أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - سوزان دبيني… بين دفء القصيدة وصوت الوجدان














المزيد.....

سوزان دبيني… بين دفء القصيدة وصوت الوجدان


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 10:40
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمن يتكدّس فيه الضجيج وتذوب فيه الهُويات كحروف في محبرة جافة، تخرج إلينا سوزان دبيني من عتبات الجليل، شاعرةً تشبه الضوء حين يتسلل إلى فسحة القلب، وإعلاميةً تُشبه صوت أمٍ تنادي أبناءها في العتمة، فتردّ إليهم الحنين واليقين. من الناصرة، المدينة التي تحفظ أسرار الأرض والسماء، أتت سوزان، تحمل على كتفيها إرثًا مزدوجًا: من الجنوب اللبناني وجعًا ناعمًا، ومن فلسطين إصرارًا لا يكلّ ولا يملّ.

هوية مشرقة في زمن الالتباس

سوزان دبيني ليست فقط اسمًا شعريًا عابرًا ولا مجرد صوت إذاعي مميّز؛ إنها ذاكرة، وثقافة، وجسر محبة بين الضفتين: ضفة الروح وضفة الواقع. منذ انطلاقتها الإعلامية ، وهي تثبت أن الصوت ليس مجرد ذبذبة في الأثير، بل هو موقف، رسالة، انتماء.

حين بدأت العمل في إذاعة صوت إسرائيل – القسم العربي، لم تكن فتاة تبحث عن فرصة، بل امرأة تحمل رؤيا، ووعيًا اجتماعيًا وثقافيًا، استطاعت من خلاله أن تدخل بيوت المستمعين لا كمذيعة، بل كابنة أو أخت أو صديقة. كانت وما زالت، بارعة في التقاط نبض الناس، في الإضاءة على القضايا المهملة، وفي إعلاء شأن الحوار المتزن والموقف العادل.

شاعرة الحبّ الإنساني

لو أراد أحدهم تلخيص التجربة الشعرية لسوزان دبيني في كلمة، فلن تكون تلك الكلمة سوى: “حبّ”.
لكن أي حبّ؟ إنه الحب الذي ينفذ من القلب إلى الروح دون أن يستأذن، حبّ لا يشبه الكليشيهات العاطفية المتداولة، بل هو التزام وجداني، هوية أخرى للذات.

قصائدها تشبه بوح الماء حين يعبر حجارة النهر دون أن يكسرها. من “عندما تضمني إليك” إلى “أيقونة الحب” ثم “دفاتر القمر” و”قارئة الفنجان”، تتسلل نصوص دبيني إلى وجدان قارئها كأنها تعتذر عن قسوة العالم.

في ديوانها “أيقونة الحب” تغزل سوزان شعرها كمن تنقش بخيط النور أيقونة حقيقية في قلب اللغة. كتبت:

“لكي أحبّكَ بصدقٍ
عليَّ أن أراكَ عاريًا من ماضيكَ
من حاضرِكَ.. من مستقبلِكَ
عليَّ أن ألمسَ الإنسانَ داخلَكَ…”

إنها لا تُحب كما يُحبّ العامة، بل تحب كما يصلي الناسك في محرابه: بنقاء، بصدق، بمطلقيه لا تخضع للمقايضة.

بين العبرية والعربية… جسر القصيدة

في عملٍ استثنائي، تعاونت سوزان مع الشاعرة اليهودية شلوميت سبير نفو، فصدر ديوان “قارئة الفنجان” بلغتين: العبرية والعربية. هذا العمل ليس مجرد ترجمة، بل هو فعل جسري، ثقافي، روحي، سياسي، في زمنٍ تتراجع فيه محاولات الفهم لصالح الصراع. في هذا التعاون، تؤكد دبيني أن القصيدة لا تعترف بالحواجز، وأن الشعر ما زال قادرًا على أن يكون فعل مقاومة راقٍ.

الحضور الإعلامي… صوت امرأة من نار وحنين

في برامجها الإذاعية، لا تكتفي سوزان دبيني بتقديم المادة، بل تنسج حولها نسيجًا من التفاعل الصادق. تتناول قضايا الناس اليومية، تُعطي للمرأة صوتًا، للمهمّش حضورًا، وللمُحبّين أملًا. الإعلام في زمن سوزان ليس ترفًا ولا منصة للشهرة، بل وسيلة لتكريس العدالة المجتمعية وجبر خواطر المنسيين.

من يتابعها في المهرجانات والندوات، كما في احتفالية “آذار والمرأة” في طمرة، يدرك جيدًا أنها لا تكتفي بقراءة القصيدة، بل تعيشها، تنطقها كما تُنطق الشهادة، بثقة واحتفال داخلي يليق بمن تعي وزن الكلمة وقدرها.

صوتٌ يبقى بعد الغياب

ربما أجمل ما يمكن قوله عن سوزان دبيني، أنها لا تكتب لتُعجب، بل لتُحب. لا تتحدث لتُسمع، بل لتصل. لا تحضر لتُصفق، بل لتزرع أثرًا في ذاكرة الناس.

في زمنٍ طغى فيه الزيف على كل شيء، تبقى سوزان دبيني صوتًا حقيقيًا، شفافًا، يذكّرنا بأن الشعر ما زال يملك القدرة على إعادة صياغة الألم، وأن الإعلام ما زال يملك القدرة على قول الحقيقة بهدوء.

سوزان دبيني، شاعرة من نور، وإعلامية من قمح، وامرأة من مزيج بين الأرض والسماء. وهي، في كلّ قصيدة وصوت وموقف، تكتب باسم كلّ من فقد صوته، وتحكي باسم كلّ من لم يُعطه أحد يومًا فرصة الكلام



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -في انتظار اللحظة المُطلقة-
- دينا سليم... حين يكتب الغبار سيرة وطن
- شوقية عروق منصور: صوت فلسطين الأصيل بين الشعر والإعلام والقل ...
- إيمان القاسم سليمان… حين يتحول المايكروفون إلى وطن
- أحمد الطيبي… الطبيب الذي أصرّ أن يبقى قلبه في فلسطين ولسانه ...
- -غطوا رؤوسهم أولًا.. لا طفولتي!-
- نداء الجذور
- ‘ عبلين المجد... عندما تُصبح البلدة قصيدة - قراءة جمالية وجد ...
- القرآن والإنجيل… رسالتان من سماء واحدة لفلسطين واحدة
- رنا بشارة: الجرح الفلسطيني في جسد الفن المعاصر
- وحدة المحبة... طريقنا للحرية
- أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة
- العنصرية تسقط عند سرير الشفاء
- بسام جابر… ذاكرة الإعلام في الداخل الفلسطيني ومهندس الصوت ال ...
- الحِداد في المسيحية… عبور من الدمع إلى القيامة
- كرم منّير – لأنّ للعدالة قلب، وللخدمة المجتمعية اسم
- التصرف بمهنية: وعيٌ يتجاوز النوايا
- “ولادة من رماد الخيبة”
- حين تُغتال اللغة وتُغتصب القيم: صرخة في وجه الواقع
- رحلة تطور شخصي وجماعي في إطار التوجيه والعمل الجماعي


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي ينشر توثيقات من عمل قواته في القرى السورية ...
- القاهرة تستضيف حوارا إيرانيا دوليا لتجنب التصعيد حول برنامجه ...
- أبوظبي تحتضن معرضا فنيا من كوريا الجنوبية
- محكمة النقض ترفض طعن كيرلس ناشد.. وتنزع عن مطران المنوفية صف ...
- سفينة -مادلين- التابعة لأسطول الحرية تبحر إلى غزة
- يار الله يعلق على حادثة هزت أركان الجيش العراقي
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
- البيت الأبيض يعلن موعد محادثات ترامب وشي جين بينغ بشأن المفا ...
- -رويترز-: كييف ستقدم مسودة تسوية في 2 يونيو بشروط سابقتها
- السعودية تعتبر منع إسرائيل زيارة وفد من الوزراء العرب للضفة ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - سوزان دبيني… بين دفء القصيدة وصوت الوجدان