قال لزيد بن ثابت أكذلك قال نَعَم.
4127 - وقال حَدَّثَنَا ابن أبي مريم عن نافع بن عمر الجمحي وحدثني ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال قال عمر لعبد الرَّحمان بن عوف ألم تجد فيما أُنْزِل علينا أنْ جاهدوا كما جاهدتم أول مَرَّة فإنَّا لا نجدها قال أُسقِطَت فيما أُسْقِط من القُرْآن.
4128 - وقال حَدَّثَنَا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي سفيان الكلاعي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم أخبروني بآيتين في القُرْآن لَمْ يكتبا في المُصْحَف فَلَمْ يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك فقال مسلمة إن الَّذِين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألَا أبشروا أنتم المفلحون والَّذِين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الَّذِين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون.
4129 - وأخرج الطَّبراني في الكبير إن ابن عمر قال قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله فكانا يقُرْآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فَلَمْ يَقْدُرَا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله فذكرا ذلك له فقال إنَّها مِمَّا نُسِخ فالهوا عنها.
4130 - وفي الصَّحيحين عن أنس في قِصَّة أصحاب بئر معونة الَّذِين قتلوا وقنت يدعو على قاتليهم قال أنس ونزل فيهم قُرْآن قُرْآناه حَتَّى رفع أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا.
4131 - وفي المستدرك عن حذيفة قال ما تقرؤون ربعها يعني براءة (129 آية).
4132 - قال الحسين بن المنادي في كِتَابه النَّاسِخ والمَنْسُوخ وَمِمَّا رُفِع رَسْمه من القُرْآن وَلَمْ يُرْفَع من القلوب حِفْظه سورتا القنوت في الوتر وتُسَمَّى سورتي الخلع والحفد
ويقول السُّيوطي في مكان آخَر حول سقوط البسملة من سورة التَّوبة :
عن مالك أن أولها لَمَّا سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنَّها كانت تَعْدِل البقرة لطولها (286 آية).

اختفاء سورة الخلع وسورة الحفد
--------------------
ذكر الإمام السُّيوطي في الدُّر المنثور أنَّ سورتي القنوت كانتا من جملة السُّوَر الَّتي أنزلها الله على النَّبي، وكانتا سورتين سورة ببسملة وفواصل، إحداهما تُسَمَّى سورة الخلع، والثَّانِية تُسَمَّى سورة الحفد، وقد نُسِخَتا، وكتبهما أبي بن كعب في مُصْحَفه. وبذلك اشتمل مصحفه على 116 سورة ووضعت السورتان بصورة متتالية بين سورتي العصر والهمزة، فكان رقم سورة الخلع 101، ورقم سورة الحفد 102. وهذا نصهما وفقًا لمصادر مُخْتَلِفَة:
سورة الخلع اَللّهُمّ إِنّا نَسْتَعِيْنُك وَنَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِيْ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ ولا نَكْفُرُك ونَخْلَعُ ونَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك
سورة الحفد اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ
وكان الكثيرون يَعْتَبِرون هاتين السُّورَتين جزءاً من القُرْآن ومنهم ابن عباس وابو موسى الأشعري وأنس بن مالك وابراهيم النَّخعي وسفيان الثَّوري والحسن البصري. وكان عمر بن الخطاب يقرأهما في الصَّلاة. وقد وضعهما جلال الدِّيْن السُّيوطي في آخر تفسيره «الدُّر المنثور» بعد «المعوذتين» إيمانا منه بأنَّهما سورتان من القُرْآن .

إختفاء آية الرجم ورضاعة الكبير
--------------------
وتروي عائشة أن آية الرَّجم ورضاعة الكبير كانت تقُرأ في القُرْآن حَتَّى وفاة النَّبي وكانت مكتوبة عندها على ورقة وموضوعة تحت سريرها، ولكنها انشغلت بوفاة النَّبي وبعدها فدخلت سخلة وأكلت الورقة .

مختصر ما اختفى من سور وأجزاء من سور وفقًا للمصادر السُنيِّة
----------------------------------------
بالإضافة إلى آيات مُتَفَرِّقة اختفت من القُرْآن، نستنتج مِمَّا سبق:
- أنَّ عدد آيات سورة الأحزاب 90-33 كان 200 آية أو أطول من سورة البقرة 87-2 الَّتي تَتَضَمَّن 286 آية، ولكن لَمْ يبقَ منها حاليًا إِلَّا 73 آية. مِمَّا يعني أنَّه ضاع منها 213 آية.
- أنَّ عدد آيات سورة التَّوبة 113-9 كان يعادل سورة البقرة الَّتي تَتَضَمَّن 286 آية، ولكن لَمْ يبق منها حاليا إِلَّا 129 أية، ووفقا لمصادر أُخْرَى فإنَّه لَمْ يبق من سورة التَّوبة إِلَّا ربعها. مِمَّا يعني أنَّه ضاع منها 387 آية.
- أن سورة نحو براءة (129 آية) نزلت ثُمَّ رُفِعَت.
- أنَّ سورتي القنوت قد اختفتا من القُرْآن المُتَدَاوَل.

----------
مقتطف من مقدمة كتابي (وتجدوا في هوامشه المصادر التي اعتمدت عليها)
القرآن الكريم
بالتسلسل التاريخي وفقًا للأزهر
ويتضمن الرسم السرياني والكوفي والإملائي والعثماني مع علامات الترقيم الحديثة ومصادر القرآن وأسباب النزول والقراءات المختلفة والناسخ والمنسوخ والمعاني والأخطاء اللغوية والقراءة السريانية والعبرية
يمكن تحميل هذا الكتاب من هذا الرابط
https://www.academia.edu/66901372