درس في الإلحاد4-أسئلة في فكرة متناقضة متهافتة


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 7393 - 2022 / 10 / 6 - 00:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

درس في الإلحاد – جزء رابع .

الإلحاد الآن برفض فكرة وجود إله متكأ علي كثير من منجزات العلم والتي تقدم شروح للوجود والحياة من خلال منهجية تفكير مادي لندرك من خلالها أن الحياة والوجود في غير حاجة لفرضية الإله فالطبيعة والوجود تفسر نفسها .
لي محاولات متواضعة لفهم الوجود والحياة من خلال سلسلة مقالات : " نحو فهم الحياة والإنسان والوجود" وإن كانت غالبية المقالات المنشورة تتناول الأمور فلسفيا إتكاءاً علي الفلسفة المادية الجدلية لأعد بمقالات عديدة وغزيرة تخوض في الأبحاث والتظريات العلمية الحديثة التى تثبت مادية الوجود وأن الأمور لا تحتاج لفرضية الإله .
في الحقيقة إن الإلحاد غير مُكلف ولا مُطالب بهذا فهو يرفض فكرة الإله وله مصوغاته العقلية والمنطقية والفلسفية ومن هنا يأتي موضوعنا .. ليكون رفضنا لفكرة وجود إله من خلال الفرضيات الإلهية ذاتها والتى سوقها الفكر الإيماني لنتلمس التناقض الصارخ في الفكرة ذاتها لنجد أنفسنا أمام فكرة متهافتة مهلهلة مليئة بالثقوب .
نتناول هنا فكرة الإله المطلق اللامحدود اللانهائي الكامل لنتلمس حجم الخلل والإضطراب في فرضيات فكرة الإله .

معضلة القدرة المطلقة .
معضلة القدرة المطلقة هي تلك المفارقة التي نتلمسها في أن القدرة المطلقة متناقضة مع نفسها وبالتالي لا يمكن ان تكون موجودة , ويمكن تمثيل معضلة القدرة المطلقة بالأمثلة التالية :
-أبدأ بسؤال تردد في المنتديات الإلحادية : إذا كان الله كلى القدرة المطلقة بالرغم أن هذه الفرضية غير مثبتة ولكننا سنحاجى فى رحاب فكرة المطلق : فهل يستطيع الله أن يخلق صخرة لا يقدر على حملها ؟ لو أجاب المؤمنين بـ"نعم" .. فإنهم بهذه الإجابة قد جعلوا الخالق غير مُطلق القدرة بعدم القدرة على حملها , ولو أجابوا بـ"لا" فإنهم بهذه الإجابة قد جعلوا الخالق أيضاً غير مطلق القدرة فلا يستطيع أن يخلق هذه الصخرة !
-علي نفس الإشكالية : هل يمكن ان نسأل عن قدرة الله المطلقة فى خلق إله مثله , فلو رفضنا هذا لأنه مستحيل وفق إيمانهم ومنطقنهم اللولبي المطاطي فلقد نلنا من قدرة الله لتصبح قدرته محدودة , فالمُفترض أن قدرة الله لا تتعلق بالمحال ولا بالمنطق فهذا يضع حد لقدرة الله , بينما المُفترض أن قدرته غير محدودة , فالذى يكون مُطلق القدرة لابد أن يكون قادر على كل شيء حتى المستحيل لأنه اذا لم يقدر على المحال فهذا يعنى أنه يخضع لحدود الظرف الموضوعي المادي , كما من المُفترض أن مطلق القدرات لا يقيده منطق ولا مستحيل .
- هل بوسع الله ان يزيد في قدرته شيئا يعني يقوي نفسه أكثر .. إذا كان الجواب "لا" فقدرته ليست مطلقة , وإذا كان الجواب "نعم" فهذا يعني أن قدرته ليست مطلقة أيضا لأن المطلق الكامل بطبيعة تعريفه لا يمكن زيادته .
- عندما يقول المؤمن بأن سؤالنا خاطئ فسنقول وفق لأطروحات وصفات الله المطلقة ليس خاطئاً ووفق العقل والمنطق المنضبط يكون بلا معنى وهذا هو ما نريد قوله , فلا يوجد موجود حي بقدرة مطلقة وغير محدودة بل كل موجود مُقيد القدرة وهذا مناف لتعريف الإله فبالتالي لا يمكن أن يُوجد إله .

هل يقدر الإله المطلق الكامل أن يتحسن ويتطور ؟
- وفق صفة القدرة المطلقة فهو قادر على كل شيء لذا يمكنه أن يتطور ولكنه لن يقدر على فعل هذا فكماله يمنعه من التطور , فالكمال يعني وصوله لأفضل حال .. أو يمكن أن يكون قادراً بلا حدود فيستطيع أن يتغير ويتطور وحينها لن يكون كاملاً !

الله المطلق والمنطق .
-هل وفق فكرة الإله المطلق يمكن إستحضار منطقنا لإثبات وجود الله أم لا ؟ فالمنطق فكر بشري وأدواته بشرية محدودة بينما الإله المُفترض ذو قدرات مطلقة خارج الفكر والمنطق البشري , ومن هنا لا ينطق أحد بمقولة أن المَنطق يثبت وجود إله , ليطفو سؤال كيف يؤمنون ؟!
هل من المنطقي إعطاء صفة المطلق لصفات وسمات , فالصفة تخص كيان مُحدد الأبعاد والكينونة في الزمان والمكان بينما المطلق تعني اللانهائية المتجاوزة والمتحققة في كل زمان ومكان !

معضلة اللامحدودية .
-هل الإله محدود أم غير محدود ؟.. إذا كان محدود فهذا يعنى أنه ناقص ومُحدد كوحدة وجودية مثلنا وإن كان كبيراً فرضاً وليس مطلقاً وهذا ينزع عنه صفة الألوهية , وإذا كان غير محدود فهذا يعنى أنه في تزايد مستمر وهذا يعنى أنه ناقص أيضا لتنفى عنه صفة الكمال كونه فى تزايد وإستكمال من حال إلى حال .
- كذا إذا كان لا محدود فهذا يَعنى أنه لا يوجد حد يحد وجوده وهذا يعنى أنه كل الوجود , فلا يوجد معنى ولا وجود لإنسان أو حيوان أو نبات أو أرض أو بحار أو مجرة تحد وجوده , وهذا يعنى أيضاً أنه موجود فى كل خلية وكل جزئ وذرة وإلكترون وبوزيترون .. موجود فى كأس خمر بالجنه وداخل حطب نار الجحيم فأى جزئية أو وحدة وجودية ذات حدود مهما صغرت إذا كانت فى حالة مستقلة تسقط فكرة الإله المطلق الغير محدود !

المطلق والرياضيات .
- هل الله عدد لا نهائي أم الأعداد اللانهائية هي إله آخر يشترك مع الله فى اللامحدودية.. وهل يستطيع الله أن يعلم نهاية سلسلة الأعداد اللانهائية أم أن المستقيمان المتوازيان اللانهائيان يستحيل أن يلتقيان ..أى شئ يشترك مع الإله فى المطلق واللامحدودية يعني تعدد فكرة الآلهة .
- لا يوجد شئ إسمه صفر فى الواقع والوجود وهذا يعني هراء فكرة الخلق .
- هل يمكن تقسيم المستقيم اللانهائي بنقطة لتخلق نسبة , فكيف يُقسم الله الخلود ليحقق قوله ما منكم أحد إلا واردها (يقصد الجحيم ) .

المطلق والزمن .
- مقولة أن الله أزلي أبدى تعنى أنه لا يخضع للزمن والذي لا يخضع للزمن لا ينتظر ما يحدث , فلا ينتظر يوم الخلق أو القيامة مثلاً , فلا يوجد نقطة بدء ونقطة إنتهاء ونقطة انتظار أى لا توجد لديه محطات , فلا يوجد معنى أنه إنتظر يوم للخلق ليبدأ منه فعله أو ينتظر يوم آخر للإنتهاء .. الأزلي الأبدي يشبه مستقيم لا نهائي لا توجد عليه نقطة تحدد نسبة ما قبله وما بعده .

معضلة المطلق والخلق .
- الشاطر يجاوب على السؤال ده : الخلق تم في زمن وفي لحظة زمنية محددة , فلماذا لم يخلق الله الخلق في لحظة زمنية قبلها أو بعدها .. لاحظ أن كل اللحظات الزمنية بالنسبة للإله مثل بعضها إلا إذا كان هناك لحظة زمنية مميزة عن أخري , فهل توجد هذه اللحظة ؟ وما معني اللحظة المميزة والمناسبة ؟

معضلة الخلق والتصميم .
- لا يمكن أن يجتمع الإله الخالق والإله المُصمم معا , فالخلق هو إيجاد شئ من العدم كاملاً متكاملاً , والتصميم هو التعامل مع ماهو موجود بترتيب وتركيب وتنظيم .

معضلة الكمال .
- هل الإله كان كاملاً مطلقاً قبل خلق الوجود والإنسان ؟ فالقول بأن الله كامل تتناقض وتصطدم مع عملية الخلق فهو لم يكن كاملاً قبل الخلق كما أنه لا يكون كاملاً بعد أن بدأ الخلق فهو مازال يخلق كما يزعمون أى هناك مهام لم ينته منها بعد .. لذلك فالخلق ينفى الكمال وحالة الكمال لا تعنى إمكانية خلق .

معضلة المطلق والعقل والتعقل .
- تأمل كثيرا فى سؤالي هذا : هل المطلق عاقل ؟ّ أى هل الله عاقل ؟ هل الله يفكر ؟
يلزمك قبل التسرع في الإجابة أن تنتبه لمعني العقل والتعقل والتفكير .

معضلة مطلق القدرة ومطلق المعرفة .
- الله مطلق القدرة ومطلق المعرفة أيضاً ومن أحشاء هاتين الفرضيتين يكمن التناقض والإشكالية والإستحالة , فمطلق المعرفة يعلم كل ما كان وما سيكون بكل التفاصيل الدقيقة , ومطلق القدرة تجعله يفعل كل ما يريد فلا يحوله أي شئ , ولكن إذا إستطاع ان يغير ويبدل بحكم أنه كلى القدرة فهو هنا ليس كلى المعرفة , وإذا حقق دوماً معرفته كما قدرها فهو ليس كلى القدرة علاوة على أنه سيرسى قواعد الجبرية .. فهل إطلاق القدرات تتحقق فى كيان شخصاني .
- تخيل انك تعلم كل شئ ما كان وما سيكون وان معرفتك كاملة غير منتقصة ولا جاهلة فتدرك كل اللحظات المستقبلية التي ستواجهها بكل دقة لتتحقق بحذافيرها .. هل تعتقد بأن هذا له معنى أم هو الموت والعبث بعينه .. هناك من يتصورون أن كائنات هكذا تكون رائعة !

الله مطلق الرحمة ومطلق العدل .
- كيف يتحلى الله بصفة العدل المطلق إلى جانب العلم والرحمة المطلقة ؟ كيف يحاسب الله مخلوقاته ويكون حكيمًا إذا كان يعلم أنهم سيرتكبونها ومع ذلك يكون عادلاً بالمطلق ؟
الإله مطلق العدل والحكمة , يعني انه سيرحم المؤمن و سيعذب الكافر والشرير فلن يترك هفوة تمر , ومطلق الرحمة والمغفرة يعني انه سيرحم الجميع فلن يعذب أحداً .. لذا عندما يُحقق الله العدل المطلق فلا يشوب ميزانه شائبة ولكن حينها ستسقط الرحمة والمغفرة المطلقة , وعندما يُفعل الرحمة والمغفرة المطلقة لتطبق بلا حدود فستسقط العدالة المطلقة .

المطلق والمشاعر .
- الغضب والإنتقام والندم مشاعر إنسانية تنم عن إنفعال وضعف ونقص وعجز , فهل يليق بإله مطلق أن يغضب وينتقم ويندم ؟ فهل نحن رسمنا الإله وفق مزاجنا أم هكذا هو سلوكه ؟
- حسب الميثولوجيا الدينية فالإله لديه مشاعر فهو يرضي ويغضب وينتقم ويفرح ويكره ويندم بل يسب ويلعن . فلتتوقف عند حالة الإله المنفعل المتفاعل وعلاقتها بالكمال والمعرفة والتفكير.
المشاعر تنال من فكرة الكمال والمطلق فهي ردود أفعال تنتج عن أحداث غير متوقعة, حزن, غضب, فرح , حب, رضى .. فكيف يمكن لإله مطلق القدرة أى لا حدود لإمكانياته وفى نفس الوقت عالم بكل شيء لديه العلم بالماضي والحاضر والمستقبل أن يغضب وينتقم ويرضى الخ ؟ فغضبه مثلاً سيكون غير محدود لينال من رضاه فهو مازال غاضباً حتى الآن ولن يتوقف حتى إلى الأبد , فكون الغضب يتوقف فيعنى أنه ذو مشاعر إنسانية ذات إنتهاء لتتغلب مشاعر أخرى عليه , الغضب أيضا سينال من معرفته وقدرته , فالحدث الذي أثار غضبه لم يكن يعلم به لينفعل ويتولد لديه غضب فليس من المعقول أنه يعلم منذ الأزل الحدث ليأتي بعد ذلك فيغضب إلا إذا كان ممثلاً !!

معضلة المطلق والكمال مع الإحتياج.
- الله يطلب من الإنسان العبادة " وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون" ليكافئ الله الإنسان العابد المؤمن بنعيم لانهائي ويعاقب الغير عابد بجحيم أبدى يذيقه كل ألوان العذاب ولكن هناك شئ غريب عندما يعاقب الإنسان عقاباً لانهائياً بالخلود فى الجحيم على أفعال محددة زمنياً تؤول للصفر عاشها على الأرض !! .. ولكن الغريب أيضا أن الله لا يطالب بالعبادة والصلوات فى العالم الآخر اللانهائي فالأمور دحماً دحماً بالرغم من المنطقى أن يطلب العبادة نظير الإقامة المُرفهة الممتدة فى عالم الخلود , فها انتم تنعمون يا أولاد الطين فلتعبدون , ألا يكون هذا أكثر منطقية فليس من المعقول حرصه على طلب العبادة لمدة بسيطة على الأرض ولا يطلبها فى عالم الأبدية والخلود حيث عرينه ونعيمه .. فبماذا نفسرهذا ؟!
- مبدع الأسطورة كان صادقاً مع نفسه بالرغم من برجمايته ومزاجيته , فالأمور لا تعنيه بالفعل فهو تعاطى مع قصة العبادة كوسيلة للهيمنة على جماعته البشرية وتحديد هويتها وملامحها لتتسلل فكرة المنفعة فى الطريق , فها نحن نعبده لننال النعيم ومتى نلناه فيكفيه هذا فلا داعى للصلوات ووجع القلب ودعونا ننهل من اللذة .

معضلة المطلق والصفات .
- هل تصح مقولة "ليس كمثله شئ" ؟ فعندما نقول بأن الله "ليس كمثله شئ" فهذا يعني أن كل ما ذُكر عن الله فى الكتب الدينية من مواصفات وصفات وسمات هو هراء ودجل وكذب , كما تعني مقولة أن الله ليس كمثله شئ انه لاشئ !

الأول والآخر , البداية والنهاية , تبدد مفهوم المطلق اللانهائي الأزلي الأبدي .
- هل يصح القول أن الإله المطلق هو الأول والآخر ؟ الإسلام أطلق على الله صفتي الأول والآخر ففى الحديد 3 ( هُو الأَول و الآخِرُ وَالظَاهِر وَالْبَاطِن وَهو بكل شَيء عَلِيم ) ولتدخل هاتين الصفتين فى أسماء الله الحسنى , ولا يختلف الحال في الكتاب المقدس فالرب هو الأول والآخر والبداية والنهاية , ففى سفر الرؤيا1: 17 (فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى على قائلا: لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين )
الله الأول والآخر تنفى فكرة الإله المطلق الأزلى الأبدى , فالله هنا محدد فى كمية يكون أولها وآخرها , فالأول والأخر تتعامل مع المُحدد والمحدود , فكلمة الأول تعنى بداية كمية محددة وكذلك الآخر تعتنى بنهاية هذه الكمية , فهل يصح التعامل مع اللامحدود واللانهائي بالأول والآخر بينما المطلق الأزلي الأبدي تعنى اللانهائية أى عدم وجود أول وآخر .
اللانهائي ليس له بداية ولا نهاية , وللتقريب فأنت لا تستطيع أن تحصل على عدد أولى ونهائي فى سلسلة أعداد لا نهائية , لذا كلمة الأول والآخر تنسف الأزلي الأبدي فلا يصبح لها أى معنى , كذلك البداية والنهاية كلمتان تعتنى بحدود .

معضلة المطلق والسببية
- منطق لكل سَبب من مُسبب يجد قبول بشري ويكون الوسيلة الوحيدة للإدعاء بوجود إله ليطل سؤال ما سبب الله ؟!
- عندما تفشل وتعجز وتستنكر سؤال ما سبب الله فهنا سقط منطق السببية وفتح المجال أمام وجود أشياء بلا سبب ليكون من العبث أن تسأل عن سببية البسيط وتهمل سببية الكبير المركب المعقد !

معضلة الذاكرة والمطلق .
- هل الله لديه ذاكرة وشريط ذكريات ليتذكر كل أفعاله وكل أفعالك.. كونه يمتلك ذاكرة فهذا يعني أنه خاضع للزمن وليس مفارقاً للزمن كما يدعون .

معضلة المطلق والمستقبل .
- هل الإله يأمل ويتمني ويتوسم فى المستقبل بل هل يصح أن نقول أن للإله مستقبل .. إذا كان يفكر في المستقبل فهو ينتظر ويأمل في الزمن , ولكن وفق الإله المطلق فلا يكون له مستقبل ولكن الذي بلا مستقبل هو كيان ميت والذي يفقد الأمنية كائن بلا حياة أو قل لم يرتقي للإنسانية ..لقد تشوهت الألوهية بإبداعات اللاهوت .

المطلق والأحسن والأفضل .
- "تبارك الله احسن الخالقين" بالقرآن وآية " وَرَأى اللهُ ذَلِكَ انَّهُ حَسَنٌ " بالكتاب المقدس , قد نمر عليهما فلا نفطن لما تحملهما من أخطاء تقوض فكرة الله فقول " تبارك الله احسن الخالقين" تعنى مقارنة وهذه المقارنة يجب بالضرورة ان تكون بين نفس النوع وبالتالي تسمح بوجود عدة آلهة خالقة والله الأحسن بينهم , ولكن هذا ينفى فكرة التوحيد والله الواحد الأحد المتفرد بوجود آلهة أخرى لتكون محل مقارنة ليكون أفضلها خلقاً !
البعض يحاول الخروج من هذه المعضلة بالقول أن المقارنة بين ما يخلقه الله وما يخلقه الإنسان , وهذا يعتبر عذر أقبح من ذنب إذ تًجري المقارنة بين الله ومخلوقاته , بين المحدود واللامحدود , بين الخالق والصانع , كما لا يجوز المقارنة بين طبيعتين مختلفتين , وفى النهاية لن تنفع المناورة فالقرآن يعنى بأحسن الخالقين المقارنة بين آلهة ففى موضع آخر " آتدعون بعل وتذرون احسن الخالقين" الصافات .
- فكرة الكمال تبدد أحسن الخالقين كون إنتفاء التقييم , فكمال الخلق لا يجعل أى وجه للمقارنة فأنت تعقد مقارنة بين المثالي المطلق والنسبى , وبين طبيعتين متغايرتين لا يوجد أي شئ يجمعهما .
- عندما يكون الله متفرداً واحداً فلا يجوز منطقيا أن يصف هو أو انبياءه أن فعل الخلق حسن لأن من المُفترض أن الخلق حالة قاصرة على الله لا يشاركه ولا يقاربه أحد بحكم عدم وجود مثيل يَخلق فكيف يتم تقييم صفة حسن وأحسن طالما لا يوجد الضد المتمثل فى القبيح أو الأقل حسناً , فتقييم الصفة يأتي من وجود ضدها ونقيضها حاضراً ليجعل للصفة وجود ومعنى .

الله والكرسي والعرش.
- هل صورة الله الذي يحمل عرشه ثمانية من الملائكة الأشداء لائقة بالنسبة لإله غير محدود , ففكرة كرسي وعرش الإله تنسف فكرة أنه مطلق لا محدود فقد تحدد وجوده من خلال كرسي وعرش , وهل كرسي الله يتأثر بالجاذبية ليستدعي وجود ملائكة للحمل والرفع .
- هل كان الكرسي والعرش مع أزلية الله أم أنهما مُحدثان أى كان الله بلا كرسي ثم خطر على باله أن يخلق كرسي ؟

المطلق والحكمة .
- يُفترض في الصفة الإلهية أنها تعنى الإطلاق أى ملازمة للإله في أزليته وأبديته لنسأل هنا كيف يكون الإله حكيماً فى أزليته عندما كان وحيداً هو والعدم فكيف يمارس الحكمة , فالحكمة هى المفاضلة بين بضعة أمور للخروج بسلوك مقبول ومتوزان !
هناك نقطة أخرى لا نفطن إليها فلا تكون الصفة إلا لمن يُقيمها من الخارج , فعندما يقال أن الله حكيم فلابد أن يقيمها الآخر المتمثل بالإنسان مثلا من خلال ملاحظاته ومقارناته بين سلوك الإله وسلوك الآلهة الأخرى ليستحق الإله لقب حكيم ومن هنا نُدرك أن الإنسان هو من لصق صفة الحكمة تحت رغبته فى تبجيل وتعظيم فكرة الإله .. هذه الفكرة تنطبق على كل الصفات الإلهية كالعدل والرحمة ألخ فكيف لها أن تتواجد فى الأزل قبل الوجود الإنساني كموضوع الصفة .

المطلق والله اكبر.
- مقولة "الله اكبر " تعنى تحديد الإله ودخوله فى مقارنة وتقييم لنسأل السؤال البديهي :أكبر مِن مَن ؟ بينما المُفترض أن فكرة الألوهة تعنى الإطلاق أى خارج النسبية والمقارنة والمعايير والحدود ومن هنا نُدرك أن مقولة الله اكبر تنسف فكرة المطلق وتضع الصور في إطار الفكر والخيال الإنساني .

الله المطلق والعظمة .
- الله المطلق خالق ومدير لهذا الكون الهائل الذي يحتوي على 200 مليار مجرة وكل مجرة تحتوي على 250 مليار نجم وأجرام وكواكب , فهل هو تافه وعبثي ليترك إدراة هذا الكون الهائل الرائع ويعتني برصد إنسان بائس يعيش علي حبة رمل في تلك الصحراء الكونية الشاسعة ليرصد تلصصه على جارته الحسناء أو ممارسة العادة السرية فهل يليق هذا بإله عظيم ؟

- لا يمكن أن تؤمن بوجود إله إلا كفكرة متخيلة ولا يمكن الإيمان به كوجود , فالإيمان بلامادية الإله مستحيلة , فشفرة الدماغ لا تتعامل إلا مع هو مادي فقط فكيف يمكنك الإيمان بوجود لا يمكن معاينته ومعرفة ماهيته ولا تنسي أنك تعجز عن تعريف إدعاءك بكلمة لامادي هذه !.. ولتلحظ أيضا أن كل السرد الديني يجعل الإله مادياً بشرياً .

الأمور خيال وشطط إنساني فنتازي .
- لفهم الموضوع فلنتعامل مع هذه الفكرة : فلو قيل لنا أن علاقتنا مع الإله فنكوشية ما فهمنا ذلك بينما لو قالوا أن علاقتنا عبودية للإله فسنفهم , ليأتي السؤال من أين أدركنا فكرة العبودية للإله ألم نستحضر مشهد عبودية العبيد للأسياد وأسقطناه علي موضوع الإله ألم نستعير مشهد السيد الذي يحمل عرشه مجموعه من العبيد الأشداء وأسقطناه على مشهد الإله الذي يحمل عرشه ثمانية من الملائكة , فمن إقتبس مِن مَن وماذا يعني هذا ؟!

دمتم بخير .
منطقهم العميق :إيماني بوجود إله مطلق يمنحني بحبوحة فى النساء ويعضدني بالهيمنة والسطوة عليهن هن والآخرين ويسمح بثرائي دون أن يزعجني أحد لأكون الملك المتوج ثم تأتى أنت وتقول إشكاليات في الكمال والمطلق واللامحدود .. أأنت مجنون .!