المقال الثالث من قليل قليل من رحلة عمر


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 17:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

التربصات
التربصات التي يشرف عليها صلاح جابر في بداية ثمانينات القرن الماضي الخاصة بمجموعة التروتسكين في تونس كانت فعلا تربصات غنية معرفيا. كانت مداخلاته قيمة فتحت عيون الكثير منا وقتها على طبيعة الاتحاد السوفياتي البيروقراطية وعلى طبيعة الثورة الروسية والصينية والكوبية كذلك كنا نحضر مداخلات له حول الناصرية والثورة في المنطقة العربية. كانت محاضراته خصوصا في البداية جديدة علينا وكانت تبدو كبحر في صحرائنا.
كنا متعطشين كثيرا كثيرا للإستزادة منها فأمامنا أناس نختلف معهم وهي فرصة للتكوين ثم مبارزتهم فيما يتصورون أنهم يمتلكون مفاتيحه وأذكر وقتها أن صلاح جابر مكننا من وثيقة صغيرة في حجمها لكنها كانت بمثابة الكنز الثمين بالنسبة إلينا وهي وثيقة الثورة العربية التي كانت تصدرها مجموعة (رعش) في سوريا التي لصلاح علاقات وطيدة معهم وبالتالي للأممية الرابعة.
تلك الوثيقة أذكر أني قرأتها مرات ومرات ففيها وجدت ضالتي: البرنامج الانتقالي ومهام الثوريين العرب وقته. الوثيقة كانت تهم سورية ولبنان ولكنها كانت أيضا تهم كل المنطقة العربية كذلك تمكنا من الإطلاع على منشورات مجموعة ماتسبين الإسرائيلية والتي كانت تصلنا نشرتهم الشرارة على ما أذكر ولا أدري لماذا فترت العلاقة معهم ثم انقطعت معهم.
التحاقي بالجنة المركزية
التحاقي باللحنة المركزية أول مرة في 1984 أعتقد ذلك إن لم تخني الذاكرة لم يكن في مؤتمر للمجموعة وعبر عملية انتخاب بل كان باقتراح من التنظيم) وقتها كنا نرى أن ما يقترحه التنظيم هو بمثابة الأمر لا يمكن أن يرفض أو يناقش إنه قرآن منزل. والتحقت بالجنة المركزية وقتها لم يكن يعلم بالموضوع من سيدي بوزيد سوى اثنان هما محمد عمامي والسعدي بكاري وأظن أن الاقتراح جاء أولا من صلاح جابر الذي أقنع صدري الخياري به والذي تدارسه صدري فيما بعد مع السعدي البكاري فقط من سيدي بوزيد محمد لا يعلم بذلك وأنا هو من أعلمته...
الحقيقة أن إلتحاقي باللجنة المركزية للشيوعيين الثوريين كنا نرى فيه محاولة من مجموعة تونس أولا للتوسع وثانيا لتشريك مجموعة سيدي بوزيد في أهم القرارات التي ستصدر وبالتالي دفعهم ليكونوا منضبطين ومسؤولين أكثر. لقد جاء اقتراح الحاقي مباشرة بعد التربص الذي كان في سيدي بوزيد وأرخنا له بسؤال الرفيق عن موقف الأممية من المجاعة في أثيوبيا هههههههههههههه.
كنت أحضر اجتماعات اللجنة المركزية حيث يستقبلني صدري لما أحل بالعاصمة وينقلني لمكان لا أعرفه فأجد مجموعة من الرفاق كلهم كبار السن ألفة فقط وصدري كانا يقاربانني سنا كنت أحضر على الأقل الاجتماعات الثلاثة الأولى دون دراية لي بالمسائل التي ستناقش. بمعنى لا أعوف جدول الأعمال إلا ساعة حضور وهو ما جعل مواقفي وقتها مهزوزة وغير مدروسة وكنت غالب الأحيان لا أشارك بشكل نثمر في النقاشات إضافة إلى أن الرفاق الحاضرين كانت تفصلني عنهم مسافة نفسية كبيرة فأنا لا أعرفهم وهم لم يسعوا للتعرف علي (وبقات الياجورة أو برشة ياجورات محطوطة بيناتنا) لأعود مرة وفي اجتماع آخر فلا أجد اثنين منهم وهما امرأة ورجل كبيرا السن فلا أنا سألت عنهما ولا بقية الأعضاء ذكروا لي سبب غيابها الذي صار أبديا لأعرف فيما بعد أنهما لن يعودا.
نحن الآن في سنة 1985 اللجنة المركزية لم يكن بها من هو من الجريصة على ما أعتقد كان بها أفراد من مجموعة تونس وواحد من سيدي بوزيد هو أنا وقتها وهاني نعاودها لا موجود لا ماهر حمدي لا نزارعمامي ولا فتحي صلعاوي ولا جلال التليلي لا أحلام بالحاج ولا متع المديونية في مجلس نواب الشعب فتحي ولا سيدي زكري.
بعضهم كان في الحركة الطلابية قبل أن يظهر تيار الماركسيين الثوريين
كانت بدايات مشوهة وفيها حسابات كثيرة... لا علينا المهم.
مجموعة تونس كانت ترى أنها هي التنظيم برغم أن عدد المنتمين لهذا التنظيم من سيدي بوزيد كان أكبر بكثير من مجموعو تونس التي كانت تحوز على كفاءات تنظيمية وسياسية أصلب عودا و أكثر تجربة من الجميع ويمكن القول أن أحد الأسباب التي جعلت من عملية التوسع لا تسير كما ينبغي ودفعت بالتنظيم أن يَحُلَّ نفسه سنة 1993 (وسنعود لذلك بالتفصيل) هو تروتسكيو العاصمة الذين نعرف جميعا كيف انتقل أغلبهم بعد ذلك للخارج وما فعلوا في الخارج.
(يتبع)