أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رانية مرجية - العبوة النازفة… رواية الإنسان حين يصبح جبهة قتال داخلية قراءة نقدية معمّقة في عمل فهيم أبو ركن














المزيد.....

العبوة النازفة… رواية الإنسان حين يصبح جبهة قتال داخلية قراءة نقدية معمّقة في عمل فهيم أبو ركن


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 18:47
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تقدّم رواية العبوة النازفة عملاً أدبيًا مختلفًا في بنيته واتجاهه، إذ لا تعتمد على حبكة صاخبة أو سلسلة أحداث متراكمة بقدر اعتمادها على تشريح النفس البشرية، ومحاولة الإمساك بتلك المساحة الرمادية التي يعيش فيها الإنسان بين خوفه ورغبته، بين قوته وهشاشته، بين ماضيه ومستقبله.
هذا العمل لا يروي قصة بقدر ما يفتح نافذة على الداخل، على تلك اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أنّ الجرح الذي يحمله ليس صدفة، ولا عابرًا… بل هو جزء من تكوينه.



الإنسان كعبوة نازفة
لا يحتاج القارئ إلى كثير من التأمل ليدرك أنّ “العبوة” في الرواية ليست أداة خارجية، بل هي الإنسان نفسه.
النازف هو الوعي، الشعور، الذاكرة، الخوف، التجارب التي لم تُهضم، واللحظات التي بقيت عالقة في الروح.

يبدو محمد — بطل الرواية — في حالة صراع دائم مع ذاته.
فهو يعيش محاولات فاشلة لمواجهة ذلك الجزء من داخله الذي يخشاه.
ومع كل خطوة يقوم بها نحو الهرب، يتعزز الانطباع بأنّه يهرب من شيء لا ينفصل عنه.

إنها معركة لا تحتاج إلى سلاح، بل إلى شجاعة الاعتراف.

الرواية ترسم هذا الصراع بدقة نفسية كبيرة:
الإنسان يحاول أن يظهر ثابتًا، بينما داخله يتفكك بصمت.



بين محمد وأحلام… التواءات الروح.
في المساحة المشتركة بين محمد وأحلام تتكشف أعقد طبقات الرواية.
فالعلاقة بينهما ليست علاقة عاطفية بالمعنى المباشر،
بل علاقة انكشاف إنساني.
أحلام ليست مجرد شخصية،
بل هي سؤال مفتوح:
ما الذي يحدث عندما نقف أمام من يرانا بوضوح؟

بينها وبين محمد دائرة من التوتر والمصارحة والشكوك والبوح، وفي كل حوار بينهما تحدث عملية “تفكيك” جديدة لطبقة من طبقات الروح.
تختبر الرواية من خلالهما مدى قدرة الإنسان على مواجهة نفسه عندما تكون الحقيقة قريبة جدًا، والأقنعة مهددة بالسقوط.



المجتمع… ثقلٌ لا يُرى لكنه يجرح لا تظهر في الرواية صورة المجتمع بشكل مباشر، لكن حضوره عميق ودائم، وهو الحضور الذي يشبه اليد التي تضغط دون أن ننتبه.

محمد وأحلام كلاهما ضحية توقعات المجتمع:
كيف يجب أن يكون الرجل؟
كيف يجب أن تكون المرأة؟
كيف ينبغي للإنسان أن يتصرف حتى لا يُدان؟

هذا الضغط غير المرئي يجعل الشخصيات تعيش في صراع مستمر بين “الذات” و”النموذج المطلوب”.
وهنا تتألق الرواية في تقديم قراءة اجتماعية دقيقة دون مباشرة، ودون خطابة، بل عبر مصائر بشرية تبحث عن مساحة للتنفس.



البحر… الذات الواسعة التي لا تستقر، يظهر البحر في الرواية بوصفه مرآة كونية.
ليس مجرد خلفية مكانية، بل عنصرًا سرديًا حيًا، يتفاعل مع الشخصيات.

البحر يرمز إلى:
• العمق
• الاتساع
• الخوف
• المجهول
• وأحيانًا الانبعاث

عندما يقف محمد أمام البحر، يقف في الحقيقة أمام نفسه: تارة يطمئنه اتساعه، وتارة يرعبه… البحر في هذه الرواية ليس ماءً فقط، إنه امتداد للداخل البشري بكل اضطرابه وسكونه وتناقضه.



البعد الفلسفي… الإنسان مشروع غير مكتمل، تطرح الرواية مجموعة من الأسئلة الوجودية دون أن تقدّم لها إجابات جاهزة، فهو يترك للقارئ حرية التفكير، بل وجوب التفكير في هذه القضايا والبحث عن الإجابات.
أسئلة عن:
• ماهية الوعي
• معنى الألم
• حدود الحرية
• ثقل الماضي
• وموقع الإنسان في عالم متغير.
الرواية تفترض أن الإنسان يبقى مشروعًا قيد الاكتمال، وأن كل محاولة للهرب من الذات ليست سوى تأجيل للحظة المواجهة.
هذا البعد الفلسفي لا يأتي كإضافات نظرية، بل يتسلل عبر تطور الشخصيات، وحوارها الداخلي، وتجاذبها بين الرغبة والفكرة.



أسلوب الكتابة… بساطة تخفي عمقًا
لغة الرواية رشيقة، مباشرة، لكنها تحمل مستويات متعددة من المعنى.
الكاتب لا يزدحم بالوصف، ولا يذهب إلى الزخرفة، بل يترك الجملة تنحت أثرها بهدوء.
هذا النوع من الكتابة - الذي يبدو بسيطًا لكنه يضرب في العمق - هو ما يمنح الرواية طابعها الإنساني الحميم.



خلاصة القراءة
العبوة النازفة ليست رواية عن انفجار خارجي، بل عن انفجار داخلي يحدث ببطء، في حياة رجل وامرأة يحاولان الإمساك بخيط الخلاص.
إنها رواية عن الجرح الذي لم يجد شفاءه، عن الإنسان الذي يحاول أن يفهم نفسه قبل أن يفهم العالم، وعن تلك اللحظة التي يدرك فيها أنّ المواجهة الحقيقية لا تكون مع الآخرين، بل مع الصوت الذي يعيش في الداخل.
إنها رواية تُقرأ بالعين…
لكنها تُفهم بالقلب.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغةُ الإنسان
- عامٌ جديد… هَبْهُ لنا كما ينبغي
- اعتياد الموت: حين يفقد الوجدان حقّه في الارتجاف
- حين تضرب الإعاقة… وتُديننا جميعًا
- وداعًا عزيزنا عصام مخول
- عامٌ ينكسر… وآخر يُختبر: تأملات في وعي الشرق الأوسط
- محمد بكري… حين يغادر الضمير جسدًا ويبقى شاهدًا
- عقدٌ من النور… حين يصبح التكريم سيرة وطنٍ تربويٍّ وإنسانيّ
- العلّاندا… حين يتقن الضوء فنّ الإيذاء
- في عيد الميلاد… ميتافيزيقا الشمعة والغياب
- «حين يصير الصمت خلاصًا: الراهبات كضميرٍ حيّ للإنسانية»
- ما بعد التحجّر
- رقصة الأرواح
- رقصة الأرواح نص شعري
- قراءة في معنى العدالة الإلهية وسط عالم مرتبك «لأن عيني الرب ...
- يوم اللغة العربية… من مسيرة المربّي ميخائيل فانوس
- ما يبقى بعد الصوت نصّ تأملي عن الانتقال من ردّ الفعل إلى الم ...
- خارج النص
- في اليوم العالمي للغة العربية: بيانٌ داخلي إلى الشعوب العربي ...
- **الرواية عند فلسطينيّي الداخل (عرب ال48): حين تصبح القلّة م ...


المزيد.....




- وسط تصعيد وضربة سعودية.. الإمارات تعلن سحب قواتها من اليمن
- سرقة بالملايين من خزائن بنك ألماني.. في واحدة من أكبر عمليات ...
- اعتراف إسرائيلي بأرض الصومال .. هل وُلِدت دولةٌ جديدة؟
- فرنسا وتسع دول أخرى تعرب عن قلقها إزاء -تدهور الوضع الإنساني ...
- استشهاد طفلتين وعمليات نسف متزامنة برفح ومدينة غزة
- نصائح للوقاية من العدوى المنقولة بالغذاء
- عبر الخريطة التفاعلية.. تفاصيل المشهد اليمني عبر الخريطة الت ...
- فيديو لغارة أمريكية على قارب بشرق المحيط الهادئ يثير تساؤلات ...
- السعودية: المملكة لن تتردد في مواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها ...
- تصاعد موجة الاحتجاجات في إيران بسبب ارتفاع الأسعار بشكل حاد ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رانية مرجية - العبوة النازفة… رواية الإنسان حين يصبح جبهة قتال داخلية قراءة نقدية معمّقة في عمل فهيم أبو ركن