أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - إيمان القاسم سليمان… حين يتحول المايكروفون إلى وطن














المزيد.....

إيمان القاسم سليمان… حين يتحول المايكروفون إلى وطن


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 08:14
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمن يتكاثر فيه الصخب حتى يغدو الصمت أكثر صدقًا من الكلام، تبقى هناك أصوات تختار الصعود إلى الحلم من شقوق الحقيقة. أصواتٌ لا تسكن الأستوديوهات المكيفة ولا ترتدي أقنعة الإعلام الرسمي، بل تسكن الناس، وتقول بجرأة من لا يملك إلا ضوء الصدق: أنا هنا، من أجلكم، لا من أجل الصورة.
إيمان القاسم سليمان، ليست مجرد إعلامية عابرة في مشهد معتم، بل ابنة هذا الوطن الجريح، ومرآته التي لم تشأ أن تنكسر رغم كل ما مرّ به من تهشيم مقصود.
من يافا التي لا تنام، إلى الرامة الصامدة، إلى القدس التي تحرس الحكاية
وُلدت إيمان في مدينة يافا، المدينة التي يشتم فيها المرء رائحة البحر والبرتقال والخسارات. يافا التي لم تستسلم للنسيان، بل أنجبت أمثالها ممن قررن أن يحملن الوطن في المايكروفون.
تنتمي لعائلة من الرامة الجليلية، وتُقيم في القدس، المدينة التي لا ينام فيها الحلم ولا يستكين فيها الأمل. لكن هذه السيدة لم تختزل فلسطين بجغرافيتها الضيقة، بل اتسعت بها حتى صارت جسدًا للذاكرة الجمعية، ذاكرة تغطي اللد كما الطيرة، والرملة كما الناصرة، وتسير مع وجع الناس أينما ذهبوا.
تغطية لا تُهادن… من الرملة واللد إلى أم الفحم والطيبة
منذ أن أمسكت بالميكروفون، لم تنظر إيمان القاسم إلى المجتمع العربي في الداخل كجمهور مستهلك للأخبار، بل كحكاية غير مكتملة تحتاج لمن يعيد روايتها كما هي، بلا رتوش.
الرملة واللد لم تكونا هامشًا في تغطياتها، بل كانتا القلب النابض للأجندة. تحدثت عن التهجير الناعم في حي الجواريش، وعن سياسة الخنق العمراني في اللد، عن المدارس المنهكة، وعن البيوت التي يُهدم بعضها بحجة “التنظيم”، ويُقتل بعضها الآخر برصاصة طائشة.
في زمن يُسخّر فيه الإعلام لتجميل القبيح، اختارت إيمان أن تقول القبيح كما هو. لا تتحذلق، ولا تتبرج بالكلمات. تفتح المايكروفون للمرأة التي فقدت ابنها، للشاب الذي سُلب مستقبله، وللشيخ الذي صودرت أرضه.
حين تحدثت عن اللد، لم تذكر فقط تاريخها، بل أعادتنا إلى وجه المدينة المغيّب، إلى الشوارع التي لم تعد تعرف أبناءها. وحين غطّت أحداث الرملة، لم تتحدث بلغة تقارير جافة، بل بلغة امرأة تسمع الأنين وتفهم تفاصيل الخذلان.
“على الأجندة”… حين يتحول الأثير إلى منبر للمقهورين
في برنامجها الأشهر “على الأجندة”، لم تكن محاورة تقليدية، بل صوتًا يحمل السؤال بجرأة والإجابة بأمانة.
سألت: لماذا يُقتل أبناؤنا؟ من يحكم مدننا؟ أين المعلم؟ أين المدرسة؟ أين الطفولة؟ أين العدل؟ لم تكن الأسئلة ترفًا بل شقوقًا في جدار الصمت، صرخة من داخل البيت.
استمعت إلى المقموعين لا كمقدمة برنامج بل كابنة هذا المجتمع، تعرف تفاصيله، وتكتم أوجاعه في صدرها لتقولها كاملة على الهواء.
امرأة تقاوم بصدقها، لا بزعيقها
إيمان القاسم سليمان لم تكن يومًا من هواة الاستعراض الإعلامي، ولم تُسخّر صورتها للنجومية المجانية. كانت تقاوم بهدوئها، بثباتها، بقدرتها على أن تقول ما يجب قوله.
لم تكن حيادية بالمعنى البارد، بل موضوعية بالمعنى العادل. انحازت للحق حين كان الانحياز مكلفًا، ووقفت على مسافة واحدة من الجميع حين تعلق الأمر بالمبدأ.
عرفت أن الكلمة أمانة، وأن المرأة الفلسطينية حين تمتلك المنصة، لا بد أن تُعيد للناس أصواتهم.
بين المهنية والإنسانية… بيتٌ مفتوح وصوتٌ صادق
وفي حلقتها الخاصة من برنامج “رشة ملح”، حين دخلنا بيتها، رأينا من هي خارج الأثير: أم لنسيم وساري وراني، زوجة لفؤاد ابن عيلبون، سيدة من طين هذه البلاد.
بيتها كما صوتها: صادق، شفاف، دافئ، عابق بالكرامة، مليء بالتفاصيل التي تشبهنا.
التكريم الحقيقي: حين يحبك الناس لأنك أنت
رغم الجوائز التي نالتها، منها وسام “الحياة المشتركة” من قبل مبادرات إبراهيم، إلا أن التكريم الأهم هو حب الناس. الناس الذين وجدوا فيها صوتهم، ووجعهم، وحلمهم المؤجل.
لم تغيرها الأضواء، ولم تُبعدها المراتب. بقيت على عهدها، تذهب إلى الأستوديو لا لتُجمّل الصورة، بل لتُعيد بناء الحكاية من جديد، حكاية شعب ما زال يُقاوم بالموقف، بالحرف، وبالكرامة.
ختامًا…
إيمان القاسم سليمان هي أكثر من إعلامية. هي ذاكرة وطن يُخشى أن يُنسى، وهي ضمير صوتي لا يخاف، وهي نموذج لامرأة تعرف جيدًا أن الطريق إلى الحقيقة لا يُعبد بالسكوت، بل بالصدق، وبالوجع أحيانًا.
في زمن بات فيه الإعلام بوقًا للسلطة، اختارت إيمان أن تبقى صوتًا للناس.
وفي زمن تُشترى فيه الكلمات، حافظت على شرف الحرف.
وفي وطنٍ يتناقص فيه الضوء، كانت هي الضوء



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد الطيبي… الطبيب الذي أصرّ أن يبقى قلبه في فلسطين ولسانه ...
- -غطوا رؤوسهم أولًا.. لا طفولتي!-
- نداء الجذور
- ‘ عبلين المجد... عندما تُصبح البلدة قصيدة - قراءة جمالية وجد ...
- القرآن والإنجيل… رسالتان من سماء واحدة لفلسطين واحدة
- رنا بشارة: الجرح الفلسطيني في جسد الفن المعاصر
- وحدة المحبة... طريقنا للحرية
- أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة
- العنصرية تسقط عند سرير الشفاء
- بسام جابر… ذاكرة الإعلام في الداخل الفلسطيني ومهندس الصوت ال ...
- الحِداد في المسيحية… عبور من الدمع إلى القيامة
- كرم منّير – لأنّ للعدالة قلب، وللخدمة المجتمعية اسم
- التصرف بمهنية: وعيٌ يتجاوز النوايا
- “ولادة من رماد الخيبة”
- حين تُغتال اللغة وتُغتصب القيم: صرخة في وجه الواقع
- رحلة تطور شخصي وجماعي في إطار التوجيه والعمل الجماعي
- نُبْضُ شهيدٍ عاشق-
- وغابت التي كانت كلّ الحياة
- الف لا
- “حين يُقدَّر الإنسان، يُدهشك بعطائه”


المزيد.....




- السعودية.. فيديو إحباط تهريب أكثر من 1.8 مليون حبة إمفيتامين ...
- لوبان تلوّح بإمكانية سحب الثقة من الحكومة الفرنسية بسبب الضر ...
- السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.8 مليون حبة من مادة ...
- سرايا القدس: فخخنا منزلا في خان يونس تحصن فيه جنود إسرائيليو ...
- محادثات ترامب-إيران.. -ورقة شروط- أميركية تُربك حسابات إسرا ...
- القضاء التونسي يشدد عقوباته على 20 متهما في قضية -السفارة ال ...
- لبنان.. إغلاق معابر غير شرعية على الحدود الشمالية والشرقية م ...
- رئيس طاجيكستان يقترح وضع استراتيجية لحماية الأنهار الجليدية ...
- موقع عبري يعدّد أسباب تكتم حماس عن إعلان موقفها النهائي من ا ...
- كان مكبا للنفايات.. إسرائيل تتابع ترميم قبر -إسحاق جاؤون- في ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - إيمان القاسم سليمان… حين يتحول المايكروفون إلى وطن