أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة














المزيد.....

المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8366 - 2025 / 6 / 7 - 07:14
المحور: قضايا ثقافية
    


في الزوايا المنسية من بيوت الناصرة والقدس وبيت جالا، وفي تفاصيل الأيقونات التي تزيّن الجدران، كانت المرأة الأرثوذكسية دومًا حاضرة… لا كظل للرجل، بل كضوء يُضيء المسار، وكقلبٍ يُقاوم بصمته، ويؤسّس للغد من دون ضجيج.

المرأة الأرثوذكسية، تلك التي عاشت بين الأيقونة والمذبح، بين التقاليد الصارمة والمحبة اللامتناهية، وجدت نفسها دائمًا على مفترق طرق: أن تبقى وفية لموروثها الغني، دون أن تتنكر لذاتها، وأن تفتح نافذتها للحداثة دون أن تنفصل عن جذورها العميقة في الأرض والكنيسة والتاريخ.



ليست الأرثوذكسية طقسًا فقط، بل هي أسلوب حياة.
والمرأة الأرثوذكسية، بتواضعها وصبرها، كانت دومًا العمود الصامت الذي حمى البيت، وسند الرعية، وروح الكنيسة التي لا تراها العيون لكنها تحسّها القلوب.

في موروثها، تحمل هذه المرأة إرثًا ثقيلاً: خيوط المطرزات التي تحكي سيرة القرى، صوت الجدة وهي تهمس بصلاة يسوعية قبل النوم، دموع العيد، ودم الخبز المجبول بالمحبة والرجاء.

لكنها، في الوقت ذاته، لم تكتفِ أن تكون حارسة للتراث فحسب.
لقد بدأت، في العقود الأخيرة، تكتب قصتها بأحرف جديدة. دخلت الجامعات، وتبوأت مراكز قيادية في المجتمع والكنيسة، وأصبحت فاعلة في المجالس والمؤسسات.
لا لتغيّر وجه الكنيسة، بل لتكشف وجهها الأعمق: وجه العدالة، والرحمة، والشراكة.



المرأة الأرثوذكسية ليست محكومة بالنمطية. فهي ليست فقط الأم المربية، أو الراهبة الصامتة، أو العجوز التي تصلي في الصفوف الخلفية.
بل هي أيضًا الكاتبة، والباحثة، والمحامية، والناشطة، والمُعلّمة التي تُربي أجيالًا من الحالمين في مدارس الكنيسة.

لقد خرجت من عزلتها، لا كتمرّد، بل كاستعادة لصوتٍ لم يكن غائبًا، بل كان يُهمَّش.
واليوم، ها هي تتقدم الصفوف في ساحات الكنيسة، لا لتحتج، بل لتشارك.
لا لتهدم، بل لتبني.
ولا لتلغي الرجل، بل لتكمّله كما كانت تفعل منذ قرون في ظل الأيقونة.



لكن التحدي ما زال قائمًا.
فبين موروثٍ جميل لكنه أحيانًا يُقيد، وحداثة منفتحة لكنها أحيانًا تُفرغ المعنى، تقف المرأة الأرثوذكسية اليوم أمام سؤال وجودي:
كيف تحمي جوهرها دون أن تُجمّد ذاتها؟
وكيف تواكب زمنها دون أن تفقد نكهة ماضيها؟

الجواب ليس بسيطًا، لكنه موجود في عيني كل امرأة تقف بثوبها الأسود أمام مذبح الكنيسة، وتشعل شمعة من أجل كل العالم، ثم تعود لتُعدّ خبزًا لأولادها، وتتابع دروس ابنتها، وتكتب ملاحظة لأحد كهنة الرعية تُطالبه بأن يسمع النساء أكثر، لا لأنهن نساء، بل لأن لديهن ما يُقال.



نحن، في المشرق، لا نحتاج فقط إلى الاعتراف بدور المرأة الأرثوذكسية، بل إلى تعظيمه، لأن أي كنيسة لا تُنصف نساءها، لا تُنصف نفسها.
وأي مجتمع يُقصي هذه المرأة، يخسر وجهه الحقيقي.

في لحظات التحول هذه التي يعيشها العالم، تبرز المرأة الأرثوذكسية كجسر بين الأصالة والحداثة، بين الصمت والكلمة، بين التاريخ والمستقبل.
وهي، إن بقيت وفية لذاتها، ستكون مفتاح التجدّد الحقيقي للكنيسة والمجتمع معًا.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة… حين تُغني الجراح بصوت البحر
- “العربي الجيّد”… ذلك الذي لا يُسمع له صوت ولا يُرى له وجه
- أنا القدس أنا الناصرة أنا الرملة ورام الله
- كنيستي الأرثوذكسيّة
- جميل السلحوت… راوي الجرح الفلسطيني ومؤرّخ الهامش المقدسي
- حين يبتسم الألم: قراءة نقدية في قصتي -إيش يعني مهرّج طبي؟- و ...
- منار حسن… حين تكتب المرأة الفلسطينية كي لا تُمحى
- المرأة التي تكتب من حبر الرحيل والنار: في حب ووجع مريم نجمه ...
- جبل الزيتون لا ينحني قصة للأطفال
- سليم نزال… سليل القلم المقاوم وأيقونة الفكر المستنير
- في حضرة الغياب.. بعد خمسة وعشرين عامًا على رحيل فيصل الحسيني
- تركي عامر… شاعر الجليل الذي لا يعود إلى المرعى
- مريم نجمة… ابنة الشمس والموقف والقصيدة
- سوزان دبيني… بين دفء القصيدة وصوت الوجدان
- -في انتظار اللحظة المُطلقة-
- دينا سليم... حين يكتب الغبار سيرة وطن
- شوقية عروق منصور: صوت فلسطين الأصيل بين الشعر والإعلام والقل ...
- إيمان القاسم سليمان… حين يتحول المايكروفون إلى وطن
- أحمد الطيبي… الطبيب الذي أصرّ أن يبقى قلبه في فلسطين ولسانه ...
- -غطوا رؤوسهم أولًا.. لا طفولتي!-


المزيد.....




- ما هي تداعيات عملية -شبكة العنكبوت- الأوكرانية ضد روسيا؟
- نظام الأسد وضع 300 طفل قسراً في دور أيتام
- ملف صواريخ برلين بعيدة المدى لأوكرانيا
- شاهد.. مسيرات روسية تطهر سماء دونيتسك من طائرات الهيكساكوبتر ...
- كييف تحبط عملية تسليم جثث جنودها
- طهران تزعم الحصول على -وثائق نووية حساسة- من إسرائيل وإعلام ...
- مظاهرات في روما ضد حرب غزة و-أسطول الحرية- يقترب من القطاع
- إخماد حريق اندلع في مصنع للبتيومين (القار) بمقاطعة نيجني نوف ...
- أسرى أوكرانيون يطلبون من زيلينسكي مبادلتهم في أقرب وقت ممكن ...
- المعارضة السويدية: حكومة البلاد تخالف الدستور باستضافة زيلين ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة