بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 07:25
المحور:
كتابات ساخرة
مرحبا بكم في النسخة المغربية من "جامعة علي بابا"، حيث لم يعد العلم مشروطا بالكد والاجتهاد، بل بالحساب البنكي المفتوح والنقود التي تسلم يدا بيد (يفضل أن تكون بالدرهم، والدولار مقبول عند الطلب). في هذا العالم الأكاديمي العجيب، الماستر والدكتوراه لم يعودا محطتين علميتين، بل صارتا منتجا فاخرا يباع في "عروض نهاية الموسم"، وقد تحصل مع الشهادة على "بحث مجاني" أو "مناقشة صورية" كهدية.
تصور المشهد: أستاذ جامعي، يضع نظارات سميكة ويوهمك بأنه يقرأ نيتشه في أوقات الفراغ، بينما هو في الواقع يحفظ لائحة الأسعار:
– ماستر؟ 10 آلاف.
– دكتوراه؟ 20 ألفا.
– تدقيق لغوي؟ نعتذر، الخدمة غير متوفرة حاليا.
– ملخص بالفرنسية؟ نضيف ألفي درهم فقط!
أهلا بكم في سوبرماركت الشهادات، حيث لا حاجة للذكاء، ولا وقت للبحث، كل ما تحتاجه هو ظرف بني ونية صافية… في الدفع طبعا!
الطامة الكبرى أن بعض "حاملي" هذه الشهادات يتصدرون المجالس والمؤسسات، يمنحون لقب "الدكتور" كما يمنح لقب "الشيف" لمجرد تحريك الملعقة. أحدهم حصل على الدكتوراه دون أن يعرف الفرق بين الفرضية والمنهج، والآخر يعتقد أن "الإطار النظري" هو ديكور القاعة التي نوقشت فيها أطروحته! ومع ذلك، نراهم يدلون بآرائهم في الندوات، يتحدثون عن جودة التعليم، ويشكرون "الأساتذة الكرام" الذين سلموهم الشهادة كما تسلم مفاتيح شقة مفروشة.
أما أولئك المغفلون – عفوا، نقصد "الطلبة الجادين" – الذين قضوا لياليهم بين صفحات المراجع، وكتبوا، ومحوا، ونقحوا، ثم أعادوا الكتابة، فهم اليوم في ورطة: هل يعتذرون لأنهم اجتهدوا؟ أم يحبطون لأن الشهادة أصبحت تمنح لمن لم يكتب حتى عنوان البحث؟
نعيش اليوم في عصر "المقايضة الأكاديمية"، حيث لا مكان للضمير العلمي، بل للوسيط المالي. حتى النزاهة أصبحت سلعة نادرة، معروضة في المتاحف. والجامعة، التي كانت يوما منارة، تحولت إلى صالون تجميل أكاديمي، تمنح فيه الشهادات بحسب الطلب، وتضبط فيه التوصيات حسب المقاس.
الحل؟ بسيط جدا! لنؤسس مهرجانا رسميا للشهادات، بتمويل من شركات الطباعة والمطاعم السريعة. نعلق اللافتات: "احصل على دكتوراتك في أقل من 72 ساعة!"، ونمنح جائزة "أجمل أطروحة مزيفة" و"أسرع مناقشة بلا محتوى". وقد نضيف فقرة ترفيهية: "من يقنع اللجنة دون أن يفتح كتابا؟" – مفاجأة الموسم!
في النهاية، نحن لا نبحث عن جامعة فاضلة، فقط نطالب بـ"نقطة نظام" في مسرح العبث هذا. لأن الشهادة، مهما بيعت أو زورت، لا تمنح حاملها عقلا، ولا تزرع فيه فكرا. وما أكثر الدكاترة الذين يعلقون الشهادات على الجدران... بينما تظل عقولهم فارغة تنتظر التحديث.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟