تصحيح مفاهيم الصراع في الفكر الماركسي


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 7423 - 2022 / 11 / 5 - 17:52
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

تتفرد الفلسفة الماركسية بطرح فكرة الصراع كحتمية وجدلية وشفرة حياة ومنها يأتي التطور والتغيير في معادلة حتمية لا سبيل من الفكاك منها .
دخل علي مفهوم الصراع مفاهيم وتعاطي عاطفي إنفعالي ليس من جوهر الصراع لينحرف عن الموضوعية ولينزلق في مزالق تشوه فكرة الصراع .

- الصراع الطبقي .
يعتبر الصراع الطبقي جدلية الحياة ومنه تتطور المجتمعات نحو الإرتقاء الإنساني متي توفرت الظروف الموضوعية الحتمية للتغيير والتطور .
بدايةً يجب تحديد ماهية وتعريف الصراع الطبقي , فالصراع هو تناقض بين مصالح طبقات مختلفة تبغي فيه طبقة الحصول على حقوقها بمعاداة الطبقة المهبمنة السالبة لحقوقها .
توقفي هنا أمام الأداء والسلوك الذي تسلكه الطبقات الثائرة للإنتصار وإسترداد حقوقها لنجد أن إثارة الحقد والكراهية على الطبقة المهيمنة هو المحرك للصراع الطبقي ليتشوه مفهوم الصراع وينحو نحو الإنفعال .
تعاطي الماركسيون مع الصراع الطبقي بشحذ وشحن الجماهير ضد الرأسماليين بل تجاه الأغنياء عموماً لخلق مناخ من الكراهية والحقد والبغض والإحتقان بغية تأجيج الصراع ليتجه نحو التغيير العنيف .
الماركسية لا تطلب الشحذ والشحن والإحتقان ومناخ الكراهية والبغض بل بتوعية الجماهير بمصالحها وصراعها فهذا يكفي للتغيير ولكنه قصور اليساريين وإستسهال مسلك الشحذ والشحن وتصعيد الكراهية .
إن مناخ الكراهية والبغض مناخ خاطئ كون كل شرائح البرجوازية ليست معارضة متصادمة مع طبقة العمال والفلاحين والشغيلة , ليكون العداء للكل ليس في مصلحة الطبقات الشعبية .
إن التعاطي بمنهجية الشحذ والشحن والكراهية في الصراع الطبقي لن يكون جيداً , فالكراهية هنا تتأسس علي فكرة التمايز الطبقي الذي لا يمكن تحديده عند العامة لتتخلق كراهية وعداء لكل تمايز طبقي طفيف ولينحرف الصراع عن هدفه وتتخلق معارك لا يجب ان تتواجد مع طبقات يمكن أن تكون صديقة .
لا سبيل سوى التوعية بأن الصراع مع الطبقات المُستغلة المُهيمنة التى تحول دون ان تحصل الطبقات الشعبية على حقوقها وإن مواجهتها تكون بالتعبئة من خلال قوى سياسية منظمة وليس إعتماداً على شحن وشحذ الجماهير بالكراهية والنبذ والغضب , فالكراهية يمكن ان تزول مع الزمن ومع سلوكيات الراسماليون الذكية في الدعم الإجتماعي والتبرعات والإنخراط في تلبية إحتياجات المجتمع .

- الصراع العربي الإسرائيلي .
التعاطي مع الصراع العربي الإسرائيلي لا يختلف عن الصراع الطبقي بل يعلن عن نفسه بكل فجاجة وتشنج لينحرف عن التعاطي الماركسي الصحيح للصراع ليدخل في حيز عداء قومي ديني عاطفي .
الصراع مع إسرائيل هو صراع مع المؤسسة الصهيونية العسكرية أي هو صراع مع أيدلوجية تقف حائل ومانع لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه والعيش بأمان وكرامة علي أرضه .
إرتدي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لباساً قومياً دينياً عنصرياً منذ البدء في عمقه ومحتواه وهويته مهما حاول البعض إخفاء هذا ورفع شعارات مغايرة , ليأتي هذا بغية تأجيج الصراع وتأطيره في النبذ والكراهية ليصير في إطار كراهية اليهود .
إن وضع الصراع في إطار معاداة وكراهية اليهود جاء من الخطاب والثقافة الإسلامية التى تعادي اليهود كيهود دون إعتناء بمغزي الصراع والقضايا الخلافية الحيوية .
جاء خطاب الكراهية لليهود من الإسلام السياسي لتنقاد التيارات القومية لهذا الخطاب بل تعاطي اليسار ببرجماتية مع هذا الخطاب وسمح بحضوره بغية تأجيج الصراع .
أن يتلحف الصراع بالمشروع الديني سيجلب تطرف وعنصرية في الجانب الإسرائيلي ليتوارى اليسار الإسرائيلي ويتصاعد اليمين الإسرائيلي مستحضراً ترسانة النصوص التوراتية العنصرية العنيفة لتزداد الأمور إستقطاياً وتطرفاً ولتنصرف الشعوب عن ماهية الصراع الحقيقي .
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو صراع أيدبوجيات وليس صراع وجود فهكذا يجب ان يكون مبتعداً عن أدوات التهييج والتجييش المتلحف بالتناحر الديني القومي وما سيجلبه هذا من تشويه وتضليل لبوصلة الصراع لنشهد عنف همجي من الجانبين ولتسود فكرة غبية بالشهادة والمجد لقتلانا وإرهابينا والموت لقتلاهم .
لا حل لهذا الصراع سوي أممية الدولة وأن الأرض للجميع فلن تفلح مشاريع الكراهية ولا حل الدولتين في إنهاء هذا الصراع .

دمتم بخير .
الصراع يجب ان يكون موضوعياً بعيداً عن التهييج والكراهية والنبذ .