أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - كرمة بن سالم تروي... حين تتكلم القرى ويسكت بعض المسؤولين














المزيد.....

كرمة بن سالم تروي... حين تتكلم القرى ويسكت بعض المسؤولين


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8372 - 2025 / 6 / 13 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


في مغرب يزهر تحت سماء القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حيث يتنفس الوطن عبق العدل والكرامة، تسير الخطى بخطى الحلم نحو دولة المواطنة، لكن في زوايا مظلمة من الإدارة، تكمن أساليب عتيقة تثقلها، تعيقها، تخنق نبضها، وتسرق من الحكاية بريقها.

ترفع الكلمات كالأعلام، وتكتب التقارير كقصائد بلا لحن، وتطلق الوعود كزهور ذابلة، لكن في الهواء، هناك نسمة خفية لا ترى، صمت ثقيل يحجب اكتمال السرد، عجز يتخفى في ثوب الوقار.

وهناك، في صمت القرى العميق، حيث لا يلتفت أحد، في أحضان الجبال، تقع كرمة بن سالم، القرية الصغيرة التي تحيا على هامش النسيان، تهمس الأرض بأسرارها وتروي قصص البشر.

تحت ظل شجرة تين عتيقة، يجلس رجل بلا رتبة، بلا منصب يزهو به، إنما يحمل في عينيه بحرا من الحكمة، هو القصاص، حارس ذاكرة القرية، صاحب الصوت الذي لا ينكسر، والنظرة التي تذيب جليد القلوب.

لا يكتب في الصحف، ولا يلقي الخطب، بل يروي الحكايات، ينفخ الروح في كلمات تنساب كجدول ماء صاف في صمت المساء. وفي كل مساء، تحبس القرية أنفاسها، ويبدأ هو:

"في بلاد ليست ببعيدة، جلس المسؤولون في مكاتب عالية، أرادوا أن يحولوا بين الناس وبينهم أسوارا. وعندما اقترب الناس، علت الأسوار وجفت الأصوات. لكن داخل القلوب، كان الألم يرسم قصائد، يرسم وجوها غاضبة، ويغني بأصوات تخفي جرحا عميقا. لم ينصت المسؤولون. ظنوا أن الصمت رضا، وأن الابتسامة قبول... حتى جاء اليوم الذي غابت فيه القصائد، وكسدت فيه الألوان، وتوقف السرد. فعم الصمت، ذلك الصمت المرعب، فارتجفوا."

لم تكن كلماته اتهاما، بل مرايا صادقة، لحظة صدق مريرة، وطن يئن بصمت يترك رجفة في القلب لا تنسى.

انطلقت الحكايات كنسيم رقيق، تجاوزت كرمة بن سالم، وامتدت إلى القرى المجاورة، ثم إلى زوايا المدينة. تحولت إلى مشاهد صغيرة على خشبات المسارح، إلى همسات بين السطور، إلى رسومات تخبر من وراء شاشات الهواتف. لم تكن صرخة غضب، بل ومضة نور توقظ ما كان نائما طويلا.

أما المسؤولون، فمروا بها كأنه نسيم لا يستحق الاستماع. لم يدركوا أن الفن لسان لا يموت، وأن القرى حين تحكي، تطالب بحقها في أن ترى، أن تسمع، أن تحترم.

فالقصاص لم يكن يروي حلمه فقط، بل وجعا جمعيا، بلغة تتراقص بين الشعر والنثر، كدعاء أم، ووصية جد، ونداء وطن يستفيق من سباته.

لقد فهم القصاص، كما فهم الناس، أن الشعوب التي تختار التعبير بالكلمة لا بالسلاح، وبالحكاية لا بالفوضى، هي أسمى درجات المواطنة. وإن تجاهل صوتها لا يسقط حقها، بل يطيح بهيبة زائفة تختبئ خلف صمت مريب.

في زمن غلب فيه الصراخ وقل فيه الإنصات، تبقى القرى التي تحكي كنزا أخلاقيا لا يقدر بثمن. وأعظم اختبار لأي مسؤول ليس فقط كيف يرد على النقد، بل هل يملك شجاعة الإنصات حين يقال بلغة الفن.

ما يروى في كرمة بن سالم ليس مجرد قصة، بل مرآة صافية، ومن ينظر إليها، لا يملك إلا أن يتوقف، ولا يشيح ببصره.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الريح التي لا تعرف الحدود-
- الكبش الذي نجا من السكين: مرثية القيم في زمن الأضاحي المزيفة
- قلب مطفأ داخل آلة
- دوار الكرامة... لا ماء يباع، ولا صمت يشترى
- -كرمة بن سالم... حين تصلي الأرض ويرق قلب السماء-
- قلب على الموج: ملحمة مادلين
- لحم الحقيقة
- -علينا ان نتخيله سعيدا-
- -وادي الأوهام.. حين غنى الأمل في وجه الخديعة-
- -مرآة في زمن العمى-
- في زمن الغبار، كان إنسانا
- 🌿 -غرسة في التراب الغريب- 🌿
- -ثلاثة رجال ونبض الأرض-
- **-غزية: المرأة التي كسرت صمت العالم-**
- صدى الضمير
- حين ينتقد الجمل سنام أخيه: عبثية المشهد السياسي في مسرح الجن ...
- -مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيا ...
- حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-
- حين يجلس وزير العدل في وجه وزير العدل: كوميديا تارودانت القض ...
- عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- ع ...


المزيد.....




- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...
- الرِّوائي الجزائري -واسيني الأعرج-: لا أفكر في جائزة نوبل لأ ...
- أحمد السقا يتحدث عن طلاقه وموقفه -الغريب- عند دفن سليمان عيد ...
- احتفال في الأوبرا المصرية بالعيد الوطني لروسيا بحضور حكومي ك ...
- -اللقاء القاتل-.. وثيقة تاريخية تكشف التوتّر بين حافظ الأسد ...
- هنا رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد ا ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - كرمة بن سالم تروي... حين تتكلم القرى ويسكت بعض المسؤولين