أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - يوم اللغة العربية… من مسيرة المربّي ميخائيل فانوس














المزيد.....

يوم اللغة العربية… من مسيرة المربّي ميخائيل فانوس


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 16:39
المحور: قضايا ثقافية
    


في يوم اللغة العربية، لا يكون الاحتفاء بالكلمة مجرّد طقس ثقافي عابر، بل فرصة للتوقّف عند مسارات إنسانية اختارت اللغة موقفًا، وجعلت منها أداة للعدالة والشراكة. ومن بين هذه المسارات، تبرز تجربة المربّي ميخائيل فانوس، عضو بلدية الرملة السابق، ومدير المركز الجماهيري العربي السابق، الذي آمن بأن اللغة العربية ليست مطلبًا رمزيًا، بل حقّ مدني وثقافي أصيل.

في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وأثناء ولايته الأولى عضوًا في مجلس بلدية الرملة، ومن موقعه في صفوف المعارضة، شهدت المدينة زيارة بعثة تمثيلية من الجالية اليهودية في نيويورك، ضمن مشروع إعادة تأهيل الأحياء، وفي إطار علاقات التعاون بين الرملة وتلك الجالية. كانت البعثة تخطّط للتبرّع بأموال لبناء مكتبة بلدية جديدة، في وقتٍ كانت فيه المكتبة القائمة، الواقعة في مبنى متواضع من طابقين في شارع هرتسل مقابل مركز الشرطة، تعكس فجوة ثقافية واضحة.

لم تكن المشكلة في قدم المبنى أو محدودية موارده فحسب، بل في غياب الكتب باللغة العربية كليًّا، رغم أنّ نحو 20٪ من طلاب المدينة كانوا من العرب. هذا الغياب لم يكن تفصيلاً عابرًا، بل مؤشّرًا على إقصاء ثقافي صامت، وعلى خلل في فهم دور المؤسسة العامة في مدينة متعدّدة الهويّات.

من هذا الإدراك، تحرّك فانوس، رغم القيود التي فرضها عليه موقعه في المعارضة وعدم قدرته على المشاركة في النقاشات الرسمية. استغلّ فترات الاستراحة بين الجلسات، وقدّم رسالة مكتوبة إلى رئيس الجالية، السيد آرثر شيرمان، شرح فيها واقع المكتبة، ودافع عن حقّ الطلاب العرب في الوصول إلى المعرفة بلغتهم الأم، بوصفه حقًا تربويًا وإنسانيًا لا يقبل التأجيل.

لكن الرسالة لم تكن نهاية المسار. فقد قرّر فانوس الانتقال من الاحتجاج المكتوب إلى الفعل المباشر، فسافر إلى نيويورك دون دعوة رسمية، وتوجّه إلى مكاتب الجالية اليهودية في شارع 42. هناك، وفي لقاء اتّسم بالصراحة والاحترام المتبادل، طرح قضية اللغة العربية لا باعتبارها مطلبًا فئويًا، بل شرطًا أساسيًا لبناء شراكة مدنية حقيقية. وقد أثمر اللقاء تعهّدًا واضحًا من المتبرّع بإقامة جناح خاص للأدب العربي ضمن المكتبة الجديدة التي تقرّر بناؤها خلف مبنى البلدية في شارع وايزمن.

قبيل وضع حجر الأساس للمكتبة، كُشفت تفاصيل هذه المبادرة للرأي العام عبر مقابلة تلفزيونية، ما أخرج القضية من إطارها الضيّق إلى فضاء النقاش العام. ومع افتتاح مكتبة بلفور البلدية، تحوّل التعهّد إلى واقع ملموس: جناح للأدب العربي يشهد تطوّرًا مستمرًا، وتعيين أمينة مكتبة عربية، في خطوة عكست تحوّلًا في الوعي المؤسسي، لا مجرّد استجابة ظرفية.

في هذا المعنى، لا يمكن النظر إلى هذه التجربة كإنجاز إداري فحسب، بل كموقف ثقافي وأخلاقي. فهي تذكّر بأن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن الحق في الوجود المتكافئ، وعن مدينة ترى في التعدّدية مصدر غنى لا تهديدًا.

إن استحضار هذه المسيرة في يوم اللغة العربية هو تذكير بأن اللغة لا تزدهر بالشعارات، بل بالقرارات الشجاعة، وبأشخاص اختاروا أن يجعلوا من الكلمة فعلًا، ومن الثقافة سياسة يومية. وهنا، تتجاوز تجربة المربّي ميخائيل فانوس حدود الزمان والمكان، لتقدّم نموذجًا لما يمكن أن يحقّقه العمل العام حين يقترن بالضمير والمعرفة



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يبقى بعد الصوت نصّ تأملي عن الانتقال من ردّ الفعل إلى الم ...
- خارج النص
- في اليوم العالمي للغة العربية: بيانٌ داخلي إلى الشعوب العربي ...
- **الرواية عند فلسطينيّي الداخل (عرب ال48): حين تصبح القلّة م ...
- «ومضات الروح»… حين تُصبح المحكية معرفةً لا لهجة
- قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية ...
- جسدُ الطوائف
- حاملة الصوت قصيدة
- حين تُصاب الرعاية: بيان إنساني
- ⭐ سرّ ليلة الميلاد ⭐قصة للاطفال
- «مسّني جِنّ»… حين تكتب تفّاحة سابا من لحم المرأة ومن ظلّها و ...
- خُنتُ نَفسي
- قصة: “ذاكرة لا تعرف الدفء”
- ميلادٌ يتكوّن من كلمةٍ واحدة… «نعم»
- “سماءٌ تُكمِلُ ما ينقص العالم”
- ديوان “من تراتيل العارفين” للشاعرة والإعلامية رانية مرجية
- ✨ **قراءة نقدية في كتاب سراديب الذاكرة للكاتبة فوزية ...
- بين ميلاد الرب وميلاد الإنسان: رؤية لاهوتيّة تعيد تعريف الوج ...
- *حين يتحوّل الكتاب إلى محكمة للوعي: قراءة وجودية-فكرية في كت ...
- اللاهوت وعصرُنا: حين يستعيد الإنسان وجهه في مرآة المعنى**


المزيد.....




- الولايات المتحدة تطارد ناقلة نفط كانت تقترب من فنزويلا
- مبكرا جدا ووحيدة.. فرنسا تستعد لمواجهة روسيا في ظل انسحاب أم ...
- أكسيوس: نتنياهو سيبحث توجيه ضربة لإيران خلال لقائه ترامب
- اليابان تستعد لإعادة تشغيل محطة فوكوشيما بعد 15 عاما من الكا ...
- -إرهاب نفسي-.. مادورو منتقدًا أمريكا بعد مصادرتها ناقلات نفط ...
- تفاؤل أميركي أوكراني بشأن محادثات ميامي وروسيا ترفض تعديل خط ...
- نيويورك تايمز: ترامب يرتقي بـ-الرئاسة الإمبراطورية- لمستوى ج ...
- بزعم -إلقائه حجرًا-.. مقتل مراهق برصاص الجيش الإسرائيلي في ا ...
- وزارة العدل الأميركية: سننشر كل المواد المتعلقة بترامب في مل ...
- افتتاح مبهر لكأس أفريقيا والمغرب يبدأ بانتصار على جزر القمر ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - يوم اللغة العربية… من مسيرة المربّي ميخائيل فانوس