محمد دوير - مؤسس حملة يسار موحد وناشط يساري مصري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اليسار المصري.. إما الوحدة أو الموت ...


محمد دوير
الحوار المتمدن - العدد: 4360 - 2014 / 2 / 9 - 13:15
المحور: مقابلات و حوارات     


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا 123 - سيكون مع الأستاذ  د. محمد دوير - مؤسس حملة يسار موحد وناشط يساري مصري -  حول: اليسار المصري.. إما الوحدة أو الموت ...
 


" إن الحركة الثورية في روسيا، إذ تشمل بسرعة فئات جديدة وجديدة أبدا من السكان ، تخلق جملة كاملة من المنظمات اللاحزبية. إن الحاجة إلي الاتحاد تشق لنفسها طريقا بقوة تتزايد بقدر ما خنقوها ولاحقوها زمنا طويلاً "..لينين: الحزب الاشتراكي والثورية اللاحزبية..ديسمبر 1905..نوفايا جيزن.
إما الوحدة .. أو الموت..


هكذا يجب أن نبدأ حوارا حان وقته.. وحديثا فرض نفسه، بفعل مقتضيات الواقع.. بفعل اشتراطات الثورة ، وبفعل تحديات المستقبل.فمن الممكن أن تظل الأفكار معلقة علي جدران العقل إن لم تجد من يأخذها من حيز المنطق إلي براح الواقع. ومن الممكن أن تبقي التصورات والتحليلات والتجارب الفردية أو الجزئية في إطار نظرية المتاح ما لم نخلق نحن بأنفسنا بديلا تطوريا يستوعب الطاقات المهدرة وينظم الإمكانات المتاحة في مركب نوعي جديد.
ففي ظل هذا الحراك الشعبي الذي يعيشه الوطن منذ ثلاث سنوات..وما يشهده المجتمع من صراع بين قواه الاجتماعية وسعي الجميع إلي توجيه المسار الثوري في الاتجاه الذي يضمن مصالحه ويحافظ عليها. تبقي القوي الاجتماعية الأكثر تضررا وهي عمال وفلاحين وفقراء ومهمشين هذا الوطن بعيدة جدا عن مراكز التأثير ومواطن التوجيه الفعلي.. وربما كان غياب الدور المؤثر لليسار المصري هو أحد أهم أسباب غياب البعد الاجتماعي والاقتصادي في سباق الحقوق المكتسبة كل يوم لفصائل وقوي وتيارات داخل المجتمع.
كان لغياب اليسار المصري  أثره السلبي إذن علي تحقيق أكبر قدر من المكاسب لتلك القوي التي من المفترض أنه يدافع عنها ويؤسس تنظيماته السياسية من أجل تلك المهمة .. ولعل غياب الوحدة التنظيمية كانت أيضا هي احد أسباب الضعف ومن ثم الحضور غير المؤثر إضافة إلي اختلاف الرؤى حول تفسير ما يحدث والنتائج النضالية المترتبة علي هذا التحليل النظري.


وقد تأسست " حملة يسار موحد "في أغسطس 2013 من أجل بناء تيار اشتراكي مصري "ينطلق من تحليل الواقع الراهن وفقا لمرجعية الاشتراكية العلمية، والنضال من أجل انجاز مهام ومتطلبات تلك الرؤية بما يتوافق مع طموحات الشعب المصري وفي القلب منها قواه الاجتماعية المنتجة أو المتعطلة عن العمل بفعل سياسات السوق الراهنة.
وقد رأينا في حملة يسار موحد أنه لا يمكن لليسار المصري في ظل راهنيته المفتتة والمتشظية هذه أن يتصدي لتلك الهجمة الشرسة علي المجتمع المصري ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا بدون أن تتوحد قواه حول برنامج الحد الأدنى من الرؤى والمطالب . واعتقدنا أن " وحدة اليسار " التنظيمية التي تراعي اختلاف بعض وجهات النظر، هي نقطة الانطلاق الأولي لتمكين اليسار المصري من القدرة علي التواصل مع الجماهير والتصدي – قدر المستطاع لانحرافات الفعل الثوري الراهنة وتجاذبه بين قوي المصالح. اعتقادا منا في الأتي:


1-    لم ولن يوجد فصيل اشتراكي مصري واحد مهما امتلك من صحيح الرؤى أن يتقدم خطوة تقدمية واحدة إلي الأمام ـ فالحق دائما ما يحتاج إلي قوة تحميه وتنقله من حيز المنطق العقلاني الي التفعيل الشعبي.والقوة بالنسبة لنا في تلك الظروف ليست سوي الوحدة التي تحول المكونات التنظيمية الاشتراكية من بؤر و كيانات ترهق نفسها كثيرا في إثبات وجودها خارج إطار الفعل الجماهيري الحقيقي إلي مكون نوعي جديد يتشابك مع الواقع الراهن وفق معطي اشتراكي أكثر قوة وحيوية وإنتاجا.
 

2-    حررت الحملة استبيانا للرأي تضمن 28 سؤالا حول الوحدة لمدة 15 يوم اعتبارا من أول سبتمبر 2013 وشارك فيه 518 رفيقا وكانت نتائج هذا الاستبيان أحد أهم دوافعنا لاستمرار في مواصلة جهودنا. وبناء عليه تشكلت عدة لجان للحملة في المحافظات – المهم هنا أنها مثلت تقريبا معظم الأحزاب والحركات المصرية ولكن تظل الأغلبية من المستقلين. ولدينا الآن لجان في " القاهرة – الجيزة- إسكندرية – الغربية – المنوفية – البحيرة- كفر الشيخ – الدقهلية – الإسماعيلية – بورسعيد – المنيا – الأقصر
 

3-    أننا نري – وفقا لاستبيان الرأي الذي حررناه في الشهور الماضية – أن الخلافات الذاتية والاختلافات الفرعية بين الكيانات الاشتراكية هي العامل الأبرز في تفتت اليسار علي هذه الصورة المخزية. ومن ثم فقد كانت الحملة مدركة منذ اللحظة الأولي صعبة المهمة..وبناء علي ذلك لا يصح لأي مناضل اشتراكي حقيقي أن يجعل الذاتي يهيمن علي الموضوعي.. رغبات الإفراد تتحكم في مصير ومسار الحركة الاشتراكية المصرية.. فالاشتراكية ليست ملكا لأحد .. هي ملك لهذا الوطن وملك لكل مخلص يسعي بايجابية إلي التجاوب مع معطيات الواقع.
 

4-    المحصلة النهائية أن أصبحنا أمام مشهد جديد علي الحركة الاشتراكية المصرية – جديد كما ونوعا أيضا- هو وجود أكثر من 24 تنظيما حزبيا وحركة اشتراكية معرضة لأن يزيد عن الخمسين تنظيما في غضون ثلاث سنوات .. وهو ما يعني إمكانية إصابة الحركة بمزيد من التشظي والتفتت تحت دعاوي اختلاف الخط الفكري بين الأحزاب أو الحركات ..وهي اختلافات لا تتناسب مع مستوي التشرذم الراهن لأن 90% إن لم يزد، من الاشتراكيين المصريين يعتقدون في " الماركسية اللينينية " ومعظم الاختلافات إنما هي نتيجة خيارات حركية لا تستحق أن تؤدي إلي استقلال تنظيمي تفتيتي إلي هذا الحد إذ من الممكن بعقلية تنظيمية راشدة أدارة هذا الصراع الحركي وفق وفقه الأولويات في إطار الوحدة والصراع .. المهم هنا ..أن الدعوة إلي حزب يساري – بمرجعية الاشتراكية العلمية " صار فريضة يجب اكتمال شروطها وتحقيقها.
 

5-    أن الحركة الاشتراكية المصرية في طور التغير الكبير ما بعد 25 يناير.. فقد شهدت انفتاحا كبيرا وتوافد عليها – مؤمنا ومناضلا – الكثير من الشباب المصري رغبة في اعتناق الفكر الاشتراكي بوصفه يقدم حلا علميا لمشكلات هذا الوطن. هذا التغير هو ما يفرض علينا ضرورة احتواء هذا الجيل الجديد – فيما اعتقد أنه يمثل 50 % من اليسار المصري الآن، وما لا يقل عن 75 % من اليسار المصري الفاعل في الشارع. احتواء هذا الجيل في كيان تنظيمي واحد وموحد لا سيما وأن اشتراكيتهم لم تزل بعد في طور التكوين وهم في حاجة إلي خبرات نظرية وتنظيمية .. وبدلا من أن تتجاذبهم الأحزاب والحركات ويدور بينها صراع وهمي حول جذب اكبر عدد من هذا الجيل . نسعى إلي توجيه كل طاقتنا نحو الخصم الحقيقي الذي ينهب ثروات الوطن أو يعبث بهوية المجتمع المصري.
 

6-    تنطلق حملة يسار موحد من الاشتراكية العلمية كمرجعية فكرية .. وتستهدف مجتمعا اشتراكيا – لاشك – عبر مسارات ما – ليست مجالنا الآن. واعتقد أننا لو اتفقنا علي تلك الرؤية العامة فمن الممكن أن نحقق توافقا معقولا لوحدة تستمر بقدر استمرار مشكلات الوطن الراهنة.
 

7-    وبناء علي ذلك.. تأسست حملة يسار موحد.. وسوف تواصل عملها بمجهود كل من يؤمن بقضية الوحدة من أسفل..ولن تشغلنا كثيرا محاولات العرقلة لأننا ندرك تماما أن تجارب الوحدة السابقة داخل اليسار المصري ربما تشكل خبرات سلبية تؤثر الي حد بعيد علي الرغبة في تكرارها من جديد  لا سيما وإنها كانت محاولات  تتم غالبا في الغرف المغلقة وتهيمن عليها ثقافة وعقلية العمل السري وتتم بين قيادات حزبية وتلعب فيها موازين القوي بين التنظيمات الدور الأكبر. أن تجارب الماضي لا تعني أن فرص الوحدة غير قائمة ، بل تعني الاستفادة منها قدر الإمكان ومحاولة القفز عليها لا سيما ونحن إزاء جيل جديد يرغب- فيما اعتقد – في الانطواء تحت مظلة تنظيمية موحدة.
 

8-    يبقي أخيرا, التأكيد علي أن يسار موحد ليست سوي حملة ضغط علي الجميع..أحزابا وحركات وأفرادا.. حملة ضغط من أجل الوحدة.. هي إذن ليست حركة فلدينا في مصر ما يكفي.. وليست حزبا .. فلدينا في مصر ما يكفي.. وليست تنظيما..
 

9-    نماذج وحدوية:
أ‌-       حزب التوافق التشيلي من أجل الديمقراطية ( تكون في 1988 من اندماج الحزب الاشتراكي التشيلي و حزب الوسط الديمقراطي الاجتماعي المسيحي وحزب من أجل الديمقراطية الاجتماعية والحزب الديمقراطي الاجتماعي الراديكالي وحزب الفعل الاشتراكي الشعبي الوحدي العمالي الفلاحي وحزب الأغلبية الاشتراكية الديمقراطية وحزب تشيلي الشيوعي وحزب الاشتراكية الديمقراطية الموسع(

ب- جبهة فارابوندو مارتي للتحرر الوطني في السلفادور (تكون في 1989 من اندماج الحزب الشيوعي السلفادوري وحزب عمال أمريكا الوسطي الثوري وحركة المقاومةالثوريةالشعبية(

جـ - الحزب الاشتراكي الفتزويلي الموحد ) تكون في 2008 من اندماج حزب الجمهورية الخامسة الاشتراكي وحزب الوحدة الشعبية الماركسي وحزب الرابطة الاشتراكية اللينينية الماوية وحزب حركة توباكو أمارو الماركسية اللينيني وحزب الوحدة الديمقراطية الاجتماعية وحزب التيار الماركسي التروتيسكي الدولي(
د- وتشهد منطقتنا العربية في تونس والمغرب أيضا محاولات توحيدية جادة ..