ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح4


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7891 - 2024 / 2 / 18 - 21:28
المحور: الادب والفن     

((أجاب مجمع الآلهة: أجل!.. "يا منظموا الأقدار".. ومن أجل عملية التطهير حضَّر "إيا " حمَّامًا.. وأثناء اجتماعهم ذبح الآلهة إلهًا..
إنه الذي يمتلك الذكاء.. وبجسده ودمه.. جبلت "نينتو " الصلصال..
وهكذا بعد أن عجنت "نينتو " هذا الصلصال هتفت بالآلهة الكبار ".. أما الآلهة الكبار فقد بصقوا على الطين..
وعندئذ فتحت "مامى " فمها.. وقالت للآلهة الكبار:
لقد طلبتم منى القيام بمهمة، وقد أنجزتها..
إنكم ذبحتم إلهًا بما فيه ذكاءه.. وقد خلصتم من عملكم البالغ المشقة.. وبذلك حوَّلت شكواكم إلى البشرية..
وفككت من أجلكم النير ووطدت الحرية..
حين سمع الآلهة ما قالته.. تراكضوا معًا وقبَّلوا رجليها قائلين:
كنا بالأمس ندعوك "مامى "..
أما اليوم فأنتِ سيدة الآلهة كافة..
إذ قطعت "نينتو " الشيء القديم إلى أربع عشرة قطعة..
وصنعت سبع قطع إلى يمينها..
وسبع قطع إلى يسارها..
ووضعت بينها قطعة من القرميد..
جعلت سبع منها ذكور.. وجعلت سبع إناث....
هم
أداپا وزوجه
عُوّن دوگا وزوجه
أن ـ مي ـ ديوگا وزوجه
أن ـ مي ـ گالانّا وزوجه
أن ـ مي ـ بيلوگا وزوجه
أن ـ إنليلدا وزوجه
يوتو ـ أبزو . وزوجه...
السبع المثاني والخلق العظيم...
(لقد كان الميلاد موعد مع الدم.... مع الموت... مع الحياة.... وكان الإنسان أكثر شيء جدلا.....
إنك أنت أيتها "المامي" التي ستخلقين البشرية..
أخلقي الإنسان ليحمل النير..
فتحت "نينتو " فمها.. فقالت للآلهة الكبار............
ليس علَّى أنا أن أقوم بذلك.. وهذه المهمة خُصَّ به "إنكى".. لأنه هو الذي يُطهّر كل شيء.. فليعطنني الصلصال حتى أشرع أنا في العمل.. فتح "إياه " فاه.. وقالت للآلهة الكبار.....
ساعدوا حَّماما من أجل التطهير.. فليذبحوا إلهًا.. وليتطهر الآلهة الآخرون فيه.. وبجسد ودم هذا الإله..
فلتمزج "نينتو" الصلصال.. حتى الإله والإنسان.. يصبحان ممزوجين معًا بالصلصال.. وتنبعث من جسد هذا الإنسان روح..
أي روح يحملها الإنسان
جاء من دم
ويعيش بدم
ويموت لو شح الدم
فأي روح مصنوعة من طين ودم
حينما أبدلت "نينتو" الماء بالدم
كتب الواحد
على الواحد أن يولد من دم
لعنة الدم هي من تسوقنا للجحيم
هي من تشعل فينا نار الوجود
هي من تنغص علينا رحلة الخلود
الدم بالدم
والبادئ أظلم
هكذا عاد أداپا وقد خسر الخلود
مصحوبا بالندم
وجلب ويلات على البشر
أما إيا المنتشي بالهزيمة
يجلس تحت ظل يعد الخطط
ويرسم الطريق
لقد سقط أداپا في وسط الطريق
وتخلى عنه الحارس الأمين
الواحد الأحد
شكرا سيدي
هذه الثمرة التي سقطت من شجرة الخلد
حصتي يعود الشيء للا شيء
وأعود سيد الواحدات
*****
من تلك السقطة
من هذه اللقطة
ولد الشر في الأرض
وابتدأت رحلة الألم
لا ألم بلا شرور
ولا شرور إلا وتجلب الندم
صار الأمر من قديم القدم
أن الأرواح تسرح في ملكوت الواحد
تبحث عن أمل في مقابل ألم
وعن طريق لأنقاذ كل غريق
من يومها صار أداپا يسترضي الجميع
ويرضي من معه
مسكين هذا المخلوق
الكل يريد منه
والكل يأمره
والكل يتطاوله والكل عينه عليه
حتى شركاءه في العمر
لا يتركون دربا له بلا أثر
بلا صوت ولا صدى
بلا تذكير
ويحك يا هذا
لمِ رددت هدية الرب...
ها هي جنة عدن التي ضاعت
وبقيت مشردا في الأفاق
تبحث عن ستر لتفعل الحب
وكأن الحب جريمة نرتكبها ويشاركا "إيا" في التلاق
يا أبا الذي في الجحيم ترك أبناءه
هل كان ذلك غباء
أم كان ضمن نواميس الواجب
حين سن الواحد قوانين الواجب في أول الإنشاء...
“جاء البشر الأوائل من السماء. أرسلهم "أولورن" ليعيشوا على الأرض وكان الإله الكبير قد صنع بعض أجزائهم من التراب وصاغ أجسادهم ورؤوسهم. تُركت مهمة بعث هذه الأشكال الهادئة إلى الحياة لـ "أولورن" مالك السماء الخالق. غار الإله الكبير من عمل أولورن وأراد أن يبعث الحياة في الأشكال التي صنعها. فكر الإله الكبير: سوف أراقب أولورن لأرى كيف يفعل ذلك. وأختبأ بين الأشكال ليراقب عمل أولورن، إلا أن أولورن العارف لكل شيء أدرك وجوده، وحين اكتشف مخبأه أنامه نوماً عميقاً. نام الإله الكبير طويلاً. حين استيقظ كان جميع البشر قد انبعثوا إلى الحياة ولم يشاهد أبداً كيف حدث الأمر. استمر الإله الكبير في صناعة أجساد البشر ورؤوسهم فقط وكان يترك عليهم علامات تظهر كم يفتقدون إلى السعادة” .
لم يعرف إذا الإله الكبير كيف زوج "أولورن" أولاد الأخوة السبعة لتستمر الحياة....
ولليوم
عندما يسأل كيف صار لأدابا مجتمع من بنين
لا يجيب
لأنه كان نائما حين كان غائبا عن الحضور
ماهر أنت يا "أولورن"
لقد أفسدت على أيا خطته
وأخرجت الطين من الماء والماء من الطين
وأعدت تشكيل الحياة....
أخرجت قانونا خبأه الرب الكبير
ليكون عرفان الوجود
وخلقنا الذكر والأنثى
وجعلناكم أمم بيضاء وسوداء وحمراء وصفراء
وأمم طويلة
وأمم قصيرة
وأمم بدينة
وأمم يقتلها الجوع
فتموت كالأشجار واقفة كأنها خشب مسندة
كلها لأن أبونا رفص الطعام
رفض الماء
وقبل باللباس والزيت الممسوح
إنها لعنة الريح
لعنة الجناح...
******
وأنتشر أبناء الأخوة
وصار السبعة سبعون
سبعمئة
سبعة ألاف
سبعة ملايين
وعاد الأبناء يزعجون الملك الواحد الفرد
لا يسمعون
لا ينظرون
لا يفهمون
فقرر الواحد أن يعيد النظام
ويلزم الأرض بقانون السماء
فكلف الأعوان
بإخراج الفساد كله وممن دنس طهارة المقام
وأرسل الريح بالماء
وأخرج من رحم الأرض أمواج المياه
لتعيد للأرض الصفاء
ويضيئ من جديد وجهه البراق
((قف قرب الجدار على يساري واسمع
سأقول كلاماً فاتبع كلامي
اعط أذناً صاغية لوصاياي
إنا مرسلون طوفاناً من المطر
فيقضي على بني الإنسان
ذلك حكم وقضاء من مجمع الآلهة))....
يا للهول... يا للقدر
كلما أينع الزرع يأتي الحصاد في وقت الربيع
فلا ينجو من بين يدي الفناء من أحد
وواحد صمد
يبقى يدير الشيء واللا شيء وما قبل وبعد الشيء
((هبت العاصفة كلها دفعة واحدة
ولسبعة أيام وسبع ليالي
غمرت سيول الأمطار وجه الأرض
ثم ظهر "أوتو" ناشراً ضوء في السماء على الأرض
فتح "زيوسودرا" كوة في المركب الكبير
تاركاً أشعة البطل أوتو تدخل منه
"زيوسودرا" الملك خر ساجدا أمام "أوتو"
ونحر ثوراً وقدم ذبيحة من غنم)).....
******
كيف للرب أن يرى النجوم تتساقط في الأرض
ويقبل بالحال
أم أنها من ضمن الأمور
من ضمن الشؤون
من ضمن أحاديث التي كانت قبلا
ولا بد أن تكون
كلها جاءت
من لحظة قالها
ستهون
عندما مزق الشر ستر السكون ليفوز بالسبق
ويثبت للرب من هو الأقوى
ومن سيهون....