أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - «ومضات الروح»… حين تُصبح المحكية معرفةً لا لهجة














المزيد.....

«ومضات الروح»… حين تُصبح المحكية معرفةً لا لهجة


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 17:43
المحور: الادب والفن
    


ثمّة كتب لا تُقرأ لمعرفة ما تقول، بل لمعرفة ما تفعله بنا ونحن نقرأها.
وديوان «ومضات الروح» للشاعرة إيناس رشرش ينتمي إلى هذا النوع من الكتابة؛ كتابة لا ترفع صوتها، لكنها تترك أثرًا عميقًا، لأنها تمسّ الإنسان في أكثر مناطقه هشاشة وصدقًا.

لا يقدّم هذا الديوان نفسه بوصفه استعراضًا لغويًا أو مشروعًا حداثيًا معلنًا، بل يختار طريقًا أكثر صعوبة: أن يكون قريبًا من الناس دون أن يفقد كرامة الشعر، وأن يكتب بالمحكية دون أن يسقط في المباشرة أو التقريرية. هنا، المحكية ليست لهجة، بل موقف جمالي وأخلاقي، ووسيلة للاقتراب من التجربة الإنسانية دون وسائط.

عتبة الدخول: المقدّمة

في مقدّمة الديوان، لا تنظّر الشاعرة لفعل الكتابة، ولا تدافع عن خياراتها، بل تضع القارئ أمام حقيقة بسيطة: هذه نصوص كُتبت لأن الصمت لم يعد ممكنًا. المقدّمة تؤدي وظيفة العتبة الصادقة، وتؤسس لعلاقة قائمة على الثقة، حيث لا وعود بالإبهار، بل التزام بالصدق.

قراءة مرافقة: كلمة نايف خوري

تأتي كلمة الإعلامي نايف خوري لتثبّت موقع الديوان قرائيًا وثقافيًا. فهي لا تتعامل مع النص من باب الاحتفاء، بل من زاوية الوعي بالتجربة، وبخيار اللغة تحديدًا. يشير خوري إلى أن المحكية في «ومضات الروح» ليست بديلًا عن الفصحى، بل مساحة أقرب إلى الإنسان، وأكثر قدرة على التقاط تفاصيل الوجع اليومي وأسئلته الهادئة. وبهذا، تمنح كلمته الديوان قراءة خارجية تُضيء جوهره دون أن تفرض عليه تفسيرًا جاهزًا.



أبواب الديوان: تنوّع التجربة ووحدة الرؤية

الوجدان والبدايات

في الباب الأول، تكتب إيناس رشرش من قلب التجربة. الذات هنا ليست مركزًا نرجسيًا، بل ساحة اختبار: حب، فقد، انتظار، وخوف من الغياب. القصائد لا تدّعي الحكمة، بل تمشي نحوها بتردّد إنساني مألوف. إنها بدايات تشبه بدايات البشر جميعًا، حين يكون الشعور أصدق من القدرة على فهمه.

المكان والذاكرة

في الباب الثاني، يتحوّل المكان إلى ذاكرة حيّة. البيت، الباب، الطريق، البحر، الغربة… ليست عناصر وصفية، بل شخصيات صامتة تشارك في تشكيل المعنى. المكان هنا ليس جغرافيا، بل حالة شعورية، وامتداد للذات. الغربة لا تُكتب كرحيل، بل كإقامة طويلة في مكانٍ ينقصه الأحبّة.

الحوار: الرجل والمرأة

يبلغ الديوان ذروة نضجه في القصائد الحوارية بين الرجل والمرأة. لا اتهام ولا تبرئة، بل محاولة فهم. كلا الصوتين إنساني، يحمل ذاكرته وجرحه وعجزه. هذا الباب لا يقدّم إجابات نهائية، بل يطرح سؤال العلاقة بوصفها مساحة أخلاقية معقّدة، يمكن أن تفشل دون أن يكون أحد أطرافها شريرًا.

القيم والوعي

مع التقدّم في الديوان، تهدأ النبرة، ويعلو صوت التأمّل. تظهر القيم—الأصل، الكرامة، الطيبة—بوصفها خلاصات تجربة، لا شعارات. يتحوّل الألم إلى معرفة، وتصبح الحكمة شكلًا هادئًا من الشجاعة.

التصالح والخاتمة

لا تنتهي «ومضات الروح» بانتصار أو هزيمة، بل بتصالح. تصالح مع الذات، ومع الذاكرة، ومع حقيقة أن بعض الغياب جزء من اكتمال الحكاية. إنها نهاية مفتوحة، تترك للقارئ مساحة ليكمل النص من تجربته الخاصة.



اللغة: بساطة واعية

لغة الديوان بسيطة في ظاهرها، لكنها دقيقة في عملها. المحكية هنا ليست تسجيلًا للواقع، بل إعادة صياغته شعريًا، بإيقاع داخلي هادئ، وباقتصاد لغوي يثق بالقارئ، ويترك له مساحة المشاركة في إنتاج المعنى.



خاتمة

«ومضات الروح» ديوان عن الإنسان حين يتخلّى عن الأقنعة، ويختار أن يقول ألمه بهدوء، وأن يحوّل التجربة إلى معنى، والبوح إلى معرفة. وهو في الوقت نفسه نتاج سياق ثقافي يؤمن بالقيمة قبل الرواج.

من هنا، لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته دار الحديث للنشر في احتضان هذا العمل، بما يعكسه من انحياز واضح للنصوص الجادّة، وللنشر بوصفه فعلًا ثقافيًا مسؤولًا. كما يبرز حضور الكاتب والإعلامي فهيم أبو ركن بوصفه فاعلًا ثقافيًا يدرك أن دوره يتجاوز الكتابة والإعلام إلى صناعة المساحة التي تتيح للأعمال القيمة أن ترى النور، وللأصوات الصادقة أن تصل إلى قارئها دون تشويه أو تسطيح. لهما معًا، ألف شكر على هذا الإسهام الحقيقي في دعم الثقافة الجادّة.

في المحصّلة، هذا شعر لا يطلب التصفيق، بل الإصغاء.
ولا يسعى إلى الإبهار، بل إلى الأثر.
وهي ميزة النصوص التي تُقرأ اليوم، وتبقى في الذاكرة طويلًا



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية ...
- جسدُ الطوائف
- حاملة الصوت قصيدة
- حين تُصاب الرعاية: بيان إنساني
- ⭐ سرّ ليلة الميلاد ⭐قصة للاطفال
- «مسّني جِنّ»… حين تكتب تفّاحة سابا من لحم المرأة ومن ظلّها و ...
- خُنتُ نَفسي
- قصة: “ذاكرة لا تعرف الدفء”
- ميلادٌ يتكوّن من كلمةٍ واحدة… «نعم»
- “سماءٌ تُكمِلُ ما ينقص العالم”
- ديوان “من تراتيل العارفين” للشاعرة والإعلامية رانية مرجية
- ✨ **قراءة نقدية في كتاب سراديب الذاكرة للكاتبة فوزية ...
- بين ميلاد الرب وميلاد الإنسان: رؤية لاهوتيّة تعيد تعريف الوج ...
- *حين يتحوّل الكتاب إلى محكمة للوعي: قراءة وجودية-فكرية في كت ...
- اللاهوت وعصرُنا: حين يستعيد الإنسان وجهه في مرآة المعنى**
- بين نافذتين –
- ما معنى أن تكون صحفيًا محايدًا؟
- اعتراف ناقص قصة قصيرة
- يومياتي – الصفحة التي لم أتجرأ على كتابتها من قبل
- 🌿 الذين باركوا القتل – قصة قصيرة


المزيد.....




- منظمة مغربية تطالب بتمكين اللغة العربية ووضع حد لتغول الفرنس ...
- 4 أفلام عربية من بينها العراقي كعكة الرئيس مرشحة لجائزة الأو ...
- حريق مفتعل أم قضاء وقدر؟ جدل حول وفاة الفنانة المصرية نيفين ...
- -صوت هند رجب- يمضي لمسافة أبعد في منافسات جوائز الأوسكار الـ ...
- -صوت هند رجب- و3 أفلام عربية أخرى تقتحم سباق الأوسكار
- الأوسكار في دورته الـ98.. قائمة بأبرز الأفلام المرشحة لنيل ا ...
- ضايل عنا عرض لمي سعد وأحمد الدنف: فيلم يروي يوميات سيرك غزة ...
- -صوت هند رجب- يتصدر ترشيحات الأوسكار بعد جائزة -الأسد الفضي- ...
- بالصور.. مهرّج مكلوم يرسم الابتسامة على وجوه أطفال غزة
- نجوم الغناء ضحايا الاصدارات الزائفة باستخدام الذكاء الاصطناع ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - «ومضات الروح»… حين تُصبح المحكية معرفةً لا لهجة