أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... الوزير الذي أراد تربية شعب














المزيد.....

بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... الوزير الذي أراد تربية شعب


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 07:30
المحور: كتابات ساخرة
    


قبل الانتخابات التشريعية الماضية بأشهر قليلة، وبينما كانت عناوين البرامج السياسية تطلى بلغة الخشب، كان عزيز أخنوش يضع لمساته الأخيرة على عرضه الكبير. لا نتحدث هنا عن "المخطط الأخضر"، بل عن مخطط آخر... مخطط للوصول إلى رئاسة الحكومة، من بوابة الفلاحة، مرورا بالمعارض، والمواكب، والموائد التي لا يرى مثلها إلا في القصص.

في مدينة مكناس، وتحديدا في فيلا راقية على طريق فاس داخل إقامة الحاج أحمد الطاهري، اجتمع الوزير أخنوش، حين كان ما يزال يحمل حقيبة الفلاحة، رفقة بعض رموز حزبه كالسيد بايتاس وآخرين، وسط أجواء المعرض الدولي للفلاحة. اللقاء، الذي سمي "تواصليا"، بدا أقرب إلى مسرحية انتخابية مبكرة. جلنا نحن الحاضرين، ممثلي التعاونيات، أعيننا بين الوجوه وبين الصحون... وبين الكلمات التي تتعثر على لسان الوزير كأنها تخشى الخروج، وبين المائدة التي خرجت عن المألوف.

لم تكن مائدة، بل عرضا بصريا يليق بموائد الملوك أو مشاهد "جنة النعيم": لحوم مشوية، مقبلات فاخرة، حلويات بترف شرقي وغربي، عصائر تختلط ألوانها كاختلاط الخطاب السياسي نفسه. كل ما يشتهيه البطن كان حاضرا. ولأن السياسة في بلادنا تعرف جيدا أن المعدة مقدّمة على المشروع، فقد بدا واضحا أن اللقاء هدفه تعبئة الشباع، لا تعبئة الأمل.

في كلمته التي حاول أن يطعمها حماسة، وعدنا الوزير، بصيغة المنقذ: "سأحقق لكم كل ما تريدون!"... وهنا، انطلقت صفارات الإنذار في عقولنا. نحن نعرف هذه الجملة. سمعناها في مسلسلات كثيرة، بوجوه مختلفة، وحكومات متعددة. لكن، كما يقال، "من كثر ما شبعنا وعود، بقينا جيعانين".

مرت الأشهر، وجاءت الانتخابات. وفعلها الرجل! وصل إلى الوزارة الأولى، لا كفلاح بسيط، بل كرجل أعمال يتقن لعبة الحقول السياسية. جلس على الكرسي الوثير، لا ليحرث الأرض، بل ليحرث ما تبقى من صبر المواطن. ومع أولى خطواته، بدت ملامح المرحلة واضحة: غلاء، صمت رسمي، وتبريرات أغرب من الأزمة نفسها.

المحروقات ارتفعت كأنها تحاول اللحاق بأرباح شركات التوزيع، والمواد الغذائية أصبحت تقاس بالقطارة، وبدل أن يتحدث الرجل عن حلول، فجر قنبلة إعلامية:
"خاصنا نربيو المواطن المغربي."

تصريح كان كفيلا بإشعال جلسات المقاهي، وصناعة نكات وطنية تدوم لأشهر. من وزير لم يفلح حتى في ترتيب جملة واحدة دون تلعثم، إلى مصلح اجتماعي يريد تربية شعب بأكمله! هل نحن أمام نسخة مغربية من "الأخ الأكبر"؟ أم أننا نعيش في رواية من روايات جورج أورويل دون أن ندري؟

ثم، جاءت "الفراقشية". ظاهرة إجرامية قديمة، تحوّلت فجأة إلى مبرر سياسي أنيق. كلما اشتكى الفلاح من فقدان بهائمه أو غلاء علفه، جاءه الرد: "راهم الفراقشية". حتى بدا الأمر كما لو أن "الفراقشي" صار شماعة وطنية تعلق عليها الحكومة إخفاقاتها، من السوق إلى البرلمان.

في ظل كل هذا، تحول التواصل الحكومي إلى عروض على "إنستغرام"، وابتسامات موجهة، بينما المواطن يطارد أرخص قنينة زيت وكيس دقيق. الوزير الذي وعدنا بـ"كل ما نريد" صار يطل من الشاشة بابتسامة باردة، كأن شيئا لم يكن، وكأن الجملة التي أطلقها في مكناس كانت مجرد فاصل دعائي في فيلم طويل، نهايته مجهولة.

لكن، المغاربة – كما علمهم التاريخ – لا يربون، بل يربون حكوماتهم على الصبر. وبين فشل هنا وتعثر هناك، أصبحنا نترحم على زمن الوزير الفلاحي، الذي على الأقل كان يتحدث عن الزراعة... لا عن تربية البشر.

وكما قال أحد الحاضرين في لقاء مكناس وهو يغادر المائدة العامرة في صمت:
"كان الكسكس لذيذا، أما السياسة... فقد كانت بلا ملح ولا زيت.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوق السلام الكبير: كيف تحولت الاتفاقيات الإبراهيمية إلى صفقة ...
- عزيز أخنوش وتداعيات سياساته: من شركات الغازوال إلى غلاء الأس ...
- الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية
- -رشيد الطالبي العلمي: الأستاذ الذي يحاضر في الوطنية والسيادة ...
- -السلام في زمن الماديات: عندما يتحول حلم العالم إلى صفقة تجا ...
- -كأس إفريقيا: مهرجان الرفاهية الذي يمول بدموع الفقراء-
- -عندما يسوق العالم مجنون: الرئيس الأمريكي على دراجة بلا عجلا ...
- الإنسانية للبيع: قراءة ساخرة في ملف تبادل الأسرى
- حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية
- -سيرك الدماء: حين تتحول الحرب إلى عرض عبثي تصرخ فيه الأمهات-
- -النجم الشعبي: حين يصبح التحكيم أشبه بجلسة شاي في عرس شعبي-
- ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبل ...
- أسكاس أمباركي 2975 : عندما يصبح العبث سياسة رسمية
- -انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة: سلام مرتقب أم استراحة محارب ...
- حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية
- -النار التي أحرقت جنون العظمة: من كاليفورنيا إلى غزة.. حين ت ...
- نبيل عيوش، وأوسكار المغرب: عندما يصبح -الكل يحب تودا- أسوأ م ...
- بدون فلتر *** ليبيا: قهوة ورصاص مع لمسة من الموت
- بدون فلتر *** أحلام الطفولة: حين تسخر الحياة من طموحاتنا وتع ...
- -منطقة الساحل: منافسة أم فرصة للتعاون؟ المسألة التي طرحتها ج ...


المزيد.....




- في سابقة تاريخية.. CNN تعرض مسرحية لجورج كلوني في بث مباشر م ...
- “مفيش زن وعياط من تاني” اضبط فورا تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- بيبر يكشف حقيقة تعرضه لاعتداء جنسي من طرف ديدي حين كان مراهق ...
- ضباط القوات المسلحة الإندونيسية سيتعلمون اللغة الروسية
- -10 قصص عن الحب والموت-.. مسلسل تلفزيوني عن أحداث دونباس
- بعد غياب 3 سنوات.. توم كروز يعود إلى مهرجان كان بفيلم -المهم ...
- مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78: خمسة أفلام عربية تنافس ...
- فاز بجائزة -بوليتزر- الأميركية .. مصعب أبو توهة: نحلم بالعود ...
- نواف سلام بمعرض بيروت الدولي للكتاب: مستقبل الأوطان يُبنى با ...
- -باريس السوداء-.. عندما كانت مدينة الأنوار منارة للفنانين وا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... الوزير الذي أراد تربية شعب