وجهُ إسرائيل القبيح …. ينكشفُ أمام العالم


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 7796 - 2023 / 11 / 15 - 12:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

"بوسعكَ أن تخدعَ كلَّ الناس بعضَ الوقت، وبوسعك أن تخدع بعضَ الناس كلَّ الوقت، ولكن ليس بإمكانك أن تخدع كلَّ الناس كلَّ الوقت.” تلك الحكمة البليغة قالها الرئيس الأمريكي المثقف "إبراهام لينكولن". ولشدَّ ما تنطبق تلك العبارة على إسرائيل، منذ ميلادها عام ٤٨ دولةً غير شرعية غرست نفسَها عُنوةً وجبرًا في جسد الأرض العربية، وحتى بربريتها السفّاحة الراهنة مع أبناء فلسطين المدنيين العُزّل في قطاع غزّة، منذ ٧ أكتوبر الماضي، وحتى أجل يعلمه الله تعالى، نرجو أن يحلّ قريبًا. ضربت منظمةُ حماس الإخوانية العمياءُ إسرائيلَ خبطَ عشواءَ أحمقَ غير محسوب العواقب، فكالت إسرائيلُ الكيلَ بألف كيل وراحت تضرب وتقصف وتُفجّر وتفجُر، غيرَ مستهدفةٍ “حماسَ” الباغية، بل المدنيين المسالمين في قطاع غزّة! وياللعجب! وبعيدًا عن دهشتنا من عدم سقوط قتيل حمساوي واحد من بين الأحد عشر ألف شهيد فلسطيني الذين لقوا حتفهم منذ بدء القصف، وبعيدًا عن دهشتنا من هروب قادة "حماس" خارج فلسطين حيث ينعمون بالأمان والرغد ويتركون أبناء غزة يسددون فاتورة حمقهم، وبعيدًا عن شكّنا أصلا في منطق السيناريو العجيب كلّه منذ البدء، حيث حدث "الثالث المرفوع" وهو اتفاق توجّهات "إسرائيل" (المُحتّلة) مع توجهات "حماس (والمفروض أنها حركة مقاومة) حيث اتفقا معًا (!) على فلسفة تهجير سكان غزة خارج وطنهم فلسطين، وبهذا تفرغ القضية من مضمونها، وهنا نفتح قوسًا كبيرًا ونضع عشرين علامة تعجب (!!!!)، بعيدًا عن كل هذا الجنون، إلا أن إسرائيل "المحتلّة" مازالت تلعب "دور الضحية" أمام المجتمع الدولي!!!! للوقاحة حدودٌ، لم يسمع عنها بنو صهيون فيما يبدو. خلال شهر وبضعة أيام، أسقطت الآلةُ العسكرية الإسرائيلية الغاشمة حوالي ١١ ألف شهيد فلسطيني نصفهم من الأطفال، وأكثر من ٦٠ مدرسة ومئات الآلاف من الوحدات السكنية ودمّرت أكثر من ١٠٠ منشأة صحية، وخرابٌ طال كل شبر في قطاع غزة، ومع هذا يخرج "نتنياهو" أمام شاشات العالم ليتكلم بمنتهى التبجح عن "الحضارة" معتبرًا إسرائيل ممثلة الحضارة في حربها ضد "الهمجية" الفلسطينية!! ويعلن بغرور أن "حرب الإبادة" مستمرة، ويشكر الدول التي تناصرهم في حرب “التحضر”!!! ونجحت بالفعل الآلة الإعلامية الإسرائيلية في خداع معظم دول أوروبا والعالم الغربي "لبعض الوقت". ولكن هيهات أن يستمر الخداع! بدأ العالمُ ينتبه للإجرام الفاشي البغيض الذي تمارسه إسرائيل على أرض فلسطين المحتلة. وبدأت تنطلق في جميع أنحاء أوروبا المظاهرات داعمة لفلسطين مندّدة بالفاشية الإسرائيلية مطالبة بالتوقف الفوري غير المشروط عن قصف قطاع غزة.
وفق السيناريو المُعلن، نعم “حماس" كانت الباغية يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، قصفت ثم اختبئت لكي يدفع ثمن بغيها مدنيون أبرياء، ولكن علينا ألا ننسى أن "إسرائيل" هي الباغية والمحتلّة والغاصبة أرضًا والمعتدية على شعبٍ منذ خمسة وسبعين عامًا!
رغم مرارة ما يجري اليوم على أرض فلسطين الحبيبة، ورغم الدم الفلسطيني المُراق، إلا أن ثمرة هذا الوجع المرّ هو انتباه العالم اليوم إلى قضية الشعب الفلسطيني المغبون عقودًا طوالا وحقهم الأصيل في وطن حرّ يكونون فيه شعبًا حرّ ذا سيادة على أرضهم. وجهُ إسرائيل القبيح بدأ ينكشف أمام العالم الغربي، وهذا هو المغنم الحقيقي الذي أسفرت عنه هذه الحرب الفاشية. في النرويج، افترش المواطنون النرويج أرضية محطة القطار الرئيسية في "أوسلو" العاصمة، ورقدوا مثل جثامين رمزية وغطّوا أنفسهم بأكفان من قماش "الحطّة الفلسطينية" الشهيرة، رمز المقاومة. وكان ذلك المشهد المهيب تنديدًا بحرب الإبادة التي تديرها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يتحول يومًا بعد يوم إلا شهداء يشيعون شهداء. وفي كوريا الشمالية وصفت الآلة الإعلامية الكورية "إسرائيل" بأنهم "قطاع طرق مشردون”. ومن اليابان طافت سفينة تجوب العالم تحمل متظاهرين يابانيين يتوقفون في مواني العالم ينددون بالوحشية الإسرائيلية ويطالبون بوقف إبادة أهل غزة، وعند رسوّ السفينة في ميناء بور سعيد، استقبلهم نقيب الصحفيين المصري السيد "خالد البلشي" وشاركهم تظاهرتهم. وفي ميادين فرنسا وبريطانيا وأمريكا تخرج اليوم مظاهرات قوامها عشرات الآلاف من مواطني الدول الثلاث ينددون بالإجرام الإسرائيلي ويدعمون أبناء فلسطين وحقهم المشروع في وطن آمن حر مستقل ذي سيادة، ويطالبون بوقف العدوان الصهيوني الحاقد والذي جاوز جميع الخطوط الحمراء.
اليوم بوسعنا أن نقول مطمئنين إن كل فرد "إسرائيلي" قد صار مستحقًا للقب "مجرم حرب" يستحق أن تُطبّق عليه عقوبات "مجرمي الحرب" كما تنصُّ عليها أدبيات العسكرية. هذا ما انتبه إليه العالمُ بأسره اليومَ، وتلك هي الثمرة الوحيدة التي حصدناها. فليس بوسع المخادع أن يخدع الناس كلهم طوال الوقت. أخي جاوز بنو صهيون المدى!

***