الحكاية الأولى: العائدون ـ 3 ـ


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الناس غير مدربين على استعمال السلاج ... إنها بالضبط حالة تشبه جدا عدم قدرتهم على الكلام فهم حتى إن تكلموا فسيكون كلامهم نصف كلام بل ثلث أو ربع أو خمس كلام...
الحقيقة مرة كالعلقم في حناجر هؤلاء
الأنبياء ليس لديهم معجزات ليسوا سحرة هم فقط مجرد أناس يرون الحقيقة التي لا يراها غيرهم ... لذا لا يجب التعويل على كلامهم ونحن كذلك ليس لدينا معجزات أيضا ولسنا أنبياء لكننا سنفشل وسيفشل المشروع الذي نعتقد أن لا خلل به... لكن مازال أمامنا وقت للنتدارك... لنعد لقبورنا أحسن لنا ولهم فزابا مازال يتحكم في الجميع والبلاد بخير وهم مازالوا غير جاهزين للظهور.
الأمور غير معقدة زابا يتحكم في الأنفاس يقتل يملأ السجون بالذباب والخنافس جنده لا يحيّيون الوطن بل يحيّيون الأوراق النقدية والأجنبي ... لا يجب أن يقودنا الحقد والثأر... يجب أن نبقى في مقابرنا فهي أستر لنا من هزيمة نكراء الآن...
هذه هي الحكمة التي تميزنا عن غيرنا ...
لسنا مجرمين حتى نقود الناس إلى حتفهم ولسنا مقاولين حتى نسعى إلى الربح بأي ثمن... إنها حياة الناس... لنتركهم في جوعهم وعريهم فلعل ذلك يحفزهم على التحرك والعمل ...
كنا في الدنيا الأخرى نقول ماركس قال لينين قال جيفارا قال ثم ننسى كل ذلك ونذهب نروى عطشنا فلا يعود لا ماركس ولا لينين ولا جيفارا ننسى كل هؤلاء ولا نتذكر سوى عوراتنا وأسماء بعض حبيباتنا وبعض القحاب...
الآن وها أننا عرفنا فلا عذاب القبر ولا حساب ولا جنة ولا نار كما كان يُعتقد هناك فقط عالم شفاف تُرى فيه حقائقنا عارية عالم ما بعد الموت هو عالم الحقيقة الشفافة فلا تتخلوا عن ذلك في سبيل حقد أرعن يشدّد عليكم...
كنت كمن يعيش حلما مرعبا وأنا أسمعهم يتحدون...
كان مارا بالصدفة قرب المقبرة الكبيرة...
بالنسبة لهم لا يمكن لا أن تقول أنهم مسلمين أو مسيحيين أو يهود أو ملحدين أو غير متدينين أصلا ... كلامهم لا يفهم منه ذلك... هم يستوون في هيئاتهم الأولى كما كانوا ولكنك لا تستطيع أن تمسكهم أنت تراهم وتسمعهم فقط وقد يختفون بسرعة ولا يمكن لك أن تروي عنهم شيئا فلن يسمعك أحد باعتبار أن ما تقوله لا يقوله سوى المجانين...
يا لنا كم نحن جهلة ... بارعون فقط " في قلة الخير".
وقبل أن يختفوا قال أحدهم يخاطب من كان يتكلم منهم: أنت فعلا ساحر وإلا لما قلت كل هذا الكلام... فعلا نحن لا ندري من أمر هؤلاء شيئا فكيف يريدوننا أن نخلصهم من زابا القتال ومهما تكن أوضاعهم فهم لا يستحقون أن يكونوا كما هم زابا من جهة والجفاف والعوز والطبيعة القاسية من جهة الثانية...

الحمامات. تونس