لماذا نحن متخلفون-شريعة القسوة والتوحش


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 7510 - 2023 / 2 / 2 - 17:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

لماذا نحن متخلفون (98) .

- منشأ هذا البحث كان منذ أكثر من 35 عاما عندما كنت أعمل في السعودية ليكون زميلي "فادي" هو الحاضر في مشهد رؤية القصاص بقطع رأس قاتل , فقد شاء حظه العاثر أن يحضر مشهد هذا القصاص ليرى قيام السياف بقطع رأس رجل لتسقط رأسه وسط نافورة من الدم وقيام الحضور بالتهليل والتكبير وترديد الله اكبر.
كان هذا المشهد أكبر الأثر علي "فادي" فقد إنتابته حالة من الذهول والصراخ والتشنج والبكاء ليرفض إستكمال العمل في السعودية طالباً الرحيل لمصر ليرجع مدمناً للمخدرات والخمور ويصير "فادي" ابن النيل أشلاء إنسان .
مشهد "فادي" كان بداية تأملي لحال المنتسبين للثقافة الإسلامية وكيف أثرت ودمرت الثقافة والشريعة الإنسانية ذهنية ونفسية المسلم ليتحلى بالقسوة والبلادة والتوحش .
- علينا أن نتوقف ملياً أمام حدود الشريعة الإسلامية من قطع رأس القاتل إلي قطع يد السارق إلي الصلب وثمل العيون إلى رجم وجلد الزاني والزانية ألخ وما تسقطه هذه المشاهد علي ذهنية ونفسية المسلم .
- يتصورون أن تحقيق هكذا شريعة قاسية هي ناموس وشرع وأوامر إلهية ولا يكتفون بهذا لتبرير تلك العقوبات القاسية الهمجية فيتصورون أن تحقيق الحدود يكون رادع لمن تسوله نفسه الإقدام على الجريمة.
- من العبث الجدل أن تلك الحدود القاسية هي شريعة وأوامر إلهية , فجميع الباحثين يرونها تشريعات قديمة سبقت الأديان لتعبر عن منظور ووحشية الإنسان القديم كذا لم تمنع الجريمة.
- ما يهمنا هو تأثير هذه الشرائع القاسية علي ذهنية ونفسية وتفكير وسلوك البشر فبلاشك أنها تلقي بظلال كثيفة على فكر المسلمين لتنحدر بهم إلى إعتياد الدم والوحشية والهمجية .
- تحضر الحدود من تصعيد غريزة الإنتقام الوحشي المفرط وقتل اي بوادر للشفقة والترفق والتعاطف لتجد لها قبولاً في ذهنية وشخصية المسلم .
- إن إعتياد مشاهد الدم والقسوة ستصيب البشر بالإعتياد والتبلد , فلا تهتز مشاعر المسلمين لمظاهر القسوة المفرطة في الحدود لتمتد لثقافة لا تعتني بما تصيبه الشريعة من أذى لمشاعر الآخرين سواء المرأة أو الأقليات . ومن هنا لن تجدي تلك الحدود في ردع البشر عن الجريمة .
- صحيح ان حدود الشريعة غير مطبقة في غالبية الدول الإسلامية ولكنها تركت إرث ثقافي وسلوكي كذا مازالت تحظي بالتقدير بإعتبارها الحل لدي المسلمين مما يشكل رافد ثقافي وفكري وسلوكي كبير رسم ملامح الشخصية والذهنية والنفسية الإسلامية الجمعية
- إذا كانت الحدود إحدي روافد الثقافة والفكر الإسلامي فهناك رافد آخر يتمثل في النظرة الدونية للمرأة وإحتقارها كذا لأصحاب الأديان الأخرى , فنجد من حق الرجل أن يتزوج على إمرأته زوجات أخري ويحق له أن يطلقها بدون إبداء الأسباب كما من حقه أن يضربها ويؤدبها علاوة على عشرات المواقف التى تحط وتهين المرأة .
- نتلمس حجم الضرر من هذه القسوة عندما تصير المرأة تقبل وتستعذب هذا الإذلال ما يعني إهدار كرامة نصف المجتمع , فلا تسأل لماذا نحن متخلفون .
- هناك تراث هائل من إنتهاك وإذلال الآخر المختلف دينيا لنجد حديث يحض المسلم علي قهر المسيحي فلا يسير في نهر طريق يسلكه مسلم علاوة على تلال من التنفير وإذلال الآخر فلا غرابة أن نجد فتاوي تُحرم على المسلم أن يهنأ أصحاب الأديان الأخرى بأعيادهم .
- يبرز حجم التنفير من الآخر في سورة الفاتحة التى تعتبر أهم سورة في القرآن وبمثابة قانون الإيمان الإسلامي فلا تعتني بترسيخ الإيمان الإسلامي بقدر التنفير من اليهود والنصاري فهم المغضوب عليهم والضالين ولا تعرف ما أهمية ذلك في أهم سورة قرآنية!
- أن تكون هناك شريعة تعلن عن قتل تارك الصلاة , فماذا يعني هذا سوي القسوة والتوحش وإعلاء رايات النفاق والزيف خشية القتل .
- صحيح أن شريعة قتل تارك الصلاة غير مطبقة في معظم الدول الإسلامية ولكننا نتحدث عن بشاعة الشريعة والثقافة الإسلامية وما تركته من زيف وخوف , فالمسلم لا يصلي عن إيمان ونيل البركة بل خشية مما سيناله في حالة الترك من نهر وإحتقار كأقل الضرر ليبغي التزلف والزيف .
- مشهد آخر من القسوة تلمحه في الغاء التبني , فقد تفتق ذهن محمد بإلغاء التبني بعد أن إنتابته شهوة لزينب زوجة زيد الذي تبناه فأراد أن يتزوجها وهذا ما يخالف الأعراف الجاهلية ليعلن أن إله السماوات سمح له بالزواج من زوجة المتبني ولا حرج في ذلك , ليلغي بذلك التبني وما يترتب عليه من حرمان المتبني من الميراث وهذا ما يعتني به المسلمين ليكون التبني في الإسلام هو لذة الإستمتاع بكلب لطيف.
- أن تكون هناك شريعة تعلن عن ارث الذكر ضعف إرث الأني ليعتبر المطبلون أن هذا من عظمة الإسلام الذي منح المرأة إرثا ًبعد أن كانت محرومة منه في الجاهلية ليطرح سؤال لماذا لا يتم التساوي طالما هي شريعة إلهية لا يجب مقارنتها بالشرائع الوضعية
- عندما يمر المسلم على آية تحض علي قهر وقتل المسيحي واليهودي حال عدم إيمانهم بالإسلام أو دفع الجزية للدولة الإسلامية صاغرين أذلاء كذا علمه أن من يرتد عن الإسلام فمصيره القتل نجد قبول المسلم لهذا القهر وعدم معارضته مما يخلق شخصية تتسم بالجبن والقهر والإذلال فلا غرابة قبوله لقهر الحكام المستبدين .
- السمة الغالبة في الشريعة والثقافة الإسلامية أنها تنحو نحو الإنتقام والقسوة دون ان تتطرق لمعالجة الأسباب الموضوعية , ففلسفتها ترى في العقاب السبيل الوحيد للإصلاح .
- قد يقول قائل أن الشريعةغير مطبقة في معظم الدول الإسلامية وهذا صحيح لتحل محلها قوانين مدنية أكثر ترفقا وإنسانية ولكن هذا لا يبتر كل المظاهر السلبية والترسبات للشريعة والثقافة الإسلامية لتمد ظلالها علي كل الشرائح الإجتماعية لتكسوها بالقسوة والوحشية والتبلد .
- لن يكون الحل هو بتر وتجميد الشريعة الإسلامية فيما يخص الحدود بل ببتر وتجميد كل مظاهر الشريعة والثقافة كقوانين الاحوال الشخصية وإستبدالها بقوانين مدنية حضارية
- من الخطأ تصور أن بالإمكان تصعيد ما يذكر عن المواقف والجوانب الإيجابية في الشريعة والثقافة الإسلامية كما يردد الوسطيين والباحثين عن حلول لإسعاف وإنقاذ الثقافة الإسلامية وتجنب تصادمها مع العصر لتساير التحضر الإنساني فالإرث والثقافة الإسلامية مُشبعة حتى النخاع بالقسوة والوحشية والإنتهاك ولا حل إلا بعزل الثقافة الإسلامية كلية عن الحضور وإحلال مفاهيم علمانية مدنية ترتقي بالإنسان .

دمتم بخير.
لا حل إلا بتجذير مفاهيم وسلوكيات علمانية مدنية ترتقي بالإنسان .. طريق التقدم يبدأ بتقدم الوعي والفكر والسلوك .