إلهامي الميرغني في حوار استثنائي مفتوح مع القارئات والقراء حول: أفاق الانتفاضة المصرية، ودور اليسار والقوى التقدمية.


إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن - العدد: 3266 - 2011 / 2 / 3 - 01:50
المحور: مقابلات و حوارات     

 أجرى الحوار: رزكار عقراوي

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 28 - سيكون مع الأستاذ إلهامي الميرغني حول: أفاق الانتفاضة المصرية، ودور اليسار والقوى التقدمية.
 

1- ما هي المكاسب التي حققتها الانتفاضة المصرية؟

توجد عدة مكاسب حقيقية حققتها الانتفاضة هي:
1. إنها بدأت منذ اللحظة الأولي تمزج بين الشعارات السياسية والشعارات الاقتصادية فمن المطالبة بتعديل الدستور وإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق حرية التنظيم إلي رفع الحد الأدنى للأجور.
2. تطور المطالب وتعلية السقف السياسي إلي المطالبة برحيل النظام ورحيل الرئيس ومحاكمة رموز الفساد.
3. اتساع مشاركة الشباب من مختلف الطبقات بعشرات الآلاف استجابة لدعوات الانترنت. بل لقد شاركت مجموعات من مشجعي فرق كرة القدم " الالتراس " في المظاهرات. وكشفت طبيعة الحس الوطني لدي الشباب المصري.
4. اتساع رقعة المظاهرات للعديد من المدن المصرية منها مدن بدأت فيها المظاهرات بعشرات الآلاف وسقط بها قتلي وجرحي مثل القاهرة والإسكندرية والسويس والمحلة والعريش وتطورت لتضم مئات الآلاف بل وتجاوزت المليون في القاهرة والإسكندرية يوم 1فبراير.ومدن شاركت بشكل اقل مثل دمياط وبورسعيد والإسماعيلية والمنصورة ثم مدن أخري مثل أسوان ونجع حمادي والمنيا وأسيوط وبني سويف.
5. تحويل الحشد الاليكتروني لمظاهرة 25 يناير إلي واقع بعشرات الآلاف من المشاركين ثم التصعيد إلي مئات الآلاف في جمعة الغضب والوصول إلي المظاهرة المليونية في الأول من فبراير.
6. إعادة الروح المصرية والانتماء المصري من خلال رفع العلم المصري وغناء النشيد الوطني حيث ذابت الفروق في الجنس والدين وانصهر الكل في بوتقة واحدة يهتفون " الشعب يريد إسقاط النظام".
7. تفجير طاقات خلاقة للشباب من خلال تكوين اللجان الشعبية لحماية الأرواح والممتلكات وهي تجربة جديرة بالتأمل.وكذلك تضامن المعتصمين في ميدان التحرير.
8. الإصرار علي أن تكون المظاهرات سلمية رغم اعتداءات الشرطة.
9. عدم رفع شعارات حزبية أو فئوية بما في ذلك المشاركين من جماعة الأخوان المسلمين. فلقد أذابت روح انتفاضة يناير الجميع في بوتقة واحدة.
أما علي الصعيد السياسي فقد حققت عدة مكاسب منها:
1. إجبار الرئيس مبارك علي إعلان عدم ترشحه لفترة رئاسية أخري.
2. الإجهاز علي مخطط التوريث.
3. إجبار الرئيس مبارك علي تعيين نائب لرئيس الجمهورية.
4. إجبار الرئيس مبارك علي إقالة وزارة رجال الأعمال وتعيين وزارة جديدة وتعهده بمحاربة الفساد.
5. إجبار الرئيس مبارك علي تعديل المواد 76، 77 من الدستور وبما يضمن عدم ترشحه لفترة أخري.
6. إجبار الرئيس مبارك علي الإقرار باحترام أحكام القضاء والتعهد بإسقاط عضوية أعضاء البرلمان الجديد الذين يثبت القضاء بطلان عضويتهم.
7. إجبار الرئيس علي إقالة أمين التنظيم بالحزب الحاكم وأحد رموز الفساد.


2- ماهي أفاق الانتفاضة المصرية في ظل الممارسات القمعية للنظام وأجهزته الأمنية؟

يتوقف ذلك علي عدة عوامل هي:
- مدي قدرة المتظاهرين علي الاستمرار في الاعتصام بميدان التحرير بالقاهرة وزيادة الحشد لمظاهرات كبري.
- استمرار التظاهر بالمدن المصرية وانضمام محافظات جديدة.
- موقف الجيش واستمرار حياديته وعدم تدخله لقمع المتظاهرين.
لو تحققت هذه العوامل يمكن للانتفاضة أن تستطيع إجبار الرئيس مبارك علي الاستقالة وربما يمكن أن يتحرك الجيش للإطاحة بالرئيس للحفاظ علي استمرار النظام والدولة . يتوقف ذلك بشكل أساسي علي مدي اتساع حركة المتظاهرين وحركة الجيش بشكل رئيسي.
بدأت تحركات للأجهزة الأمنية وبتمويل من رجال الأعمال منذ ليلة أمس لمظاهرات بلطجية ومأجورين ورجال أمن بزي مدني يطالبون ببقاء الرئيس في تحدي لإرادة أكثر من ثلاثة ملايين متظاهر خرجوا يطالبون الرئيس بالرحيل. وربما يتضح غدا مدي قدرة الانتفاضة علي الصمود أمام جيوش الأجهزة الأمنية التي اقتحمت عليهم الميدان .
كما أن وقف بث العديد من الفضائيات ووقف شبكة الانترنت والهواتف المحمولة والحرص علي ضرب المراسلين الصحفيين الأجانب يعكس عزم النظام عمل مجزرة للشعب المنتفض بعيداً عن أعين الإعلام العالمي. وهو ما يحتاج لتضامن كل شرفاء العالم لفضح همجية وعربدة النظام المنهار.
 

3- كيف ترى سياسات وبرامج المعارضة المصرية؟ وهل الجميع ملتزم بحكومة ديمقراطية علمانية مدنية بعد إسقاط النظام؟

المعارضة المصرية ليست كتلة واحدة هناك عدة مكونات منها:
1. الأحزاب القديمة كالوفد والتجمع والناصري وهي جميعا انتهت منذ سنوات ودشنت الانتفاضة موتهم الكامل.وقد بادرو بالمشاركة في الائتلاف الوطني الذي سارع لقبول الحوار مع النظام قبل أن يتعهد بمحاكمة المسئولين عن مجازر 28 يناير.
2. أحزاب جديدة مثل الغد ( جناح أيمن نور ) والجبهة الديمقراطية وهي التي نجحت في ضم العديد من العناصر الشبابية وتمثل البديل الليبرالي الحي من المعارضة.وهي تدعم خيار البرادعي.
3. الأحزاب تحت التأسيس التي لم يرخص لها مثل حزب الكرامة الناصري وحزب الوسط المعبر عن أفكار جماعة الأخوان المسلمين وحزب الإصلاح والتنمية الذي يقوده نجل شقيق الرئيس السادات.وجميعها أعضاء في الجمعية الوطنية للتغيير.
4. جماعة الأخوان المسلمين والتي شاركت في الانتفاضة ضمن قوي الجمعية الوطنية للتغيير ولم ترفع شعاراتها والتزمت بالشعارات الوطنية العامة للانتفاضة.
5. الجمعية الوطنية للتغيير والتي تريد ترشيح الدكتور البرادعي الذي عاد ليشارك المتظاهرين وقفتهم ووضع قيد الإقامة الجبرية ورغم أن البعض يتعامل معه كبديل أمريكي ، إلا انه مقبول كرئيس لفترة انتقالية لحين انتخاب جمعية تأسيسية ووضع دستور جديد للبلاد.
6. الجماعات الشبابية مثل شباب 6 ابريل ومجموعات خالد سعيد وشباب من أجل التغيير والتي أطلقت الدعوي الالكترونية لمظاهرة 25 يناير التي كانت بداية الأحداث.وهي المجموعات التي طورت شعاراتها من إلغاء الطوارئ وإطلاق الحريات إلي إسقاط النظام.
اعتقد أن كافة قوي المعارضة الليبرالية توافق علي قيام دولة ديمقراطية علمانية مدنية باستثناء جماعة الأخوان المسلمين التي تصر علي إبقاء المواد الدستورية التي تجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وتضع خانة الديانة في بطاقات الهوية.

4- وماذا عن دور قوى اليسار والنقابات والاتحادات الجماهيرية في الانتفاضة؟

يختلف الوضع المصري من حيث مصادرة النقابات العمالية والمهنية من قبل الحزب الحاكم وجنينية بناء النقابات المستقلة في مصر .لكن الطبقة العاملة شاركت كأفراد ضمن التحركات العمالية خاصة في الإسكندرية والسويس والمحلة الكبري .
كما أن هناك منظمات يسارية دعت للانتفاضة منذ البداية وهي:
- تيار التجديد الاشتراكي .
- منظمة الاشتراكيين الثوريين .
- الحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير ( حشد)
- حركة شباب من أجل العدالة والحرية.
- عشرات النشطاء اليساريين الذين تعاطفوا مع دعوات التظاهر.
كانت هناك شعارات واضحة لليسار منذ بدء الانتفاضة إضافة لصدور العديد من البيانات ولكن يصعب أن نقول انه يوجد موقف يساري متبلور سواء من بديل مثل الدكتور البرادعي أو سقف المطالب .
والمشكلة أن بعض اليساريين المنفرطين يروجون لدخول حزب التجمع اليساري الذي كشفت الانتخابات البرلمانية الأخيرة مهادنته وسقوطه وتحوله لجزء من النظام الحاكم . لكن البعض يتوهم أنه يمكن الاستيلاء علي التجمع وتغيير وجهته وهو أدعاء غير صحيح في ظل القبضة البوليسية الحالية للحزب الحاكم.
يواجه اليسار فرصة ذهبية لتنفيذ بناء النقابات المستقلة من ناحية وبناء تنظيم من قلب الانتفاضة قادر علي بلورة تيار يساري قادر علي بلورة بديل اقتصادي واجتماعي حقيقي للنظام الحالي والتنسيق بين مختلف قوي اليسار ليصبح رقم حقيقي في المعادلة السياسية المصرية.