قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح16


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 6638 - 2020 / 8 / 6 - 10:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

الشخصية المنفعلة وحدودها الوصفية
من خلال الوصف السابق ومقارنة مع الشخصية الفاعلة الإيجابية يمكنن أن نؤشر جملة من الحدود التوصيفية لهذه لشخصية أعتمادا على المعايير العلمية لتي نلتمسها عادة في تحديد الأطر العامة، دون أن نتبناها كقانون مجردا وعاما، فهي إذا صورة غالبة تقريبا وإجمالية أكثر من كونها قاعدة حاكمة في الوصف.
تتميز الشخصية الإنفعالية بعدة من المميزات التي تنفرد بها كخصائص محددة نابعة من مظهرها الخارجي وتتصل بذاتيتها التكوينية، فهي مثلا لا تبوح بمكنونها الحقيقي ولا يمكن أن تتجاوز ما فيها من تعامل مع المحسوسات إلا من خلال التعاطي المباشر والأحتكاك الفعلي مع وجود دوافع خارجية مؤثرة، فهي تهدف دئما إلى التفاعل مع منتجات الفعل لحدوثي المتصل بها ومع الحس مباشرة بصورة أما إنعكاسية أو قلقة مضطربة غير منضبطة بالعقلانية غالبا، لذا يمكن قياس ردة فعلها بسهولة عندما نعلم أو نحدد للمقياس العقلي ما يمكن أن يتبناه العقل السوي من فعل تجاه حالة مماثلة عادة.
هنا لا بد أن نطرح المميزات العامة والغالبة على الشخصية الإنفعالية بشكل نقاط يمكن الإستدلال عليها من خلال ما يمكن أن تتعامل به مع الواقع وهذه النقاط هي:.
1. تتميز هذه الشخصية بالقلق الفوضوي الناتج عن عدم توفر مساحة في حرية الأختيار بين عدة خيارات متاحة ومعدة مسبقا، أو على الأقل يمكن أستحضارها في اللحظة المناسبة، فتلجأ دوما إلى الخلط بين الإنفعال الهستيري، وبين التسليم بدافع الإحباط، وفي كلا لحالتين لا يمكنها أن تقدم تحليل أو تبرير مناسب.
2. كما تتميز أيضا بعدم القدرة على تجاوز واقع الفعل وحدوده والمجازفة والأنتقال من موقع الدفع السلبي إلى الدفاع الإيجابي، لكونها تعتقد أن القدرة الذاتية والقوة الفعلية تتجه أولا للتخلص من لأثار الجانبية، وترحيل ما يمكن عمله إلى ذات أو مناسبة أخرى أو إلى زمن أخرى فهي تحاول الهرب دوما إلى الأمام..
3. القلق وعدم الأعتماد على منهج واضج وجلي في المعالجة مع الفوضى التي يسببها ردة الفعل الغير مدروسة والغير متقنة، يجعل من الشخصية الإنفعالية تعيش الحدث وتنتظر غيره دون أن تستفيد من التجربة، فهي عادة سريعة التناسي وذاكرتها متخمة بالفشل والإحباط وتنظر إلى أي دعوى للتنبه والاحتياط بمنظر الشك واللا معقولية وكأنها دعوى يرد منها الانتقاص .
4. لا تتحمل الشخصية الإنفعالية المسؤولية عن نتائج فعلها ولا تتحمل النقد ولا تمارسه على الذات، فحينما يوجه لها الانتقاد تتعامل بقسوة مع كل تنبيه أو لفت نظر لموضوع أو تصرف ما، تعتبر ذلك عدوان عليها ومس مباشر بكرامتها، دون أن تقبل أن تحتمل النقد كطريق للإصلاح وخاصة إذا كانت تشعر ذاتيا بنوع من التقصير، وتتمسك دائما بنظرية المؤامرة فهي تميل للتبرير دوما، ولكنها في المقابل كثيرة التشكي والنقد والانتقاد حينما لا يتعلق الموضوع بها.
5. الشخصية الإنفعالية شخصية فردية وشخصانية في العمل ولا تعرف مبدأ المشاركة والتشارك في قراءة الواقع والحدث، فهي تصدر أحكامها وردات فعلها من تصورها الذهني الذاتي، وتعتقد أنها هي صاحبة الحق في التفسير والتسيير، لذ فمن الصعب ان تجد لهذه الشخصية حضور فاعل ضمن التكتلات الاجتماعية إلا أن يكون سبب حضورها متعلق بمصلحة وقتية لها، وإن شاركت في أي تكتل تبحث عن التقوقع في ظل شخصية أو فكرة وتنتمي لها مسلمة كل الأمر لها دون أن تساعد في تكوين رأي أو صناعة وجهة نظر محددة.
6. هذه الشخصية دائما ما تتبع التطرف في الإمساك في الأمور ليس لها مكان وسطي ولا تختار الوسطية والأعتدال في التعاطي، فهي عندما تحب مثلا تحب بتطرف يصل لحد الإسفاف، وعندما تكره عندها تكره بنفس القوة لأنها أساسا غير قادرة على وزن الأمور إلا باللونين الأبيض والأسود، ولا تمنح لنفسها فرصة إعادة القراءة أو ممارسة النقد الذاتي.
من كل ذلك يمكن أن نصف هذه الشخصية بالسلبية أو عدم القدرة على التعبير الحر عن ذاتها بشكل منطقي طبيعي، لأنها لم تتعود ولم تستطيع أن تفهم أن الفعل الأجتماعي السلوكي والعملي يمكن أن يمنحها القوة ويمنحها القدرة على التفاعل الذي يعزز من وجودها الخاص قبال وجود الأخر، وبالتالي فهذا الشعور يتعزز مع الزمن ويتجذر مع الإستسلام الطوعي له ويسلب أي فرصة لتحسبن ودعم الشخصية.