أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - عقدٌ من النور… حين يصبح التكريم سيرة وطنٍ تربويٍّ وإنسانيّ














المزيد.....

عقدٌ من النور… حين يصبح التكريم سيرة وطنٍ تربويٍّ وإنسانيّ


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 15:01
المحور: قضايا ثقافية
    


ليس التكريم حدثًا عابرًا في روزنامة المناسبات، ولا لحظة احتفاليّة تُقال فيها الكلمات ثم تُطوى الصفحة. التكريم الحقيقيّ هو فعلُ وعيٍ جماعيّ، ووقفة ضمير، واعتراف صريح بأنّ ثمّة إنسانًا مرّ من هنا، وترك أثرًا لا يُمحى.
هكذا كان تكريم الدكتورة روز اليوسف شعبان: أكثر من احتفال، وأعمق من مناسبة، شهادة حقّ تُكتب في سجلّ التربية والإنسان.
في طرعان، وتحديدًا في المدرسة الابتدائيّة “د”، لم تكن الدكتورة روز مديرةً بالمعنى الإداريّ التقليديّ، بل كانت روحًا ناظمة، وبوصلة أخلاقيّة، وقيادةً تربويّة واعية تدرك أنّ المدرسة ليست مبنى ولا أنظمة، بل كائن حيّ يتشكّل من البشر والعلاقات والقيم. عشرة أعوامٍ من الإدارة لم تُختزل في قرارات، بل كُتبت في التفاصيل الصغيرة: في الطالب الذي وُضع في مركز الاهتمام، وفي المعلّم الذي عومل كشريك، وفي بيئة تعليميّة آمنت بالتميّز دون أن تتخلّى عن الإنسانيّة.
جاء هذا التكريم في أجواءٍ مفعمة بالاحترام والامتنان، وبحضورٍ رسميّ وتربويّ واسع، تقدّمه رئيس المجلس المحلي السيّد مازن عدوي، ومفتّش مدارس طرعان الدكتور هاني كريدين، ومدير قسم التربية والتعليم سامي عدوي وطاقم القسم، ومحاسب المجلس المحلي محمد عدوي، إلى جانب مديري ومديرات مدارس طرعان، والشاعر سامي مهنا، والكاتب الدكتور نبيل طنوس، وعائلة المحتفى بها، وإدارة المدرسة وطاقمها التدريسيّ.
حضورٌ لم يكن بروتوكوليًّا بقدر ما كان اعترافًا جماعيًّا بأنّ ما أُنجز في هذه المدرسة هو إنجاز تربويّ ومجتمعيّ يستحق الوقوف عنده.
في الكلمات التي أُلقيت، لم تُستعرض المناصب، بل قُرئت السيرة. سيرة قيادةٍ جمعت بين الحزم والاحتواء، وبين التخطيط المهنيّ والبعد الإنسانيّ، قيادةٍ لم تُقصِ أحدًا، ولم تُلغِ الاختلاف، بل حوّلته إلى طاقة عمل. إدارةٌ رأت في التربية رسالة أخلاقيّة، لا وظيفة إداريّة، وفي المدرسة مساحة لبناء الإنسان قبل قياس التحصيل.
أما الإنجازات التي وثّقها الفيلم الذي عرضته المدرسة، فلم تكن مفاجئة لمن يعرف فلسفة هذه القيادة:
جائزة التربية والتعليم لعام 2018،
جائزة التميّز التنظيميّ وفق المعايير الأوروبيّة،
ثلاث جوائز قطريّة في البحث العلمي – المرتبة الأولى،
إضافة إلى برامج ومشاريع تربويّة نوعيّة رسّخت مكانة المدرسة على المستويين المهنيّ والقيميّ.
إنجازات لم تُصنع بالصدفة، بل وُلدت من رؤية واضحة، وإيمان عميق بأنّ الجودة ليست شعارًا، بل ممارسة يوميّة.
غير أنّ الدكتورة روز اليوسف شعبان لا تُختصر في دورها الإداريّ، مهما بلغ من التميّز. فهي أديبة من الطراز الأوّل، وكاتبة شاملة، تنتمي إلى ذلك النوع النادر من المثقّفين الذين يرون في الكلمة امتدادًا طبيعيًّا للتربية. تكتب أدب الأطفال بوعيٍ تربويّ وجماليّ يحترم عقل الطفل ويخاطب وجدانه، وتكتب الشعر بلغة شفّافة تنفذ إلى جوهر التجربة الإنسانيّة، وتبدع في القصة، وتكتب المقال بعقلٍ نقديّ ورؤية مثقّفٍ مشتبك مع قضايا مجتمعه.
في كتاباتها، لا تنفصل المعلّمة عن الأديبة، ولا الإدارة عن الإبداع. كلّ نصّ هو فعل مسؤوليّة، وكلّ كلمة تحمل أثر امرأة آمنت بأنّ الثقافة ليست ترفًا، بل شرطًا من شروط التربية السليمة، وبأنّ بناء الإنسان لا يكتمل دون جمال اللغة وصدق الفكرة.
تكريم الدكتورة روز هو، في جوهره، تكريم لقيمٍ باتت نادرة:
تكريم للقيادة الأخلاقيّة،
وللمعلّم الذي لم يُهمَّش،
وللطالب الذي لم يُختزل في رقم،
وللمدرسة التي آمنت بأنّ النجاح لا يتناقض مع الإنسانيّة.
هو تكريم لنا جميعًا، لأنّ المجتمعات لا تنهض بالخطابات، بل بالنماذج الحيّة.
والدكتورة روز اليوسف شعبان واحدة من تلك النماذج التي تعمل بصمت، وتترك أثرًا طويل المدى.
نبارك لها هذا التكريم المستحق،
ونحيّي عقدًا من العطاء الصادق والعمل الدؤوب،
ونثق بأنّ مسيرتها التربويّة والأدبيّة ما زالت قادرة على الإضافة والإلهام،
لأنّ من علّم بالحرف، وكتب بالروح،
لا يتوقّف… بل يتجدّد.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلّاندا… حين يتقن الضوء فنّ الإيذاء
- في عيد الميلاد… ميتافيزيقا الشمعة والغياب
- «حين يصير الصمت خلاصًا: الراهبات كضميرٍ حيّ للإنسانية»
- ما بعد التحجّر
- رقصة الأرواح
- رقصة الأرواح نص شعري
- قراءة في معنى العدالة الإلهية وسط عالم مرتبك «لأن عيني الرب ...
- يوم اللغة العربية… من مسيرة المربّي ميخائيل فانوس
- ما يبقى بعد الصوت نصّ تأملي عن الانتقال من ردّ الفعل إلى الم ...
- خارج النص
- في اليوم العالمي للغة العربية: بيانٌ داخلي إلى الشعوب العربي ...
- **الرواية عند فلسطينيّي الداخل (عرب ال48): حين تصبح القلّة م ...
- «ومضات الروح»… حين تُصبح المحكية معرفةً لا لهجة
- قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية ...
- جسدُ الطوائف
- حاملة الصوت قصيدة
- حين تُصاب الرعاية: بيان إنساني
- ⭐ سرّ ليلة الميلاد ⭐قصة للاطفال
- «مسّني جِنّ»… حين تكتب تفّاحة سابا من لحم المرأة ومن ظلّها و ...
- خُنتُ نَفسي


المزيد.....




- نهاية عصر بطاقة المترو الصفراء -الأيقونية-.. نيويورك تغيِّر ...
- ليبيا في ذكرى استقلالها الـ74: واقع مثقل بالجراح وفاجعة جوية ...
- عيد الميلاد في لبنان.. كيف تحوّلت مناسبة احتفالية إلى مرآة ل ...
- -إسرائيل وطننا الثاني-.. محام مغربي: إذا تظاهر بضعة آلاف ضده ...
- كيف صمدت ملاعب المغرب أمام غزارة الأمطار؟ وما قصة التقنية ال ...
- فرنسا والجزائر.. علاقة يحكمها التوتر والأزمات المتلاحقة
- -ريد كاربت-.. جدل في مصر حول ملاحقة المصورين جنازات المشاهير ...
- البرلمان الجزائري يقر قانونا -يجرّم- الاستعمار الفرنسي ويطال ...
- زيلينسكي يكشف بنود أحدث خطة تم الاتفاق عليها مع واشنطن لإنها ...
- دمشق القديمة تحيي عيد الميلاد وسط إجراءات أمنية مشددة


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - عقدٌ من النور… حين يصبح التكريم سيرة وطنٍ تربويٍّ وإنسانيّ