أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - -الذين لم يصفق لهم… لكنهم يستحقون الوطن-














المزيد.....

-الذين لم يصفق لهم… لكنهم يستحقون الوطن-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 23:25
المحور: الادب والفن
    


في مدينة تهمس شوارعها بالتعب، وتنام جدرانها على الحلم المؤجل، عاش فتى اسمه يونس. لم يكن يملك إلا قلبا مشتعلا بالطموح، وكراسا أنهكته الأقلام، وطاولة خشبية يتقاسمها مع أخوته ودموعه. لم يكن صوته مرتفعا، ولا حضوره لافتا، لكن في داخله كان يعيش صخبا عظيما… اسمه الأمل.

كل ليلة، بينما ينام العالم، كان يونس يصغي لهمسات الكتب، ينقب في دروسه كمن ينقب عن الذهب. لا يسهر على شاشة، بل على سطور الكيمياء، لا يحفظ الأغاني، بل يحفظ قوانين الرياضيات، لا يتنقل بين الصور، بل بين معادلات صعبة وأسئلة بلا إجابة. وحده الضوء الأصفر لمصباحه، كان يشهد على حكاية اجتهاده.

ثم جاء الامتحان.
دخل القاعة كمن يدخل إلى قلبه. صافح الورقة كأنها قدره، وبدأ يكتب. لم ينظر حوله، لم ينتظر من يهمس له، لم يمد يده لغير قلمه. خرج وفي قلبه يقين بسيط: لقد فعلت ما أستطيع، والباقي للعدل.

مرت الأيام… وجاءت النتائج.

بحث عن اسمه في الصفحات الأولى… لم يجده. نزل إلى الثانية، فالثالثة، ثم إلى مرتبة لا تليق بحلمه: الثالثة والثمانون.
سكت. ابتلع صدمته في صمت الرجال، ورجع إلى بيته كأن شيئا لم يحدث… لكنه في الداخل، كان ينزف.

في الجهة الأخرى من الحكاية، كان "آدم" يتصدر العناوين.
شاب مبتسم في بذلة باهظة، يحمل شهادة لا يعرف كيف كتب نصفها. صفقوا له، قبلوه، واحتفلت به الصحف كأنه ابن المعجزات. لكن يونس يعرف آدم… يعرف أنه لم يقرأ كتابا، ولم يحفظ درسا، لكنه كان يملك هاتفا صغيرا وسماعة ذكية، وبعض "المعارف" خلف الستار.

وفي يوم التكريم، كان يونس هناك… لا ضيفا، بل شاهدا.
جلس في الصفوف الخلفية، لا ليصفق، بل ليفهم… كيف ترفع الأيادي لمن لم يرفع كتابا قط؟

لكن صوتا شق الحفل، كان صوت مدير الأكاديمية، كمن أراد أن يرد للحقيقة وجهها:

"نقترح، باسم العدل، امتحانا تحققيا للمراتب الأولى في البكالوريا. يجرى داخل الأكاديميات، تحت حراسة وطنية صارمة، ليثبت كل متفوق أنه جدير بمكانه."

ساد الصمت.
آدم اختنق بالخبر.
يونس، من بعيد، ابتسم.

وفي صباح الامتحان الجديد، وقف المتصدرون وجها لوجه مع ورقة صادقة، لا تعرف المجاملة.
تلعثم بعضهم، انسحب بعضهم، وأدرك آخرون أن المجد ليس سلعة.

أما يونس… فكان خارج القاعة. لم يدع. لم يصفق له أحد. لكنه كان يمشي خفيفا، كمن حمل جبلا ثم أنزله، كمن انتصر دون أن يصفق له العالم.

وأنا أكتب هذه السطور، لا أبحث عن مجد أدبي، ولا عن منصب.
أكتب، وفي قلبي نداء واحد:
أن تصل هذه القصة إلى مقام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أمير القلوب، وراعي الكرامة، وعين العدالة التي لا تنام.

مولاي،
هذه ليست قصة يونس وحده، بل قصة آلاف الوجوه التي تضيء خلف الظلال.
وجوه أنهكها الاجتهاد، وخذلتها المنظومة.
نحن لا نطلب الكثير، فقط أن يعود للمجتهد حقه، وللغشاش صمته، وللوطن إشراقه الحقيقي.

فمن عدلكم، ننتظر الإنصاف.
ومن حكمتكم، نطلب القرار.

"سيدي، إن لم تنصفهم المنصات… فعدلكم وحده يكفي ليجعل الدمع فرحا."



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خرائط على جثث الطيور-
- كرمة بن سالم تروي... حين تتكلم القرى ويسكت بعض المسؤولين
- -الريح التي لا تعرف الحدود-
- الكبش الذي نجا من السكين: مرثية القيم في زمن الأضاحي المزيفة
- قلب مطفأ داخل آلة
- دوار الكرامة... لا ماء يباع، ولا صمت يشترى
- -كرمة بن سالم... حين تصلي الأرض ويرق قلب السماء-
- قلب على الموج: ملحمة مادلين
- لحم الحقيقة
- -علينا ان نتخيله سعيدا-
- -وادي الأوهام.. حين غنى الأمل في وجه الخديعة-
- -مرآة في زمن العمى-
- في زمن الغبار، كان إنسانا
- 🌿 -غرسة في التراب الغريب- 🌿
- -ثلاثة رجال ونبض الأرض-
- **-غزية: المرأة التي كسرت صمت العالم-**
- صدى الضمير
- حين ينتقد الجمل سنام أخيه: عبثية المشهد السياسي في مسرح الجن ...
- -مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيا ...
- حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - -الذين لم يصفق لهم… لكنهم يستحقون الوطن-