الدرس الخامس من دروس رمضان لهذا العام


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7921 - 2024 / 3 / 19 - 02:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات     

أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ
لله الدين قاعدة كلية مطلقة لا يمكن التصرف بها لا تأويلا ولا تفسيرا وبأي صورة من صور التعبد ما لم تستوفي شرط الخلاص والإخلاص، وبنفس النص هذا ينفي ويبطل الله تبرير الذين يحاولون التحرك من منطقة المنع ليتوسعوا في معنى الدين، يقول النص (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) رافضا بذلك مفهوم التزلف أو التقرب لله من خلال إدخال وسيط، السبب لأن الخالص من الأمر هو الذي لا يشوبه أختلاط كما يقول علماء وفقهاء اللغة العربية، فقد ورد المعنى للمفردة في قواميس اللغة كالآتي:.
• خُلُوصاً، وخِلاصاً: صفا وزال عنه شَوْبُه. ويقال: خَلَصَ من وَرْطَته: سلم منها ونجا. وخَلَص من القوم: اعتزلهم وانفصل منهم. وفي التنزيل العزيز (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا).
• وأخْلَصَ للهِ دِينَه تركَ الرِّياء فيه، وفلاناً اختارَهُ واخْتَصَّهُ بدخيلة نفسه، والسَّمْن وغيره أخذ خُلاصته (خالَصَهُ) صافاه، ويقال خالصه الوُدَّ، وخالَصَ الله دينَه.
• (خَلَّصَ) الشيءَ صفَّاه ونقَّاه من شوبه، ويقال خَلَّصَهُ اللهُ نَجَّاه من ورطته ونحوها، ومَيَّزَهُ من غيره، (تَخالَصَ) القَوْم تَصَافَوْا، (تَخَلَّصَ) مطاوع خَلَّصَه، (اسْتَخْلَصهُ) أخْلَصه، واختارَه، واخْتَصَّه، (الإخْلاصُ) كَلِمَةُ الإخلاص كلمةُ التوحيد، وسورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد، (الخالِصُ) يقال هو خالِصٌ لك حَلال.
• (الخُلاصةُ) زُبْدة الشيء، وخُلاصة الكلام ما استُخْلِص فيه معنى العبارة مُجَرَّداً عن الزوائد والفُضول، وما يُستَخْرَج من المادة حاوِياً لخصائصها (الخِلْصُ).
مما تقدم من معاني نجد إن الخالص يشترط فيه ثلاثة أمور أساسية لا يقوم إلا بها، وهي:.
1. أن يخلو الإخلاص من أي شائبة لا صغيرة ولا كبيرة، بمعنى أنه يكون نقيا من أي دخيل خارج موضوع المخلص له (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ۚ).
2. ثانيا أن يحوي كامل المعنى بجوهره وماهيته وأن الجزء منه يشبه الكل، فهو عين ومصداق وحقيقة الشيء تنطبق وتتطابق بدون أي أحتمال للشط أو الظن بوجود مخالف أو غير مطابق(وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
3. أن يكون إراديا بمعنى أن الإخلاص في الشيء لا بد أن يكون مبعثه اليقين به، فلا يمكن أن نتصور إخلاص صادق بوجود إكراه أو إلجاء لأن ذلك يفقد اليقين بالإخلاص أصلا وسيكون فوقيا لا ذاتيا (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
فالإخلاص إذا ليس كلمة تقال ولا هي بديهية عند من يظن أنه يؤمن بالله ويعبده، فالإخلاص عندي هو أعلى درجات الجهاد الأكبر الذي يخوضها المؤمن حتى يكون متعبدا لله مخلصا له الدين، فقد ورد مفردة الإخلاص والمخلص والمخلصين وأشباهها أكثر بكثير من مفردات التعبد الطقوسي أو التعبد بالعبادات، وجعلها الله مقياسا حقيقيا لقوامة الدين وقيامته بالشكل الذي يضع الإنسان في مرتبة العابد الحقيقي (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، ولعل هذه المنزلة لا يمكن أن تقوم إذا إلا بالتجرد الكامل من الرغبات والأحلام والهوى البشري، فالمخلص لله هو الذي يدور حيث يرى وجه الله وأمره وما يشرع، فالله أعلم وأنتم لا تعلمون.
فكما الصلاة إن قامت وقبلت قبل ما سواها أستنادا للنص الذي يشرح معنى الصلاة وقانونها الواجب وشرطها الأساس (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)، فيكون الإخلاص بنفس الترتيب ومتقدم على كل شيء لبلوغ درجة الإيمان الحقيقية، وإلا مع عدم الإخلاص لا إيمان ولا عبادة ولا حتى قدرة على إدراك رحمة الله، لأن الوصف المقابل لذلك الحال هو الشك والظن وأخيرا النفاق الذي يبعد الإنسان عن الله وعن دينة، والسبب في كل ذلك هو قلب الإنسان المشغول بحب أخر وإخلاص أخر ويقين أخر حتى من نظن أنهم أولياء لنا من دون الله، فالولي الحقيقي هو الذي يستغرق كاملا في الإخلاص لله فيذوب وجودا في عبادة الله وأستحصال رضاه، وليس من يجعل إيمانه منزلة له عند الناس أو يزعم أو نحن نزعم بذلك.
لذا نقول أن القلب الصافي التقي الطاهر الخالي من الرياء والظلم وحب الذات هو القلب الذي يكون طريقا للإخلاص ومتقبلا له، كما ورد بالتفصيل في سورة البقرة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (16).
نعود من جديد للنص عنوان الدرس وما تبعه من بيان من الله لمفهوم الدين، وما يجب على المتدين المؤمن المخلص من حدود يرسم بها إخلاصه حتى لا يقع تحت طائلة الشرك ظانا أو متعمدا أو غافلا، من هذه القضايا التي يقع فيها الكثيرون مسألة التولي، فالله من خلال النص يطلب أن تكون الرابطة الإيمانية ثنائية القطي بينه وبين المؤمن، ولا يقبل أن نتولى أو نوالي غيره (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، لا من خلال مفهوم التقرب والزلفى، ولا من خلال مفهوم الوساطة أو الدليل أو الخوف من غير الله، أو الذين يظنون أن الإيمان بالله إخلاصا لا يكفيهم ولا بد من معين لهم (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) .
علينا أولا وبعد أن عرفنا الإخلاص وأهميته ومقدار ما يمكن أن نتمسك به لا بد أيضا أن نطلع على المأثور القديم والحديث في أهميته عند أهل الإخلاص واليقين، يقول بعضهم «المخلص هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله»، هذه الدرجة من اليقين لا تعني أن على المؤمن أن لا يبالي بمت في رأي الناس به أو تخليه عن مسئوليته في المجتمع، فالمخلص هنا هو الذي يجسد قيم الإصلاح والإحسان والعدل والخير فيكون بناءا في مجتمعه، لا يبحث عن مغانم بديلا عن المغنم الأكبر وهو رحمة الله التي هي قريب من المحسنين، وقال يعقوب المكفوف (المخلص: من يكتم حسناتِه كما يكتم سيئاتِه) بمعنى أن المخلص داخله وخارجه ذاته وموضوعه واحد متشابه فيكون من الصادقين والله كثيرا ما أعلن حبه للصادقين وجزاءه الأوفى لهم، وقيل (المخلص مَن يستوي عنده مادحُه وذامُّه).
إذا عنوان إيمان المؤمن الإخلاص في الإيمان القلبي الذي به وبوحده يمكننا الوصول للإخلاص في العمل والذي يترجم من خلال تفريد الله في كل شيء، بالظن الحسن بالتوكل والأعتماد، بالدهاء والتوجه واليقين بأنه قادر على كل شيء قدير، هذا الحال يقودنا للأعتراض على الذين لا يفرقون بين ولي الله وبين التولي بن الإنسان والله، خاصة أن هناك ظن وأعتقاد قديم رافق كل الأديان أن أهل الإخلاص والأيمان الصادق، لهم منزلة عند الله عظيمة ولهم كرامات وبركات ولا بد من التقرب بهم لله، هذا الظن وهم وشكل من أشكال الشرك وعدم الإخلاص، فولي الله أو أولياءه طبقا للتعريف القرآني لهم كما ورد بالنصوص هم".
• ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ).
• (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).
• (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).
• (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا).
• (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ).
• (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا).
• (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ).
• (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ).
• ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ).
• (وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ).
• ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).
• ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾,
لقد وردت كلمة ولي وأولياء ووال ومشتقات الجذر في القرأن وصيغها في القرآن الكريم 233مرة، والصيغ التي وردت هي صيغة الفعل جاءت 110 مرة، وصيغة الاسم 123 مرة، وكلها تدور في معنى واحد مع أختلاف الأستعمال كمحدد، فهي بالمجمل تعني صاحب العودة له في الأمر أو التعلق به بقدر ما يملك من قدرة، فالله ولي الذين أمنوا لأنهم في كل الأحوال يعودون له من دون أن يكون لهم خيار غيره (وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا) لأنه القادر على ما لا يقدر عليه أحد، والرسول ولي بحدود ما يستطيع من وظيفة التبليغ والإنذار والعلم والتعليم، لكن حدود ولايته استمد من قدرة الله الممنوحة له (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا)، هذه حدود ولاية الرسول التبعية، أما ولاية الذين أمنوا فهي لا تخرج عن المعيار ذاته ولا تتقاسم مع ولاية الله والرسول (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا)، أما بقية مفاهيم الولاية بين البشر فهي تقوم بنفس القاعدة وتستند على مفهوم العودة والأرتباط بين العائد والعائد له (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا).
فالولاية من خلال المعنى والآيات التي وردت في القرآن ليس سلطة من أحد على أحد إلا عندما يكون الله هو الوالي وإنما هي أمر مخصوص وخاص وله حد واقف (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ)، وهذا ليس تخريجا من دلالة الكلمة بل من جملة قدرة الله وسلطانه على عباده (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا)، فكما هو الله هاد هو القادر على أن يضل من يشاء إن أراد الإنسان وأختار الضلال، الجزم في الآيات إذا يحصر الولاية والتولي بالله فقط ودون أن يمنح تفويضا أو رخصة لأحد أن يتولى غيره (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ)، هنا يثار سؤال ما معنى أن فلان ولي الله أو أن هذا من أولياء الله لا بد أن نضع له قداسة وتعظيم ونتخذه وسيله وواسطة لنا عند الله، الجواب كل ذلك ظن ومعتقد فاسد فولي الله هو الذي أخرجه الله من الظلمات إلى النور، وإن الأنتساب له بهذا العنوان لا يغير من حقيقة توليه لله ولا تولي الله له، ولكن يضعنا نحن في خانة عدم الإخلاص والتقرب من الشرك ومن الغرور وهوى النفس.
فولي الله يجب أن نتخذه قدوة في اليقين والعمل ونعمل عمله كما عمله هو ونسير على منهجه (إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)، وليس أن نجعل منه شريكا مع الله في الولاية الحصرية الخاصة والمغلقة على ذاتها (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ....)، حتى مع حسن النية أو الغفلة عن ذلك، فهذا محرم ومحظور ومحذور على المؤمن إن كان مخلصا لله، فمن أوكل لله ولايته عن نفسه لا يمكن أن يرضى على نفسه أن يجعل ولاية غيره بيده، فالعاجز عن ولاية نفسه أعجز من ولاية نفس غيره، وهو منهج الصالحين.