طروحات الشيوعيين الثورين وعلاقتهم ببقية التنظيمات اليسارية


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تعرفنا على كيف جاءت تسمية الشيوعيين الثوريين ولككنا لم نتعرف على أطروحاتهم وعلاقتهم ببقية التنظيمات اليسارية.
نحن في سنوات 1980 إلى 1989
التنظيمات الشيوعيىة وقتها هي:
المجموعة الأولى:
وهي حزب العمال الشيوعي التونسي الذي تأسس في 3 جانفي 1986 على يد مجموعة من مناضلي العامل التونسي وغير اسمه (حذف شيوعي وتونسي) ليصبح حزب العمال فقط في جويلية سنة 2012 وهو حزب يساري يتبنى الأطروحات الماركسية اللينينية، ويرى في الديمقراطية وسيلة للنضال السياسي والدفاع عن الطبقات الكادحة وعلى رأسها طبقة العمال. تشيع للنظام الألباني وكان ينقد التروتسكية والماوية ويعتبرهما نظريتان تحريفيتان وتحديدا كان يرى في التروتسكية عدوا لدودا وأعتقد أنه لحد الآن مازال يحمل هذا التصور حتى وإن كان لا يفصح عنه رسميا سيما وقد أسس مع الماوين والتروتسكيين الجبهة الشعبية التي كان لها 16 ممثلا في مجلس نواب الشعب من سنة 2014 إلى سنة 2019.
المجموعة الثانية:
الشعب السرية:
وهي مجموعة ماوية وقتها وقع اعتقال أغلب أعضائها ولكن فيهم من بقي خارج السجن ويعبر عن أطروحات هذه المجموعة التي كانت أطروحات خليطا من نظرية العوالم الثلاثة ونظرية الثورة الوطنية الديموقراطية وأفكار ماوتسيتونغ عموما والتي يمكن أن نلخصها في " دع مائة زهرة تتفتّح ومائة مدرسة تتبارى".
تكنّ هذه المجموعة التي تقول عن نفسها أنها شيوعية عداوة بالغة لمناضلي العامل التونسي وكذلك للأطروحات التروتسكية والتي سيرثها عنهم فيما بعد كل عائلة الوطنيين الديموقراطيين والتي حسب اعتقادي مازالت لحد اليوم حتى وإن خفت نبرتها قليلا وهي أطروحات لا يفصحون عنها بصفة رسمية.
لن نتكلم هنا عن تحول الحزب الشيوعي التونسي إلى مجموعة التجديد ولا عن الوطنيين الديموقراطيين كعائلة لأنهم في بداية ثمانينات القرن الماضي كانوا مجموعات طلابية صغيرة ما يفرقها أكثر مما يوحدها ولم يكونوا يقولون عن أنفسهم انهم شيوعيين وأذكر أن أحدهم وهو من حاول تأطيري شخصيا وضمي لمجموعته من الوطنيين الديموقراطيين كان يقول لي "نحن وطنيين لأننا ضد الاستعمار وديموقراطيين لأننا نريد إرساء مجتمع ديمقراطي" هكذا بكل بساطة هههههههههههه.
لابدّ أن نشير إلى أن المجموعات الثلاثة تجهل عن التروتسكية أكثر مما تعرف. فهم لم يقرؤوا وقتها لتروتسكي ولا لمن كتب عنه ولا للأممية الرابعة وما يتداول من حديث حولها هو لغو من هنا وهناك يردده بالخصوص مناوؤوها ويحفظه هؤلاء.
إضافة لأن معظم ثقافتهم حول التروتسكية والأممية الرابعة وتاريخها حتى وقتها كان يأتيهم من أعداء التروتسكية فالسادة لا يعرفون معنى الثورة الدائمة ولا التطور اللامتكافئ والمركب ولا كتب تروتسكي عن الأممية الثالثة ولا كتابه حول تاريخ الثورة الروسية، فقط يعرفون تاريخ الحزب البلشفي ذلك الكتاب المدرسي الستاليني السخيف وكتبابي ستالين حول أسس ومبادئ اللينينية وورقته حول اللغة وتحديده لخصائص الأمّة.
وحتى بعد أن توفرت المراجع وتوفرت الكتب لا أعتقد أن أفراد المجموعات الثلاثة قد اطلعوا عليها وغيروا آراءهم التي أحسب أنها بقيت نفسها خصوصا بعد أن كتب لهم محمد الكيلاني كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس.
انحصر النقاش مع التروتسكيين من المجموعات الثلاثة حول طبيعة المجتمع التونسي وحول طبيعة الثورة فبينما كان جماعة العامل التونسي يرونه ذو طبيعة رأسمالية تابعة وبالتالي فلا مناص من التحرّر أولا عبر النضال من أجل فرض الحريات السياسية. كانت العائلة الماوية ترى في طبيعة المجتمع طبيعة شبه استعمارية شبه اقطاعية وعليه لابد من ثورة وطنية ديموقراطية تقضي على شبه المستعمر وتقضي كذلك على شبه الاقطاعي...
وما يلاحظ هنا أن لا حديث عن السلطة التي ستنبثق عن التغييرين في حين كان التروتسكيون يطرحون منظورا آخر خاصة لطبيعة الثورة التي يرونها يجب ألا تكون على مراحل كذلك هم يشتركون مع المجموعات الأخرى في أن لا حديث عن السلطة التي ستنبثق عن هذه الثورة التي بلا مراحل...
ويمكن القول أن النقاش بين هذه المجموعات بما في ذلك المجموعة التروتسكية كان غائبا حيث أن كل مجموعة كانت ترى نفسها هي مالكة الحقيقة.
إضافة لذلك يمكن القول إن النقاش لم ينفذ لأمهات المشاكل المطروحة بل كان فوقيا انعزاليا عن الجماهير لم يساعد على بلورة وعي يرتقي لأن يكون وعيا ثوريا بل إن كل ما هناك هو جماعات ماوية وجماعات تنتمي للعامل التونسي وجماعات تنتمي للتروتسكية تتلمس طريقها للتمايز وترى نفسها أنه عليها التطور بمعزل عن المجموعات الأخرى. وأذكر أنه في نقاشات الشيوعيين الثوريين التي حضرتها في الهيئات التي كنت أنشط فيها لم يكن هناك فهم واضح للمطروح على المستوى الوطني والإقليمي والدولي بل إن كل ما هناك هو نقاش سياسي توصيفي أكثر منه تحليلي تفكيكي للبني المجتمعية محليا وإقليميا ودوليا وما نداءات التوحد التي صرنا نقرؤها فيما بعد إلا نتيجة للانحصار الذي وجدت نفسها فيه كل مجموعة ولم يكن ناتجا عن حاجة موضوعية لابد منها للتقدم ومازلنا لحد اليوم نرى مثل هذه النداءات السخيفة لتوحيد الأطراف ونسيان الجسم الذي هو الجماهير.
مسألة أخرى لابد من الإشارة لها وهو وجود الطبقة العاملة من عدمه وما إلى ذلك من أسئلة ذات صلة فكل المجموعات تعتقد في وجود طبقة عاملة وهناك حتى من له أوهام على أن هذه الطبقة منظمة في الاتحاد العام التونسي للشغل ويبني كل استراتيجياته في النضال على هذه القناعة والملاحظ أن الجميع لم يطوروا أطروحاتهم عن الموضوع بل بقوا يرون حتى في عصر العولمة المتوحشة أن كل مجتمع لابد أن تكون به طبقة عاملة ولم يهتموا بالدراسات والبحوث التي تفند ذلك وتطرح مسالة التذرر الطبقي وتحول القوى العاملة التقليدية في بعض المجتمعات إلى قوى مستهلكة أكثر منها عاملة وللحديث بقية

الحمامات في 09 جوان 2025
(يتبع)