المقال التاسع من قليل قليل من رحلة عمر. أسئلة و أجوبة
بشير الحامدي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 14:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنا تطرقنا في المقال السابق لاختلافات الشيوعيين الثوريين مع بقة الاتجاهات اليسارية حول طبيعة المجتمع وطبيعة الثورة وهي النقاشات السائدة وقتها والتي عبرها يمكن التصنيف الأيديولوجي لمجموعات اليسار ولمنتسبي هذه المجموعات.
في هذا المقال سنتعرض لمسائل أخرى منها خصوصا أسئلة وصلتني من متابعي مقالاتي سواء عبر التعليقات في Facebook أو عبر رسائل خاصة والتي سأجملها في أربع مسائل.
المسألة الأولى:
لماذا اندثرت منظمة الشيوعيين الثورين؟
منظمة الشيوعيين الثوريين في الحقيقة لم تندثر لأنها بعد 1993 تاريخ المؤتمر الذي حصلت فيه خلافات حدية و للأسف غير مسجلة وغير مكتوبة وهي في ذاكرة البعض فقط وسنعود إليها في مقال مفصل قلت منظمة الشيوعيين الثوريين لم تندثر بل أن أغلب عناصرها الفاعلة إما انتقلت للخارج إثر الخلاف أو بقيت تنشط بشكل مستقل عن كل الاتجاهات في النقابة وفي المجتمع وتواصلت بعد سنة 2000 في مجموعة "راد أتاك" التونسية ثم فيما بعد في قوس الكرامة ثم أخير في رابطة ليسار العمالي وسنأتي على ذلك بالتفصيل في مقالات أخرى مستقلة في هذه السلسلة.
المسألة الثانية:
ما علاقة مجموعة الشيوعيين الثوريين بحزب لويزة حنون وبتروتسكيي الجزائر.
لابد هنا أن نذكر أن في الجزائر يوجد حزبان تروتسكيان الحزب الذي ترأسه السيدة لويزة حنون والحزب الاشتراكي للعمال الذي يرأسه وقتها السيد شوقي الصالحي وهما حزبان مختلفان جذريا في توجهاتهما حيث أن حزب السيدة لويزة حنون هو الأقدم بينما الحزب الذي يرأسه شوقي الصالحي يعود وجوده لسبعينات القرن الماضي فقد كان حاضرا كمجموعة سياسية نشيطة منذ سبعينيات القرن الماضي بتمركز واضح في منطقة القبائل ولاية بجاية تحديدا. وهو حزب يغلب عليه طابع الشباب من الجنسين بأغلبية طلابية وحضور عمالي وفلاحي ضعيف مثله مثل أغلبية الأحزاب اليسارية في منطقتنا التي يغلب داخلها العنصر المثقف القريب من الفئات البورجوازية الصغيرة، الحضرية. واصل تطور الخلاف بين الحزبين من خلاف حول المبادئ إلى خلاف سياسي. و يعود إلى خلاف داخل الأممية الرابعة انعكس وقتها على عديد المجموعات المنتمية للأممية الرابعة وصورة الخلاف أنه في مؤتمر من مؤتمرات الأممية في نهاية أربعينات القرن الماضي قدم تقرير للأممية حول الاتحاد السوفياتي وانقسم أعضاء الأممية حوله فهناك من يقول أنه يجب الوقوف مع الستالينية إن وقع مهاجمتها من قبل الامبريالية الغربية و الأمريكية والتقرير وقتها يتحدث عن إمكانية حقيقة وواردة للحرب ضد السوفيات وبالتالي دعا المتمسكين بهذا الموقف إلى الدخول للحزب الشيوعي الفرنسي بينما عارض الشق الثاني هذا الطرح معتبرين صاحبه Michel Pablo يميني ستاليني مندس وقد قاد هذه الحملة ضد Michel Pablo السيد Ernest Mandel الذي سيصبح فيما بعد الزعيم الأكبر في اللأممية الرابعة.
كان للشيوعيين الثوريين علاقة خصصا بحزب العمال الاشتراكي الذي يرأسه شوقي الصالحي ولكن كان هناك خلاف واحد بين المجموعتين حول المسالة القومية حيث يقول الشيوعيون الثوريون في تونس بالقومية العربية بينما يقول حزب العمال الاشتراكي بالقومية الأمازيغية.
المسالة الثالثة:
هل انتمى الشيوعيون الثوريون للأممية الرابعة
ما أعلمه أننا لم نكن أعضاء كاملي العضوية في الأممية. في أول تسعينات القرن الماضي كنا نحضر اجتماعات الأممية ولكن ليس لنا حق التصويت على القرارات. هذا ما أعلمه وقد أكون قد نسيت فما على التروتسكيين سوى تذكيري وصفحتي مفتوحة لهم.
المسألة الرابعة:
لو توضح لنا كيف أن الشيوعيين الثوريين في نهاية الثمانينات من القرن الماضي كانوا يرون أن الطبقة العاملة منظمة في الاتحاد العام التونسي للشغل وكيف جاء طرح حكومة الاتحاد.
أولا ليس كل التنظيم كان مقتنعا بذلك بل كان هناك طرف في الشيوعيين الثوريين يرى أن الطبقة العاملة منظمة في الاتحاد العام التونسي للشغل وعليه ونظرا لانسداد الآفاق السياسية اليسارية الصرفة لابد من المناداة بحكومة اتحاد والحقيقة أن هذه الفكرة لم تكن نابعة من عناصر شيوعية ثورية بل تبنوها بعد أن أقنعهم بها صلاح جابر ممثل الأممية الرابعة والذي كان يشرف على تأسيس المجموعة في تونس وفي حديث لي شخصيا معه كان يدافع عن هذه الفكرة وأظنه لحد اليوم مازال على قناعته تلك.
ينسي المدافعون عن هذه الفكرة أن 10 في المائة فقط من منخرطي الاتحاد هم عمال والبقية برجوازيون صغار موظفين وضعهم الاجتماعي مزر وهو ما جعل صلاح جابر يقول في عديد المناسبات التي تحادثت فيها معه أن قاعدة الاتحاد "مبلترة" ولا أهمية للعنصر البرجوازي الصغير ... كما ينسي أصحاب الفكرة أن الحكومة التي ينادون بتكوينها ستكون حكومة بيروقراطية يمينية لا صلة لها بالعمال ولا ببرنامج العمال وقد برهن مسار الأحداث بعد 17 ديسمبر 2010 على ذلك حيث ارتمت البيروقراطية النقابية في أخضان المجموعات التي حاولت ترميم نظام بن علي وهنا أعني مشاركة البيروقراطية النقابية في حكومتي الغنوشي الأولى والثانية.
تونس - الحمامات يوم 09 جوان 2025