رانية مرجية
(Rania Marjieh)
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
رانية مرجية… حين تتحوّل الكلمة إلى فعل، والوجع إلى وعي
في زمنٍ يكثر فيه الصخب ويقل فيه الإصغاء، تبرز رانية مرجية كصوتٍ صادقٍ من الرملة الفلسطينية، يكتب بضميرٍ حيّ، ويتحدث بلسانِ الناس العاديين الذين أرهقهم الصمت. شاعرة، كاتبة، ممثلة، وناشطة مجتمعية، جعلت من الأدب جسراً بين الإنسان وكرامته، وبين الوجع الفلسطيني والوعي العربي العام.
من الرملة إلى فضاءات الإنسان
ولدت رانية مرجية عام 1976 في مدينة الرملة، المدينة التي حملت في تاريخها مزيجاً من الجمال والقهر، وهو المزيج نفسه الذي طبع مسيرتها الأدبية والفكرية. درست الإعلام وعلم النفس والعلوم السياسية والدراسات الإسلامية، وحصلت على دبلومات في المسرح والتمثيل والوساطة وفضّ النزاعات، ما منحها قدرةً فريدة على قراءة الإنسان من زوايا متعددة: الكلمة، والحركة، والسلوك، والإحساس.
اشتغلت مرجية ناطقةً إعلامية باسم المجتمع العربي في شركة المراكز الجماهيرية، كما أدارت مشاريع تمكين النساء ومحو الأمية، وعملت مرافقَة لذوي التوحّد في جمعيات إنسانية. لكن مهما تنوعت أدوارها، ظلّ خيطٌ واحد يجمعها: الإيمان العميق بأن الإنسان يستحق أن يُسمَع.
الكتابة بوصفها مقاومة إنسانية
ليست رانية مرجية كاتبةً تقف عند حدود الورق؛ هي تُعامل الكتابة كفعلٍ مقاومٍ في وجه التجاهل والتهميش. في دواوينها مثل “رسالة إلى الطغاة” و*“الكل يتقيأ الحياة”*، يتجلى صوتها الجريء الرافض للسكوت، المطالب بالعدالة، المتمسك بجمالٍ لا ينفصل عن الألم. أما في مسرحيتها “أنا قتلتك يما”، فتذهب إلى الجرح الفلسطيني من مدخلٍ نفسيّ وإنسانيّ عميق، لتضع المتلقي أمام سؤالٍ مؤلم: من القاتل الحقيقي؟ وهل يمكن للألم أن يُطهّر الروح؟
تمتلك مرجية لغةً تجمع بين شفافية الشعر وحدّة الموقف، وبين حسّ الأنثى ووعي المواطنة. فهي حين تكتب عن المرأة، لا تفصلها عن المجتمع، وحين تكتب عن الوطن، لا تنسى الفرد. لهذا تبدو نصوصها كأنها مرايا صغيرة في وجه زمنٍ كبير، تُظهر ما نريد أن نراه وما نحاول تجاهله في آنٍ معاً.
بين المسرح والميدان
ما يميز رانية مرجية عن كثيرين من المثقفين أنها لا تكتفي بالمنصّة، بل تنزل إلى الميدان. في المشاريع الاجتماعية التي تقودها، نراها موجهة مجموعاتٍ شبابية، تدير حوارات بين الثقافات، وتعمل على بناء الثقة بالنفس لدى النساء المهمشات. هي لا تكتب عن التمكين فقط؛ إنها تمارسه واقعاً.
وفي المسرح، وجدت مرجية وسيلتها لدمج الكلمة بالجسد، والفكرة بالصوت. أعمالها المسرحية ليست ترفاً فنياً، بل معالجة إنسانية تسعى إلى شفاء المجتمع من عقده وأوجاعه بصوتٍ واعٍ وجرأةٍ فكرية.
رسالة إنسانية قبل أن تكون أدبية
حين تتحدث رانية مرجية عن تجربتها، لا تصف نفسها ككاتبة أو ناشطة فقط، بل كـ“إنسانة تحاول أن تكون مرآة للآخرين”. ترى أن الأدب ليس امتيازاً للمثقفين، بل مسؤولية أمام المظلومين والمهمشين، وأن الكلمة لا تكتمل إلا حين تلمس الحياة الواقعية وتغيّرها.
هي ابنة الرملة، لكن حضورها تخطى الجغرافيا، وصوتها بات جزءاً من المشهد الثقافي العربي، بصفاء نواياها وصدق تجربتها. في زمنٍ تتشابك فيه الهويات والحدود، تبقى رانية مرجية مثالاً نادراً للمثقف الذي لا يكتب ليمجّد ذاته، بل ليوقظ ضميراً عاماً غائباً.
خاتمة
رانية مرجية ليست فقط شاعرةً أو كاتبةً أو ناشطة؛ إنها مشروع إنسانيّ متكامل. مشروع يؤمن بأن العدالة تبدأ من الكلمة، وأن الحبّ يمكن أن يكون شكلاً من أشكال المقاومة، وأن من يكتب بصدقٍ لا يحتاج إلى سلطةٍ ليُسمَع صوته.
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: https://www.ahewar.org/m.asp?i=1339
Author ID - معرف الكاتب-ة: 1339
الكاتب-ة في موقع ويكيبيديا: رانية مرجية
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#