ملحمة بدء الخليقة وميراث التكوين..... رؤيا أخرى ح2


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7889 - 2024 / 2 / 16 - 20:16
المحور: الادب والفن     

كان الشيء الذي بدأ واحد
لم يعد واحد
لم يعد إثنان
لم يعد يقبل الحد ولا يرضخ للعد
لكن الواحد الأول بقى في المقدمة
بقى يمارس سلطة البدء
صار ملكا على كل واحد
وأتخذ الأحدية شعار
وخضع الجميع له
لأن قبله لم يك شيء
ولا يمكن أن يكون هناك واحد من شيء....
من هنا صار ملكا على الوجود...
"إذا كان لي أن أنتقم لكم حقاً
فأقهر ...... وأحفظ حياتكم
فإنني أطلب اجتماعاً يُعلَن فيه اقتداري
وعندما تلتقون جذلين في قاعدة الاجتماع
اِجعلوا لكلمتي قوة تقرير المصائر
وليبق ما أخلق قائماً لا يزول
وما أنطلق به من أوامر ماضياً لا يحوّل".....
صفق الأحاد
تكاثر الأحاد
قالوا إلى متى نبقى أحاد
قرر الملم الواحد أن يزوج الأحاد
مثنى وثلاث ورباع
لم يعد المكان يتسع
لم يعد الزمان بطيئا كما يجب
تحرك الحراك
صارت أجيال وأجيال
ألوان وأشكال
أباء وأبناء-
فوق وتحت
قديم وجديد
كل شيء قال الواحد محكوم بالزوال
إلا أنا فعندي أسرار التحول
وبيدي مفاتيح الكينونة
ولا يبقى شيء وأنا ملك الكونين
الشيء واللا شيء
سكت الجميع وفاز بالقوة
صاحب الأولى في كل شيء
ولم يعد يشبه أحد أو "شيء" أو "لا شيء"....
*****
((تأمل مردوخ جسد تيامات، ثم شقه نصفين.
رفع الأول فجعله سماء
وبسط الآخر فصارت منه الأرض.
ثم خلق مردوخ في السماء نجومًا وكواكب وجعل لكل إله كوكبه
وقسم الليل والنهار
وجعل لمراحل كل منهما حرساً من الآلهة.
ثم خلق من ثديّ تيامات الجبال والمرتفعات،
وفجر من عينيها نهرا دجلة والفرات.
وجعل الآلهة قسمين
الكبار يعيشون في السماء
والصغار يحرسون الأرض)).
لم يكن الواحد الأحد سوى مردوخ
لا لم يكن مردوخ أبدا
فلم يولد الشر بعد
لم يولد الخير بعد
لم تولد قوانين الصراع بعد
كانت تلك القوانين تسمى
أحكام الضرورة......
وأفعال السيرورة...
صورة بعد صورة
تكبر الصورة
ويكبر الشيء
ويعظم سلطان الواحد كلما حل من جديد
شيء
*****
مر الزمان بطيء
النور قليل
الواحد والواحد لا يمكن أن يصير واحد
لكن في ذاك الحال صار واحد
سماه الواحد إثنان
وأخترع بعده الواحد مع الواحد ومع الواحد
يكون واحد
هكذا سلسل الوجود من تراكيب وجعلها كلها واحد
وأنتظم الوجود
على أربع وجوه
وخمس مراحل وست حدود
وسبع سماوات
وسبع من الأرضين
وقال للجميع أتيا طوعا أو كرها
قال الجميع جئنا طائعين....
وجمع الجميع
وألقى أول خطبة في الوجود
إني خالق من بشر
سبع سموات ومثلهن من الأرضين
سأجعل لكل سماء وأرض بشر
سأجعل من الطين دين وحين وأين
فإن صار الأمر مقضيا فقعوا لهم ساجدين
صمت الوجود ونطق واحدا من الموجود
إني لا أقر لغيرك من سجود
ولا أخضع لغير سلطان الواحد المعهود
خلقته من جسد "تيامات" وأنا أبن "أبسو"
لن يكون بيني وبين الماء ود
جنون ما بعد الجنون
أن أكون وهو يكون
وكلانا في العد متساوون
أما أنا
أو أخرج حيث سيكون
قال الواحد بقدرتي كوني يا أرضي المغطاة بالماء جنة
وسأجعل الأباء
موكلون فيما سيكون
أدبا أيها المعجون من ماء وتراب
ستكون ملكا لأخوتك
وتسكن جنتي أرضي "أريدو"
ولا تسمع لأبن "أبسو" فأنه عدو مبين.
*****