ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح3


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7890 - 2024 / 2 / 17 - 14:27
المحور: الادب والفن     

أداپا أو آدما الرئيس....
عُوّن دوگا المعين
أن ـ مي ـ ديوگا
أن ـ مي ـ گالانّا
أن ـ مي ـ بيلوگا
أن ـ إنليلدا
يوتو ـ أبزو .
قال الأحاد
والوحدان المخلدون
الحكمة قد أعطاه، فصار أمره كأمر إيا، أتم له سِعةَ الفهم ليكشف نُظُم البلاد. لقد منحه الحكمة لكنه لم يمنحه الخلود في تلك الأيام.
في تلك السنين خلقه إيا، حكيم أريدو نموذجًا للبشر...
كم جميل ومنتظم عمل الرئيس الملك الأزل الواحد الأحد
إنهم يملكون الحياة ويملكون الألم
ويملكون الفناء كما يملكون العدد
هؤلاء هم المستقبل وهم من سيدون سيرة الأحد
ويفهم الفرق بين الشيء واللا شيء
وينشئوا القيم
من أرضو من أريدو من جرف الماء
ستنشأ الأمم
أوامر الحكيم لا أحد يمكن أن يعيبها فهو المقتدر والأحكم بين الأنوناكي والكاهن الذي لا عيب فيه، صاحب اليدين النظيفتين الذي يمسح بالزيت ويحافظ على الطقوس.
مع الخبَّازين يخبز مع خبَّازي آريدو يُحَضِرُ الخبز.
ويُمَونُ آريدو كل يومٍ بالخبز والماء.
إلا أبا.... ليس كمثلهم موقن بالقدر
أنه يعاند القانون ويخرق النظم
له من غير هذا الكم وجهان وعنده قدر الظهور بلا فم
بلا عين بلا أذن
أبكم أعمى أصم
يتربص لأداپا كل صغيرة
لعله يفنى بيديه
أو يخرج من عدن...
إلى جحيم المحن...
بيديه النظيفتين يُرَتِبُ مائدة القرابين. وبدونه لا تُحَضَرُ المائدة يطوف بمركبه ليصطاد حاجة آريدو، وفي تلك الأيام، أدبا رجل آريدو الذي يحضر إلى معبد إيا كل يومٍ أَقلع في قاربه من قُرب رصيف الهلال، الرصيف المقدس وإذا بِريحٍ تنفخ هناك وتقذف قاربه وبالمجداف أخذ يسير قاربه على مياه البحر الواسع نَفَخَ ريح الجنوب فدفعه في قلب الماء. جعله يهبط إلى حيث موطن الأسماك ـ يا ريح الجنوبِ، أَعَلَيَّ تنفث سمومك؟ بل سأكسرُ جناحك وما إن خرجت الكلمة من فيه حتى اِنكسر جناح الريح. ولسبعة أيامٍ لم تنفخ ريح الجنوب على البلاد.
(في أحد الأيام ذهب أداپا بقاربه إلى مياه البحر ليصطاد السمك، وعندما كانت الريح الجنوبية قد هبّت بعاصفة قوية، انقلب قارب أداپا فجأة وألقى به في البحر، غضب أداپا غضباً شديداً، فكسر جناح الريح الجنوبية وبسبب ذلك لم تستطع الريح الجنوبية من ان تهب لسبعة أيام متتالية).
عندما سمع الإله الكبير أنو غضب على أداپا بسبب فعلته الشنيعة تلك، فأرسل بطلبه للمثول أمامه.....
نادى آنو على وزيره البرات لماذا لم تنفخ ريح الجنوب على البلاد هذه الأيام السبعة؟.
أجابه وزيره البرات: مولاي إن أدبا بن إيا كسر جناحه، صرخ آنو ونهضَ عن عرشه ـ رحمة.
فليحضروه إلى هنا....
أحتار يسأل من وهو الكبير العنيد
كان على أدابا ان يأخذ المشورة
ممن؟
ولمن يسأل؟
فالجميع له يسألون وإليه يرجعون
ليس هناك من خبير سوى
"إيا" الملعون
قبل لقائه نسي أن الواحد أخبره
أن لا يخون
فلا يكون بعدها إلا ما سيكون
نسي أن المبين ليس بأمين....
وأفصح له بكل المكنون
وما سيلقى لو قابل المأذون بالأذن والفاعل بالكاف والنون...
يهون
يا رفيقي يهون
ولكن إيا الذي يعرف ما يختص بالسماء جعل أدبا يلبس ثوب الحداد وينكش شعره ـ أدبا.
إنك ذاهبٌ لحضرة آنو، الملك وستأخذ طريق السماء عندما تقترب من بوابة آنو تموز وجيزيدا سيكونان هناك.
سيسألانك ـ أيها الإنسان، علامَ تظهر هكذا؟.
لم أنت لابسٌ ثوب الحداد؟.
لقد اِختفى من بلادنا إلهانِ، فعملت هكذا.
مَنْ الإلهان اللذان اِختفيا من البلاد؟.
تموز وجيزيدا
سيرمق الواحد الآخر بنظرةٍ ويبتسم.
فقط كن مثلي
لا تلقي أمانيك
وأمسك بعصاك وأمتنع عما سيكون
فقط...
سيقولان عنك ما هو حسنٌ في حضرة آنو وسيريانك وجهيهما الكريم وبينما تقف في حضرة آنو عندما يُقَدمون لك خبز الموت.
لن تأكله عندما يقدمون لك ماء الموت.
لن تشربه عندما يقدمون لك كسوةً تلبسه، وعندما يعطونك زيتًا، تدهن به جسدك نصحي الذي أُسديك إياه لا تهمل وكلامي الذي قلت، عليه تحافظ.
ليمسح رأسك بالرضا
وإياك أن تأكل مما في الماعون
إياك ثم إياك
إنها مكيدة كي لا تحصل على الخلد
أو أستدعي أنك مجنون....
وصل رسول آنو وقال ـ يا أدبا...... لقد اِنكسر جناح ريح الجنوب.
أحضره أمامي جعله يتخذ طريق السماء وإلى السماء صعد.
ولما اِرتفع، اِقترب من بوابة آنو.
وأمامها كان يقف الإلهان تموز وجيزيدا لما رأيا أدبا صرخا ـ رحمةً.
أيها الرجل لماذا تبدو هكذا؟ .
أدبا، من أجل من تلبس ثوب الحداد؟.
لقد اِختفى إلهان من البلاد فلبسته.
من يكون الإلهان اللذان اِختفيا؟.
تموز وجيزيدا فنظر كلُ واحدٍ منشرحًا واِبتسم.
اِقترب أدبا من آنو الملك فناداه ـ تعال يا أدبا.
لِمَ كسرت جناح ريح الجنوب؟ .
مولاي، في وسط البحر كنت أصطاد لسيدي كان البحر كالمرآة لكن ريح الجنوب نفخ عليَّ وكاد يُغرقني كدت أغوص إلى حيث موطن الأسماك وفي غضب قلبي لعنته.
فتكلم عنه تموز وجيزيدا حسنًا.
فهدأ قلب آنو وتساءل.....
لماذا كشفَ إيا لبَشَرِيٍّ فانٍ خطط السماء والأرض؟.
لقد أبرزه وجعله ذا اِسمٍ وأما نحن فماذا نعمل به؟.
حضروا له خبز الحياة وسيأكله
ولما أحضروا له خبز الحياة
لم يأكله
ولما قدموا له ماء الحياة لم يشربه
ولما أُحضرت له كسوةً لبسها.
ولما أحضروا له زيتًا، دهن به جسده.
سخر آنو وضحك عاليًا على نصيحة إيا.
من كل آلهة السماء والأرض، مهما كان عددهم، من يُعطي أمرًا كهذا، ليكون أمره فوق أمر آنو
وأنت يا أدبا، لماذا لم تأكل ولم تشرب؟.
سوف لن تفوز بالحياة الأبدية آه، أيها الجنسُ البشري الفاسد.
إيا سيدي أمرني أن لا آكل ولا أشرب.
وأما أدبا فقد نظر من أُفق السماء إلى قبتها فرأى ذلك المنظر المهيب وحكم آنو بإطلاق أدبا من أجل مدينة إيا.
خذوه من هنا وألقوا به إلى الأرض وقدر لكهنوته العز على مر الأجيال.
وأما أدبا اِبن البشر الذي كسر جناح الريح وصعد إلى السماء... أيُّ وَيْلٍ جَلَبَهُ للبشرية؟.
وأيُّ أمراضٍ أحضرَ لأجساد الناس؟
نينكراك ـ إلهة الشفاء ـ
ستخفف منها وتنزع المرض وتهون الآلام.
*****