أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - دوار الكرامة... لا ماء يباع، ولا صمت يشترى














المزيد.....

دوار الكرامة... لا ماء يباع، ولا صمت يشترى


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8366 - 2025 / 6 / 7 - 07:08
المحور: الادب والفن
    


في حضن جبل وليلي، حيث تتماهى الحجارة مع الحنين، وتلوح أشجار الزيتون بأناملها اليابسة في وجه الريح، هناك، حيث الوجع قديم كأول خطوة فلاح، ولدت حكاية لا تشبه الحكايات...
ليست أسطورة تروى للتسلية، بل قصة قرية قررت أن لا تموت عطشا، ولا تحيا مذلولة.

في دوار كرمة بن سالم، الماء ليس مجرد مورد طبيعي. إنه شرف الجماعة، وذاكرة الصبر، وسلاح الفقراء حين يشتد الحصار.
على مدى عقود، صبرت الأرض كما صبر الناس، وهم يرفعون أبصارهم نحو السماء الجافة، ولا يرفعون أيديهم عن الأمل.

وجاء الفرج، لا من غيمة عابرة، بل من رجل حمل الهم في قلبه، قبل أن يحمله المنصب على كتفه.
إنه السيد المهدي العلوي، الوالي السابق عن جهة فاس–مكناس، رجل لم ينس يوما جذوره، ولا وصية والده الذي أحب أهل القرية كما يحب الإنسان بيته الأول.
كانت الاستجابة يومها ليست تنفيذا لسياسة عمومية، بل صلة رحم، وعهد٠ وفاء.

ولد المشروع.
وبأيدي السكان، لا بقرارات فوقية، تحققت العدالة المائية:
شبكة قانونية، جمعية منتخبة من صلب الناس، عدالة في التوزيع، وكرامة في التسيير.
كان الماء يأتي من قلب الجبل، ليصل إلى البيوت، لا تفضلا، بل استحقاقا.
كان النجاح صامتا، لكنه عميق، كما هي كل القيم النبيلة.

عشرين عاما مرت، والدوار يحيا بقطرة القانون.
لكن كما في كل زاوية مضيئة من هذا الوطن، هناك دائما من يزعجه الضوء، ويحترف العبث في الظلال.

اليوم، تواجه كرمة بن سالم امتحانا مريرا. لا بسبب الجفاف، بل بسبب جشع صغير، لكن أثره كبير.
حفنة من الأفراد، لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد، مدعومين ببعض المنتخبين، أرادوا أن يدخلوا الماء من النوافذ بعد أن أغلقه القانون من الباب.
تواطؤ معلن، و"ربط عشوائي" يسعون إليه في أرض فلاحية لا تستجيب لأي من شروط الجمعية، ولا للقانون الذي صوت عليه السكان جماعيا.

الجمعية، التي بنت مشروعها من تعب الناس، قالت "لا".
فكان جزاؤها الملاحقة، والتضييق، والتشويه.
لم تهادن، لم تساوم، فاستهدفت.

وفي صباح جاف كعادته، تمام الساعة العاشرة والنصف، حضرت السلطات.
جاء قائد قيادة وليلي، ومعه عناصر القوات المساعدة والدرك الملكي، في مشهد استعراضي يثير الريبة.
لكنهم لم يأتوا لحماية القانون، بل لمحاولة فرض كسره.
داهموا بيت رئيس الجمعية، روعوا الساكنة، كأنهم يطاردون مجرما، لا رجلا حمى قطرة الحياة.

كان الهدف واضحا: ترهيب الصادقين، لحماية المفسدين.
محاولة مكشوفة لمساعدة من يريد الربط الانفرادي، على حساب المصلحة الجماعية، وبالمخالفة لقرار مجتمعي حاسم، ولتصريحات صريحة من السيد وزير الداخلية المحترم.

لكن أهل كرمة بن سالم، كما كانوا دائما، كانوا على الموعد.
وقفوا صفا واحدا، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا.
قالوا بوضوح: لن تمروا.
وفشل المخطط.
وارتد العبث إلى أصحابه.

أما الشركة والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، فالجميع هنا يرفع صوته عاليا:
لا مرحبا بكم.
لقد تعلمنا من التجارب أن السيادة على الماء لا تباع، وأن ما يبنى بعرق الجبين لا يسلم لمن لا يرى في الماء إلا فاتورة.

هذه الأرض لم تعرف سوى الصبر، وهذه الساكنة لم تتعلم سوى الكرامة.
ولهذا، لم تفلح المؤامرات، لأن الجذور لا تقتلع من تحت الأرض، ولا القيم تشترى على موائد السياسة.

إنها معركة جديدة، نعم.
لكنها معركة الحب، لا الحقد.
معركة الكرامة، لا العناد.
معركة الدفاع عن قطرة ولدت من الحلم، وعاشت في عيون الأطفال، وغسلت وجوه النساء عند الفجر.

وفي القريب العاجل، تفتح الستارة على فصل جديد.
فصل لا يكتب في تقارير السلطة، ولا يحرره المنتفعون.
بل يكتب بكفوف الفلاحين، وأصوات العارفين، ودموع الجدات اللواتي عرفن معنى العطش، فقررن أن لا يورثنه.

هذه كرمة بن سالم، دوار الكرامة...
حيث لا ماء يباع، ولا صمت يشترى.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -كرمة بن سالم... حين تصلي الأرض ويرق قلب السماء-
- قلب على الموج: ملحمة مادلين
- لحم الحقيقة
- -علينا ان نتخيله سعيدا-
- -وادي الأوهام.. حين غنى الأمل في وجه الخديعة-
- -مرآة في زمن العمى-
- في زمن الغبار، كان إنسانا
- 🌿 -غرسة في التراب الغريب- 🌿
- -ثلاثة رجال ونبض الأرض-
- **-غزية: المرأة التي كسرت صمت العالم-**
- صدى الضمير
- حين ينتقد الجمل سنام أخيه: عبثية المشهد السياسي في مسرح الجن ...
- -مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيا ...
- حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-
- حين يجلس وزير العدل في وجه وزير العدل: كوميديا تارودانت القض ...
- عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- ع ...
- -مرحبا بالمتسولين في الشرق الأوسط: صدقة أم جزية؟-
- -التعليم العالي جدا... في الانحدار -!
- ترامب في الشرق الأوسط: أربعة تريليونات دولار وقصر يطير
- بوتين يمد السجادة الحمراء للعرب: قمة أم رقصة دبلوماسية؟


المزيد.....




- صيف 2025 السينمائي.. منافسة محتدمة وأفلام تسرق الأضواء
- آدم نجل الفنان تامر حسني يدخل العناية المركزة إثر أزمة صحية ...
- فضيحة جديدة تهز الوسط الفني في مصر (فيديو)
- مخرج أفلام إباحية كان من بين أكثر المطلوبين لـ FBI يقر بالذن ...
- فنانة لبنانية شهيرة ترد على منتقديها بعد رسالتها إلى أفيخاي ...
- شاما والجو فنانان يعيدان إحياء الثرات المغاربي بلمستهما الخا ...
- فنانة شهيرة توجه رسالة إلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حول ...
- فنانة شهيرة توجه رسالة إلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حول ...
- مكتبة الحجر: كيف تروي محمية الدبابية المصرية قصة مناخ الأرض ...
- ظهور سينمائي مفاجئ.. تركي آل الشيخ ينشر فيديو -مسرب- لزيزو ب ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - دوار الكرامة... لا ماء يباع، ولا صمت يشترى