أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - رانية مرجية - “حين تُقصف الهشاشة: ذوو الإعاقة بين نيران الحرب وصمت الدولة”














المزيد.....

“حين تُقصف الهشاشة: ذوو الإعاقة بين نيران الحرب وصمت الدولة”


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 12:10
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    



“الله يلطف فينا.. لا ملاجئ ولا سخام بين.. ذوي الإعاقة رايحين بين الرجلين..”
هذه الكلمات، رغم بساطتها، تختصر جرحاً نازفاً لا يُلتفت إليه إلا حين يُقصف بصاروخ أو يُحترق تحت الركام. في كل حرب، ومع كل تصعيد، يسألنا الصحافيون والمختصون والمسؤولون ذات السؤال الأبله:
“ما هي المصاعب التي واجهتموها خلال الحرب؟”
ثم يختفون كما جاءوا، كأنهم جاءوا ليجمعوا مادة بحثية لرسائلهم الأكاديمية، لا ليغيروا واقعًا ولا ليحملوا وجعًا.
لكن ماذا عن الذين لا تُسألهم الكاميرات؟ ماذا عن ذوي الإعاقة؟
عن الذي لا يستطيع النزول عن سريره، ولا السمع حين تصفر صفارات الإنذار؟
عن الذي لا يملك كرسياً متحركاً للخروج من بيته، وإن خرج، فلا مكان آمن له في البلاد؟
أولئك “الرايحين بين الرجلين” حرفياً، في وطن لا يقيم للضعفاء وزناً، ولا يعترف بالهشاشة إلا بعد أن تتحول إلى جثة.

الوطن الذي لا يُحصي مواطنيه الهشّين
في كل جولة عنف، يُقال لنا إننا في “دولة متقدمة”، وإن لدينا “أفضل أنظمة الطوارئ”، وإن “الكل متساوٍ أمام الصواريخ”.
لكن الحقيقة أن الصواريخ تعرف طريقها إلى الأضعف دومًا.
الملاجئ غير مجهزة.
الرسائل النصية لا تصل إلى من لا يسمع.
صفارات الإنذار لا تُترجم بلغة الإشارة.
والملاجئ التي وُعدنا بها لا تصلح إلا للذكور الأقوياء الذين يجرون نحوها كعدّائي أولمبياد.
أما أصحاب الإعاقات، فيُتركون في الطوابق العليا دون مصعد، دون خطة إنقاذ، دون أدنى اهتمام.
وتأتي الحرب لتكشف من جديد أننا غير مرئيين، لا في السلم ولا في الحرب.

الناجون بلا صوت
هل سمع أحدكم بقصة معاق نجا من تحت الردم؟
هل طُرحت قصصهم في نشرات الأخبار؟
هل خُصّص لهم برنامج دعم بعد الحرب؟
الجواب معروف: لا.
يخرج المسؤول في نهاية الحرب ليعلن “الانتصار” أو “الخسائر”، ثم يضيف بجملة متلعثمة عن “الفئات الخاصة التي سنأخذها بالحسبان لاحقاً”.
ولاحقاً، دائمًا ما يكون لاحقًا… حتى يموتوا.

من حقنا أن نحيا، لا أن نُرثى
ذوو الإعاقة لا يريدون أن يُعاملوا كضحايا دائمين، بل كمواطنين متساوي الحقوق.
يريدون ملاجئ مهيأة، لا سلالم لا تنتهي.
يريدون طوارئ تحترم احتياجاتهم الخاصة، لا شعارات فخرية بعد المذبحة.
يريدون مترجمي إشارة في نشرات الإنذار، لا على مسارح المهرجانات.
يريدون الكرامة، لا الصدقات.

حين تهتز الأرض، من يحمل الأضعف؟
في الحروب، يُقال إن القوي يحمي الضعيف.
لكن في وطننا، القوي يركض نحو نجاته، ويُترك الضعفاء خلفه.
كأنهم فائض بشري.
كأنهم عبء إحصائي.
كأنهم لم يكونوا.
ومن أكثر المشاهد قسوة، أن ترى أمًّا عاجزة تحاول سحب ابنها المشلول من تحت القصف، وتفشل.
أن ترى أعمى يتخبط في شارع فارغ لأنه لا يدري أن الخطر اقترب.
أن تسمع عن معاق عقلي تركوه وحده في مؤسسة بلا كهرباء ولا ماء لثلاثة أيام.

صرخة في وجه الغياب
هذه ليست روايات خيالية.
هذه يوميات من عاشوا الحروب دون دروع ولا ملجأ، دون حيلة ولا إعلام.
العيب ليس في الإعاقة، بل في العقلية التي لا ترى الإنسان إلا حين يُستغل أو يُدفن.
العيب في الأنظمة التي لا تضع أصحاب الإعاقة في حساباتها إلا كشعار تنموي في الأمم المتحدة.
العيب فينا، إن صمتنا.

كفى..
كفى اختزالاً للوجع في كلمات مرتبة.
كفى ترفاً في الحديث عن “التمكين” دون تغيير حقيقي.
كفى تصويرًا للمآسي ثم إقفال الكاميرا.
إن لم نحمِ الأضعف فينا، فلا قيمة لقوتنا.
وإن لم تكن الإنسانية هي معيارنا الأول، فكل ما نبنيه زائل



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يغيب الضوء، نبقى نحن”
- الكتابة الإبداعية… حين نداوي الجرح بالحبر
- لن يكون ردًا إيرانيًا… اطمئنوا!
- قناع الغفران… وشروخ في قلب الربّ
- التجسير وفضّ النزاعات: صرخة من قلب المجروحين
- جورج حبش… الحاضر رغم الغياب
- جسرُ القلوب
- ما دام ضميرك صاحي ومعك، اكتب…
- حرية حرية… وإلّا؟
- الكلاب أوفى من البشر… وهل في الأمر مبالغة؟
- أذهب إلى المقبرة كل يوم… لأنني لا أجدني بين الأحياء
- موج بحر يافا
- قصيدة في عيد العنصرة-العنصرة… حين تتكلّم الروح
- متى تنتهي الحرب؟
- الإنسان الحضن… حين يكون التواضع لغة القلوب
- لا تعتذر
- المسرح الفلسطيني في أراضي ال48: من الخشبة إلى الحكاية الجماع ...
- المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة
- غزة… حين تُغني الجراح بصوت البحر
- “العربي الجيّد”… ذلك الذي لا يُسمع له صوت ولا يُرى له وجه


المزيد.....




- ترامب يدعو لاتفاق سلام بين إيران وإسرائيل: -الاتصالات جارية- ...
- ما مدى انخراط أمريكا في العملية الإسرائيلية ضد إيران؟ مراسلة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل تقليص قواته من غزة لدعم الجبهة ضد إير ...
- هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟
- ماكرون يصل غرينلاند لتعزيز الدعم الأوروبي للدنمارك
- إسرائيل تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية يونيو
- مصادر دبلوماسية عربية تتحدث عن تحرك سعودي عاجل لإعادة إيران ...
- ترامب: قد نتدخل لمساعدة إسرائيل في القضاء على البرنامج النوو ...
- الحرس الثوري الإيراني يعلن إلغاء مراسم تشييع قتلى الضربات ال ...
- الدفاع الروسية: استهداف مركز قيادة أوكراني بصاروخ إسكندر قرب ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - رانية مرجية - “حين تُقصف الهشاشة: ذوو الإعاقة بين نيران الحرب وصمت الدولة”