رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 11:34
المحور:
الادب والفن
في البدايات
كان الصوت أسرع من الفهم،
وكان الردّ
يأتي قبل أن تكتمل الفكرة.
كان يُظنّ أن الحقيقة
إن لم تُقَل فورًا
تفقد قيمتها،
وأن التريّث
نوع من التنازل غير المعلن.
الكلمات خرجت بدافع الدفاع،
لكنها كثيرًا ما حملت
أثرًا لم يُحسَب له حساب،
لأن النية
لا تكفي وحدها
لإعفاء اللغة من مسؤوليتها.
⸻
سادت فكرة
أن الصمت فراغ،
وأن الغضب صدق،
وأن حدّة الموقف
دليل وضوح.
لكن الغضب
ليس وضوحًا،
بل فكرة لم تُمنَح
الزمن الكافي لتتشكّل.
أما الصمت
فليس غيابًا،
بل مساحة أخلاقية
يُختبر فيها المعنى
قبل أن يتحوّل إلى كلام.
⸻
الزمن
لا يغيّر القناعات فجأة،
بل يعيد ترتيبها ببطء.
ما كان يقينًا
يصير سؤالًا مشروعًا،
وما كان صدامًا
يتحوّل إلى مسافة
تحمي الفكرة
من أن تتحوّل إلى أذى.
⸻
في مرحلة النضج
لا يحدث الهدوء كحالة نفسية،
بل كقرار واعٍ.
تأجيل الكلمة
لا يكون خوفًا،
بل إدراكًا
أن بعض الكلمات
إن قيلت
لا يمكن سحبها
من وعي الآخر.
يتّضح عندها
أن الردّ السريع
قد يريح صاحبه،
لكن الكلمة المنقّحة
هي وحدها
القادرة على العيش
خارج لحظتها.
⸻
القوة
لا تكمن في الحضور الدائم للصوت،
بل في القدرة
على ضبطه.
والحكمة
لا تُقاس بعمق الأفكار فقط،
بل بقدرتها
على أن تُقال
دون أن تُلحق ضررًا
لا ضرورة له.
⸻
يبدأ الإصغاء
قبل الحكم،
ويُرى الموقف
بوصفه نتيجة
لا تعريفًا نهائيًا للإنسان.
تُفهم القسوة
كعلامة نقص
لا كدليل قوة،
وتُقرأ الحدّة
كحاجة غير مصاغة
إلى الفهم.
⸻
النار الأولى
لا تختفي،
لكن وظيفتها تتغيّر.
تتحوّل من اندفاع
إلى أثر،
ومن حريق
إلى ضوء موجَّه.
⸻
هذا التحوّل
لا يعني التراجع،
ولا تهذيبًا سطحيًا للسلوك،
بل انتقالًا واضحًا
من ردّ الفعل
إلى المعنى،
ومن الصوت
إلى ما يبقى بعده.
فما يصنع الفارق
ليس ما يُقال أولًا،
بل ما يظل صحيحًا
بعد أن يخفت كل صوت.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟