صراع الرأسماليات وراء الأزمة الاوكرانية الروسية


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 7169 - 2022 / 2 / 21 - 18:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

شهدت الأيام الفائتة توتر وتصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا مما يهدد بغزو روسي لأوكرانيا وسط ترقب العالم ومخاوفه من هذه الحرب وإحتمالية إنتشار رقعتها منذرة بحرب عالمية ثالثة علاوة علي تداعيات هذه الحرب الكارثية علي إقتصاديات العالم .
بدأت الأزمة عندما أعلنت أوكرانيا إحدي جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق رغبتها في الإنضمام لحلف الأطلنطي مما أدي إلى إستنفار روسيا التي إعتبرت هذا تهديداً لأمنها القومي بتواجد صواريخ حلف الناتو على حدودها لتقوم بحشد قوات ضخمة على الحدود بين البلدين كإستعراض للقوة ولإثناء الأوكران عن هذه الخطوة مهددة إياها بالغزو .
الأزمة شديدة الفجاجة ومن المفترض ألا تصل لحافة الهاوية , فالتهديد لأمن روسيا واضح وجلي ومستفز بوجود قوات لحلف الأطلنطي على حدود روسيا القريبة ليذكرنا هذا بأزمة الصواريخ التي نصبها الإتحاد السوفيتي السابق فى كوبا مطلع ستينات القرن الماضي ليستنفر هذا الولايات المتحدة منذرة بحرب عالمية ثالثة ولتحل الأزمة بسحب الصواريخ السوفيتية وسحب صواريخ الأطلنطي من تركيا فى المقابل .
من جهة أخري تعلن أوكرانيا وأمريكا ودول الإتحاد الأوربي وحلف الناتو أن إنضمام أوكرانيا لحلف الأطلنطي عمل من أعمال السيادة ولبس من حق الروس رفض هذا فى إستفزازغريب فأنت تريد أن تنشر قوات معادية مهددة لأمني القومي معتبراً هذا من قراراتك السيادية !
الأزمة فى منتهي الغرابة عندما نعلم أن أوكرانيا كانت إحدي جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق وتربطها تاريخ ومصائر وعلاقات ووشائج قومية عرقية مشتركة فما الذي أوصل الأمور لهذا النفور والعداء والتصادم لأعزي هذا إلى التاريخ القمعي للإتحاد السوفيتي السابق ولكن إغراءات الإنضمام لجنة الإتحاد الأوربي هي الأكثر حضوراً ولكن هل هذا كفيل ليصل لهذا العداء والتحفز .
دعك من جذور العلاقات والتاريخ بين روسيا وأوكرانيا وحلم الإلتصاق بالإتحاد الأوربي فالأمور لا تستدعي كل هذا التوتر والتصادم , لأري أن وراء هذه الأمر رغبات أمريكية فى التصعيد سيأتي ذكرها علاوة على أن هذه الأزمة شديدة التهافت ولا تحتاج كل هذا الإفتعال فالأمور بديهية الحل .
بداية يكون الحل وإزالة التوتر من تعهد أوكرانيا بالحياد بعدم إنضمامها إلى أى تحالفات سواء حلف الناتو أو أي تحالف مع الجارة روسيا كحال النمسا وسويسرا فى أوربا اللاتي أعلنتا الحياد وعدم إنضمامهما لأي تحالفات ولم يؤثر هذا على تواجدهما فى الإتحاد الأوربي وعلي رخاءهما ورفاهيتهما وتقدمهما , فهل نعتبر هذا المأزق بطلب أوكرانيا الإنضمام لحلف الناتو هي فاتورة واجبة السداد للإنضمام للإتحاد الأوربي بضغط من أمريكا وأوربا .. من هنا نفهم سبب هذه الأزمة ومن يقف وراءها بالتصعيد والتوتر فالأمور لا تحتاج كل هذه الجلبة إلا إذا كان هناك مخططات للتصعيد بغية تحقيق أهداف سياسية وإقتصادية محددة .
أصبع الإتهام موجه إلى الولايات المتحدة التي تتمني تصاعد الأزمة والوصول بها إلى حافة الهاوية والإنهيار دون أن تتورط بإرسال جندي أمريكي واحد بغية إجهاض روسيا وأوربا كقوي إقتصادية منافسة , فمع تورط روسيا فى النزاع والوصول للحرب فسيحق لامريكا وأوربا فرض مجموعة من العقوبات القاسية التى ستفوض وتشل الإقتصاد الروسي لتخرجه عن المنافسة والتمدد والتوسع .
كذا الحال مع الإقتصاديات الأوربية , فالعقوبات التى ستُفرض على روسيا ستصيب بالضرورة المصالح والإقتصاديات الأوربية عند إنقطاع توريد الغاز والنفط الروسي لتتضرر إقتصاديات ألمانيا وفرنسا كثالث إقتصاديات العالم وبذا يخرج إقتصادهما من المنافسة ويتفرد الإقتصاد الأمريكي .
من هنا تقوم الولايات المتحدة بتصعيد التوتر وتحريك الدمي الأوكرانية كزيلينسكى رئيس أوكرانيا نحو مزيد من التصعيد والإستفراز بغية أن تصل الأمور لحافة الهاوية بغزو الروس لأوكرانيا فيحق حينها إجهاض روسيا .. في الحقيقة أن أوربا تدرك هذا المأزق والورطة والآثار السلبية المترتبة عليها فتعلم أن الإقتصاد الأمريكي لن يصيبه الأذي بل سيستفيد من تحطم إقتصادياتها .
فى المقابل لا يجب ان ينظر المحللين خاصة اليساريين بعين التعاطف والدعم لروسيا , فروسيا ليست الإتحاد السوفيتي السابق فهي الآن دولة رأسمالية تهفو أن تكون إمبريالية وأن الأمور لا تزيد عن صراع إمبرياليات أو قل صراع رأسماليات على أقل تقدير لتأمل روسيا أن يكون لها حصة وفيرة من الكعكة الإقتصادية العالمية متكئة على قوتها العسكرية التي تعني الكثير كحال فرض الولايات المتحدة قوتها العسكرية سابقاً لتجني من ورائها الكثير كما تراهن علي إنسحاب القوة العسكرية الأمريكية حاليا عن الفعل والتأثير .
من هنا نحن أمام صراع رأسماليات متنافسة متصارعة تبغي الهيمنة والتفرد لتكون الرأسمالية الأمريكية هي الأكثر شراسة راغبة فى الهيمنة والتفرد وتحجيم وطرد المنافسين .
لا أعرف إذا كان الحل البسيط الذي طرحته بإعلان أوكرانيا الحياد وعدم إنضمامها لأي أحلاف سيجدي فى نزع فتيل الأزمة أم لا , لكن الحلول المنطقية البديهية لا وجود لها أمام صراع الرأسماليات .
للأسف مع إنحسار تأثير القوي اليسارية والماركسية وإنعدام حضورها لتتفرد القوي الرأسمالية فى الفعل والتأثير والقرار ,

دمتم بخير .