أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة














المزيد.....

أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 09:40
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمنٍ تُختزل فيه الحقيقة في مقطعٍ سريع، والصورة في ضوءٍ مصطنع، تخرج سامية عرموش من قلب الظلال كمن تقول: "أنا هنا كي أروي ما لا يُروى، كي أُعيد الصوت لمن صودرت لغته، والصورة لمن شوهوا ملامحه".
امرأة لا تملك سوى الكلمة والعدسة والإيمان العميق بدورها كصاحبة رسالة، لكنها تخلق منها مجرّة من المعاني لا تعرف التكرار ولا الخضوع.

في هذا العالم المتخم بالصخب، تمشي سامية بخطى هادئة لكن واثقة، تُنصت لما لا يُقال، وتكتب ما ترفَض المنابر قوله، وتُصرّ أن لا تُرتجف الكاميرا حين تقترب من الجرح.

من المعرفة إلى الفعل: حكاية لم تبدأ بعد

سامية عرموش (46 عامًا)، متزوجة من سرحان محاميد وأمّ لمروة وعدنان.
صاحبة تجربة إعلامية تمتد لأكثر من ربع قرن، باحثة سينمائية، محاضِرة مستقلة في موضوع "السينما كأداة للتغيير الاجتماعي"، وناشطة اجتماعية لا تهدأ.
خلف هذا المسار الأكاديمي والميداني، تختبئ روحٌ لا تنفك تسائل الواقع، وتبحث عن سُبل تغييره دون ادّعاء أو تضخيم.

حصلت على دبلوم في الصحافة من جامعة حيفا، وبكالوريوس بدرجة امتياز في السينما والتربية من الجامعة المفتوحة، ثم ماجستير بدرجة امتياز في "ثقافة السينما" من جامعة حيفا. لكنّها لم تكتفِ بالشهادات، بل راكمت عبر السنوات خبرة حيّة، متجذّرة في الشارع، والميدان، والتجارب اليومية التي تصنع نبض الإنسان.

السينما كسلاح لا يُرى

في قلب كل عدسة تُمسك بها سامية، قصة تُروى من جديد. بالنسبة لها، السينما ليست مشهدًا عابرًا، بل أداة مقاومة، منصة لاستعادة المسلوب، وساحة صراع حضاري وثقافي.
تُدرّس السينما كمشروع تحرريّ، وكوسيلة لخلق وعي جمعي، بعيدًا عن الفانتازيا المفرغة أو التنميط. تسلّط الضوء على اللامرئي، وتُعيد إنتاج الحقيقة من زوايا محذوفة عن قصد.

في محاضراتها، لا تُحلّل فقط الصورة، بل تكشف البنية الاجتماعية التي أنتجتها، وتُضيء على القمع المغلّف بالجمال، والهيمنة الملفوفة بفنّ راقٍ. تنزع عن الشاشة قناع الحياد، وتُظهر أن كل صورة هي فعل سياسي، وكل مونتاج هو خيار أخلاقي.

الإعلام كحضور في المشهد لا على الهامش

حين شغلت منصب الناطقة باسم بلدية حيفا للإعلام العربي بين 2006 – 2017، كانت سامية تُدرك تمامًا أنها لا تمثل مؤسسة بقدر ما تُجسّد صوتًا غائبًا. لم تسمح بأن يتحوّل منصبها إلى واجهة رمزية، بل استخدمته لفتح النوافذ المغلقة أمام قضايا المجتمع العربي الحيفاوي.

وعبر عملها كمحررة مضامين في قناة "مكان" لعدة برامج، منها السلسلة الوثائقية "دوّامات"، والتي امتدت على مدار موسمين، أثبتت أن الإعلام الجيّد لا يجمّل الواقع بل يكشفه، لا يُطمئن الناس بل يوقظهم.
اليوم، تواصل تمثيل الجمهور كـ"نصّيفة جمهور" في القناة، حاملة معها مشروعًا ثقافيًا متكاملًا لا مكان فيه للسطحية أو الحياد الخادع.

التغيير لا يكون وحده... بل بالنساء أولًا

منصة عرموش ليست فقط السينما، بل النساء أيضًا.
حين أسّست مع نوال أبو عيسى وسعاد شحادة "منتدى النساء الحيفاويات العربيات"، كانت تبني فضاءً نسويًا عربيًا مستقلًا، يُشبك بين النساء لا لمجرد اللقاء، بل لصناعة القوة.
هذا المنتدى الذي عمل تحت مظلة مستشارة شؤون المرأة في البلدية بين 2013–2017، كان أشبه بورشة تحوّل جماعي، تسرد فيه النساء همومهن وأحلامهن، وتخرجن منه أشدّ وعيًا، وأقوى إيمانًا بقدرتهنّ على التأثير.

كما عملت سامية في حركة "نساء يصنعن السلام" كمركزة المجتمع العربي، وكمسؤولة علاقات عامة في جمعية "سلامتك"، وواصلت عبرها التقاء الإنسان حيث هو: في القلق، في الأمل، وفي صراعه اليومي من أجل البقاء بكرامة.

لها حلم، لكن لا تسكنه الرومانسية

تقول سامية:
"أتمنى أن ننهض كمجتمع إلى مكان يليق بخاماته الطيبة، وأن نتمكن من التشافي من الآفات المجتمعية كالعنف المستشري الذي يفتك بأركان الأمن والأمان. كما أطمح بافتتاح مدرسة رقمية لإتاحة المعرفة المتراكمة على صعيد واسع".

ليس هذا الحلم رفاهية فكرية، بل مشروع تفصيليّ يُبنى في خيالها كما تُبنى المدن: طبقة فوق طبقة، وسؤالًا بعد آخر. سامية لا تنتظر المُمكِن، بل تصنعه.

في الختام...

سامية عرموش ليست فقط صوتًا نسويًا ولا اسمًا في الإعلام. إنها حالة ثقافية حقيقية. امرأة تصنع من الهامش مركزًا، ومن السينما نداءً، ومن الكلمات وعدًا، ومن المعرفة مقاومة لا ترتجف.

في زمن تتلاشى فيه الأصوات الحقيقية وسط ضجيج المُصطنع، تظل سامية عرموش كاميرا لا ترتجف، وعدسة ترى، وكلمة تُشبه شهيقًا أول بعد غرق طويل.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنصرية تسقط عند سرير الشفاء
- بسام جابر… ذاكرة الإعلام في الداخل الفلسطيني ومهندس الصوت ال ...
- الحِداد في المسيحية… عبور من الدمع إلى القيامة
- كرم منّير – لأنّ للعدالة قلب، وللخدمة المجتمعية اسم
- التصرف بمهنية: وعيٌ يتجاوز النوايا
- “ولادة من رماد الخيبة”
- حين تُغتال اللغة وتُغتصب القيم: صرخة في وجه الواقع
- رحلة تطور شخصي وجماعي في إطار التوجيه والعمل الجماعي
- نُبْضُ شهيدٍ عاشق-
- وغابت التي كانت كلّ الحياة
- الف لا
- “حين يُقدَّر الإنسان، يُدهشك بعطائه”
- الدكتور إبراهيم العلم… علمٌ من أعلام فلسطين يستحق التكريم
- طوبي لعزيزتنا كلنا ام رامي أبو شرخ -زقوت- لأن ابتسامتها لن ت ...
- الأمهات لا يمتْنَ أبدًا
- أمي
- الفنانة التشكيلية جمانة بشارة فرهود (مروشي) – خارج الضوء –
- في ذكرى نصف عام على رحيل صديقتي ايقونة الرملة المهندسة بثينة ...
- عن مجموعة أسماء الياس القصصية ولد الأمل
- سأغني وأغني وأغني-


المزيد.....




- وصف سؤالها بـ-الأسوأ-.. مواجهة بين ترامب وصحفية في البيت الأ ...
- الفقر متعدد الأبعاد في عام 2024: تقدم بحاجة إلى تعزيز
- طهران تبدي مرونة.. وترامب يحذر نتنياهو من ضرب إيران
- لافروف: تصعيد برلين سيقودها للانهيار
- نتنياهو: سنواصل الحرب حتى النصر المطلق
- نافورة باريسية تُصبغ بالأحمر تنديدا بـ-حمام الدم- في غزة
- غزة تنزف بلا ضماد.. كارثة صحية في زمن التجاهل الدولي
- 60 شهيدا بغزة منذ فجر الأربعاء ونسف وتدمير بجنوب القطاع
- صحيفة بريطانية: رفع قيود الغرب على استخدام أوكرانيا أسلحته ض ...
- كاتبة روسية: ترامب لن يعاقب روسيا لأنه يحتاج لمساعدة بوتين


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة