الحكاية الأولى: العائدون 2


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 22:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كل شيء ممكن إلا الخوف وأعتقد ان لنا برنامجا يجب تنفيذه.
أمسك بكتف من بجانبه واستوى واقفا وقال:
لتعلموا أننا جئنا لأمر مجدّد ولابد أن نستوفيه...
لقد جئنا لنخلص هؤلاء السكان من الأفعى... لقد جئنا لنوزع عليهم السلاح فالأفعى لا تموت ولا يخلصون منها بغير السلاح....
ولكنها يمكن أن تموه علينا كأن تجعلنا نعتقد أننا قتلناها وتخسر كامل بدنها ولكنها ستحصل عليه من جديد إن بقيت تحتفظ برأسها ... ستحصل عليه ويمكن أن يكون أفضل مما كان عندها ... صحيح أنه سيكون مشوها ولكنه هو الذي تعول عليه في جعلها تزحف من جديد وتأكل الأخضر واليابس...
تكلم أحدهم وقال: نعم هذا هو ولكن هؤلاء السكان مساكين لم يتفقوا بغد على كلمة واحدة ...
مازالوا مختلفين هل يرفعون الشعارات فقط ويسيرون في مظاهرات سلمية عارمة أم يتدبرون أمر امتلاك السلاح... فامتلاك السلاح ليس أمرا سهلا وخاصة حمله ولا تتحدث عن استعماله فهؤلاء القوم يقتلهم الخوف.
هم يفضلون البقاء جياعا ولا يحملون السلاح ناهيك عن استعماله.
حقا نحن في ورطة كما يقول الزعيم لقد تركنا قبورنا الدافئة وجئنا هنا ونحن لا ندري من أمر هؤلاء شيئا.
قال آخر: هل تعتقدون أن الأفعى سيخاف وسيرمي سلاحه ما أن ننطق في تنفيذ مشروعنا... أنا لا أعتقد ذلك... فالأفعى لن يسلم بسهولة سينادي احتياطي الجيش وسيهب إليه الفلاحون وبعض الشباب من كل ناحية فقط بعض الناس سيرون أنه من طبيعة الرجل أنه يحتاط دائما بشكل زائد عن اللزوم وما نداءاته إلا أمرا مكرّرا وهي كسابقاتها للتجييش لا أكثر وبالتالي فهي أمر لا يجب التفكير فيه. فالبلاد بخير وحكم الأفعى بخير والجميع بخير فلما الهرج الزائد...
تدخل آخر وهو يرتجف عضلاته بارزة وأنفه أفطس وهو أسود البشرة وأسنانه بارزة في غير انتظام كأنها تتصارع داخل فمه وقال: نعم ما أحوجهم للسلاح... الأفعى لا يسقط بغير السلاح والسلاح ها أنكم ترونه جمهوريا ...وقلة من يمتلكونه وحتى إن امتلكوه فهم لم يتعودوا عليه.
لقد قلت لكم إن مشروعنا سيفشل ... لابد من تعويد الناس على السلاح أولا ثم ثانيا لابد من التفكير في ورش كبرى لتعليمهم استعماله وها أني أعيدها وكلكم آذان صاغية مشروعنا سيفشل لأننا تركنا السلاح جمهوريا ولم نحوله لمشترك بين الناس... مازال الناس يهابون حامليه بل أن هناك من يقدم رشاوي لحامليه هكذا من تلقاء نفسه لم يفرض عليه أحد ذلك ... هو يتصور أنه بصنيعه إنما يقوم بما يحب أن يقوم به ولكنه مسكين لا يدري...
الناس غير مدربين على استعمال السلاج ... إنها بالضبط حالة تشبه جدا عدم قدرتهم على الكلام فهم حتى إن تكلموا فسيكون كلامهم نصف كلام بل ثلث أو ربع كلام...
الحقيقة مرة كالعلقم في حناجر هؤلاء
الأنبياء ليس لديهم معجزات ليسوا سحرة هم فقط مجرد أناس يرون الحقيقة التي لا يراها غيرهم ...
لا يجب التعويل على كلامهم ونحن كذلك ليس لدينا معجزات أيضا ولسنا أنبياء لكننا سنفشل وسيفشل المشروع الذي نعتقد أن لا خلل به... لكن مازال أمامنا وقت للنتدارك... لنعد لقبورنا أحسن لنا ولهم فزابا مازال يتحكم في الجميع و البلاد بخير وهم مازالوا غير جاهزين للظهور.
الأمور غير معقدة زابا يتحكم في الأنفاس يقتل يملأ السجون بالذباب والخنافس جنده لا يحيّيون الوطن بل يحيّيون الأوراق النقدية والأجنبي ... لا يجب أن يقودنا الحقد والثأر... يجب أن نبقى في مقابرنا فهي أستر لنا من هزيمة نكراء الآن...
هذه هي الحكمة التي تميزنا عن غيرنا ...
لسنا مجرمين حتى نقود الناس إلى حتفهم ولسنا مقاولين حتى نسعى إلى الربح بأي ثمن حتى وإن كان حياة الناس... لنتركهم في جوعهم وعرائهم فلعل ذلك يحفزهم على العمل ...
كنا في الدنيا الأخرى نقول ماركس قال لينين قال جيفارا قال ثم ننسى كل ذلك ونذهب نروى عطشنا فلا يعود لا ماركس ولا لينين ولا جيفارا ننسى كل هؤلاء ولا نتذكر سوى عوراتنا وأسماء بعض حبيباتنا وبعض القحاب...
الآن الأمر مختلف فليس هناك حساب ولا جنة ولا نار كما كان يُعتقد هناك فقط عالم شفاف تُرى فيه حقائقنا عارية عالم ما بعد الموت هو عالم الحقيقة الشفافة فلا تتخلوا عن ذلك في سبيل حقد أرعن يشدّد عليكم...

الحمامات. تونس