الدرس العاشر من دروس رمضان لهذا العام


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7926 - 2024 / 3 / 24 - 23:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات     

في بناء الجملة الخبرية وربطها في القرآن
في علم النقد الأدبي يركو بعض النقاد على الأسلوبية كونها تمثل شخصية الكاتب وطريقة تقديمه للفكرة، فالأسلوب والأسلوبية تعكس شكل التفكير البنائي في عقل المنشئ من خلال ظهور نمط محدد في الكتابة قد يكون هذا الكاتب متخصص فيه أو تنبئ عن شخصيته، ومما لا شك فيه أن هناك فرق في الدلالة والأستخدام النقدي بين الأسلوب والأسلوبية من حيث شمولية المصطلح ، فمصطلح الأسلوب أشمل وأعم من الأسلوبية كمفهوم، فالمعنى اللغوي للأسلوب يمكن أن يطلق على:.
• ـ النظام والقواعد العامة: حيث نتحدث مثلاً عن أسلوب المعيشة لدى شعب ما، أو أسلوب العمل لدى جماعة معينة.
• يمكن أن يعنى بالأسلوب الخصائص الفردية التى تميز شيئاً عما سواه، فهناك الحديث عن أسلوب ( كاتب ) معين أو الميل إلى أسلوب موسيقى خاص، أو التمتع بأسلوب كلاسيكي فى أثاث المنزل، وعن طريق هذين التصورين الكبيرين دخل أستخدام مصطلح الأسلوب فى الدراسات البلاغية والنقدية.
أما الأسلوبية النقدية والتي تعني وتهتم بالوصول إلى تقييم نقدي أدبي أو فكري معرفي محدود لجماليات التعبير فى الدراسات الأدبية واللغوية فقط، أى أنها فلسفة دراسة فن أستخدام الأسلوب لكاتب واحد أو لظاهرة واحدة أو ربما ففترة زمنية أو مكانية تقتصر على هذا المجال أو في حدوده، كما هي الدراسات الأسلوبية في التعبير عن المجتمع وعلاقاته البينية في الشعر العباسي، أو الدراسات النقدية التي تناولت النثر الأدبي في بغداد أبان الفترة المظلمة.
ومما هو جدير بالذكر أن الأسلوب يعرف بعدة تعريفات نظراً لتعدد الاعتبارات وهى على النحو الاتي :-
1. باعتبار المرسل أو المخاطب :- هو التعبير الكاشف لنمط التفكير عند صاحبه "الكاتب والمنشئ" ولذلك قالوا الأسلوب هو الوجه الأخر لصاحب النتاج.
2. باعتبار المتلقي والمخاطب :- هو سمات النص التى تترك أثرها على المتلقي أياً كان هذا الأثر، بما يعني أنه الخلاصة أو النتيجة التي ترتسم في ذهن المتلقي مفصولا عن الكاتب وحتى عن النص,
3. باعتبار الخطاب :- هو مجموعة الظواهر اللغوية المختارة والموظفة والمشكلة عدولاً في أعطاء النص خصيصة خاصة دون غيره ولا تنطبق بالضرورة إلا عليه، وأيضا كل ما يتصل به من إيحاءات ودلالات تشكل أنموذج خاص ومميز للكاتب أو للنص.
هنا أعطينا موجز سريع ومفيد ومختصر للأسلوب والأسلوبية في النقد الأدبي ودراساته، والتي نمهد من خلالها اليوم لنستكشف الجانب الأدبي وليس الفقهي ولا العقائدي لقضية وردت كثيرا في القرأن الكريم، وقد أثير الكثير من الغلط والتشويش في مقاصدها وحرفت عن حقيقة ما يريد النص منها وبالشروط التي يطلبها، وذلك لغياب ما تكشفه الدراسة الأسلوبية التي تم فيها عرض المفهوم، وهو مفهوم القتال والمقاتلة ومحاربة الذين كفروا، والتي تتخذ اليوم ذريعة للكعن في الدين من قبل أعداه، وذريعة من قبل المتدينين الذين يتمسكون بالمفردات الواردة في النص دون أن يفهموا الترابط والأسلوب بين حضورها في النص الديني وأرتباطها العام بفكرة الإسلام الأساسية وهي (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
ولكي يكون كلامنا عمليا ونصيا يجري فيه الدرس على نص محدد ثابت بالقرآن، لذا أخترنا سورة الأنفال كنموذج عملي وتطبيقي لنا، هذه السورة من أكثر السور القرآنية التي تم الطعن بالإسلام من خلالها، وما أثارت من غمز ولمز وصل حد أتهام الإسلام كدين بأنه دين إرهابي يدعو للقتل والحرب والدمار، كما أنها أكثر السور القرآنية التي يستخدمه أصحاب نظرية الجهاد ودعاة السيف والرعب، الذين يرفعون شعار مزيف وهمجي نسب زورا وبهتانا إلى رسول الله وهو حديث (نصرت بالرعب مسيرة شهر، أحلت لي الغنائم).
تبدأ السورة في آيتها الأولى بالحديث عن تعريف الأنفال تحديدا وأنها جوابا على سؤال من ظاهر النص أنه أثير في وجه النبي من غير المؤمنين، سواء أكان من أثاره من المسلمين أو المشركين أو الكفار، ولكن بالتأكيد من غير المؤمنين، والدليل أن النص نفى ذلك عنهم في الآيات الاث اللاحقة والتي أيضا تعرف من هم المؤمنون (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.....* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا.....)، عنده يبدا الشرح في سبب وجود الأنفال والتي تعرف شرعا ولغة بأنها كما ورد في مختار الصحاح (والنفل بفتحتين الغنيمة والجمع الأنفال.... وبهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ)، وقد ورد عن عطاء {يسألونك عن الأنفال} قال هي ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو أمة أو متاع أو نفل، فهو للنبي ص يصنع فيه ما شاء، قال ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري "أن ابن عباس سئل عن الأنفال فقال "السلب والفرس"، حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي ...عن ابن عباس ويقال الأنفال "ما أخذ مما سقط من المتاع بعدما تقسم الغنائم" فهي نفل لله ولرسوله.
ولما كان موضوعنا ليس عن الأنفال ولا عن الوجهة الشرعية فيها ولكن أستعرضناها سريعا لأرتباطها أصلا في موضوع الحرب والمقاتلة، فالسورة بالعموم تتحدث عن نتائج وأسباب وعلل المقاتلة والحرب مع الكفار والمشركين، وتبدأ من الآية الخامسة التي تعد مفتاحا لفهم حقيقة وقضية لماذا يقتال رسول الله (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ)، هنا يخبرنا النص أن الله وبحكمته قد أخرج النبي من بيته وطبعا المؤمنون معه وقبله وبعده من بيوتهم وهنا يعني من سكنهم مكة، بالحق أي أن خروج النبي من مكة لم يكن لا إرادة من النبي وهروبا من المواجهة، ولا هي هجرة طوعية أراد منها أن ينقذ نغسه من الهلام القادم، ولكن الحق كان أن يخرجه الله للحفاظ على مشروع الإيمان من خلال الخروج الآمن من مكة، والنجاة مما كان يخطط له مشركي وكفار قريش الذي لم ينتهي ولن ينتهي حتى القضاء على الإسلام.
فمشروعية المواجهة تبدأ من هنا من الخروج وأسبابه وعلله مع جدال الذين لا يعلمون حقيقة الحق من الله ممن كان معه وهم كارهون للأمر، لما يمثل لهم من عامل تفسي وأجتماعي وأعتباري ، فقد جاء النص اللاحق يشرح ذلك (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ)، فالإنسان لمحدودية ما يعلم ويدرك يظن أن النبي يتصرف وفقا لمصلحة شخصية له مع أنه تبين لهم الحق أن المشركين والكفار لن يتركوهم بسلام، ولطب يظهر الله الحق فإنه يعدهم مقابل إلتزام وهو مواجهة المصير القادم بثبات، فيقول (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ)، هنا الخيار كما تردد لاحقا بين السلة والذلة بين الحياة الحرة الكريمة مع الثمن المناسب، أو العودة للعبودية والذل والقهر والظلم، والخيار دوما للإنسان (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ).
عندما قرر الرسول والذين معوا أن يواجهوا الزحف القادم إليهم من أعدائهم وفقا للقاعدة العقائدية (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) ٣٦ الأحزاب، هنا أستجاب الرسول والمؤمنون لخيار الله بعد أن علم أن الله لا يتركهم بعد أن إنكشاف ضعفهم وقلة العدد مقابل الزاحفين لهم (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)، فبشرهم الله كما بشر من قبل داود ومن معه بقوله (وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله)، لقد جاءت البشرى بتدخل رباني نادر الحصول ولم يتكرر لأسبابه وعلله (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
النصوص اللاحقة لهذه البشارة تتحدث عن أشكال الدعم الإلهي للمؤمنين والرسول، فبدأ من (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ .......وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)، بعدها ذكر شكل الدعم ونتائجه العملياتية (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ ...)، ثم بر للمخاطب بقوله السابق العلل والأسباب التي من اجلها فم الدعم والنصرة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وختم خطابه بالنهاية بما يريده أن يتم (ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ)، على أن يلتزم المنصوريين بالقاعدة الكلية التي تم بموجبها دعمهم ونصرهم وهي الثبات واليقين والصدق (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ.. وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
من جمال النص في سورة الأنفال وهو المتعلق في الأسلوب البلاغي والترتيل في شرح الحالة بتقديم الأسباب والعلل، ومن ثم شره لهم ما ينوي عليه من دعم ومؤازره، ثم تكلم عن الآليات العملية وشروطها وأخيرا برر كل ذلك بأن الأمر لا علاقة له بالعقيدة ولا من شروط الدين، بل هو نتيجة طبيعية لمفهوم المزاحمة بين قوتين على الأرض، إحداهما تحاول أن تمنع الثانية من الوجود الطبيعي لأنها لا تؤمن بعقيدتها، ولكن لو أمن الفئة الزاحفة الباغية بحق الثانية في الوجود وتركت الأمر لما هو طبيعي لم يحدث الصدام ولا القتال ولا الحرب، فمن يتحمل جرم الدماء هو البادئ بالحرب والمحرض عليها والجاعل منها هدفا وجوديا، هنا النص يبرئ النبي والمؤمنين والدين من نحمل مسئولية الحرب وأثارها، ويقول أن الله بعدله هو من حاربهم لأنهم ظالمين لا يرون الحق إلا لأنفسهم وبأنفسه، ووصف ذلك بقوله (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.. ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ.... إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ.... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ... وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ).
من حلال هذه الآيات البالغة عشرين وبعض من سورة الأنفال شرح لنا القرآن الكريم بالأسلوبية التعريفية ما يجب أن نفهمه منها، وهي الحقائق التي يبنى عليها دين الإسلام والتي يمكن إيجازها بما يلي:.
• لا تعتدوا.... إن الله لا يحب المعتدين، ولكن إذا أعتدي عليكم فأعتدوا عليهم بالقدر والمقدار الذي يكي شرهم دون طغيان أو تجاوز حق الدفاع الشرعي.
• الأصل في الوجود السلام والحرب ما هي إلا وسيلة لدفع الأذى وحماية السلام (وأدخلوا في السلم كافة).
• لا يحق لأحد القتال دون دفع أولاد دفع على مبدأ (من قتل نفسا بغير نفس فقد قتل الناس جميعا)، فالقتال شر وشر لا بد منه في حالة إنعدام الخيار الأخر مع العذر وأتخاذ ما يستلزم من أساليب ووسائل لمنعها (وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون بها عدو الله وعدوكم).
• من يبادر بالحرب مهما كان له من قوة وبدون أن يتخذ ما يستوجب من أسباب لحماية الحق، سينهار ويتفرق لأن الله سيوهن كيده ولو بعد حين، وهذه من السنن الكونية التي يحرص الله على تطبيقها.
• قانون الكثرة والقوة ليس قانونا منضبطا ولا عاما مطلقا، بل هو مرتبط دوما بالمعادلة الوجودية التي تقضي أن الله مع الحق مهما كبر أو صغر (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
• من المبادئ الأساسية في كل العقائد والأفكار الإنسانية وجود حق الدفاع الشرعي عن النفس والمال والعرض والوجود، وعندما يقر الإسلام هذا الحق فإنه يدافع عن الإنسان ولا يدافع لا عن الدين ولا عن الله، هذا المفهوم هو خلاصة نظرية الحرب والقتال في الإسلام والت عرفناها من خلال الأسلوب الذي شرح فيه الله القضية، ومن ذلك فإننا من هذا المبدأ نتبرأ تماما من كل الدعوات والممارسات التي جرت تأريخيا ولليوم بحجة الجهاد في سبيل الله، وهي قائمة أساسا ضد المبدأ الكلي (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، وأعتبار كل ما جرى من أحداث مرة باسم الفتوحات ومرة باسم نشر الدعوة جرائم ضد الإنسانية لا تسقط ولا يمكن قبلوها، وحتى لو أدت إلى دخول أمم وأقوام لدين الإسلام، لأن نتائجها قامت على مقدمات باطلة، وما بني على باطل فهو باطل مهما تعذرنا وبررنا لها.