رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 20:16
المحور:
الادب والفن
لم أخن أحدًا في حياتي… إلا نفسي.
ولم يكن ذلك الخذلان دفعة واحدة، بل كان مثل الماء يتسرّب من شقّ صغير لا ننتبه إليه إلا حين تغرق الغرفة كلها.
كنتُ امرأةً تُقال عنها دائمًا: “تتحمّل… تصبر… قلبها واسع.”
لم يخطر لأحد أن يسألني: ومن يحتمل قلبها؟
كنتُ أبتسم لأُطمئن الآخرين، وأختنق في الداخل كي لا أقلق أحدًا.
هكذا تربّينا: أن نكون الجدار الذي يستند إليه الجميع، حتى وإن تشقّق.
أوّل خيانة ارتكبتها كانت حين أخفيتُ غضبي.
ثانيها حين اعتذرتُ عن أمور لم أرتكبها.
وثالثها… حين صدّقتُ أن صوتي “أكثر من اللازم”.
وذات صباح، وأنا أرتّب شعري بلا رغبة، نظرتُ إلى المرآة ورأيتُ امرأة تعرفني جيدًا… لكنها تبتعد عني أكثر كل يوم.
امرأة تشبه الأمّ حين تُخفي وجعها، وتشبه الجارة حين تضحك رغم الخيبات، وتشبه كل امرأةٍ قالت يومًا: “لا بأس” وهي تعرف أن كل شيء ليس بخير.
فهمتُ فجأة أنني لم أكن ضحية أحد.
كنتُ ضحية خوفٍ ورثته، وخجلٍ علّقوه على كتفيّ كما تُعلّق المدارس الحقائب الثقيلة على ظهور الصغار.
جلستُ أمام نفسي وقلتُ لها بصوتٍ لم أسمعه منذ سنين:
“كفاكِ تنازلاً… لقد آن أن تعودي إليّ.”
لم يحدث انقلاب كبير، لم تتفتح السماء ولا تغيّر العالم.
لكن الدنيا اتسعت داخل صدري خطوة خطوة:
حين كتبتُ كلمة أحبّها،
حين رفضتُ طلبًا يرهقني،
حين قلتُ “أنا أستحقّ”،
وحين بكيتُ بلا خوف من أن يصفوني بالضعف.
النساء لا ينكسرن حين يُساء إليهن…
بل حين يسلمن أنفسهن إلى الصمت.
وأهم نصرٍ حققته كان أنني رفعتُ عن قلبي يدًا لطالما حسبتُها يدي.
اليوم، لا أقول إنني تحررت تمامًا.
لكنني أقول شيئًا أهم:
لقد عدتُ إلى نفسي، ولن أغادرها مرة أخرى.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟