أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رانية مرجية - القرآن والإنجيل… رسالتان من سماء واحدة لفلسطين واحدة















المزيد.....

القرآن والإنجيل… رسالتان من سماء واحدة لفلسطين واحدة


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 01:05
المحور: المجتمع المدني
    


في بلادٍ كُتب عليها أن تنزف، وفي وطنٍ حوّل فيه الاحتلال الأنبياء إلى لاجئين، والصلوات إلى صرخات، تبقى فلسطين الوتر الذي لا ينكسر.
وفي هذا الوطن المتعب، يتجاور الآذان مع الجرس، ويصعد البخور من الكنائس كما تعلو تكبيرات المساجد.
هنا، لا نتعلم التسامح من كتب التربية، بل من جراحنا المفتوحة، من قلوبنا المكسورة التي تعلّمت أن تحب كي لا تموت.
وهنا، حيث لا فرق بين من يحمل الصليب ومن يسجد نحو القبلة، نكتشف أن ما يجمعنا من القرآن والإنجيل، ليس فقط كلمات، بل حياة كاملة تُروى بدمنا جميعًا.



مريم، أمّ الوطن، في سُطور الله

مَن مثل مريم يوحّدنا؟
في الإنجيل، هي الأم الطاهرة التي حملت النور.
وفي القرآن، هي “التي أحصنت فرجها” والتي اصطفاها الله وطهّرها.
مريم لا تنتمي لدين، بل للدهشة الأولى، للبراءة التي قاومت الريح، وللأمومة التي لم تخضع للعار.
هي وجه القدس، وصورة بيت لحم، وهي ملامح كل أم فلسطينية تحمل ابنها على صدرها وتواجه العالم بلا سند إلا من الله.
كلما ذُكرت مريم، شعرت فلسطين أنّها ما زالت تستحق الرحمة.
وكلما ظهرت في النصوص، عادت لنا كأنها تقول: لا تفرّقوا بينكم باسمي، فأنا لكم جميعًا.



سيدنا يسوع المسيح… الفلسطيني الأول

سيدنا يسوع المسيح لم يكن غريبًا عنا، بل نحن من لحمه ودمه.
ولد في بيت لحم، وعاش في الناصرة، وتحدث بالآرامية التي ما زال صداها في لهجتنا الفلسطينية اليوم.
في الإنجيل، هو ابن الله المتجسّد، وفي القرآن، هو كلمة الله وروح منه.
في كلا الكتابين، هو رسول السلام والمُبشِّر بالمحبة، والواقف بوجه الظلم، والناطق بالحق ولو صُلب من أجله.
حين نقرأ في القرآن قوله تعالى: “وجعلني مباركًا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًا”، نرى في سيدنا يسوع المسيح صورة المقاوم الأول، الذي حمل رسالته فوق كتفه كما يحمل الفلسطيني صليبه اليومي، في الحصار، في اللجوء، في الظلم المزمن.



الوحي واحد… مهما اختلفت الأبجدية

في عمق الإنجيل كما في جوهر القرآن، تتكرّر الكلمات نفسها: الرحمة، العدل، المغفرة، التواضع، المحبة.
“طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض” (الإنجيل)،
“والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس” (القرآن).
“أحبوا أعداءكم” (الإنجيل)،
“ادفع بالتي هي أحسن” (القرآن).
نفس الروح التي نفخها الله في مريم، هي التي نفخها في تراب آدم، هي التي تنفخ اليوم في شعبٍ لا يزال يبحث عن حريته بين الحجارة وبقايا الأسوار.
لسنا بحاجة لمن يشرح لنا أن الله واحد، فالسماء التي تمطر فوق غزة والناصرة واحدة، والنجم الذي أضاء مغارة بيت لحم، ما زال يهدي من تاه في ليل هذا الوطن.



القدس… المذبح والمحراب

القدس ليست فقط قبلة أولى، ولا فقط موقع القيامة، بل هي دمعة مريم ونفس يسوع وخطى محمد.
فيها صعد سيدنا محمد إلى السماء، ومنها سُمع بكاء سيدنا يسوع على الذين رفضوا النور.
من حاراتها تنبعث رائحة بخور الكنائس، ممزوجة بندى الأذان.
لا تحتاج القدس إلى اتفاقات لتكون عاصمة الروح، هي العاصمة منذ الأزل، لأنها الوحيدة التي احتضنت الأنبياء وسُجن فيها العدل.
من ذا يجرؤ على تقسيمها؟
كيف تُقسم الصلاة؟
كيف تُخاط الحدود قسرًا في جسد مدينة لا تعرف إلا لغة التوحيد؟



شهداؤنا لم يسألوا عن ديانتهم حين صعدوا

من جورج حبش إلى الشيخ أحمد ياسين، من رامي الأطرش إلى الطفل محمد أبو خضير، من الأب مانويل مسلم إلى كل إمام صلى خلفه مسيحي في خيمة عزاء، ما عرفنا الدم الفلسطيني إلا لونًا واحدًا، وما حملت نعوشنا إلا راية واحدة.
نحن لا نستشهد كمسلمين أو كمسيحيين، بل كأبناء لهذه الأرض التي نُقشت فيها أسماءنا بدماء أجدادنا.
الاحتلال لم يفرّق بين كنيسة ومئذنة، فلماذا نفعل نحن؟
حين يُهدم بيت في غزة، تبكي الناصرة.
وحين يُستشهد مسيحي في حيفا، تُرفع له الفاتحة في الخليل.
دمنا لا يعرف الطائفة، يعرف فقط الوطن.
دمنا لا يطلب تأشيرة ليرتقي، يعرف طريقه إلى الله وحده.



نحن أبناء دعوة لا تُفرّق… بل توحّد

في مخيمات اللجوء كما في بيوت الصابرين، نُعلّم أبناءنا كيف يُصلّون، لكننا لا نعلّمهم أن يكرهوا من يُصلّي بطريقة مختلفة.
نُعلّمهم أن الوطن أكبر من المعابد، وأن الله لا يقيس الإيمان بعدد الركعات ولا بنغمة الترانيم، بل بما نزرعه في قلوبنا من عدل ومحبة.
نُعلّمهم أن اليهودي الذي يحتل أرضنا ليس عدوًا لأنه يهودي، بل لأنه ظالم، وأننا لا نواجه الظلم بالكراهية، بل بالكرامة والصمود والمعرفة.
هكذا نشأنا، وهكذا سنورّث الرواية:
لا قرآننا يدعونا لإقصاء المسيحي،
ولا إنجيلنا يسمح لنا أن نتجاهل المسلم.
بل على العكس، في كل صلاة، نجد ملامح الآخر فينا، ونزداد قربًا من الله حين نحب بعضنا رغم الألم.



البيت الفلسطيني لا تُغلق أبوابه أمام الطوائف

حين تأتي الأعياد، نُعلّق الهلال إلى جانب الشجرة.
وحين تعبر جنازة، يُشيّعها رجال دين من كلا الديانتين، بلا حرج، بلا فواصل.
ألم يكن هذا هو الحال منذ زمن جداتنا اللواتي خبزن الكعك في الجمعة العظيمة كما في العيد الصغير؟
من قال إن الدين يفرقنا؟
نحن أبناء تقاليد واحدة، لا تُفرّق بين من يشعل شمعة في دير الرامة، ومن يفطر في باحات الأقصى.
وحين نجتمع حول الكوفية، لا نسأل: مَن صلى هنا ومَن هناك؟
نسأل فقط: مَن بقي ومَن استُشهد؟
مَن حمل البندقية ومَن خبأ الحكاية في منديل أمه؟
نحن أبناء ذاكرة واحدة، وذاكرة الشعوب لا تُكتب بالنصوص وحدها، بل بالعيش المشترك، بالحياة اليومية، بلحظات النور التي تصمد في وجه عتمة الطغيان.



من غسان كنفاني إلى الأب مانويل مسلم… الحبر واحد

غسان كتب عن المسيح الفلسطيني قبل أن يُترجم الإنجيل بألف لغة.
والأب مانويل مسلم صلى للقدس بصوت المسلم، وأبكى الحجر حين قال: “أنا مسلم حين يُهدم مسجد، ومسيحي حين تُدنس كنيسة.”
رانية مرجية تكتب هنا لا بصفتها مسيحية فقط، بل فلسطينية تؤمن أن الخلاص لا يأتي إلا بالحب، وأن الأناجيل والقرآن سيشهدون يومًا أن هذا الشعب آمن برسالات الله كلها، وواجه الظلم بلا تمييز، ولا ارتجف قلبه أمام دبابات الفرق



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رنا بشارة: الجرح الفلسطيني في جسد الفن المعاصر
- وحدة المحبة... طريقنا للحرية
- أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة
- العنصرية تسقط عند سرير الشفاء
- بسام جابر… ذاكرة الإعلام في الداخل الفلسطيني ومهندس الصوت ال ...
- الحِداد في المسيحية… عبور من الدمع إلى القيامة
- كرم منّير – لأنّ للعدالة قلب، وللخدمة المجتمعية اسم
- التصرف بمهنية: وعيٌ يتجاوز النوايا
- “ولادة من رماد الخيبة”
- حين تُغتال اللغة وتُغتصب القيم: صرخة في وجه الواقع
- رحلة تطور شخصي وجماعي في إطار التوجيه والعمل الجماعي
- نُبْضُ شهيدٍ عاشق-
- وغابت التي كانت كلّ الحياة
- الف لا
- “حين يُقدَّر الإنسان، يُدهشك بعطائه”
- الدكتور إبراهيم العلم… علمٌ من أعلام فلسطين يستحق التكريم
- طوبي لعزيزتنا كلنا ام رامي أبو شرخ -زقوت- لأن ابتسامتها لن ت ...
- الأمهات لا يمتْنَ أبدًا
- أمي
- الفنانة التشكيلية جمانة بشارة فرهود (مروشي) – خارج الضوء –


المزيد.....




- أحدهما أردني الجنسية.. السعودية تعلن إعدام 3 أشخاص وتكشف هوي ...
- العفو الدولية: تعليق المساعدات الأميركية يؤثر على حياة الملا ...
- الأمم المتحدة تعتزم خفض ميزانيتها 20% وإلغاء آلاف الوظائف بس ...
- -اليونيسف-: أكثر من مليون طفل معرضون للخطر مع انتشار الكولير ...
- كاكوما.. قصة مخيم لاجئين أسسه أطفال
- الأونروا: غزة أصبحت مقبرة.. مئات الآلاف يتضورون جوعا وجميع م ...
- بيان تعزية وتضامن مع الزميل هاني العسكري
- تشيلي تسحب ملحقيها العسكريين من إسرائيل بسبب الوضع الإنساني ...
- بعد دعوات لتهجيرهم من هولندا.. لاجئون سوريون: بلادنا لا تزال ...
- الصليب الأحمر: الوضع الإنساني في غزة تجاوز حجم الكارثة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رانية مرجية - القرآن والإنجيل… رسالتان من سماء واحدة لفلسطين واحدة