عن الديموقراطية


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 00:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لمّا تطرح مسألة الديموقراطية على بساط البحث بسرعة يبرز تياران وقد كانت الغلبة دائما للتيار اللبرالي الذي بدوره ينقسم لعدة اتجاهات يمكن أن نحدد منها ثلاث اتجاهات رئيسية.
ـ الاتجاه اللبرالي الرأسمالي
ـ الاتجاه اللبرالي اليساري
الاتجاه اللبرالي الإسلامي
والتياران هما:
تيار الديمقراطية السياسية أولا
وتيار الديموقراطية الاقتصادية أولا
يمكن القول أنّ الثورات التي عرفتها المنطقة العربي التي انطلقت من تونس في 17 ديسمبر 210 كلها فشلت في الدرس الأول الخاص بإرساء الديموقراطية. فعن أي ديموقراطية نتحدث؟
طبعا نحن سنحاول أن نفهم السياقات بعيدا عن الأحكام المسبقة الساذجة والأفكار المتوترة أو التي تدافع عن معيز ولو طاروا.
قلت لقد فشلت كل الثورات في إرساء الديموقراطية فمعروف أن المنطقة العربية والإسلامية ومنطقة الشرق تحديدا قد شهدت منذ أكثر من قرن انتشارا كبيرا لعديد المنظمات التي ترفع هذا الشعار وتريد إنجاز مهمة دمقرطة المجتمع ولكن نلاحظ أن كل هذه المنظمات كانت تقف على شعارات ثقافية استقتها تحديدا من (الغرب) الرأسمالي الذي أراد وبشكل عالم وممنهج خلق منظمات (غير معادية اقرأ تابعة)... طبعا منظمات تستبعد الحقوق الاقتصادية للغالبية لتستبدلها بحقوق ثقافية مثل تحرير النساء ـ الانتخابات ـ الحريات الفردية والجماعية وتسكت عن الحقوق الاقتصادية... ففي تونس نلاحظ أن الأمر لم يقتصر على منظمات المجتمع المدني بل تعداه إلى ما يسمى بالأحزاب حيث أنها أي الأحزاب غالبا ما قصّرت كل نشاطها السياسي على تركيز الحريات وقد شاهدنا أحزابا تقول عن نفسها يسارية بعد وقبل 2010 تمد يدها لحركة النهضة و لأحزاب أخرى لبرالية لتتحالف معها فقط لأنها تدّعي أو تؤمن مثلها بضرورة إرساء مجتمع تتوفر فيه الحريات والانتخابات ويؤمن بحقوق الإنسان وكأن مثل هذه الحقوق هي المطلوبة أولا وبتوفرها ستتوفر الحقوق الاقتصادية و التوزيع العادل للثروة. رأينا كيف أن أغلب هذه الأحزاب شاركت في انتخابات 2011 وما تلاها من انتخابات. بعد 25 جويلية لم يختلف الأمر لدى هذه الأحزاب والمنظمات حيث بقيت على عادتها أحزاب ومنظمات تناضل من أجل إرساء مجتمع الحريات الثقافية وليس الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة ويمكن القول إن أحد أسباب ضعفها أولا وتشتتها ثانيا هو هذا العامل أي عدم ايلائها أهمية لمسالة التوزيع العادل للثروة.
بعد 25 جويلية سادت الديماغوجيا وقد ساهم جامعيونا مساهمة كبرى في ذلك طبعا ليس كل الجامعيين، فلم تحل مسألة التشغيل وارتفعت الأسعار 3 و4 مرات عما كانت عليه سنة 2010 وأصبح التعامل مع الدول الأخرى يمر عبر 1=3 . الدستور صاغه فرد كل السلطات بيد هذا الفرد تغولت مافيا المال والفساد صارت العائلات النهابة أكثر شراهة من ذي قبل لتجميع المال من الأغلبية، وقع إقرار قانون 54 سيئ الصيت ولا حديث عن التوزيع العدل للثروات...
وبقيت المعارضة على ضعفها الكبير ترفع شعار الحريات وتستثني منها الحريات الاقتصادية...
إننا في حاجة اليوم لرفع راية الحريات الاقتصادية أولا والتوزيع العادل للثروة فعبر هذه المهمة يمكن أن يتوحّد التونسيون ويمكن أن ]غيروا النظام القائم .
وطبعا لا شيء يأتي هكذا سهلا فأن كنا في 2010 قد استسهلنا الأمر فالآن وقد مرت على الثورة الأولى 15 سنة نبقى دائما نقول إنه مطروح علينا استئناف الثورة لتخليص الحي من الميّت والقيام بما يقلب الأمور جميعا.

تونس في 20 ديسمبر 2025