خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم–وهم المطلق


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 7132 - 2022 / 1 / 10 - 21:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (99) .

فى سلسلة خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم والتى لم تنتهى بعد نبدد أوهام أخذت مكان فى العقل الإنسانى تطلب تحقيق حاجات نفسية وإسعاف عقل حائر أمام غموض الوجود الذي لم يعد غامضاً الآن كما عانى أجدادنا , ولكن يلزم فى المقابل أن نؤسس لمفاهيم ورؤى جديدة حتى لا تكون الخربشة خالقة لحالة من الحيرة وهو ما ننوى أن ننجزه فى سلسلة مقالات نحو فهم الوجود والحياة والإنسان لندرك الوجود كما هو بدون حاجة لفكرة الإله .
مع إستيطان فكرة الإله فى المجتمعات الإنسانية بدأت تندفع لهاوية لم تخطر على ذهن مُبدعيها لتنزلق فى محاكاة الفلسفة والمنطق فلا تجد سبيلاً لتحصينها من النقد إلا بفكرة المطلق واللامحدود والكمال .

معضلة القدرة المطلقة .
- معضلة القدرة المطلقة هي تلك المفارقة التي نتلمسها في أن القدرة المطلقة متناقضة مع نفسها وبالتالي لا يمكن ان تكون موجودة , ويمكن تمثيل معضلة القدرة المطلقة بالأمثلة التالية:
- الله كلى القدرة المطلقة بالرغم أنهم لا يمكنهم إثبات ذلك ولكننا سنحاجى فى رحاب فكرة المطلق فهل يستطيع الخالق أن يخلق صخرة لا يقدر على حملها ؟ لو أجاب المؤمنين بـ"نعم" .. فإنهم بهذه الإجابة قد جعلوا الخالق غير مطلق القدرة لا يقدر على حملها , ولو أجابوا بـ"لا" فإنهم بهذه الإجابة قد جعلوا الخالق أيضاً غير مطلق القدرة فلا يستطيع أن يخلق هذه الصخرة !
- هل يمكن ان نسأل عن قدرة الله المطلقة فى خلق إله مثله فلو رفضنا هذا لأنه مستحيل وفق إيماننا ومنطقنا اللولبي المطاطي فلقد نلنا من قدرة الله لتصبح قدرته محدودة , فالمُفترض أن قدرة الله لا تتعلق بالمحال ولا بالمنطق ، فهذا يضع حد لقدرة الله بينما المُفترض أن قدرته غير محدودة , فالذى يكون مُطلق القدرة لابد أن يكون قادر على كل شيء حتى المستحيل لأنه اذا لم يقدر على المحال فهذا يعنى أنه يخضع لحدود الظرف الموضوعي المادي , ومن المُفترض أن مطلق القدرات لا يقيده منطق ولا مستحيل .
- هل بوسع الله ان يزيد في قدرته شيئا يعني يقوي نفسه اكثر .. إذا كان الجواب لا فقدرته ليست مطلقة, وإذا كان الجواب نعم فهذا يعني أن قدرته ليست مطلقة لأن المطلق الكامل بطبيعة تعريفه لا يمكن زيادته .
- عندما يقول المؤمن بأن سؤالنا خاطئ فسنقول وفق لأطروحات وصفات الله المطلقة ليس خاطئا ووفق العقل والمنطق المنضبط يكون بلا معنى وهذا هو ما نريد قوله , فلا يوجد موجود بقدرة مطلقة وغير محدودة بل كل موجود مُقيد القدرة وهذا مناف لتعريف الإله فبالتالي لا يمكن أن يُوجد إله.

الله المطلق والمنطق .
- وفق فكرة الإله المطلق فلا يمكن إستحضار منطقنا لإثبات وجود الله , فالمنطق فكر بشري والإله بقدراته المطلقة خارج الفكر والمنطق البشري , لذا لا ينطق أحد بمقولة أن المَنطق يثبت وجود إله وليطفو سؤال كيف يؤمنون ؟!

معضلة اللامحدودية .
- الله محدود أم غير محدود ؟!.. إذا كان محدود فهذا يعنى أنه ناقص ومحدد كوحدة وجودية مثلنا وليس مطلقاً وهذا ينزع عنه صفة الألوهية , وإذا كان غير محدود فهذا يعنى أنه في تزايد مستمر وهذا يعنى أنه ناقص أيضا لتنفى عنه صفة الكمال لأنه فى تزايد وإستكمال من حال إلى حال ... كذا إذا كان لا محدود فهذا يَعنى أنه لا يوجد حد يحد وجوده وهذا يعنى أنه كل الوجود فلا يوجد معنى ولا وجود لإنسان أو حيوان أو نبات أو أرض أو بحار أو مجرة تحد وجوده , وهذا يعنى أيضاً أنه موجود فى كل خلية وكل جزئ وذرة وإلكترون وبوزيترون .. موجود فى كأس خمر بالجنه وداخل حطب نار الجحيم فأى جزئية أو وحدة وجودية ذات حدود مهما صغرت فى حالة مستقلة تسقط فكرة الإله المطلق الغير محدود !

الله والكرسي والعرش.
- هل صورة الله الذي يحمل عرشه ثمانية من الملائكة الأشداء لائقة بالنسبة لإله غير محدود , ففكرة كرسي وعرش الإله تنسف فكرة أنه لا محدود فقد تحدد وجوده من خلال كرسي وعرش , وهل كرسي الله يتأثر بالجاذبية ليستدعي وجود ملائكة للحمل والرفع .
- هل كان الكرسي والعرش مع أزلية الله أم أنهما مُحدثان أى كان الله بلا كرسي ثم خطر على باله أن يخلق كرسي ؟

المطلق والزمن .
- مقولة أن الله أزلي أبدى تعنى أنه لا يخضع للزمن والذي لا يخضع للزمن لا ينتظر ما يحدث , فلا ينتظر يوم الخلق أو القيامة مثلاً , فلا يوجد نقطة بدء ونقطة إنتهاء ونقطة انتظار أى لا توجد لديه محطات فلا يوجد معنى أنه إنتظر يوم للخلق ليبدأ منه فعله أو ينتظر يوم آخر للإنتهاء .. الأزلي الأبدي يشبه مستقيم لا نهائي لا توجد عليه نقطة تحدد نسبة ما قبله وما بعده .

معضلة المطلق والخلق .
- الشاطر يجاوب على السؤال ده : الخلق تم في زمن وفي لحظة زمنية محددة فلماذا لم يخلق الله الخلق في لحظة زمنية قبلها أو بعدها .. لاحظ أن كل اللحظات الزمنية بالنسبة للإله زي بعضها إلا إذا كان هناك لحظة زمنية مميزة عن أخري , فهل توجد هذه اللحظة ؟

معضلة الخلق والتصميم .
- لا يمكن أن يجتمع الإله الخالق والإله المُصمم معا , فالخلق هو إيجاد شئ من العدم كاملاً متكاملاً , والتصميم هو التعامل مع ماهو موجود بالترتيب والتنظيم .

معضلة الكمال .
- هل الإله كان كاملا مطلقا قبل خلق الوجود والإنسان ؟ فالقول بأن الله خالق وكامل تتناقض وتصطدم مع عملية الخلق فهو لم يكن كاملاً قبل الخلق كما إنه لا يكون كاملاً بعد أن بدأ الخلق فهو مازال يخلق كما يزعمون أى هناك مهام لم ينته منها بعد .. لذلك فالخلق ينفى الكمال وحالة الكمال لا تعنى إمكانية خلق .

معضلة المطلق والعقل والتعقل .
- تأمل كثيرا فى سؤالي هذا : هل المطلق عاقل ؟ّ أى هل الله عاقل ؟ هل الله يفكر ؟
يلزمك قبل التسرع في الإجابة أن تنتبه لمعني العقل والتعقل والتفكير .

معضلة مطلق القدرة ومطلق المعرفة .
- الله مطلق القدرة ومطلق المعرفة أيضاً ومن أحشاء هاتين الفرضيتين يكمن التناقض والإشكالية والإستحالة , فمطلق المعرفة يعلم كل ما كان وما سيكون بكل التفاصيل الدقيقة , ومطلق القدرة تجعله يفعل كل ما يريد فلا يحوله أي شئ , ولكن إذا إستطاع ان يغير ويبدل بحكم أنه كلى القدرة فهو هنا ليس كلى المعرفة , وإذا حقق دوماً معرفته كما قدرها فهو ليس كلى القدرة علاوة على أنه سيرسى قواعد الجبرية .. إطلاق القدرات لا تتحقق فى كيان شخصاني .
- تخيل انك تعلم كل شئ ما كان وما سيكون وان معرفتك كاملة غير منتقصة ولا جاهلة فتدرك كل اللحظات المستقبلية التي ستواجهها بكل دقة لتتحقق بحذافيرها .. هل تعتقد بأن هذا له معنى أم هو الموت والعبث بعينه .. هناك من يتصورون أن كائنات هكذا تكون رائعة.!

الله مطلق الرحمة ومطلق العدل .
- كيف يتحلى الله بصفة العدل المطلق إلى جانب العلم والرحمة المطلقة ؟ كيف يحاسب الله مخلوقاته ويكون حكيمًا إذا كان يعلم أنهم سيرتكبونها ومع ذلك يكون عادلاً بالمطلق ؟.. فإله مطلق العدل والحكمة ، يعني انه سيرحم المؤمن و سيعذب الكافر والشرير فلن يترك هفوة تمر , ومطلق الرحمة والمغفرة يعني انه سيرحم الجميع فلن يعذب أحداً .. لذا عندما يحقق الله العدل المطلق فلا يشوب ميزانه شائبة ولكن حينها ستسقط الرحمة والمغفرة المطلقة , وعندما يُفعل الرحمة والمغفرة المطلقة لتطبق بلا حدود فستسقط العدالة المطلقة .

هل يقدر الإله المطلق الكامل أن يتحسن ويتطور ؟
- وفق صفة القدرة المطلقة فهو قادر على كل شيء لذا يمكنه أن يتطور ولكنه لن يقدر على فعل هذا فكماله يمنعه من التطور , فالكمال يعني وصوله لأفضل حال .. أو يمكن أن يكون قادراً بلا حدود فيستطيع أن يتغير ويتطور وحينها لن يكون كاملاً !

المطلق والمشاعر .
- الغضب والإنتقام والندم مشاعر إنسانية تنم عن إنفعال وضعف ونقص وعجز , فهل يليق بإله مطلق أن يغضب وينتقم ويندم ؟ فهل رسمنا الإله وفق مزاجنا أم مفيش حد أحسن من حد .
- حسب الميثولوجيا الدينية لديه مشاعر فهو يغضب وينتقم ويفرح ويكره ويندم بل يسب ويلعن . سنتوقف عند حالة الإله المنفعل المتفاعل وعلاقتها بالكمال والمعرفة والتفكير.
المشاعر تنال من فكرة الكمال والمطلق فهي ردود أفعال تنتج عن أحداث غير متوقعة, حزن, غضب, فرح, حب, رضى ..فكيف يمكن لإله مطلق القدرة أى لا حدود لإمكانياته وفى نفس الوقت عالم بكل شيء لديه علم الماضي والحاضر والمستقبل أن يغضب وينتقم ويرضى الخ . فغضبه مثلاً سيكون غير محدود لينال من رضاه فهو مازال غاضباً حتى الآن ولن يتوقف حتى إلى الأبد , فكون الغضب يتوقف فيعنى أنه ذو مشاعر إنسانية ذات إنتهاء لتتغلب مشاعر أخرى عليه , الغضب أيضا سينال من معرفته وقدرته , فالحدث الذي أثار غضبه لم يكن يعلم به لينفعل ويتولد لديه غضب فليس من المعقول أنه يعلم منذ الأزل الحدث ليأتي بعد ذلك فيغضب إلا إذا كان ممثلاً !!

معضلة المطلق والكمال مع الإحتياج.
- الله يطلب من الإنسان العبادة " وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون" ليكافئ الله الإنسان العابد المؤمن بنعيم لانهائي ويعاقب الغير عابد بجحيم أبدى يذيقه كل ألوان العذاب ولكن هناك شئ غريب لا يقف عند معاقبة الإنسان عقاباً لانهائياً بالخلود فى الجحيم على أفعال محددة زمنيا تؤول للصفر عاشها على الأرض !! .. ولكن الغريب أيضا أن الله لا يطالب بالعبادة والصلوات فى العالم الآخر اللانهائي فاللأمور دحماً دحماً بالرغم أن من المنطقى أن يطلب العبادة نظير الإقامة المُرفهة الممتدة فى عالم الخلود , فها انتم تنعمون يا أولاد الطين فلتعبدون , ألا يكون هذا أكثر منطقية فليس من المعقول حرصه على طلب العبادة لمدة بسيطة على الأرض ولا يطلبها فى عالم الأبدية والخلود حيث عرينه ونعيمه – فبماذا نفسر؟!
مبدع الأسطورة كان صادقاً مع نفسه بالرغم من برجمايته ومزاجه فالأمور لا تعنيه بالفعل فهو تعاطى مع قصة العبادة كوسيلة للهيمنة على جماعته البشرية وتحديد هويتها وملامحها لتتسلل فكرة المنفعة فى الطريق فها نحن نعبده لننال النعيم ومتى نلناه فيكفيه هذا فلا داعى للصلوات ووجع القلب ودعونا ننهل من اللذة .

معضلة المطلق والصفات .
- عندما نقول بأن الله "ليس كمثله شئ" فهذا يعني أن كل ما ذُكر عن الله فى الكتب الدينية من مواصفات وصفات وسمات هو هراء ودجل وكذب , كما تعني مقولة أن الله ليس كمثله شئ انه لاشئ !

المطلق والرياضيات .
- هل الله عدد لا نهائي أم الأعداد اللانهائية هي إله آخر يشترك مع الله فى اللامحدودية.. وهل يستطيع الله أن يعلم نهاية سلسلة الأعداد اللانهائية أم أن المستقيمان المتوازيان اللانهائيان يستحيل أن يلتقيان ..أى شئ يشترك مع الإله فى المطلق واللامحدودية يعني تعدد فكرة الآلهة .
- لا يوجد شئ إسمه صفر فى الواقع والوجود وهذا يعني هراء فكرة الخلق .
- هل يمكن تقسيم المستقيم اللانهائي بنقطة لتخلق نسبة , فكيف يُقسم الله الخلود ليحقق قوله ما منكم أحد إلا واردها (يقصد الجحيم ) .

الأول والآخر , البداية والنهاية , تبدد مفهوم المطلق اللانهائي الأزلي الأبدي .
- أطلق الإسلام على الله صفتي الأول والآخر ففى الحديد 3 ( هُو الأَول و الآخِرُ وَالظَاهِر وَالْبَاطِن وَهو بكل شَيء عَلِيم ) ولتدخل هاتين الصفتين فى أسماء الله الحسنى , ولا يختلف الحال في الكتاب المقدس فالرب هو الأول والآخر والبداية والنهاية , ففى سفر الرؤيا1: 17 (فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى على قائلا: لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين )
الله الأول والآخر تنفى فكرة الإله المطلق الأزلى الأبدى , فالله هنا محدد فى كمية يكون أولها وآخرها بينما المطلق الأزلي الأبدي تعنى اللانهائية أى عدم وجود أول وآخر , فالأول والآخر تتعامل مع كميات محددة محددوة .
- مقولة أن الله هو الأول والآخر مقولة تنسف ألوهيته وأبديته وأزليته المزعومة, فالأول والأخر تتعامل مع المُحدد والمحدود , فكلمة الأول تعنى بداية كمية محددة وكذلك الآخر تعتنى بنهاية هذه الكمية , بينما لا يصح التعامل مع اللامحدود واللانهائي بالأول والآخر , فاللانهائي ليس له بداية ولا نهاية , وللتقريب فأنت لا تستطيع أن تحصل على عدد أولى ونهائي فى سلسلة أعداد لا نهائية , لذا كلمة الأول والآخر تنسف الأزلي الأبدي فلا يصبح لها أى معنى , كذلك البداية والنهاية كلمتان تعتنى بحدود .

معضلة المطلق والسببية
- منطق لكل سَبب من مُسبب يجد قبول بشري ويكون الوسيلة الوحيدة للإدعاء بوجود إله ليطل سؤال ما سبب الله ؟!
- عندما تفشل وتعجز وتستنكر سؤال ما سبب الله فهنا سقط منطق السببية وفتح المجال أمام وجود أشياء بلا سبب ليكون من العبث أن تسأل عن سببية البسيط وتهمل سببية المركب المعقد !

معضلة الذاكرة والمطلق .
- هل الله لديه ذاكرة وشريط ذكريات ليتذكر كل أفعالك وما فعلته .. كونه يمتلك ذاكرة فهذا يعني أنه خاضع للزمن وليس مفارقاً للزمن كما يدعون .

معضلة المطلق والمستقبل .
- هل الإله يأمل ويتمني ويتوسم فى المستقبل بل هل يصح أن نقول أن للإله مستقبل .. وفق الإله المطلق فلا يكون له مستقبل والذي بلا مستقبل هو كيان ميت والذي يفقد الأمنية كائن بلا حياة أو قل لم يرتقي للإنسانية ..لقد شوهنا الألوهية بعلم اللاهوت .

المطلق والأحسن والأفضل .
- "تبارك الله احسن الخالقين" بالقرآن وآية " وَرَأى اللهُ ذَلِكَ انَّهُ حَسَنٌ " بالكتاب المقدس , قد نمر عليهما فلا نفطن لما تحملهما من أخطاء تقوض فكرة الله فقول " تبارك الله احسن الخالقين" تعنى مقارنة وهذه المقارنة يجب بالضرورة ان تكون بين نفس النوع وبالتالي تسمح بوجود عدة آلهة خالقة والله الأحسن بينهم , ولكن هذا ينفى فكرة التوحيد وكون الله واحد أحد متفرد فلا توجد آلهة أخرى لتكون محل مقارنة ليكون أفضلها خلقاً .!
البعض يحاول الخروج من هذه المعضلة بالقول أن المقارنة بين ما يخلقه الله وما يخلقه الإنسان , وهذا يعتبر عذر أقبح من ذنب إذ تًجري المقارنة بين الله ومخلوقاته , بين المحدود واللامحدود , بين الخالق والصانع , كما لا يجوز المقارنة بين طبيعتين مختلفتين , وفى النهاية لن تنفع المناورة فالقرآن يعنى بأحسن الخالقين المقارنة بين آلهة ففى موضع آخر " آتدعون بعل وتذرون احسن الخالقين" الصافات .
فكرة الكمال تبدد أحسن الخالقين كون إنتفاء التقييم , فكمال الخلق لا يجعل أى وجه للمقارنة فأنت تعقد مقارنة بين المثالي المطلق والنسبى , وبين طبيعتين متغايرتين لا يوجد أي شئ يجمعهما .
-عندما يكون الله متفرداً واحداً فلا يجوز منطقيا أن يصف هو أو انبياءه أن فعل الخلق حسن لأن من المفترض أن الخلق حالة قاصرة على الله لا يشاركه ولا يقاربه أحد بحكم عدم وجود مثيل يَخلق فكيف يتم تقييم صفة حسن وأحسن طالما لا يوجد الضد المتمثل فى القبيح أو الأقل حسناً , فتقييم الصفة يأتي من وجود ضدها ونقيضها حاضراً ليجعل للصفة وجود ومعنى .

المطلق والحكمة .
- يُفترض في الصفة الإلهية أنها تعنى الإطلاق أى ملازمة للإله في أزليته وأبديته لنسأل هنا كيف يكون الإله حكيماً فى أزليته عندما كان وحيداً هو والعدم فكيف يمارس الحكمة , فالحكمة هى المفاضلة بين بضعة أمور للخروج بسلوك مقبول ومتوزان !
هناك نقطة أخرى لا نفطن إليها فلا تكون الصفة إلا لمن يُقيمها من الخارج , فعندما يقال أن الله حكيم فلابد أن يقيمها الآخر المتمثل بالإنسان مثلا من خلال ملاحظاته ومقارناته بين سلوك الإله وسلوك الآلهة الأخرى ليستحق الإله لقب حكيم ومن هنا نُدرك أن الإنسان هو من لصق صفة الحكمة تحت رغبته فى تبجيل وتعظيم فكرة الإله .. هذه الفكرة تنطبق على كل الصفات الإلهية فكيف لها أن تتواجد فى الأزل قبل الوجود الإنساني كموضوع الصفة .

المطلق والله اكبر.
- مقولة "الله اكبر " تعنى تحديد الإله ودخوله فى مقارنة وتقييم لنسأل السؤال البديهي :أكبر مِن مَن ؟ بينما المُفترض أن فكرة الألوهة تعنى الإطلاق أى خارج النسبية والمقارنة والمعايير والحدود ومن هنا نُدرك أن مقولة الله اكبر تنسف فكرة المطلق وتضع الصور في إطار الفكر والخيال الإنساني .

ختاما :الله المطلق والعظمة .
- الله المطلق خالق ومدير لهذا الكون الهائل الذي يحتوي على 200 مليار مجرة وكل مجرة تحتوي على 250 مليار نجم وأكثر منهم من أجرام وكواكب , هل هو تافه وعبثي ليترك إدراة هذا الكون الهائل الرائع ويعتني برصد إنسان بائس يعيش علي حبة رمل في تلك الصحراء الكونية الشاسعة ليرصد تلصصه على جارته الحسناء أو ممارسة العادة السرية فهل يليق هذا بإله عظيم .

- لا يمكن أن تؤمن بوجود إله إلا كفكرة متخيلة ولا يمكن الإيمان به كوجود فالإيمان بلامادية الإله مستحيلة , فشفرة الدماغ لا تتعامل إلا مع هو مادي فكيف يمكنك الإيمان بوجود لا يمكن معاينته ومعرفة ماهيته ولا تنسي أنك تعجز عن تعريف إدعاءك بكلمة لامادي هذه َ!.. ولتلحظ أيضا أن كل السرد الديني يجعل الإله مادياً بشرياً .


دمتم بخير .
إيماني بوجود إله مطلق يمنحني بحبوحة فى النساء ويعضدني بالهيمنة والسطوة عليهن هن والآخرين ويسمح بثرائي دون أن يزعجني أحد لأكون الملك المتوج ثم تأتى أنت وتقول إشكاليات في الكمال والمطلق واللامحدود .. أأنت مجنون .!