أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية














المزيد.....

الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8246 - 2025 / 2 / 7 - 02:16
المحور: كتابات ساخرة
    


في عالم يعمه الظلم والتسلط، يبدو أن بعض القادة قد نسوا أن الفساد لا يحتاج إلى ترسانة من الأسلحة المتطورة أو التقنيات المعقدة. بل يكفي أن تمتلك وصفة بسيطة، كأن تكون تعليمات لتسميم الطعام والماء، والتي قد تؤدي إلى إبادة ملايين الأرواح في لحظات. هذه الوصفة التي قد تستخدم للقضاء على الجرذان، هي نفسها قد تكون سببا في هلاك أعداد ضخمة من البشر. لكن الفرق هنا هو أن هؤلاء القادة لم يدركوا بعد أن الفكرة قد تكون بسيطة للغاية، وأقل تكلفة مما نتخيل.

لنأخذ مثالين حيين من عالمنا المعاصر، مثل بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب، اللذان يبدوان وكأنهما فقدا البوصلة الإنسانية في أوقات الأزمات. بدلا من اللجوء إلى العنف المكلف والمدمر، هل فكرا في بدائل أبسط وأكثر رحمة؟ هل لم يخطر ببالهما أن العالم بحاجة إلى حلول إنسانية في مثل هذه الأوقات الصعبة؟ ربما يفضلان استخدام القوة العسكرية بدلا من الاعتراف بأن الحلول السريعة قد تكون أكثر خطورة على المدى البعيد. هل يتعين عليهما أن يتعلما من التدابير الإنسانية البسيطة، قبل أن يندفعا نحو دوامة من الحروب والفوضى؟

من ناحية أخرى، تظهر كتائب القسام نموذجا مختلفا يعكس فكرا إنسانيا في اتخاذ القرارات. فالخطوة التي اتخذتها هذه القوات في معاملة الأسرى بإنسانية قد تكون درسا حقيقيا للقادة الذين يعتبرون أن العنف هو الحل الوحيد. بدلا من الوقوع في دوامة من العنف المستمر، اختاروا أن يعاملوا الأسرى برفق وحذر، وهذا يبرهن أن هناك دائما خيارات أخرى. يطرح هذا التساؤل: هل يجب على القادة أن يتبعوا هذا النهج الذي يعطي الأولوية للإنسانية على حساب القوة المدمرة؟

إذن، لماذا يستمر بعض القادة في تجاهل هذه المبادئ البسيطة؟ كيف يمكن أن يكون العنف هو الخيار المفضل لهم في وقت نحن فيه بأمس الحاجة إلى حلول إنسانية؟ إذا كانت الحروب قد علمتنا شيئا واحدا، فهو أن القائد الحكيم لا يتسرع في اتخاذ قرارات تدميرية تزهق الأرواح وتؤدي إلى تفكك المجتمعات، بل يبحث عن السبل التي تحافظ على الأمل وتبني السلام.

والأمر الأكثر إثارة للسخرية هو أن الشر في عالمنا اليوم أصبح رخيصا جدا. يمكن لأي قائد أن يطبق هذه الوصفة البسيطة، وتكلفتها بالنسبة لهم منخفضة مقارنة بالأثمان البشرية التي تدفع في الحروب. ولكن ما هي التكلفة الحقيقية لذلك؟ كم من الأرواح ستزهق في سبيل طموحات شخصية أو سياسية؟ كم من الأمل سيختفي في ظلمات الحروب التي يشنها هؤلاء الذين يظنون أن القوة العسكرية هي الحل الوحيد؟ وكم من العائلات ستفقد أفرادها لمجرد أن الزعماء لم يفكروا إلا في انتصارهم اللحظي؟

في الختام، يجب أن نتساءل: هل الجشع والطموح الذي يحرك بعض القادة هو السبب في أن الشر أصبح رخيصا بهذه الدرجة؟ وهل الإنسانية، بما تحمله من قيم وحقوق، أصبحت مجرد فكرة عابرة بالنسبة لأولئك الذين يتحكمون في مصير الملايين؟ إن الواقع اليوم يشير إلى أن الإنسانية لم تعد مجرد كلمات نرددها في مواقف جدلية، بل هي فعل يتجسد في كل قرار يتخذه القائد. ورغم أن الشر قد يكون رخيصا في ظاهره، إلا أن الثمن الذي ندفعه كإنسانية لا يقاس إلا بالدماء المهدورة والآمال المحطمة.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رشيد الطالبي العلمي: الأستاذ الذي يحاضر في الوطنية والسيادة ...
- -السلام في زمن الماديات: عندما يتحول حلم العالم إلى صفقة تجا ...
- -كأس إفريقيا: مهرجان الرفاهية الذي يمول بدموع الفقراء-
- -عندما يسوق العالم مجنون: الرئيس الأمريكي على دراجة بلا عجلا ...
- الإنسانية للبيع: قراءة ساخرة في ملف تبادل الأسرى
- حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية
- -سيرك الدماء: حين تتحول الحرب إلى عرض عبثي تصرخ فيه الأمهات-
- -النجم الشعبي: حين يصبح التحكيم أشبه بجلسة شاي في عرس شعبي-
- ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبل ...
- أسكاس أمباركي 2975 : عندما يصبح العبث سياسة رسمية
- -انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة: سلام مرتقب أم استراحة محارب ...
- حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية
- -النار التي أحرقت جنون العظمة: من كاليفورنيا إلى غزة.. حين ت ...
- نبيل عيوش، وأوسكار المغرب: عندما يصبح -الكل يحب تودا- أسوأ م ...
- بدون فلتر *** ليبيا: قهوة ورصاص مع لمسة من الموت
- بدون فلتر *** أحلام الطفولة: حين تسخر الحياة من طموحاتنا وتع ...
- -منطقة الساحل: منافسة أم فرصة للتعاون؟ المسألة التي طرحتها ج ...
- لطيفة أحرار: خطوة جريئة أم مشهد من مسرحية؟
- -عندما يصبح لعب الأطفال مأساة سياسية: هل من يوقف هؤلاء؟-
- -من 2025 إلى 2026: خريبكة تختار فوضى الزمن في خطوة نحو العصر ...


المزيد.....




- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية