أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-














المزيد.....

حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 22:10
المحور: كتابات ساخرة
    


في مغرب العجائب، حيث يتعايش الذئب مع الحمل، والعقل مع الخرافة على مضض، يقام سنويا مهرجان الفانتازيا الأكبر: موسم سيدي علي بن حمدوش زرھون، تلك التظاهرة الروحية-التجارية-الفنية-السياسية التي لا يفهمها أحد، لكنها تحدث بكل إصرار، كأنها فرض عين على كل من فقد البوصلة.

هناك، في تلك البقعة التي تعانق الجبل وتستحم بالبخور، يأتي الناس من كل فج عميق. نساء يطلبن القبول، رجال يبحثون عن "ربط وتوكال"، مراهقون يجربون "زطلة روحانية"، ووسط كل هذا، تظهر وجوه مألوفة... من شاشات التلفاز!

نعم، لا تستغرب، فقد تصادف فنانة عربية مشهورة ترتدي جلبابا مغربيا أصيليا، تتظاهر بالتواضع، وتهمس لمرافقتها: "أعط الفقيه 200 دولار، خليه يذبح لي شي حاجة محترمة... عايزة قبول قوي جدا!" وتجلس بعدها أمام شمعة، تقرأ من مصحف مفتوح – ليس للعبادة – بل كقربان، كأن القرآن صار في هذا الموسم مجرد "تعويذة VIP" تستعمل لفتح أبواب الشهرة، والزواج، و"زيادة التفاعل على إنستغرام".

السياسيون؟ نعم، هؤلاء أيضا يزورون المكان خلسة. يأتون لطلب البركة قبل الانتخابات، يذبحون عجلا على نية "تجديد الثقة"، يرشون الدراهم والوعود و"الماء المبارك" على الجماهير، ثم يعودون إلى العاصمة نظيفي الجيوب، متسخي الضمير.

أما الفقهاء؟ فتجد بعضهم يحسب عدد الزوار لا لحساب الثواب، بل لتقييم دخل الموسم، الذي قد يفوق مدخول وزارة الثقافة كلها. بعضهم يتحول إلى "مدير أعمال الأرواح"، يوزع وصفات "لجلب الحبيب" و"فك السحر باللايف المباشر"، وكل شيء قابل للتفاوض... إلا العقل.

في هذا الموسم، تمارس الشعوذة برخصة اجتماعية، وتغلف بالتصوف الشعبي لتُصبح "موروثا ثقافيا"، بينما ينظر إلى الفن والفكر كتهديد للنظام العام. أنت حر في أن تذبح خروفا لجني عاشق، لكنك لست حرا في أن تلقي عرضا فنيا ناقدا في ساحة عمومية، حتى لو صفق لك الجمهور.

حين صعدت إلى الساحة لأحكي قصة بسيطة، قصة شعب تعب من التناقض، وقرر أن يضحك بدل أن يبكي، لم أتوقع أن يعاملني رجال الدرك كما لو كنت زعيم خلية سرية. سألوني عن الرخصة، بينما خلفهم كانت "شوافات" يقرأن الكف والأرواح، بلا أي ترخيص غير الجهل العام.

قلت لهم: "رخصة؟ لمن؟ للفن أم للجن؟" لم يفهموا. فقلت: "لو كنت أبيع دخان بخور مزور وأعد الناس بالحب خلال 48 ساعة، لكنتم رحبتم بي بالزغاريد!"

الجمهور ضحك. وأنا ضحكت. لكن ضحكتي كانت مرة. لأننا في زمن يستدعى فيه الجن كشاهد على الواقع، ويمنع فيه الفنان من قول كلمة حق، بدعوى أنه "يقلق راحة الأرواح الطاهرة".

في نهاية الليلة، لم يوقف العرض، ربما لأن رجال الدرك اكتشفوا أنهم أيضا شخصيات في هذه المسرحية، حتى لو لم يحفظوا دورهم جيدا.

وفي صباح اليوم التالي، كانت إحدى الفنانات تغادر الموقع، وهي تهمس لمرافقتها: "إن شاء الله بعد الطلسم ده، ألاقي راجل بجد!"، ثم صعدت إلى سيارة فاخرة، تاركة وراءها دم ديك مذبوح، ومصحفا مفتوحا، و قارئا أُنهك من القراءة دون أن يعرف لماذا يقرأ.

أهلا بكم في موسم سيدي علي بن حمدوش، حيث تخلط النية بالدولار، ويذبح العقل قربانا لسلطة الخرافة!



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يجلس وزير العدل في وجه وزير العدل: كوميديا تارودانت القض ...
- عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- ع ...
- -مرحبا بالمتسولين في الشرق الأوسط: صدقة أم جزية؟-
- -التعليم العالي جدا... في الانحدار -!
- ترامب في الشرق الأوسط: أربعة تريليونات دولار وقصر يطير
- بوتين يمد السجادة الحمراء للعرب: قمة أم رقصة دبلوماسية؟
- بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... ...
- سوق السلام الكبير: كيف تحولت الاتفاقيات الإبراهيمية إلى صفقة ...
- عزيز أخنوش وتداعيات سياساته: من شركات الغازوال إلى غلاء الأس ...
- الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية
- -رشيد الطالبي العلمي: الأستاذ الذي يحاضر في الوطنية والسيادة ...
- -السلام في زمن الماديات: عندما يتحول حلم العالم إلى صفقة تجا ...
- -كأس إفريقيا: مهرجان الرفاهية الذي يمول بدموع الفقراء-
- -عندما يسوق العالم مجنون: الرئيس الأمريكي على دراجة بلا عجلا ...
- الإنسانية للبيع: قراءة ساخرة في ملف تبادل الأسرى
- حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية
- -سيرك الدماء: حين تتحول الحرب إلى عرض عبثي تصرخ فيه الأمهات-
- -النجم الشعبي: حين يصبح التحكيم أشبه بجلسة شاي في عرس شعبي-
- ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبل ...
- أسكاس أمباركي 2975 : عندما يصبح العبث سياسة رسمية


المزيد.....




- الفنانة السورية منى واصف بخير
- الفنان باسم ياخور يعود إلى سوريا (صور)
- -رسائل حب من اليمن إلى قطر- قصائد الشاعر بعداني تضيء كتارا
- وفاة المخرج والمنتج الجزائري الكبير محمد لخضر حمينة
- الأكاديمي باسم الشمايلة يحمل الدكتوراه ويقدم الشاي والقهوة ف ...
- الفنانة نادين نجيم توثق -تعرضها للتحرش- وتنشر لقطات للموقف و ...
- أصغر مسارح العالم يستأنف عروضه بعمل ساخر.. المشهد الثقافي ال ...
- مهرجان كان يعرض أحدث أفلام الأخوين داردين الطامحين لتحقيق رق ...
- بخلاف القوانين..نجمات ارتدين فساتين جريئة في مهرجان كان السي ...
- مسقط تحتضن معرضا لأسلحة القياصرة الروس


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-