أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - دينا سليم... حين يكتب الغبار سيرة وطن














المزيد.....

دينا سليم... حين يكتب الغبار سيرة وطن


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


في زمن تتكاثر فيه الأصوات وتضيع فيه الهُويّات، تبقى الكتابة فعل نجاة ومقاومة... وتبقى دينا سليم، الروائية الفلسطينية ابنة اللد، واحدة من القلائل الذين فهموا اللغة جيدًا، لا بوصفها أداة، بل كجسرٍ بين ما كان وما ينبغي أن يكون.

دينا لم تكتب عن اللد كمدينة، بل كتبتها ككائن حيّ، كأمّ، كذاكرة لا تموت. وها أنا أكتب اليوم عنها، بفخرٍ لا يضاهيه فخر، لأنّها بقيت وفيةً لمدينتنا الجريحة، رغم بعد المسافات وتقلبات المنافي. لم تنسَ اللد يومًا، بل حملتها في قلبها وفي قلمها، ونسجت من غبار الذاكرة ما يشبه الأسطورة.

مدوّنة الغبار... الكتابة من الحافة
ليس من السهل أن تكتب امرأة فلسطينية عن الخسارات المتراكمة، عن الغياب، عن الغبار الذي يغمر الروح قبل أن يعلو الأثاث.
في مدوّنة الغبار، لا تكتفي دينا سليم بسرد حكاية، بل تفتح جرحًا وتدعونا للدخول. تنقل القارئ من سكون النص إلى عاصفة المشاعر، من لحظة تأملٍ عابرة إلى مواجهة صريحة مع الذات والتاريخ.

الغبار، في هذه المدوّنة، ليس مجرد رمزٍ للزمن الآتي من بعيد، بل هو رفيق المنفى، وشاهد القهر، ومرآة الهوية. تتناول فيه دينا الإنسان الفلسطيني بوصفه مشروع حنين لا ينتهي، وتُجسّد الغربة كمساحة لخلق أدبٍ مختلف، أدبٌ متوتر، حاد، صادق، نسويّ، ومتمرّد في آن.

ببساطة، استطاعت أن تخلق نصًّا يتجاوز المألوف، يتماهى فيه السياسي بالشخصي، وتتواشج فيه الذاكرة الفردية بالذاكرة الجمعية. في كل فصلٍ من المدوّنة، كانت اللد تطلّ علينا: مرةً من نافذة قطار غادر، ومرة من شقوق الجدران، وأخرى من دمعةٍ خبأها طفلٌ في المنفى.

الأنثى... الوطن
في مدونة الغبار، لا تكتب دينا سليم فقط عن اللد أو الغربة، بل تكتب عن المرأة الفلسطينية في خضمّ هذا الكون الممزق.
المرأة عند دينا ليست كائنًا مُتلقّيًا للوجع، بل شاهدة عليه، وفاعلة فيه، وناقضة له.
هي الأم، والعاشقة، والمنفية، والمشتهاة، والمرفوضة، والمتمرّدة، وكلّها في آنٍ معًا.
في هذه الثنائية الدقيقة، تربط الكاتبة بين الأنوثة والوطن، وتقدّم نصًا يحمل من الرقة ما يكفي ليُشبه نساء المخيمات، ومن القسوة ما يكفي ليُشبه جدران الزنازين.

تكريمٌ للذاكرة والقلم
أنا، رانية مرجية، فلسطينية من الرملة واللد، أعرف جيدًا ماذا يعني أن تُغلق المدينة أبوابها على الذكرى.
ولهذا أقول، بكلّ يقين، إن دينا سليم من القلائل اللواتي عرفن كيف يفتحن الأبواب من جديد.
لم تغادر اللد روحها، بل استعادت عبر الكلمة كل ما أُريد له أن يُنسى.

ولأن الكلمة تستحق أن تُكرَّم، كان لي شرف المبادرة إلى تكريم الكاتبة الكبيرة دينا سليم في مدينتي اللد والرملة، بحضور محبّين ومحبّات للكلمة الحرة. لحظة التكريم لم تكن احتفالًا تقليديًا، بل لحظة التقاء بين قلبين حملا الوطن والحبر، بين ذاكرة تصرّ على البقاء، وصوت أنثويّ عنيد يُجيد النهوض من بين الركام.

أنا فخورة بكِ يا دينا، لأنكِ أثبتِّ أن الرواية الفلسطينية يمكن أن تكون أنثوية، شجاعة، فلسفية، وجامحة.
ولأنكِ تكتبين باسم من لا صوت له، وتُعيدين لنا نحن نساء هذا الوطن جزءًا من كرامتنا المفقودة وسط صخب العالم.

كتاباتكِ ليست مجرد سطور، بل رسائل محمولة على أجنحة الغبار...
غبار اللد، غبار القلب، غبار الذاكرة.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شوقية عروق منصور: صوت فلسطين الأصيل بين الشعر والإعلام والقل ...
- إيمان القاسم سليمان… حين يتحول المايكروفون إلى وطن
- أحمد الطيبي… الطبيب الذي أصرّ أن يبقى قلبه في فلسطين ولسانه ...
- -غطوا رؤوسهم أولًا.. لا طفولتي!-
- نداء الجذور
- ‘ عبلين المجد... عندما تُصبح البلدة قصيدة - قراءة جمالية وجد ...
- القرآن والإنجيل… رسالتان من سماء واحدة لفلسطين واحدة
- رنا بشارة: الجرح الفلسطيني في جسد الفن المعاصر
- وحدة المحبة... طريقنا للحرية
- أصوات غير مرئية، كاميرا لا ترتجف: سامية عرموش تقاوم بالمعرفة
- العنصرية تسقط عند سرير الشفاء
- بسام جابر… ذاكرة الإعلام في الداخل الفلسطيني ومهندس الصوت ال ...
- الحِداد في المسيحية… عبور من الدمع إلى القيامة
- كرم منّير – لأنّ للعدالة قلب، وللخدمة المجتمعية اسم
- التصرف بمهنية: وعيٌ يتجاوز النوايا
- “ولادة من رماد الخيبة”
- حين تُغتال اللغة وتُغتصب القيم: صرخة في وجه الواقع
- رحلة تطور شخصي وجماعي في إطار التوجيه والعمل الجماعي
- نُبْضُ شهيدٍ عاشق-
- وغابت التي كانت كلّ الحياة


المزيد.....




- تطلعات الأغنية العربية بين الإبداع الفني والبحث عن التجديد و ...
- بعد انتهاء معرض الكتاب بالرباط.. جدل ثقافي وزخم فكري
- فنان روبوتي يُتقن الرسم بالحبر الصيني وتُحقّق لوحاته 20 ألف ...
- هل يمكن للموسيقى أن تجعل الحيوانات أكثر سعادة؟ حديقة فرنسية ...
- فنانون وساسة برازيليون يطالبون الرئيس دا سيلفا بقطع العلاقات ...
- اللجنة العليا لانتخابات اتحاد الأدباء تعلن النتائج الأولية ل ...
- العدد الثاني من مجلة سينماتيك
- 155 عاما على دار الكتب المصرية و60 عاما من تراجع الدور الثقا ...
- فيلم عيد الأضحى .. فيلم ريستارت “بطولة تامر حسني” .. كسر الد ...
- فضلو خوري زميلًا في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - دينا سليم... حين يكتب الغبار سيرة وطن