أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - -وادي الأوهام.. حين غنى الأمل في وجه الخديعة-














المزيد.....

-وادي الأوهام.. حين غنى الأمل في وجه الخديعة-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


في واد بعيد، منسي عن ضجيج المدن، حيث تتشابك أغصان الزيتون كأصابع تصلي للغد، كانت هناك قريتان متجاورتان كقلبين لا ينبضان بالحب ذاته: قرية الأمل، وقرية الخداع.

في قرية الأمل، كان الشباب يولدون وفي عيونهم ومضات الحلم، يحملون أحلامهم كما يحمل البحر أمواجه، لا تخيفهم الأعاصير ولا تثنيهم الرياح. كانوا يكتبون في دفاتر الطفولة خرائط لمستقبل لم يولد بعد. أما قرية الخداع، فكانت مسرحا باهت الألوان، يتناوب على خشبته رجال بوجوه مألوفة، يحكمون لا بالعدل، بل بالحيلة وتكرار الوعود.

هناك، كان بن كيران، شيخ الكلام المنمق، ينسج من اللغة سلما إلى الجنة الموعودة، يحدث الناس كما يحدث الحكواتي جمهورا متعبا من القصص. وبجانبه، أخنوش، ذو الابتسامة المثلجة، يوزع وعودا كما توزع الحلوى في عيد لا يجيء، كأن الأمل سلعة معروضة في سوق يعرف البائع فيه أن الزبون لا يملك ثمن الشراء.

وفي قلب هذا المسرح الرمادي، كانت الأرواح تئن، مثقلة بوهم يتراكم كالسحب الداكنة في سماء حزينة، يخنق الضوء ويغرق الحقيقة في صمت قاتل.

وفي ليلة من ليالي الشتاء الحزينة، اجتمع شبان قرية الأمل تحت زيتونة عتيقة، تهمس أوراقها بما يشبه الدعاء. تساءل أحدهم، وصوته يرتجف من شوق للتغيير:
"لماذا نسمح لأولئك أن يرسموا ملامح مستقبلنا؟ لماذا لا نكون نحن الريشة واللون، نحن اللوحة والحياة؟"

أجابته فتاة بعينين تتقدان شغفا:
"لن نسجل كأرقام في دفاتر لا تعرف الحب، نحن الأمل الذي ولد رغم العتمة، وسنفتح الأبواب التي ظنوها مغلقة، نكسر الأقفال، ونمضي نحو غد لا يشبه أمسهم."

وفي صباح شفيف، خرجوا كالعصافير من أعشاشها، صدورهم مفتوحة للريح، وأصواتهم كأنها نشيد فجري:
"نحن هنا! نحن من نكتب البداية!"
غرسوا كلماتهم في التراب الجاف، وكأنهم يزرعون نبتة حلم لا يموت.

من بعيد، كان بن كيران يراقب المشهد بنصف ابتسامة، وقال وهو يلوح بيده كمن يطرد بعوضة:
"دعهم يصرخون، فالريح لا تهد الجدار."
لكن أخنوش، وقد ارتعشت نظرته بشيء من القلق، همس:
"لكن الأمل... قد يفجر السدود."

وامتد الصوت، صدى فوق صدى، حتى زلزل وادي الأوهام. لم تكن أصواتا فقط، بل كانت دقات قلب جمعي، يستفيق من سبات اليأس. أدرك التجار أن اللعبة لم تعد ملكا لهم، وأن الحكاية بدأت تكتب من جديد، لا بأيديهم، بل بأيدي من لطالما حسبوهم متفرجين.

وفي النهاية، لم يكن الصراع بين شيخ وسياسي، بل بين جيل أراد أن يحيا، وآخر ارتضى أن يعيش في ظل الوهم. وعندما أشرقت شمس الحقيقة، كانت قرية الأمل تكتب أول سطورها في سفر الحياة، وكان الشباب هم النور، وهم الطريق، وهم البداية التي لا تنتهي.

هكذا، في واد ظنه الجميع موطنا للوهم، غنى الأمل أخيرا، وفتحت الشمس أبوابها للقلوب، لتزهر الحياة من جديد، بصدقها، بعنادها، وبحلمها الذي لا يعرف الانكسار.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مرآة في زمن العمى-
- في زمن الغبار، كان إنسانا
- 🌿 -غرسة في التراب الغريب- 🌿
- -ثلاثة رجال ونبض الأرض-
- **-غزية: المرأة التي كسرت صمت العالم-**
- صدى الضمير
- حين ينتقد الجمل سنام أخيه: عبثية المشهد السياسي في مسرح الجن ...
- -مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيا ...
- حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-
- حين يجلس وزير العدل في وجه وزير العدل: كوميديا تارودانت القض ...
- عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- ع ...
- -مرحبا بالمتسولين في الشرق الأوسط: صدقة أم جزية؟-
- -التعليم العالي جدا... في الانحدار -!
- ترامب في الشرق الأوسط: أربعة تريليونات دولار وقصر يطير
- بوتين يمد السجادة الحمراء للعرب: قمة أم رقصة دبلوماسية؟
- بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... ...
- سوق السلام الكبير: كيف تحولت الاتفاقيات الإبراهيمية إلى صفقة ...
- عزيز أخنوش وتداعيات سياساته: من شركات الغازوال إلى غلاء الأس ...
- الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية
- -رشيد الطالبي العلمي: الأستاذ الذي يحاضر في الوطنية والسيادة ...


المزيد.....




- راهبتان برازيليتان تفاجئان مقدم برنامج ديني بالرقص والغناء
- 37 مليون جنية في أسبوع واحد بس! .. ايرادات فيلم مشروع اكس بط ...
- -أريد موتًا صاخبًا لا مجرد عدد-.. ماذا قالت بطلة فيلم وثائقي ...
- هونر تشعل المنافسة بين الهواتف العملاقة بهاتفها HONOR X9c ال ...
- -صحفيو غزة تحت النار-.. فيلم يكشف منهجية إسرائيل في استهداف ...
- شاهد/استقبال حافل بالورود للفنان الايراني همايون شجريان في ا ...
- ايران وحق تخصيب اليورانيوم.. والمسرحيات ا?مريكية الاسرائيلية ...
- “متفوتش الحلقة الأخيرة” القنوات الناقلة بجودة عالية القنوات ...
- ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 100% على صناعة الأفلام السينما ...
- أهالي غزة يجابهون الحرب بالموسيقى وسط الدمار والحصار


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - -وادي الأوهام.. حين غنى الأمل في وجه الخديعة-