أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - **الرواية عند فلسطينيّي الداخل (عرب ال48): حين تصبح القلّة موقفًا، لا نقصًا**














المزيد.....

**الرواية عند فلسطينيّي الداخل (عرب ال48): حين تصبح القلّة موقفًا، لا نقصًا**


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 17:43
المحور: الادب والفن
    


تمهيد

ليس من المصادفة أن يبدو حضور الرواية عند فلسطينيّي الداخل محدودًا، متقطّعًا، ومحمّلًا بأسئلة تفوق طاقته الجمالية الخالصة. فالرواية، بخلاف الأجناس الأدبية الأخرى، لا تُكتب في فراغ، ولا تزدهر تحت شروط الطوارئ الدائمة. إنّها فنّ يحتاج إلى زمن مستقر، وحيّز حرّ، وذاكرة غير مهدَّدة بالمحو اليومي. وهي شروط لم تُتح، تاريخيًا، للفلسطيني الذي بقي في وطنه بعد 1948 وتحول إلى “أقلية” داخل سردية دولة أُقيمت على أنقاضه.

من هنا، لا يجوز مقاربة قلّة الرواية عند عرب الـ48 بوصفها عجزًا إبداعيًا، بل بوصفها أثرًا مباشرًا لشرط وجوديّ قاسٍ، جعل من الكتابة فعل نجاة أكثر منها مشروعًا أدبيًا طويل النفس.

الرواية في ظلّ البقاء

نشأ الأدب الفلسطيني في الداخل تحت سؤال وجودي واحد: كيف نكتب ونحن مهدَّدون في لغتنا وذاكرتنا ومكاننا؟
في ظلّ الحكم العسكري، والرقابة، والعزل الثقافي، لم تكن الرواية خيارًا مريحًا. فهي الجنس الأكثر انكشافًا، والأقل قابلية للتورية السريعة. لذلك، اتجه الكتّاب—وعيًا أو اضطرارًا—إلى القصة القصيرة والشعر، حيث يمكن اختزال العالم في ومضة، أو ترميزه في استعارة.

الرواية، حين ظهرت، لم تظهر بوصفها تيارًا، بل بوصفها مغامرة فردية محفوفة بالمخاطر.

من القصة إلى الرواية: انتقال لم يكتمل

لم تكن هيمنة القصة القصيرة في الداخل تفضيلًا جماليًا محضًا، بل استجابة تاريخية لشرط القمع. فقد أتاحت:
• الاقتصاد اللغوي
• سرعة التداول
• تمرير الذاكرة دون بناء عوالم سردية مكشوفة

وهكذا تحوّلت القصة إلى الوعاء السردي الأكثر أمانًا، بينما بقيت الرواية مؤجَّلة، أو ناقصة الاستمرارية. وهذا ما يفسّر لماذا كتب كثيرون رواية واحدة فقط، ولم يعاودوا التجربة.

الرواية كحدث لا كسلسلة

يتكوّن المنجز الروائي في الداخل من نصوص مفصلية لا متجاورة.
من المتشائل لإميل حبيبي، إلى أرابيسك لأنطون شماس، وصولًا إلى روايات سيّد قشوع، وعدنية شبلي، وابتسام عازم، نحن أمام أعمال لا تشكّل سلسلة، بل نقاط توتّر عالية في تاريخ السرد الفلسطيني.

ما يجمع هذه الروايات ليس التشابه الأسلوبي، بل اشتغالها جميعًا على أزمة الهوية، واستحالة السرد الطبيعي في واقع غير طبيعي.

اللغة بوصفها مأزقًا أخلاقيًا

في الرواية عند فلسطينيّي الداخل، لا تكون اللغة أداة محايدة، بل موقعًا أخلاقيًا وسياسيًا.
الكتابة بالعربية داخل فضاء عبري مهيمن، أو الكتابة بالعبرية بلغة الدولة التي تصادر المكان—كلا الخيارين مشحون بتوتّر عميق. وهذا ما جعل الرواية، أكثر من غيرها، حقل صراع داخلي بين الرغبة في القول، والخشية من العزلة أو التطبيع.

الرواية النسوية: قلّة كاشفة

إذا كانت الرواية عمومًا قليلة، فإنّ الرواية النسوية في الداخل أقل عددًا، لكنّها أكثر حدّة ووضوحًا.
تقدّم عدنية شبلي وابتسام عازم كتابة تقوم على التفكيك والصمت الدال، لا على الخطاب والشعار. إنّها رواية تشتغل على الجسد، والمدينة، والذاكرة الفردية بوصفها مواقع عنف بنيوي، لا رموزًا تجميلية.

بهذا المعنى، فإنّ الرواية النسوية ليست هامشًا، بل مرآة مكثّفة للشرط الفلسطيني كلّه.

لماذا لم تتشكّل مدرسة روائية؟

لأنّ شروط المدرسة غابت:
• لا استمرارية زمنية
• لا بنية نشر داعمة
• لا تراكم نقدي متواصل
• انقطاع بين الأجيال
• انقسام لغوي حاد

والأهمّ أنّ الرواية في الداخل لم تُكتب بوصفها مشروعًا ثقافيًا مريحًا، بل استجابة طارئة لأسئلة وجودية لا تحتمل التأجيل.

خاتمة

الرواية عند فلسطينيّي الداخل ليست غائبة، بل محاصَرة. قلّتها ليست نقصًا، بل علامة على شدّة الشرط الذي كُتبت فيه. إنّها رواية تُنجَز على حافة الخطر، وتُقرأ بوصفها شهادة وعي لا مجرّد عمل أدبي.

لذلك، فإنّ السؤال الأجدى ليس: لماذا كتبوا روايات قليلة؟
بل: كيف كُتبت هذه الروايات أصلًا؟
وهنا، تحديدًا، تكمن قيمتها.



إحالات مرجعية مختارة
1. فيصل درّاج، نظرية الرواية والرواية العربية
2. إدوارد سعيد، الثقافة والإمبريالية
3. حنّا أبو حنّا، في الأدب الفلسطيني داخل الخط الأخضر
4. دراسات مختارة في مجلة الكرمل



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «ومضات الروح»… حين تُصبح المحكية معرفةً لا لهجة
- قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية ...
- جسدُ الطوائف
- حاملة الصوت قصيدة
- حين تُصاب الرعاية: بيان إنساني
- ⭐ سرّ ليلة الميلاد ⭐قصة للاطفال
- «مسّني جِنّ»… حين تكتب تفّاحة سابا من لحم المرأة ومن ظلّها و ...
- خُنتُ نَفسي
- قصة: “ذاكرة لا تعرف الدفء”
- ميلادٌ يتكوّن من كلمةٍ واحدة… «نعم»
- “سماءٌ تُكمِلُ ما ينقص العالم”
- ديوان “من تراتيل العارفين” للشاعرة والإعلامية رانية مرجية
- ✨ **قراءة نقدية في كتاب سراديب الذاكرة للكاتبة فوزية ...
- بين ميلاد الرب وميلاد الإنسان: رؤية لاهوتيّة تعيد تعريف الوج ...
- *حين يتحوّل الكتاب إلى محكمة للوعي: قراءة وجودية-فكرية في كت ...
- اللاهوت وعصرُنا: حين يستعيد الإنسان وجهه في مرآة المعنى**
- بين نافذتين –
- ما معنى أن تكون صحفيًا محايدًا؟
- اعتراف ناقص قصة قصيرة
- يومياتي – الصفحة التي لم أتجرأ على كتابتها من قبل


المزيد.....




- -صوت هند رجب- يتصدر ترشيحات الأوسكار بعد جائزة -الأسد الفضي- ...
- بالصور.. مهرّج مكلوم يرسم الابتسامة على وجوه أطفال غزة
- نجوم الغناء ضحايا الاصدارات الزائفة باستخدام الذكاء الاصطناع ...
- «كعكة الرئيس» يدخل القائمة القصيرة للأوسكار في إنجاز تاريخي ...
- فيلم وثائقي يكشف أسرار معركة حلب وتفاعل واسع على المنصات
- مصادر: سيمون كرم الممثل الوحيد للبنان في -الميكانيزم-
- تعرف عليهم.. 4 أفلام عربية مرشحة لجائزة الأوسكار
- نجل المخرج روب راينر متهم بـ-قتل والديه عمدًا-.. ومصدر يكشف ...
- 4 أفلام عربية تتنافس على أوسكار أفضل فيلم دولي
- ترشيح 4 أفلام عربية للمنافسة على جوائز الأوسكار


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - **الرواية عند فلسطينيّي الداخل (عرب ال48): حين تصبح القلّة موقفًا، لا نقصًا**