وهم المُصمم وتهافت نظرية التصميم الذكى


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5754 - 2018 / 1 / 11 - 19:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

نحو فهم الإنسان والحياة والوجود (78) .
- مئتان حجة تفند وجود إله –حجة 163 – نقد فكرة الإله المصمم .

يعتبر دليل التصميم والنظام من أقوى الأدلة التى يتصورها المؤمنين تبرهن على وجود إله , من خلال فهم يرى الكون والحياة تحتاج لمصمم شخصانى عاقل قام بتصميمها عن إرادة وغاية , لتقول هذه الرؤية إذا رأيت بيت فهناك من صممه ليبدو هكذا , فهو لم يوجد بدون تصميم وغاية , لذا فالكون المنظم هناك من أوجده ولم يأتي بلا غاية .

هذه الرؤية التى يتبناها المؤمنون بفكرة الإله الصانع هى رؤية خاطئة للأسباب التالية :
- بداية هذا المنطق لا يجب أن يسرى على فكرة الإله , فالإله المفترض ليس مادة حسب إيمانهم وعليه لا يسرى عليه المنطق المادى , كما أنه ليس كمثله شئ حسب تصوراتهم لذا فلا يسرى عليه المنطق المحكوم بالوجود المادى .

- يصورون الإله كفاعل عاقل أنتج وصمم الكون والحياة كحال المهندس , وهذا مفهوم خاطئ من أساسه , فالمُفترض أن الإله ليس عاقلاً , فالعقل يعنى التحدد بمفاهيم وأطر العقل والمعقول ليخضع الإله هكذا لمفاهيم العقل ومحدداته وترتيبه مما يقوض الحرية والمشيئة الإلهية المطلقة علاوة أنه ُيشخصن الإله بالإنسان محدود الحرية والقدرة .

- الإله أيضا لا يفكر , فالتفكير يعنى الإلتزام بمحددات الفكر ومتطلباته ونظامة وترتيبه ومنطقه بينما يُفترض فى الإله أنه غير خاضع لمتطلبات وترتيب ومنطق .

- الإله لا يمكن أن يكون مصمماً وخالقاً فى نفس الوقت فهو إما خالقاً وإما مصمماً , فالمصمم يتعاطى مع ماهو موجود من مواد ليعيد ترتيبها وصياغتها وفق لرؤيته وفهمه , فالفكر المُخطط يلزم وجود المادة أولا فمنها يأتى التصميم والتخطيط , فيستحيل وجود فكر مُخطط بدون المادة , فالمهندس أو المخترع لا يُصمم ولا يَخترع شيئاً بدون وجود وحدات مادية موجودة ليقوم بتركيبها بطريقة خاصة , بينما الخلق هو الإيجاد بدون تعديل أو تطوير أو إعادة إنتاج وعليه لا يكون الإله مصمماً أو لو كان خالق ففكرة أنه مُصمم ستنفى صفة الخلق عنه .!

- هناك العشرات من الحجج المنطقية التى تنفى وجود الإله المصمم العاقل والتى تناولتها فى مقالى : وهم المصمم والمنظم – مقدمة .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=567667

* تهافت نظرية التصميم الذكى .
أمام الإكتشافات العلمية كالتطور وعلوم الفضاء والبيولوجيا لم يعد لفكرة الإله مكان , فالأمور صارت فى حيزها المادى بغض النظر عن إدراكنا لكل التفاصيل ام لا , لذا فلاداعى لإثارة وجود إله يصنع ويصمم , ولكن هذا لم يريح المؤمنين بالإله فقد وجدوا زلزال قوى يهز عروش أوهامهم وخرافتهم .
- نظرية التصميم الذكى هى إحدى منتجات الفكر الغيبى فى صيغة حديثة أى هى صياغة جديدة لفكر الأعرابى صاحب القول بأن البعرة من البعير والأثر من المسير فسماء ذات بروج من إله قدير .
- نظرية المصمم الذكى ليست بنظرية علمية ولا تمت للعلم والنظريات العلمية بصلة , وهذا ما أقرته الدوائر العلمية فى أمريكا حيث منشا فكرة المصمم الذكى , فتنظر الأغلبية الساحقة من المجتمع العلمي إلى نظرية التصميم الذكي كنظرية غير علمية , لتعلن الأكاديمية الأمريكية القومية للعلوم بأن التصميم الذكي ليس علماً بسبب عدم إمكانية اختبارها بالتجربة , ولأنها لا تعطي أية توقعات , ولا تقترح أية فرضيات خاصة بها .
- فكرة التصميم الذكى لا تقدم ما يقدمه العلم من تجربة وتطبيقات وممارسات لتكتفى بذكر التعقيد فى الحياة والطبيعة والكون فهى تقوم على ياااااه ياااااه مش معقول كل هذاالتعقيد يااااه .. وهكذا خلصت النظرية دون ان تقدم سر هذا التعقيد !!
- إذن كل ما تقدمه فكرة التصميم هو الدهشة من التعقيد الهائل فى الطبيعة ولا تفسر لنا هذا التعقيد , وهذا لا يختلف شيئا عن فكر العامة وإن كان أصحاب فكرة التصميم الذكى يزحمونك بمعلومات كثيرة عن التعقيد ثم يتركونك فى دهشتك فلا هم قدموا رؤية علمية لحل هذا التعقيد ولا رؤية علمية لفهم سر التعقيد , لذا فلا يمكن إعتبارها علمية عكس حال نظرية التطور التى يسعون لهدمها ولكن نظرية التطور تتحداهم كونها تقدم رؤية يمكن إختبارها والتحقق منها .

دعونا ننقد نظرية المصمم الذكى علميا ومنطقيا :
- بداية العالم ليس مصمماً تصميماً ذكياً , فالعالم مليء بالأخطاء الجغرافية والمناخية والبيولوجية ومليء بالجور والظلم والفقر والمرض .. مليء بالأخطاء الجيولوجية التي تسبب الزلازل و البراكين والتسونامي التى تفتك بالآلاف كل عام , كذا أين هو الذكاء في خلق أكثر من ربع اليابسة صحراء لا تصلح لعيش الإنسان أو الحيوان بينما يزدحم الناس في جنوب شرق آسيا لدرجة أنهم أصبحوا يعيشون في المراكب , وما هو الذكاء في خلق أرض يغطي سبعين بالمائة منها بحار مالحة لا تصلح للشرب أو الزراعة وهناك أناس يموتون من العطش والجوع لأن أرضهم لا تنتج ما يكفيهم , وماهو الذكاء في خلق مناطق كبيرة يغطيها الجليد طوال العام ولا يسكنها الناس ومناطق كل فصولها صيف حارق عند خط الاستواء, وما هو الذكاء في خلق جوف الأرض ساخناً لدرجة إثارة البراكين أو الزلازل وهدم المبانى على رؤوس البشر الأبرياء والأطفال الذين لم يروا من حياتهم شيئاً , وما هو التصميم فى وجود الزائدة الدودية وضرس العقل وإشتراك الجهاز الهضمى مع التنفسى .. هذه التناقضات في العالم وغيرها الكثير حملت الملك ألفونسو العاشر ملك كاستيل بإسبانيا عام1252م إلى القول : لو كنت مستشاراً لله يوم خلق العالم لكان قد خلقه أحسن من هذا بكثير.!

- لأنهم يفترضون دون دليل أن لهذا الكون هدفاً وغاية بسبب وجود التعقيد والنظام فيه ضاربين الأمثال بالحياة والبشر على الأرض , فإنهم يستنتجون حتما وجود مصمم عاقل ذكى لهذا الكون , ويفترضون مرة أخرى بلا دليل أن الله أو غيره من الكائنات الغيبية وغير المادية هو هذا المصمم الذكى العاقل كلى القدرة والمعرفة لخلق هذا الكون لهدف لا تدركه سوى حكمته , برغم أن وجود هذا المصمم الذكى لا يعنى أنه هو خالق الكون أو أن لديه القدرة على الخلق , كما لا بد أن يكون بالضرورة أكثر تعقيداً مما صممه وخلقه أى الكون كله لنسأل من صممه , وحسب نفس دليل الهدف الذين يثبتون به وجوده , مما يعنى بالضرورة أن يكون لهذا المصمم الخالق هدف من الوجود طالما كان على هذه الدرجة من التعقيد , و أنه وفق نفس الدليل قد تم تصميمه من قبل مصمم وخالق آخر أكثر تعقيدا منه بالضرورة وهنا سوف ينطبق عليه نفس المنطق وهكذا إلى ما لانهاية , فإذا افترضنا أن هذا المصمم الذكى لم يصممه ويخلقه أحد وأنه صمم وخلق نفسه بنفسه على هذا النحو ليخلق كونا بهذا التعقيد ، فلماذا من بين الفوضى والبساطة اللتان تتصف بهما معظم مكونات الكون الهائلة فى الحقيقة لا يمكن أن تنبثق موجودات متناهية الندرة بالقياس لحجم الكون اللامحدود تكون أكثر تعقيدا وانتظاما بتراكم الانتظام والتعقد , من أبسط الأشياء إلى أعقدها ومن أدنى الأشياء إلى أرقاها بالتدريج و بالتكيف مع ظروف البيئة , وعبر بلايين السنين مثل الكائنات الحية على الأرض التى تتأقلم مع محيطها وليس العكس بأن ظروف محيطها قد صممت سلفا لتتناسب معها , تلك الكائنات الحية التى تمتلىء فى الحقيقة بالتصميمات السيئة مما يسبب إعاقتها وأمراضها وشيخوختها و موتها , والتى يدرك سوءها ويعالجها الكائن البشرى أحيانا وهو الأقل قدرة ومعرفة وذكاء مقارنة بالقدرة والمعرفة والذكاء التى نفترضها لدى المصمم الإلهى الذكى , الذى إذا كان فعلا كلى القدرة والمعرفة فعلى تصميماته أن تخلوا من العيوب والمكونات غير المفيدة والمعطوبة والمعطلة والضارة، وعليها أن تخلوا من عدم الانسجام فيما بينها .

يجدر الإشارة ان فكرة المصمم الذكى لم تجرؤ ان تعلن عن شكل الألوهية فهل هو الإله يهوه ام المسيح المخلص ام الله الإسلامى أم زيوس لتترك الامور عائمة أو قل قد تنحاز لفكر الالهيون فى الإله الخالق المصمم المنصرف عن مراقبة البشر ورصد اخلاقهم لياتى هذا الفهم والإستنتاج مخالفاً للمسيحيين والمسلمين الذين يحتفون بفكرة المصمم الذكى بالرغم انها لا تعنى آلهتهم .

- هناك مفاهيم ومنطق مغلوط فى فكرة المصمم الذكى , فهناك مقارنة بين جمال الكون بالاشئ , فالإنسان لايمتلك أي معرفة بطرق تشكل الأكوان بعد , فإذا أردنا أن نقيس التصميم الذكي للكون على سبيل المثال : فعلينا أن نقيسها مع أكوان اخرى مختلفة , كذا علينا أن نمتلك خبرة كافية بطرق تشكل الأكوان ولكننا لانمتلك نموذج لكون آخر وهذا يعنى عدم إمكانية أن نضع أدوات قياسية صحيحة هذا شبيه بالقول الخاطئ أن كوننا بديع فلا يمكن التحقق من هذا القول كوننا لم نرى أكوان أخرى ليحق لنا التقييم والتوصيف .. إذن حجة التصميم الذكي للكون باطلة.

- نحن نكتشف العشوائية من المخيلة البشرية ونحددها من خلال أن الكثير من أشكال الحياة طائشة بلا معنى وذات رابط بالإنسان , ولكن الحقيقة أن الكثير من أشكال الحياة لاتؤدي لنتيجة محددة هادفة للإنسان , وبالتالي نجد في الكون الكثير من اللاإرتباط بالإنسان , ومن هنا يكون الكون عشوائي حتمي وليس له غاية وهدف .

* نظرية الإحتمالات الرياضية .
- يتبع اصحاب نظرية التصميم الذكى التعاطى مع نظرية الإحتمالات ليغرقوك بأرقام كبيرة وكثيرة ولا أعلم هل تعاطيهم مع الإحتمالية يتم بوعى غافل أم بوعى مغالط متعمد يبغى التدليس .. دعونا نتعامل مع هذه المغالطة من خلال مثال ونقاشات علمية رياضية تمت بمنتدى الملحدين العرب .
لدينا فريقان لكرة القدم يلعبان مباراة فما هو إحتمال إصطدام إثنين من اللاعبين فى كلا الفريقين ؟ هنا لدينا احتمال كبير لذلك وعلينا أن ننتبه إلى أن إحتمال إصطدام لاعبين من كلا الفرقين يختلف عن احتمال اصطدام لاعبين من نفس الفريق .. لو تصورنا أن هؤلاء اللاعبين الاثنان والعشرون خارج ملعب كرة القدم يتجولون في المدينة فما هو إحتمال اصطدام إثنين من اللاعبين؟ طبعا الاحتمال هنا يبدو ضعيفا.. حسناً فلنفترض أن هؤلاء اللاعبين الاثنان والعشرين يستطيعون العيش مليون سنة وهم يتجولون في نفس المدينة, فمن هنا سيصبح إحتمالية الإصطدام تفوق إحتمالية إصطدامهم أثناء مباراة كرة القدم .
حسنا فلنفترض أن هؤلاء اللاعبين الاثنان والعشرون يتجولون في نفس المدينة لمدة يوم واحد فقط لكن هنالك مليون مدينة وفي كل منها يتجول إثنان وعشرون لاعب , فما هو إحتمال أن يصطدم لأعبين في إحدى المليون مدينة ببعضهم خلال تلك الساعة؟ هنا الاحتمالية تبدو كبيرة جدا وحتى لو كانوا يتجولون لمدة ساعة واحدة فقط .

* هذه الأمثلة تهدف إلى توضيح العوامل التي تحدد مستوى الإحتمالية لحدوث تفاعل او التصادف والتى يتم تغافلها فى أمثلة أصحاب فكرة التصميم الذكى ليعتريهم القفزات فى موضوع الإحتمالية , فمن الممكن أن نعبر عن التفاعل الكيميائي في تجربة ما فى آفاق إحتمالية الحدوث بما يلى :
1- الزمن المعطي لبدء التفاعل .
2- مساحة فضاء التفاعل .
3- عدد الوحدات الداخلة في التفاعل .
4- عدد مرات تكرار التجربة .
أى كلما إزداد الزمن إزدادت الاحتمالية , وكلما إزدادت عدد الوحدات إزدادت الاحتمالية , وكلما إزدادت عدد مرات إجراء التجربة إزدادت الإحتمالية .

- في نظرية التطور على سبيل المثال حتى نحسب إحتمال تكون جزئي بروتيني من خلال إلتقاء مجموعة من الأحماض الأمنية فإننا يجب أن نحسب عدد الأحماض الأمينيه ودرجة تركيزها في كل بحار ومحيطات الأرض , ونحسب الزمن المتاح لهذه الأحماض لبدء التفاعل , ومن هنا نحسب مساحة البحار والمحيطات التي تمثل فضاء التفاعل , ومن هنا يجب ألا ننسى حساب على كم كوكب غير الأرض تكررت هذه العملية اى عدد تكرار التجربة .
هناك بالطبع إضافة إلى ما سبق فهناك مجموعة ضخمة من التفاصيل التي يجب أن تؤخذ في الحسبان على سبيل المثال هل تتوزع الأحماض الأمينية بطريقة متجانسة أم هناك مناطق شديدة التركيز ومناطق منخفضة التركيز, لأن الاختلاف في درجة توزيع وحدات التفاعل يفرض علينا أعادة تقسيم المساحة الكلية إلى مجموعة مساحات جزئية ونحسب الاحتمالية في كل مساحة بشكل منفصل , وكذلك هل عدد الوحدات ثابت في الفترة الزمنية السابقة لبدء التفاعل أى إلتقاء مجموعة أحماض أمينية لتكوين بروتين أم أن عدد الوحدات متغير , لأن ذلك يفرض علينا إعادة تقسيم المدة الزمنية إلى عدة مجموعات , كذا علينا أن نحدد كم عدد الوحدات التي نريد معرفة احتمالية التقاءها لأن احتمال التقاء وحدتين يختلف كثيرا عن إحتمال التقاء ثلاث وحدات , وعلينا أن نعرف كذلك هل هذه الجزيئات الداخلة في التفاعل متجانسة أم أنها مختلفة , وما هو عدد الجزيئات من كل نوع وعلينا كذلك أن نعرف تفاصيل عن طبيعة حركة هذه الوحدات داخل الفضاء وعن طبيعة محفز التفاعل .

- هذا المثال الذى يتعامل مع الإحتمالية والمنطق جدير أن يمنحنا رؤية عملية تطبيقية عن تكون الأشياء المعقدة , فكل المطلوب هو زمن طويل وأماكن عديدة لإجراء التجربة لأتصور الأمور بأن الأرض مثلا بمثابة إناء لحساء كبير من ضمن مليارات الأوانى ليحتوى الإناء الواحد على مليارات النقاط التى يحدث فيها تفاعل , ومن هنا فإمكانية تكون جزئ بروتين ليس بالصعوبة التى تصدرها فكرة التصميم الذكى .

- هناك نقطة اخرى يتم تغافلها فى التعاطى مع الإحتمالات ليتصورن أن الإحتمالية تعنى ظهور الإحتمال بعد مسيرة طويلة من الإحتمالات المرتبة المتعاقبة , بينما نحن نتعامل مع العشوائية , فعلى سبيل المثال يقال أن الحصول على رقمى 6 فى الزهر سيأتى فى الرمية ال36 ولكنك يمكن ان تحصل على 6و6 فى الزهر بعد الرمية الأولى مثلا .

- من هنا تجدر الإشارة إلى أن ما يردده الخلقيين دائما من تلك الحسابات الإحصائية هي مجرد مجموعة أرقام يتناقلونها فيما بينهم مختزلة فى حسابها أى تهمل الكثير من الإحتماليات , كذا لا يكلفون أنفسهم شرح المعطيات أو الكيفية التي تمت بها تلك الحسابات ومن هنا يعجزون عن شرح الكيفية التي تمت بها تلك الأرقام, فمن يستطيع فعلاً القيام بحساب الاحتمالات بشكل صحيح يجب أن يلم بكل المعطيات في الزمن الماضي من تركيز للمواد العضوية والظروف المناخية وغيرها وذلك ليس في كوكبنا الأرضى فحسب كما أشرت سابقا ولكن وضع الأرض إلى جانب كل الكواكب المحتملة لتتكون الحياة أى يحددون فى أى كوكب تمت الحياة الأولى طالما نتعاطى بالإحتمالية . يعتمدون فقط على كون العالم الفلاني قد قام بذلك .
حساب الإحتمالات بهذا التعقيد هو مضيعة للوقت ونوع من العبث وسأوضح لك عزيزي القارئ وجاهة نظرتي هذه بهذه الطريقة يمكننا أن نتساءل ما هو احتمال الانفجار الأول فإذا فرضنا على سبيل المثال أن احتمال انفجار النواة الأولى للكون هو 1على x أس 20 فيجب علينا كذلك ان نعرف الزمن السابق للانفجار ومع وجود عدد أخر كبير من النويات التي لم تنفجر بعد , فأن حساب الاحتمال يختلف بشكل جذري لأننا علينا أن نجمع (1 على 1 أس 20 ) لكل تلك النويات لنجد احتمال انفجار أحدها فقط , على نفس المنوال لو فرضنا احتمال لظهور الحياة على الأرض ب (1 على x أس 30 ) على سبيل المثال فأننا علينا أن نعرف عدد الكواكب المشابه للأرض والمحتمل فيها ظهور الحياة لنقوم بعد ذلك بجمع كل تلك (1على x أس 30) لكل تلك الكواكب لنجد احتمالية ظهور الحياة في أحدها فلو كان عدد تلك الكواكب مثلا (x أس 30 ) فأننا هنا أمام احتمال أكيد .

- لمزيد من التوضيح سأقدم المثال التالي : تصور غرفة بها ثلاثة أشخاص يلعبون لعبة الدومنو والتي تحتاج لقدر من الذكاء مع قليل من الحظ واثنان من هؤلاء اللاعبين عباقرة وواحد منهم متخلف عقليا .
من المتوقع طبعا أن يُهزم المتخلف عقلياً, لذا فلنتصور غرفة أخرى إلى جوار هذه الغرفة فيها كذلك ثلاثة أشخاص بنفس المواصفات يلعبون الدومنو , فهل تتوقع أن أي من المتخلفين عقليا في أحد هاتين الغرفتين سوف يحظى بفرصة للفوز ؟! إذا كان عدد الغرف التي تحتوي على اللاعبين ثلاثة وبنفس المواصفات يصل مثلا (1على x أس 30) فهل لا زلت تستبعد فوز متخلف عقلي في أي من هذه الغرفة لمرة واحدة ؟! فكم تريد من الغرف ليحظى إي من هؤلاء المتخلفين بفرصة للفوز؟ القضية هنا أننا لا نعرف الحجم الكلي للعينة التي نتعامل معها في هذا الكون اللامتناهي , فبدون معرفة الحجم الكلي للعينة فلا يمكن ايجاد حساب احتمالي بشكل نهائي وربما لهذا السبب تتحقق تلك الحوادث التي نعتقد بأن إحتماليتها شبة مستحيلة كسقوط شهاب من السماء على رأس رجل محدد يرتدي معطف أسود و ويلبس نظارة تحديدا ولا تسقط على رجل أخر .

* هذه الأمثلة تهدف إلى توضيح العوامل التي تحدد مستوى الإحتمالية لحدوث تفاعل أو التصادف ومن الممكن أن نعبر عنها بتفاعل كيميائي في تجربة ما فما يحدد احتمالية الحدوث هو :
1- الزمن المعطي لبدء التفاعل 2- مساحة فضاء التفاعل 3- عدد الوحدات الداخلة في التفاعل 4 - عدد مرات تكرر التجربة .. فكلما إزداد الزمن إزدادت الاحتمالية , وكلما إزدادت عدد الوحدات إزدادت الاحتمالية , وكلما إزدادت عدد مرات إجراء التجربة إزدادت الاحتمالية .

- مبعث الخلل عند اصحاب فكرة التصميم الذكى لا تكتفى بفهمهم القاصر للإحتمالية ليضاف لذلك مفهومهم عن الغائية ليسقط الإنسان منهجية تفكيره عن الغاية على الطبيعة بينما الوجود المادى ليس لديه أى غاية فهو تفاعلات عشوائية تتم بصورة تلقائية لا تحمل رغبة وغاية وخطة وترتيب .

دمتم بخير وعذرا على الإطالة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .