تناقض القرآن: الجمع بين المسؤولية الفردية والله يضل من يشاء


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 7679 - 2023 / 7 / 21 - 18:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

في مقال سابق، ذكرت أن في أي خطاب كان، يمكن أن نكتشف تناقض على مستويات كثيرة مثل التناقض بين القرآن والمعطيات العلمية والتاريخية والرياضية، وهو عامة ما يبحثه المسلمون تحت بند الإعجاز كما هي العادة في كل ما يمس القرآن من قريب أو بعيد، بإعتبار أن القرآن كتاب الله، والله هو العليم الخبير بإمتياز. والكدح في هذه الصفات يخرج المسلم من الملة. وهذا لا نريد الخوض فيه. ولكن هناك تناقض على المستوى الفكري. ونذكر هنا على سبيل المثال وليس الحصر الجمع بيت الحرية والإكراه، والجمع بين المسؤولية الفردية والله يضل من يشاء، والجمع بين كرامة الإنسان والتمييز بين الناس على أساس الجنس أو الدين. ولن ندخل هنا في التفاصيل، مكتفين ببعض الأمثلة من آيات القرآن للتدليل على ذلك.
وفي هذا المقال سوف اعرض موضوع الجمع بين المسؤولية الفردية والله يضل من يشاء
-------------

الجمع بين المسؤولية الفردية والله يضل من يشاء
=============================

يؤكد القرآن في بعض آياته على المسؤولية الفردية وأن للإنسان الخيار في أمره، وأن الله لا يظلم أحدًا. نذكر منها:
---------------------------------------------------------------------
وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (م48-27: 40)
وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (م48-27: 92)
مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (م50-17: 15)
إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (م51-10: 44)
قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (م55-6: 104)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (م61-41: 46)
وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (م69-18: 49)
إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (هـ92-4: 40)

ولكن القرآن يقول في آيات أخرى أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء:
--------------------------------------------
يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (م4-74: 31)
مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (م39-7: 178)
مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (م39-7: 186)
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (م43-35: 8)
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (م49-28: 56)
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (م50-17: 97)
مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (م55-6: 39
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (م55-6: 125)
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (م59-39: 23)
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (م59-39: 36)
يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (م60-40: 33)
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (م62-42: 44)
مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (م69-18: 17)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (م70-16: 93)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (م72-14: 4)
أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (هـ92-4: 88)
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (هـ92-4: 143)
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (هـ96-13: 33)
------------
والسؤال المطروح هو كما يلي:
كيف يمكن لله ان يهدي من يشاء وفي نفس الوقت يعاقب من لم يهده؟ أليس هذه قمة الظلم؟
وقد رجعت إلى الترجمات المختلفة لأرى معنى الآية: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (م49-28: 56). فوجدت تلاعب بعض المترجمين لكي ينفوا الظلم عن الله. واعطيكم بعضا من تلك الترجمات الإنكليزية من الموقع التالي https://bit.ly/389C70u
Muhammad Asad - Verily, thou canst not guide aright everyone whom thou lovest: but it is God who guides him that wills [to be guided] and He is fully aware of all who would let themselves be guided
Safi Kaskas - You [Prophet] cannot guide [to the Truth] whom you love, but God guides him who wants to be guided. And He knows best those who are guided
Shabbir Ahmed - Verily, you cannot guide aright everyone you love, but it is Allah Who guides him who wishes to be guided. And He is best Aware of those who will be rightly guided

----------
مقتطف من مقدمة كتابي
القرآن الكريم
بالتسلسل التاريخي وفقًا للأزهر
ويتضمن الرسم السرياني والكوفي والإملائي والعثماني مع علامات الترقيم الحديثة ومصادر القرآن وأسباب النزول والقراءات المختلفة والناسخ والمنسوخ والمعاني والأخطاء اللغوية والقراءة السريانية والعبرية
يمكن تحميل هذا الكتاب من هذا الرابط
https://www.academia.edu/66901372